الدرس 125 وجوب العودة إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأربعاء 24 محرم 1443هـ | عدد الزيارات: 408 القسم: تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد

من المعلوم لدى الجميع ما ابتلي به المسلمون اليوم في أنحاء كثيرة ، في فلسطين ، وفي البوسنة والهرسك ، وفي الصومال ، وفي الفلبين ، وفي مواطن كثيرة ابتلوا بِشَرٍ كثير من أعدائهم ، فهم في أشد الحاجة إلى الدعم والمساعدة والمساندة ضد أعداء الله ، ووجوب التضامن بين المسلمين والتعاون على البر والتقوى والتناصح ضد الأعداء والتواصي بكتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام والثبات عليها ، ودعوة جميع الحكومات الإسلامية إلى تحكيم الشريعة والتحاكم إليها في جميع الشئون والاستقامة عليها ، فهي الطريق الوحيد للنصر على الأعداء وجمع الكلمة والتعاون على البر والتقوى .
فقد استقام عليها سلفنا الصالح مع نبيهم صلى الله عليه وسلم وبعده فنصرهم الله على عدوهم فكسروا كسرى ، وكسروا قيصر وسادوا في البلاد وحكموا العباد وقادوهم إلى الخير وحكموا فيهم بشرع الله ، وبسبب ذلك نُصِروا من ربهم عز وجل .

ولا سبيل إلى هذا النصر وإلى هذا الجمع الصحيح إلا بالعودة إلى ما كانوا عليه بالاستقامة على دين الله والنصر لدينه والحكم بشريعة الله ، ويجب على الحكومات الإسلامية والعلماء التواصي بهذا الأمر والنصيحة لله ولعباده ، وأن يحكم الولاة شرع الله في عباد الله ، وأن يُلزموا المسلمين بالاستقامة على دين الله قولاً وعملاً وعقيدة وأن يجتمعوا على الحق والهدى وأن ينصروا إخوانهم أينما كانوا ، ويجب على الدول الإسلامية وأولياء المسلمين وعلى كل مسلم حسب طاقته أن ينصر إخوانه بكل ما يستطيع في كل مكان ، والتعاون على البر والتقوى .

والمسلمون جسد واحد والمؤمنون إخوة يجب الإصلاح بينهم ويجب دعمهم ومساعدتهم ضد عدوهم ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح " المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً " (صحيح الترمذي للألباني)، ويقول الرسول عليه الصلاة والسلام " مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى "(صحيح الجامع للألباني) ، ويقول صلى الله عليه وسلم " المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه "(صحيح البخاري ) ، ومعنى لا يسلمه : لا يخذله بل ينصره ويعينه على الحق وعلى عدوه الذي ظلمه .

ما يزعمه عدد من المثقفين والمفكرين والمؤلفين المنتسبين إلى الإسلام بأن الديانات كاليهودية والنصرانية والهندوكية والبوذية وغيرها هي أديان صحيحة ومقبولة عند الله سبحانه وتعالى وأن المخلصين من أتباعها يصلون إلى الحق وينجون من النار ويدخلون الجنة دون حاجة إلى الدخول إلى الإسلام ، فهذا الزعم المذكور باطل بالنصوص من الكتاب والسنة وإجماع العلماء ، أما الكتاب فقوله جل وعلا " إن الدين عند الله الإسلام " آل عمران 19 ، وقوله سبحانه " ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين " آل عمران 85 ، وقوله عز وجل في سورة المائدة " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً " المائدة 3 ، والآيات في هذا المعنى كثيرة .
وأما السنة فمنها قوله صلى الله عليه وسلم " والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أهل النار " أخرجه مسلم في صحيحه ، وفي الصحيحين عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " أعطيت خمساً لم يعطهن أحد قبلي - ذكر منها - وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة " ويدل على هذا المعنى من القرآن الكريم قوله سبحانه " وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيراً " سبأ 28 ، وقوله عز وجل " وأُوحي إليّ هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ " الأنعام 19 ، وقوله سبحانه " هذا بلاغ للناس ولينذروا به " إبراهيم 52 ، وقوله عز وجل في سورة الأعراف في شأن نبيه محمد صلى الله عليه وسلم " فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون " الأعراف 157 ، ثم قال سبحانه بعد ذلك " قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً الذي له ملك السماوات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون " الأعراف 158 .
وقد أجمع العلماء على أن رسالة محمد صلى الله عليه وسلم عامة لجميع الثقلين ، وأن من لم يؤمن به ويتبع ما جاء به فهو من أهل النار ومن الكفار سواء كان يهودياً أو نصرانياً أو هندوكياً أو بوذياً أو شيوعياً أو غير ذلك .
فالواجب على جميع الثقلين من الجن والإنس أن يؤمنوا بالله ورسوله ، وأن يعبدوا الله وحده دون ما سواه ، وأن يتبعوا رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم حتى الموت ، وبذلك تحصل لهم السعادة والنجاة والفوز في الدنيا والآخرة ، قال الله عز وجل " إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد * يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار " غافر 51 ، 52 ، وقال سبحانه " ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز * الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور " الحج 40 ، 41 ، وقال عز وجل في سورة النور " وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئاً ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون " النور 55 ، والآيات في هذا المعنى كثيرة .

وجميع الديانات المخالفة للإسلام فيها من الشرك والكفر بالله ما يخالف دين الإسلام الذي بعث الله به الرسل وأنزل به الكتب وبعث به محمداً صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء وأفضلهم ، وفيها عدم الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم وعدم اتباعه ، وذلك كافٍ في كفرهم واستحقاقهم غضب الله وعقابه وحرمانهم من دخول الجنة واستحقاقهم لدخول النار إلا من لم تبلغه دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم فهذا أمره إلى الله سبحانه وتعالى ، والصحيح أنه يُمتحن يوم القيامة فإن أجاب لما طُلِب منه دخل الجنة وإن عصا دخل النار ، وقد بسط العلامة ابن القيم رحمه الله هذه المسألة وأدلتها في آخر كتابه ( طريق الهجرتين ) تحت عنوان : طبقات المكلفين ، فمن أراده فليراجعه ليستفيد منه الفائدة الكبيرة .

والله ولي التوفيق

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

24 - 1 - 1443هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

6 + 7 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 124 الجزء الثالث ‌‌أهمية الغطاء على وجه المرأة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 123 الجزء الثالث ‌‌حكم قيادة المرأة للسيارة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر