الدرس 110 الطريقة التيجانية

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الإثنين 27 شوال 1442هـ | عدد الزيارات: 508 القسم: تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد

الطريقة التيجانية لا شك أنها طريقة مبتدعة ولا يجوز لأهل الإسلام أن يتبعوا الطرق المبتدعة لا التيجانية ولا غيرها ، بل الواجب الاتباع والتمسك بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ، لأن الله يقول " قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم " آل عمران 31 ، ويقول عز وجل " اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلاً ما تذكرون " الأعراف 3 ، ويقول تعالى " وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب " الحشر 7 ، ويقول تبارك وتعالى " وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله " الأنعام 153 ، والسبل : هي الطرق المحدثة من البدع والأهواء والشبهات والشهوات المحرمة ، فالله أوجب علينا أن نتبع صراطه المستقيم وهو ما دلَّ عليه القرآن الكريم ، وما دلَّت عليه سنة رسوله عليه الصلاة والسلام الصحيحة الثابتة ، هذا هو الطريق الذي يجب اتباعه ، أما الطريقة التيجانية أو الشاذلية أو القادرية أو غيرها من الطرق التي أحدثها الناس فلا يجوز اتباعها إلا ما وافق شرع الله منها أو غيرها فيعمل به ، لأنه وافق الشرع المطهر لا لأنه من الطريقة الفلانية أو غيرها للآيات السابقة ولقول الرسول صلى الله عليه وسلم " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " متفق على صحته من حديث عائشة رضي الله عنها ،(قلت: ورد الحديث بلفظ "

مَن أَحْدَثَ في أَمْرِنَا هذا ما ليسَ فِيهِ، فَهو رَدٌّ ") وقوله صلى الله عليه وسلم " من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد " أخرجه مسلم في صحيحه ، وقوله صلى الله عليه وسلم في خطبة الجمعة " أَمَّا بَعْدُ، فإنَّ خَيْرَ الحَديثِ كِتَابُ اللهِ، وَخَيْرُ الهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ، وَشَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ بدْعَةٍ ضَلَالَةٌ" أخرجه مسلم في صحيحه من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما ، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة ، وصلاة الفاتح هي الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كما ذكروا ولكن صيغة لفظها لم تُرْوَ عن النبي صلى الله عليه وسلم حيث قالوا فيها : اللهم صل وسلم على سيدنا ونبينا محمد الفاتح لما أغلق والخاتم لما سبق والناصر الحق بالحق .

وهذا اللفظ لم ترد به الأحاديث الصحيحة التي يبين فيها النبي صلى الله عليه وسلم صفة الصلاة عليه لما سأله الصحابة عن ذلك ، فالمشروع للأمة الإسلامية أن يصلوا عليه ، عليه الصلاة والسلام بالصيغة التي شرعها لهم وعلمهم إياها دون ما أحدثوه.
ومن ذلك ما ثبت في الصحيحين عن كعب بن عجرة رضي الله عنه أن الصحابة رضي الله عنهم قالوا : يا رسول الله أمرنا الله أن نصلي عليك فكيف نصلي عليك ؟ فقال عليه الصلاة والسلام : قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد " ، ومن ذلك ما ثبت في صحيح البخاري ومسلم أيضا من حديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " قولوا اللهم صل على محمد وعلى أزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى أزواجه وذريته كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد " (قلت: ورد الحديث في صحيح مسلم بنفس رواية الشيخ عدا قوله "كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم" فقد جاءت الرواية بلفظ :"كما باركت على آل إبراهيم ")

من أصابه جنون لا يذهب به إلى الخرافيين ، بل يذهب به إلى أهل الخير من القراء الطيبين والعارفين بعلاج هذه الأشياء ليقرءوا عليه وينفثوا عليه ويستعملوا في القراءة ما يرجى من الله سبحانه أن يكون سبباً في خروج الجن منه ، والله جعل لكل شيء سبباً ولكل داء دواء ، والغالب أن المؤمن التقي والعالم المعروف بالاستقامة وحسن العقيدة إذا قرأ ونفث عليه وتعاهده بالقراءة والوعيد للجني وتحذيره فإنه يخرج بإذن الله ، وبكل حال فليس للمسلم أن يذهب إلى الصوفية المخرفين المعروفين ببدعهم وضلالهم وخرافاتهم ، ليس له أن يذهب إليهم ولا يتعالج عندهم لئلا يضروه ويجروه إلى البدع والخرافات ، فإن الصوفية في الغالب طريقتهم هي البدع والخرافات ، وكثير منهم يعبد شيخه من دون الله ويستغيث به وينذر له ويطلب منه المدد حياً وميتاً ، وأحوالهم خطيرة والناجي منهم قليل ولا حول ولا قوة إلا بالله .
ولا يجوز أيضا أن يعالج مجنون أو غيره من المرضى عند السحرة والمشعوذين والكهنة الذين يدَّعون علم الغيب ويعبدون غير الله سبحانه ويعالجون المرضى بغير ما أباح الله سبحانه وتعالى .

الذبح لغير الله منكر عظيم وشرك أكبر سواء كان ذلك لنبي أو ولي أو كوكب أو جني أو صنم أو غير ذلك ، لأن الله سبحانه يقول " قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين * لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين " الأنعام 162 ، 163 ، فأخبر سبحانه أن الذبح لله كما أن الصلاة لله ، فلو ذبح لغير الله فهو كمن صلى لغير الله ، يكون شركاً بالله عز وجل ، وهكذا يقول الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم"إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر"الكوثر 1،2 ، فالصلاة والنحر عبادتان عظيمتان.
والله يقول سبحانه " وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً " الجن 18 ، ويقول عز وجل " وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون " الذاريات 56 .

فالعبادة حق الله ، والذبح من العبادة وهكذا الاستغاثة من العبادة وهكذا الصلاة من العبادة وثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " لعن الله من ذبح لغير الله " رواه مسلم في صحيحه من حديث علي رضي الله عنه ، فعليكم أن تنكروا على هؤلاء ، وأن تعلموهم بأن هذا شرك أكبر ، وهذا من باب التعاون على البر والتقوى ومن باب إنكار المنكر ومن باب الدعوة إلى الله وإخلاص العبادة له ومن التوحيد الذي يجب أن يكون لله وحده سبحانه وتعالى ، وهذا هو واجب أهل العلم وواجب طلبة العلم وواجب أئمة المسلمين أن يتعاونوا على البر والتقوى .
من زعم أنه إذا انتهى بناء المسجد لا يجوز إلقاء خطبة الجمعة ولا الصلاة المفروضة فيه حتى يشترى أبقار أو أغنام ثم يدعى الناس وتذبح ويطعم المجتمعون ، وبدون ذلك يزعمون أن إمام المسجد يموت قبل أجله إذا صلى فيه ، هذا كله لا أصل له ، واعتقاده خطأ محض ، وينبغي الإنكار على من يعتقد ذلك أو يفعله ، لأن هذا بدعة في الدين ، وكل بدعة ضلالة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح " من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد " رواه الإمام مسلم في صحيحه .
أما عن جواز ترجمة خطبة الجمعة بغير العربية فلا بأس بذلك .
وبالنسبة للأشخاص الذين يجتمعون عند الصدقة التي يراد تفريقها عليهم ويضعون أيديهم عليها ويدعو أحدهم للمتصدق ويؤمن الباقون بأصوات مرتفعة ، فلا تنبغي هذه الكيفية ، لأنها بدعة ، أما الدعاء للمتصدق من غير وضع الأيدي على المال المتصدق به ، ومن دون اجتماع بالكيفية المذكورة فهو مشروع لقول النبي صلى الله عليه وسلم " من صنع إليكم معروفا فكافئوه فإن لم تجدوا ما تكافئوه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه " رواه أبو داود والنسائي بإسناد صحيح .(قلت: ورد الحديث بهذا اللفظ "من أتى إليكم معروفًا فكافِئوه فإن لم تجدوا فادعوا لهُ حتى تعلموا أن قد كافأتموهُ")أخرجه أبو داود وصححه الألباني.
وأسأل الله أن يمنح الجميع الفقه في دينه ، والثبات عليه واجتناب ما خالفه إنه جواد كريم .

وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه

26 - 10 - 1442هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

1 + 2 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 124 الجزء الثالث ‌‌أهمية الغطاء على وجه المرأة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 123 الجزء الثالث ‌‌حكم قيادة المرأة للسيارة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر