ﺟﺪﻳﺪ اﻟﻤﻮﻗﻊ

الدرس 102 العلاج لمن يعصي ويتوب ثم يرجع إلى المعصية

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الإثنين 29 شهر رمضان 1442هـ | عدد الزيارات: 439 القسم: تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد

لابد من جهاد النفس في لزوم الحق والثبات على التوبة ، لأن النفس تحتاج إلى جهاد ، يقول الله عز وجل "ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه " العنكبوت 6 ، ويقول عز وجل " والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين " العنكبوت 69 ، ومعنى قوله سبحانه وتعالى جاهدوا فينا : أي جاهدوا أنفسهم وجاهدوا الكفار وجاهدوا المنافقين وجاهدوا العصاة وجاهدوا الشيطان ، فالآية عامة تشمل أنواع الجهاد ، ومن ذلك جهاد النفس ، لأنه سبحانه حذف المفعول ولم ينص عليه في الآية ، حتى تعم جميع أنواع الجهاد ، فالنفس تحتاج إلى تربية وعناية وصبر وجهاد .
فالمؤمن الحازم هو الذي يجاهد نفسه لله حتى تستقيم على الطريق وتقف عند الحدود وبذلك يهديه الله سبيله القويم وصراطه المستقيم ويكون المؤمن بذلك من المحسنين ، الذين قال فيهم الله عز وجل " إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون " النحل 128 .

ثبت عن الرسول في الصحيحين أنه قال عليه الصلاة والسلام " إن الله خلق آدم على صورته " ، (قلت: الحديث في البخاري رواه ابو هريرة " خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ علَى صُورَتِهِ،"وجاء في رواية أحمد وجماعة من أهل الحديث " على صورة الرحمن "(قلت : هذه الرواية ضعفها الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة بالأرقام (1175- 1176) ) ، فالضمير في الحديث الأول يعود إلى الله ، قال أهل العلم كأحمد رحمه الله وإسحاق بن راهويه وأئمة السلف : يجب أن نمره كما جاء على الوجه الذي يليق بالله من غير تشبيه ولا تمثيل ولا تعطيل ، ولا يلزم من ذلك أن تكون صورته سبحانه مثل صورة الآدمي ، كما أنه لا يلزم من إثبات الوجه لله سبحانه واليد والأصابع والقدم والرجل والغضب وغير ذلك من صفاته أن تكون مثل صفات بني آدم ، فهو سبحانه موصوف بما أخبر به عن نفسه أو أخبر به رسوله على الوجه اللائق به من دون أن يشابه خلقه في شيء في ذلك كما قال عز وجل " ليس كمثله شيء وهو السميع البصير " الشورى 11 ، والمعنى والله أعلم أنه خلق آدم على صورته ذا وجه وسمع وبصر يسمع ويتكلم ويبصر ويفعل ما يشاء ، ولا يلزم أن تكون الصورة كالصورة وهذه قاعدة كلية في هذا الباب عند أهل السنة والجماعة ، وهي إمرار آياتِ الصفات وأحاديثِها على ظاهرها من غير تحريف ولا تكييف ولا تمثيل ولا تعطيل بل يثبتون أسماءه إثباتاً بلا تمثيل وينزهونه سبحانه عن مشابهة خلقه تنزيهاً بلا تعطيل ، خلافاً لأهل البدع من المعطلة والمشبهة فليس سمع المخلوق ولا بصر المخلوق ولا علم المخلوق مثل علم الله عز وجل وإن اتفقا في جنس العلم والسمع والبصر لكن ما يختص به الله لا يشابهه أحد من خلقه سبحانه وتعالى ، وليس كمثله شيء ، لأن صفاته كاملة لا يعتريها نقص بوجه من الوجوه أما أوصاف المخلوقين فيعتريها النقص والزوال في العلم وفي السمع والبصر وفي كل شيء .
من المعلوم أن نزول المرأة للعمل في ميدان الرجال يؤدي إلى الاختلاط ، وذلك أمر خطير جداً ، له تبعاته الخطيرة وثمراته المرة وعواقبه الوخيمة ، وهو مصادم للنصوص الشرعية التي تأمر المرأة بالقرار في بيتها والقيام بالأعمال التي تخصها في بيتها ونحوه ، مما تكون فيه بعيدة عن مخالطة الرجال ، والأدلة الصريحة الصحيحة الدالة على تحريم الخلوة بالأجنبية وتحريم النظر إليها وتحريم الوسائل الموصلة إلى الوقوع فيما حرم الله ، أدلة كثيرة محكمة قاضية بتحريم الاختلاط المؤدي إلى ما لا تُحمد عقباه .

منها قوله تعالى " وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً * واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة إن الله كان لطيفاً خبيراً " الأحزاب 33 ، 34 ، وقال تعالى " وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن " الأحزاب 53 ، وقال الله جل وعلا " قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون * وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن " إلى أن قال سبحانه " ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون"النور 30 ، 31 ،وقال صلى الله عليه وسلم "إيَّاكُمْ والدُّخُولَ علَى النِّساءِ"، ، يعني الأجنبيات قال رجال من الأنصار : أفرأيت الحمو ؟ قال : الحمو الموت " (قلت: الحديث أخرجه البخاري في صحيحه عن عقبة بن عامر: " إيَّاكُمْ والدُّخُولَ علَى النِّساءِ، فقالَ رَجُلٌ مِنَ الأنْصارِ: يا رَسولَ اللَّهِ، أفَرَأَيْتَ الحَمْوَ؟ قالَ: الحَمْوُ المَوْتُ. )، ونهى الإسلام عن الخلوة بالمرأة الأجنبية على الإطلاق إلا مع ذي محرم وعن السفر إلا مع ذي محرم ، سداً لذريعة الفساد وحسماً لأسباب الشر وحماية للنوعين من مكايد الشيطان ، ولهذا صح عن رسول الله أنه قال " ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء " (قلت : الحديث أخرجه البخاري عن أسامة بن زيد)، وصح عنه أنه قال " اتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء " (قلت: الحديث في صحيح مسلم بلفظ"فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ، فإنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ في النِّسَاءِ. ")، وقال " لا يخلون رجل بامرأة فإن الشيطان ثالثهما "(قلت الحديث صححه شعيب الأرناؤوط في المسند عن عامر بن ربيعة بلفظ"ألَا لا يَخْلُوَنَّ رجُلٌ بامرأةٍ لا تَحِلُّ له؛ فإنَّ ثالثَهما الشَّيطانُ،") ، وهذه الآيات والأحاديث صريحة الدلالة في وجوب القرار في البيت والابتعاد عن الاختلاط المؤدي إلى الفساد وتقويض الأسر وخراب المجتمعات فما الذي يُلجئنا إلى مخالفتها والوقوع فيما يغضب الله ويُحل بالأمة بأسه وعقابه ، ألا نعتبر فيما وقع في المجتمعات التي سبقت إلى هذا الأمر الخطير وصارت تتحسر على ما فعلت وتتمنى أن تعود إلى حالنا التي نحن عليها الآن ؟ لماذا لا ننظر إلى وضع المرأة في بعض البلدان الإسلامية المجاورة كيف أصبحت مهانة مبتذلة بسبب إخراجها من بيتها وجعلها تعمل في غير وظيفتها ، لقد نادى العقلاء هناك وفي البلدان الغربية بوجوب إعادة المرأة إلى وضعها الطبيعي الذي هيأها الله له وركَّبها عليه جسمياً ونفسياً وعقلياً ، ولكن بعد ما فات الأوان.

ألا فليتق الله المسئولون في ديوان الخدمة المدنية والرئاسة العامة لتعليم البنات وليراقبوه سبحانه فلا يفتحوا على الأمة باباً عظيماً من أبواب الشر ، إذا فُتح كان من الصعب إغلاقه .

وليعلموا أن النصح لهذا البلد حكومة وشعباً هو العمل على ما يبقيه مجتمعاً متماسكاً قوياً سائراً على نهج الكتاب والسنة ، وسد أبواب الضعف والوهن ومنافذ الشرور والفتن ، ولا سيما ونحن في عصر تكالب الأعداء فيه على المسلمين وأصبحنا أشد ما نكون حاجة إلى عون الله ودفعه عنا شرور أعدائنا ومكائدهم ، فلا يجوز لنا أن نفتح أبواباً من الشر مغلقة .

والعلاج الصحيح لنقص الموظفين يكون بإيجاد الحوافز لآلاف الشبان الذين لا يجدون في العمل الحكومي ما يشجع للالتحاق به فيتجهون إلى العمل الحر أو إلى المؤسسات والشركات ، ومن هنا منطلق العلاج الصحيح وهو تبسيط إجراءات تعيين الموظفين وعدم التعقيد في الطلبات ، وإعطاء الموظف ما يستحق مقابل جهده ، وعندها سوف يكون لدى كل إدارة فائض من الموظفين .
أسأل الله أن يحفظ بلادنا وبلاد المسلمين من مكايد الأعداء ومخططاتهم المدمرة وأن يوفق المسئولين فيها إلى حمل الناس على ما يصلح شئونهم في الدنيا والآخرة ، تنفيذاً لأمر ربهم وخالقهم والعالم بمصالحهم ، وأن يعيذنا وسائر المسلمين من مضلات الفتن وأسباب النقم ، إنه ولي ذلك والقادر عليه .

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وأتباعهم بإحسان

28 - 9 - 1442هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

2 + 8 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 118 الجزء الثالث ‌‌هل الرسول أوصى بالخلافة لعلي رضي الله عنه ؟ - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 116 الجزء الثالث حكم التوسل بالموتى وزيارة القبور - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 115 الجزء الثالث ‌‌حكم ما يسمى بعلم تحضير الأرواح  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 114 الجزء الثالث ‌‌إيضاح الحق في دخول الجني في الإنسي والرد على من أنكر ذلك  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 113 الجزء الثالث : تابع الدروس المهمة لعامة الأمة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر