الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
وبعد
المصحَّف لغة : اسم مفعول من ( التصحيف ) وهو الخطأ في الصحيفة ومنه ( الصُحَفِيُ ) وهو من يخطىء في قراءة الصحيفة فيغير بعض ألفاظها بسبب خطئه في قراءتها
واصطلاحا : تغيير الكلمة في الحديث إلى غير ما رواها الثقات لفظاً أو معنى .
وتكمن أهميته في كشف الأخطاء التي وقع فيها بعض الرواة ، وينهض بأعباء هذه المهمة الحُذَّاق من الحفاظ كالدارقطني .
وقد قسم العلماء المُصحَّف إلى ثلاثة تقسيمات :
أولا : باعتبار موقعه : ينقسم إلى قسمين وهما :
أ- تصحيف في الإسناد :
مثاله : حديث شعبة عن العوَّام بن مُرَاجم ، صحَّفه ابن معين فقال : العوَّام بن مُزاحم .
ب- تصحيف في المتن :
مثاله حديث زيد بن ثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجر في المسجد ... ، صحَّفه ابن لَهيعة فقال : احتجم في المسجد .
ثانيا : باعتبار مَنشئه : ينقسم إلى قسمين أيضا وهما
أ- تصحيف بَصَر : وهو الأكثر ، أي يشتبه الخط على بصر القارىء إما لرداءة الخط أو عدم نَقْطِه .
مثاله ( من صام رمضان وأتبعه ستا من شوال .... ) ، صحفه أبو بكر الصولي فقال ( من صام رمضان وأتبعه شيئا من شوال ... ) فصحَّف ستا إلى شيئا .
ب- تصحيف السمع : أي تصحيف منشؤه رداءة السمع أو بُعدُ السامع أو نحو ذلك ، فتشتبه عليه بعض الكلمات لكونها على وزن صرفي واحد .
ثالثا : باعتبار لفظه أو معناه : وينقسم باعتبار لفظه أو معناه إلى قسمين وهما :
أ- تصحيف في اللفظ : وهو الأكثر ، وذلك كالأمثلة السابقة .
ب- تصحيف في المعنى : أي أن يُبقي الراوي المُصَحِّف اللفظ على حاله لكن يفسره تفسيرا يدل على أنه فهم معناه فهما غير مراد .
مثاله : قول أبي موسى العَنَزي ( نحن قوم لنا شرف نحن من عَنَزَة ، صلى إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ، يريد بذلك حديث ( أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى إلى عنزة ) فتوهم أنه صلى إلى قبيلتهم ، وإنما العنزة هنا الحربة تُنصب بين يدي المصلي .
وإذا صدر التصحيف من الراوي نادرا فإنه لا يقدح في ضبطه لأنه لا يسلم من الخطأ والتصحيف القليل أحد .
وإذا كثر ذلك منه فإنه يقدح في ضبطه ويدل على خفته وأنه ليس من أهل هذا الشأن .
وغالبا ما يكون السبب في وقوع الراوي في التصحيف هو أخذ الحديث من بطون الكتب والصحف ، وعدم تلقيه عن الشيوخ والمعلمين ولذلك حذر الأئمة من أخذ الحديث عمن هذا شأنهم وقالوا : " لا يؤخذ الحديث من صَحَفي " أي لا يؤخذ عمن أخذه من الصحف .
أشهر المصنفات فيه
أ- التصحيف للدارقطني
ب- إصلاح خطأ المحدثين للخطابي
ج- تصحيفات المحدثين لأبي أحمد العسكري
وبالله التوفيق
13 - 8 - 1441هـ