الدرس 339: التلقيح

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: السبت 18 جمادى الأولى 1439هـ | عدد الزيارات: 1236 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

لا يجوز أخذ بويضات من امرأة بطريقة طفل الأنبوب، ووضعها في رحم امرأة أخرى، لأن البويضات التي تؤخذ من امرأة أجنبية أو تشترى منها لا يجوز أن تحقن في غيرها‏

يجوز لك أن تتبرع لأبيك بإحدى كُليتيك، إذا قرر الأطباء الثقات أنه لا ضرر عليك من نقلها من جسمك إلى جسم والدك، وإنه يغلب على الظن من الأطباء نجاح العملية

لا يجوز للأم التبرع لابنتها برحمها، لما يترتب على ذلك من محاذير شرعية

لا يجوز لك بيع أي عضو من أعضائك لسداد الدين ولا غيره

البر والصلة

يجب عليك أن تبر أمك وتحسن إليها بقدر الاستطاعة، ولو لم ترضعك، ولم تقم بتربيتك، لقوله تعالى(‏واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا‏) النساء: 36

ويحرم عليك أن تتهمها وتسيء بها الظن، وتتكلم فيها بغير علم، قال تعالى (يا أيها الذين ءامنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم) الحجرات: 12، وقال تعالى (‏ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا) الإسراء: 36، وإياك وقطيعتها أو الإساءة إليها، بل قابل إساءتها بالإحسان

إذا كانت الأم طاعنة في السن، ولا يوجد عندها من يقوم بأمرها تطوعا، وليس لدى السائل قدرة على الجلوس عندها، ولا على استئجار من يقوم بشأنها، وعنده زوجة تحن عليها وتقوم بخدمتها ولا تؤذيها، فإن مصلحتها تقتضي إجبارها على الذهاب معه حيث يسكن وزوجته، ولعله يستعمل معها من الحيل ما يدفعها إلى ركوب السيارة، ثم يسافر بها حيث مقر إقامته‏

ولا يلزمك طلاق زوجتك من أجل عدم محبة أمك لها، ولا ينبغي أن يكون في نفسك عليها شيء، ويجب عليك برها والصبر عليها، وتحمل ما قد يبدر منها من أذى أو مضايقة

إذا كانت الأم تسيء التصرف في النفقة بشراء آلات اللهو وما شابه ذلك، فليس لأبنائها أن يعينوها على أبيهم، بل عليهم أن ينصحوها ويرشدوها إلى حسن عشرة أبيهم وطاعته، وإلى حسن القيام على بناتها، وعليهم أن يصاحبوا والديهم بالمعروف وأن يؤدوا إلى كل منهما حقه شرعا، وأن يتعاونوا معهما على البر والتقوى، ولا يتعاونوا معهما أو مع أحدهما على الإثم والعدوان، لقوله تعالى (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا) الإسراء: 23

لا حرج عليك في عدم عيشة والدك معك وبقائه وحده يقوم بنفسه على شؤونه، ما دام راضياً عنك وغير محتاج لك

وعليك وعلى إخوتك الطاعة لوالدكم في عدم خلط مالكم بأموال ابن أمكم، اتقاء لما يخافه من المشاكل التي قد تترتب على ذلك

وطاعة الوالدين واجبة، وبرهما والإحسان إليهما كذلك، لنصوص القرآن والسنة الواردة في ذلك، في حدود المقدور عليه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم (إنما الطاعة في المعروف)

لا يلزم طاعة الأم في التزوج ممن تريد إذا كان الأمر من أنكم تحرصون على ذات الدين من بنات إخوانكم في الله من أهل الفضل والصلاح، ولا تكونون بمخالفتها في ذلك عاقين لها، لكن يجب عليكم في جميع الأحوال مراعاة خاطرها بالأساليب الحسنة التي تُطمئن قلبها وترضى بها عنكم، واجتناب الأساليب الجافية، مع مضيكم فيما ترون مصلحته راجحة على ما رأت وأكدتم خلافه

قاعدة الشرع المطهر هي‏:‏ أنه فرض عين على الولد البر بالوالدين، وطاعتهما في المعروف، والإحسان إليهما، وذلك بلين القول، والرفق، والمحبة، والعطف عليهما، وإيصال النفع إليهما في أمور الدين والدنيا، وخدمتهما، وصلة رحمهما وأهل ودهما، وهو من تمام الإحسان إليهما، وهذا يشمل كل والد مهما علا، ومن الأجداد والجدات من كل ولد مهما نزل من الأبناء والبنات، وهذا أمر معلوم من الدين بالضرورة، والأدلة عليه كثيرة من الكتاب والسنة والإجماع، قال تعالى (‏ووصينا الإنسان بوالديه حملته أُمه وهنا على وهن) لقمان: 14

وفي الحديث المتفق على صحته عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ يا رسول الله‏:‏ من أحق الناس بحسن صحابتي‏؟‏ قال‏:‏ أمك، قال‏:‏ ثم من‏؟‏ قال‏:‏ أمك، قال‏:‏ ثم من‏؟‏ قال‏:‏ أمك، قال‏:‏ ثم من‏؟‏ قال‏:‏ أبوك. زاد مسلم: "ثم أدناك أدناك "

ولهذا جاءت النصوص من الكتاب والسنة بتحريم عقوقهما أو إيصال أي أذى إليهما، وهذا مما أجمع المسلمون على تحريمه، وأنه من كبائر الذنوب، وأشد المآثم، ومن العقوق‏:‏ ترك البر بهما، والملل والضجر، والغضب والاستطالة عليهما، وبخاصة في حال كبرهما، نسأل الله السلامة والعافية

ولهذا أيضا فإنه على تقدير الإساءة من الوالد لولده فإنه لا يجوز للولد المقابلة بالسيئة، بل يقابلها بالحسنة، عملاً بقوله تعالى (‏ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم) فصلت: 34

والوالدان أولى بالإحسان من غيرهما، لقول الله تعالى (وبالوالدين إحسانا) الإسراء: 23

ثانيا‏:‏ طاعة الوالدين في المعروف واجبة على ولديهما ما لم يأمرا بمعصية، فإذا أمرا بمعصية فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، لقول الله تعالى‏ (ووصينا الإنسان بوالديه حسنا وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما‏) العنكبوت: 8

وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق) رواه الإمام أحمد

ولهذا فإذا أمر الوالدان ولدهما بفعل معصية من شرك بالله عز وجل، أو شرب خمر، أو سفور، أو تشبه بالكفار من اليهود والنصارى وغيرهم ونحو ذلك من المعاصي، أو أمر الوالدان ولدهما بترك فرض من الصلوات الخمس، أو عدم أدائها من البنين في المساجد، ونحو ذلك مما أوجبه الله على عباده، فإنه لا يجوز للولد طاعتهما في شيء من ذلك، ويبقى للوالدين على الولد حق الصحبة بالمعروف والبر، من غير طاعة في معصية أو في ترك واجبا

أما ما يتعلق بطاعتهما في الأمور المباحة والعادية، وفي أمر التزويج والطلاق، فهذا يعود إلى تقدير المصالح والمضار والمقابلة بينها، فإذا أمر الوالدان ولدهما بشيء من ذلك منعاً أو إيجاباً، والمصلحة في مخالفتهما فلا حرج على الولد في ذلك، بلطف وحسن معاملة، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم (أنتم أعلم بأمور دنياكم) ولا يكون الولد عاقاً بذلك، وإذا كانت المصلحة راجحة في طاعتهما في شيء من ذلك ففي طاعة الولد لهما الخير والبركة والبر والإحسان، والوالدان هما أولى الناس بنصح ولدهما والحرص على نفعه

ثالثا‏ً:‏ على الولد إذا رأى من والديه انحرافاً في دينهما، كالتهاون في الصلاة، وارتكاب المحرمات، وكسب المال الحرام، أن يبذل النصح لهما بأداء حق الله عليهما، والتزام شرعه المطهر، ويكون ذلك بالرفق واللين، مع الدعاء لهما بالهداية، ويحسن التعاون مع من يساعده من قريب أو صديق فيما يصلح الحال، فإن حصلت الاستجابة فالحمد لله، وإلا فيستعين الولد بالله ويجتنب كسبهما، ومساكنتهما، ويبقى على مصاحبتهما في الدنيا معروفاً متبعاً سبيل من أناب إلى الله تعالى، ولا يعتبر ذلك عقوقاً، لكن لا يجوز أن يحمله ذلك على عقوقهما والقطيعة لهما‏

ومن قصر في حقهما بعد موتهما في شيء مما يجب عليه، فيستغفر الله ويتوب إليه

وإذا كانت والدتك محتاجة إليك ولا ترغب الانتقال بعيدا عن القرية، فينبغي أن تجتهد لنقل عملك إلى أقرب مكان إليها يُمكنك من خدمتها، فإن لم يتيسر ذلك وجب عليك أن تستأجر من النساء الأمينات من يخدمها إذا لم يتيسر من يقوم بذلك تطوعاً من جيرانها أو أقاربها

توفير اللحية واجب، ولا يجوز لك أن تطيع والدك ولا غيره في حلقها حتى ولو أخرجك من الدار من أجلها (‏ومن يتق الله يجعل له مخرجا) الطلاق 3 وعليك مواصلة النصح لأبيك وأمك في ترك المنكرات

اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم وفق ولي أمرنا لما تحبه وترضاه من الأقوال والأعمال يا حي يا قيوم، اللهم أصلح له بطانته يا ذا الجلال والإكرام

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

1439/5/17 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

8 + 6 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 130 الجزء الثالث ‌‌طائفة الصوفية المتسولة: - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 129 الجزء الثالث الغزو الفكري . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة
الدرس السابق
الدروس الكتابية المتشابهة الدرس التالي