التحذير من التساهل باليمين

الخطب
التصنيف : تاريخ النشر: الأحد 14 محرم 1435هـ | عدد الزيارات: 4777 القسم: خطب الجمعة

الحمد لله الذي أمر أهل الإيمان بحفظ الأيمان ، وتوعد الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمناً قليلاً بالعذاب الأليم وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يحث عباده على التزام الصدق ويعدهم عليه الثواب الجزيل ودخول الجنان وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الصادق الأمين صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً

أما بعد

عباد الله: اتقوا الله واعلموا أن شأن اليمين عند الله عظيم وخطر التساهل بها جسيم فليست اليمين مجرد كلمة تمر على اللسان ولكنها عهد وميثاق ينتهي عند حده ويجب أن يوفى حقه قال صلى الله عليه وسلم "من حلف بالله فليصدق، ومن حَلَف له بالله فليرض، ومن لم يرض بالله فليس من الله"رواه ابن ماجه بسند حسن. والله تعالى يقول "واحفظوا أيمانكم"المائدة:89. قال ابن عباس رضي الله عنهما: يريد لا تحلفوا فيكون معنى الآية على هذا هو النهي عن الحلف، فلا ينبغي للإنسان التسرع إلى اليمين إلا عند الحاجة فإن كثرة الحلف تدل على الاستخفاف بالمحلوف به، وعدم تعظيمه وكثرة الحلف من صفات الكفار والمنافقين قال تعالى "ولا تطع كل حلاف مَهِين"القلم:10. فنهى نبيه صلى الله عليه وسلم عن طاعة الحلاف وهو كثير الحلف وقال عن المنافقين "ويحلفون على الكذب وهم يعلمون"الجمعة:14 وقال عنهم "اتخذوا أيمانهم جنة"المنافقون:2 أي جعلوا الأيمـان وقاية يتوقون بها ما يكرهون ويخدعون بها المؤمنين

ومن قبلهم حلـف إبليـس لآدم وزوجـه ليخدعهما باليمين قال تعالى "وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين"الأعراف:21. أي أقسـم لهمـا أنه يـريد لهما النصح والمصلحة "فدلاهما بغرور"الأعراف:22. أي خدعهما بذلك القسم وأوقعهما في المعصية والمصيبة

عباد الله: إن من الاستخفاف باليمين أن يتخذ وسيلة لترويج السلع، قال النبي صلى الله عليه وسلم "الحَلف منفقة للسلعة ممحقة للكسب "رواه البخاري ومسلم

ومعناه: أن يحلف صاحب السلعة أنه أعطي فيها كذا وكذا أو أنه اشتراها بكذا وكذا، وهو كاذب في ذلك وإنما يريد التغرير بالمشتري ليصدقه بموجب اليمين فيكون هذا الحالف عاصياً لله آخذاً للزيادة بغير حق فيعاقبه الله بمحق البركة من كسبه وربما يتلف الله ماله كله

وقال صلى الله عليه وسلم "ثلاثة لا يكلمهم الله ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: أشيمط زان (أي إشارة إلى كبر السن وهو من اختلط سواد شعره ببياضه) وعائل مستكبر(أي فقير) ورجل جعل اللهَ بضاعته لا يشتري إلا بيمينه ولا يبيـع إلا بيمينـه" رواه الطبراني بسند صحيح

ومعنى ( جعل اللهَ بضاعته ) أي جعل الحلف بالله وسيلة لترويج بضائعه، فيكثر من الأيمان ليخدع الناس فيشتروا منه اعتماداً على يمينه الكاذبة فكان جزاؤه إعراض الله عنه يوم القيامة فلا يكلمه ولا يزكيه وله عذاب أليم

وانظر كيف قرنه بالزاني والمستكبر مما يدل على عظم جريمته نعوذ بالله من غضبه وعقابه

عباد الله:

قد يتساهل بعض الناس بالأيمان في مجال الخصومات والتقاضي فيحلف الخصم ليكسب القضية ويتغلب على خصمه بالباطل دون مبالاة بحرمة اليمين والجراءة على رب العالمين

واسمعوا ما ورد في حق هذا من الوعيد الشديد قال الله تعالى "إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمناً قليلاً أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكـلمهم الله ولا ينظـر إليـهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم"آل عمران:77 وروى الإمام أحمد عن عدي "أن رجلاً من كندة يقال له امرؤ القيس خاصم رجلا من حضرموت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في أرض فقضى على الحضرمي بالبينة فلم تكن له بينة وقضى على امرئ القيس باليمين فقال الحضرمي أمكنته من اليمين يا رسول الله ذهبت ورب الكعبة أرضي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من حلف على يمين كاذبة ليقطع بها مال أحد لقي الله وهو عليه غضبان ، وتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمناً قليلاً …" الآية آل عمران:77

ومن الأيمان المحرمة يا عباد الله الحلف بغير الله فالحلف بغير الله شرك قال صلى الله عليه وسلم "من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك"اخرجه الترمذي وأبو داود وصححه الألباني. وقال عليه الصلاة والسلام "من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت"متفق عليه. وقال أيضاً "من حلف بالأمانة فليس منا" صححه السيوطي

فالحلف بغير الله شرك لأن الحلف بالشيء تعظيم له فالحلف بغيره من اتخاذ الأنداد له وقد قال تعالى "فلا تجعلوا لله أنداداً وأنتم تعلمون"البقرة:22. قال ابن عباس رضي الله عنهما هو أن تقول وحياتك وحياتي، وقد كثر في هذا الزمان ممن يحلف بالشرف أو يحلف بالنبي أو بالأمانة وكل هذا مما نهى الله عنه ورسوله صلى الله عليه وسلم فيجب على من صدر منه شيء من ذلك أن يتوب إلى الله تعالى ولا يحلف إلا بالله عز وجل ليسلم من الشرك قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: لأن أحلف بالله كاذباً أحب إلي من أن أحلف بغيره صادقاً لأن الحلف بالله على الكذب محرم لكن الحلف بغير الله أشد تحريماً لكونه من الشرك وسيئة الكذب أخف من سيئة الشرك

فاتقوا الله عباد الله وعظموا اليمين بالله ولا تتساهلوا في شأنها واحذروا من الحلف بغير الله لتسلم عقيدتكم وتصلح أحوالكم ونبهوا من تسمعونه يحلف بالله كاذباً أو مكثراً أو يحلف بغير الله إلى خطورة ذلك فإن الدين النصحية

هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم

الخطبة الثانية

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.

أما بعد

عباد الله: من الأيمان المنهي عنها اليمين التي يحلف بها المسلم ليمتنع بها من فعل الخير قال تعالى "ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين فى سبيل الله"النور:22. أي لا تحلفـوا أن لا تصلوا قرابتكم وتصدقوا على المساكين والمحتاجين، وإذا حلف الإنسان على أن لا يفعل الخير، فإنه يشرع له أن ينقض يمينه ويفعل ما حلف على تركه ويكفر عن يمينه قال تعالى "ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس والله سميع عليم"البقرة:224. أي لا تجعلوا أيمانكم بالله مانعة لكم من البر والصلة للرحم إذا حلفتم على تركها، وذلك بأن يدعى أحدكم إلى صلة رحمه أو عمل بر فيمتنع ويقول حلفت ألا أفعله، وتكون اليمين مانعة له من فعل الخير بل يكفر عن يمينه ويفعل الخير

وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها إلا أتيت الذي هو خير وكفرت عن يميني" وإذا حلف على ترك مباح كلبس ثوب أو ركوب دابة أو أكل طعام ونحو ذلك فإنه يخير بين الاستمرار على يمينه وترك المحلوف عليه أو استعماله والتكفير عن يمينه قال تعالى "قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم"التحريم:2. أي شرع تحليلها بالكفارة وهو ما ذكره في سورة المائدة في قوله "فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم"المائدة:89. فكفارة اليمين فيها تخيير وترتيب، تخيير بين الإطعام والكسوة والعتق والترتيب فيها بين ذلك وبين الصيام فمن لزمته كفارة يمين فهو مخير إن شاء أطعم عشرة مساكين وإن شاء كساهم وإن شاء أعتق رقبة أي هذه الخصال الثلاث فعل أجزأه فإن عجز عن الطعام أو الكسوة أو العتق فلم يستطيع واحداً منها لزمه صيام ثلاثة أيام

جعلني الله وإياكم من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ومن الملتزمين بشرع الله في أقوالهم وأفعالهم

هذا وصلوا على نبيكم كما أمركم الله بذلك في محكم كتابه بقوله "إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين ءامنوا صلوا عليه وسلموا تسليما"الأحزاب:56 وقال عليه الصلاة والسلام من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا.رواه مسلم. اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء الأئمة الحنفاء أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين وانصر عبادك الموحدين وأعل بفضلك كلمة الحق والدين اللهم اجعلنا من المنشغلين بإصلاح أنفسنا ومن تحت أيدينا ومن المساهمين في إصلاح المجتمع بأقوالنا وأفعالنا اللهم أسلل سخائم صدورنا ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين ءامنوا ولا تجعلنا حاسدين ولا محسودين واجعلنا صالحين مصلحين محسنين غير مفسدين وآمرين بالمعروف وناهين عن المنكر اللهم طهر قلوبنا من النفاق والرياء والسمعة اللهم عليك بالرافضة والمنافقين اللهم طهر الأقصى من دنس اليهود اللهم احفظ لنا ولي أمرنا وجنودنا على حدودنا .

ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار وأدخلنا الجنة مع الأبرار واغفر لنا ولوالدينا ووالدي والدينا ولجميع المسلمين الأحياء منهم والميتين برحمتك يا أرحم الراحمين

عباد الله: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذى القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون النحل:90. فاذكروا الله يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون العنكبوت:45.

1435-1-14

الحمد لله الذي أمر أهل الإيمان بحفظ الإيمان ، وتوعد الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمناً قليلاً بالعذاب الأليم وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يحث عباده على التزام الصدق ويعدهم عليه الثواب الجزيل ودخول الجنان وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الصادق الأمين صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً

أما بعد:

عباد الله: اتقوا الله واعلموا أن شأن اليمين عند الله عظيم وخطر التساهل بها جسيم فليست اليمين مجرد كلمة تمر على اللسان ولكنها عهد وميثاق ينتهي عند حده ويجب أن يوافى حقه قال صلى الله عليه وسلم "من حلف بالله فليصدق، ومن حلف له بالله فليرض، ومن لم يرض بالله فليس من الله" والله تعالى يقول "واحفظوا أيمانكم" قال ابن عباس رضي الله عنهما: يريد لا تحلفوا فيكون معنى الآية على هذا هو النهي عن الحلف، فلا ينبغي للإنسان التسرع إلى اليمين إلا عند الحاجة فإن كثرة الحلف تدل على الاستخفاف بالمحلوف به، وعدم تعظيمه وكثرة الحلف من صفات الكفار والمنافقين قال تعالى "ولا تطع كل حلاف مهين" فنهى نبيه صلى الله عليه وسلم عن طاعة الحلاف وهو كثير الحلف وقال عن المنافقين "ويحلفون على الكذب وهم يعلمون" وقال عنهم "اتخذوا أيمانهم جنة" أي جعلوا الأيمـان وقاية يتوقون بها ما يكرهون ويخدعون بها المؤمنين

ومن قبلهم حلـف إبليـس لآدم وزوجـه ليخدعهما باليمين قال تعالى "وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين" أي أقسـم لهمـا أنه يـريد لهما النصح والمصلحة "فدلاهما بغرور" أي خدعهما بذلك القسم وأوقعهما في المعصية والمصيبة

عباد الله: إن من الاستخفاف باليمين أن يتخذ وسيلة لترويج السلع، قال النبي صلى الله عليه وسلم "الحلف منفقة للسلعة ممحقة للكسب "رواه البخاري ومسلم

ومعناه: أن يحلف صاحب السلعة أنه أعطي فيها كذا وكذا أو أنه اشتراها بكذا وكذا، وهو كاذب في ذلك وإنما يريد التغرير بالمشتري ليصدقه بموجب اليمين فيكون هذا الحالف عاصياً لله آخذاً للزيادة بغير حق فيعاقبه الله بمحق البركة بمحق البركة من كسبه وربما يتلف الله ماله كله

وقال صلى الله عليه وسلم "ثلاثة لا يكلمهم الله ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: أشيحط زان (أي إشارة إل كبر السن وهو من اختلط سواد شعره ببياضه) وعائل مستكبر(أي فقير) ورجل جعل الله بضاعته لا يشتري إلا بيمينه ولا يبيـع إلا بيمينـه" رواه الطبراني بسند صحيح

ومعنى ( جعل الله بضاعته ) أي جعل الحلف بالله وسيلة لترويج بضائعه، فيكثر من الأيمان ليخدع الناس فيشتروا منه اعتماداً على يمينه الكاذبة فكان جزاؤه إعراض الله عنه يوم القيامة فلا يكلمه ولا يزكيه وله عذاب أليم

وانظر كيف قرنه بالزاني والمستكبر مما يدل على عظم جريمته نعوذ بالله من غضبه وعقابه

عباد الله: قد يتساهل بعض الناس أو كثير منهم بالأيمان في مجال الخصومات والتقاضي فيحلف الخصم ليكسب القضية ويتغلب على خصمه بالباطل دون مبالاة بحرمة اليمين والجراءة على رب العالمين

واسمعوا ما ورد في حق هذا من الوعيد الشديد قال الله تعالى "إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمناً قليلاً أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكـلمهم الله ولا ينظـر إليـهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم" وروى الإمام أحمد والنسائي "أن رجلاً من كندة يقال له امرؤ القيس خاصم رجلا من حضرموت إلى رسول الله صلى الله علهي وسلم في أرض فقضى على الحضرمي بالبينة فلم تكن له بينة وقضى على امرئ القيس باليمين فقال الحضرمي أمكنته من اليمين يا رسول الله ذهبت ورب الكعبة أرضي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من حلف على يمين كاذبة ليقطع بها مال أحد لقي الله وهو عليه غضبان ، وتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمناً قليلاً …" الآية

ومن الأيمان المحرمة يا عباد الله الحلف بغير الله فالحلف بغير الله شرك قال صلى الله عليه وسلم "من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك" وقال عليه الصلاة والسلام "من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت" وقال أيضاً "من حلف بالأمانة فليس منا" حديث صحيح

فالحلف بغير الله شرك لأن الحلف بالشيء تعظيم الذي من هذا النوع حق لله فالحلف بغيره من اتخاذ الأنداد له وقد قال تعالى "فلا تجعلوا لله أنداداً وأنتم تعلمون" قال ابن عباس رضي الله عنهما هو أن تقول وحياتك وحياتي، وقد كثر في هذا الزمان ممن يحلف بالشرف أو يحلف بالنبي أو بالأمانة وكل هذا مما نهى الله عنه ورسوله صلى الله عليه وسلم فيجب على من صدر منه شيء من ذلك أن يتوب إلى الله تعالى ولا يحلف إلا بالله عز وجل ليسلم من الشرك قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: لأن أحلف بالله كاذباً أحب إلي من أن أحلف بغيره صادقاً لأن الحلف بالله على الكذب محرم لكن الحلف بغير الله أشد تحريماً لكونه من الشرك وسيئة الكذب أخف من سيئة الشرك

فاتقوا الله عباد الله وعظموا اليمين بالله ولا تتساهلوا في شأنها واحذروا من الحلف بغير الله لتسلم عقيدتكم وتصلح أحوالكم ونبهوا من تسمعون يحلف بالله كاذباً أو مكثراً أو يحلف بغير الله إلى خطورة ذلك فإن الدين النصحية

هذا وأستغفر الله لي ولكم وسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم

الخطبة الثانية

الحمد لله

أما بعد

عباد الله: من الأيمان المنهي عنها اليمين التي يحلف بها المسلم ليمتنع بها من فعل الخير قال تعالى "ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين فى سبيل الله" أي لا تحلفـوا أن لا تصلوا قرابتكم وتصدقوا على المساكين والمحتاجين، وإذا حلف الإنسان على أن لا يفعل الخير، فإنه يشرع له أن ينقض يمينه ويفعل ما حلف على تركه ويكفر عن يمينه قال تعالى "ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس والله سميع عليم" أي لا تجعلوا أيمانكم بالله مانعة لكم من البر والصلة للرحم إذا حلفتم على تركها، وذلك بأن يدعى أحدكم إلى صلة رحمه أو عمل بر فيمتنع ويقول حلفت ألا أفعله، وتكون اليمين مانعة له من فعل الخير بل يكفر عن يمينه ويفعل الخير

وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها إلا أتيت الذي هو خير وكفرت عن يميني" وإذا حلف على ترك مباح كلبس ثوب أو ركوب دابة أو أكل طعام ونحو ذلك فإنه يخير بين الاستمرار على يمينه وترك المحلوف عليه أو استعماله والتكفير عن يمينه قال تعالى "قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم" أي شرع تحليلها بالكفارة وهو ما ذكره في سورة المائدة في قوله "فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم" فكفارة اليمين فيها تخيير وترتيب، تخيير بين الإطعام والكسوة والعتق والترتيب فيها بين ذلك وبين الصيام فمن لزمته كفارة يمين فهو مخير إن شاء أطعم عشرة مساكين وإن شاء كساهم وإن شاء أعتق رقبة أي هذه الخصال الثلاث فعل أجزأه فإن عجز عن الطعام أو الكسوة أو العتق فلم يستطيع واحداً منها لزمه صيام ثلاثة أيام

جعلني الله وإياكم من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ومن الملتزمين بشرع الله في أقوالهم وأفعالهم

هذا وصلوا

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

4 + 4 =

/500
جديد الخطب الكتابية