التحذير من بعض الصحف

الخطب
التصنيف : تاريخ النشر: الإثنين 17 ذو الحجة 1434هـ | عدد الزيارات: 2292 القسم: خطب الجمعة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما

أما بعد

أيها الناس: اتقوا الله تعالى واحذروا الفتن ما ظهر منها وما بطن احذروا ما يفتنكم عن دينكم وشرفكم وأخلاقكم فإن الفتن تسري إلى القلوب ، فتصدها عن ذكر الله وعن الصلاة تسري إلى القلوب النقية البيضاء فتكسبها شبهة وظلمة تسري إلى القلوب التي تلين لذكر الله ، وتخشع لعظمته فتكسبها قسوة واستكبارا تسري إلى القلوب فتفتك بها كما يسري السم إلى الجسم فيفتك به احذروا أيها المؤمنون الفتن كلها ، لا تقولوا نحن مؤمنون نحن مستقيمون ولن تؤثر علينا أسباب الفتن ، لا تقولوا هكذا فإن سهام إبليس نافذة لقد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالفرار من الدجال خوفا من فتنته ،فعن عمران بمن حصين رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من سمِع بالدَّجَّالِ فلينْأَ عنه ، فواللهِ إنَّ الرَّجلَ ليأتيه وهو يحسَبُ أنَّه مؤمنٌ فيتبعُه ممَّا يبعثُ به من الشُّبهاتِ ، أو لما يُبعَثُ به من الشُّبهاتِ " رواه أبو داود وصححه الألباني.

إن هذا الحديث أيها المؤمنون لَعَلَم نهتدي به في كل مواقع الفتن ، أن نبتعد عنها وإن كنا نظن أننا نخرج منها بسلام فإن الرجل لا يأمن على نفسه الفتنة

أيها المؤمنون: لقد كثرت في عصرنا هذا أسباب الفتن وتنوعت أساليبها ، وانفتحت أبوابها من كل ناحية ، فتحت الدنيا فتنافسها كثير من الناس فأهلكتهم ، وجاءت الوسائل الإعلامية ما بين مسموعة ومشاهدة ، في وقت كثر فيه الفراغ فعكف الناس عليها ، فضاعت بها مصالح دينهم ودنياهم وأردتهم

إن وسائل الإعلام في الصحف والمجلات وغيرها لوسائل فعالة في المجتمع عقيدة وسلوكا وأخلاقا إن استعملت في الخير وتبصير الناس في دينهم ومصالح دنياهم ، كانت من أفضل الوسائل وأنفعها ، وإن استعملت في ضد ذلك كانت من أضر الوسائل وأفسدها وإن من المؤسف أن يكون في هذه الوسائل الإعلامية أي الصحف والمجلات وغيرها ما يدعو إلى الشر والفساد إلحاد في آيات الله ، وتحريف لكتاب الله ودعوة إلى انحطاط الأخلاق والتحلل من الفضيلة

وإن مما يؤسف له أن ترى البعض من المكتبات تنتن روائحها من المجلات الخليعة فتجد صاحب المكتبة قد عرض في صدر مكتبته مجلات في غاية الخلاعة والمجون وأقبح هذه المجلات التي قد طبعت على صفحاتها صور النساء الماجنة وتدخل إلى بلاد المسلمين وتباع في أسواقنا وتقع في أيدي شبابنا من ذكور وإناث فالمنظر شرا من المسمع فتجد في هذه المجلات أقوالا نابية في الحب والغرام منظومة ومنثورة تجد في هذه المجلات صورا من النساء جميلة تثير الشهوة وتفتن القلب تجد تصوير عناق وضم بين رجل وامرأة تجد أزياء وأشكالا من الألبسة على تلك الصور لا يقرها دين سماوي ولا ضمير شريف تجد دعاية للتدخين عليها صور الرجال والنساء في أيديهم سجائر فما أعظم ذنب البائع والمشتري والناشر والمنشور

فيا أيها المؤمنون إنني أدعوكم باسم الإيمان وباسم الإسلام وبكل وصف تستحقونه من شرف وفضيلة أن لا تتسرب إلى بيوتكم وإلى أيديكم مثل هذه المجلات التي تصرفكم عن الصراط المستقيم وتحرفكم عن أخلاقكم وقيمكم إن كل ما يعرض فيها لا بد أن يؤثر على من قرأها بما تنشره من أفكار ومظاهر

فاتقوا الله عباد الله وإياكم أن تبذلوا الأموال في شرائها والمساهمة فيها فإن في ذلك مفاسد كثيرة منها إضاعة المال حيث يبذله فيما لا نفع فيه بل فيه مضرة وقد جعل الله المال للناس قياما تقوم به مصالح دينهم ودنياهم " وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا " النساء:5. فمن صرف المال في غير ذلك فقد صرفه في غير محله وصدق عليه أنه أضاعه وارتكب ما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم من إضاعة المال ومن مفاسدها إضاعة الوقت الذي هو عند العقلاء أثمن من المال لأنه ظرف العمل ونتيجته وسعادة المرء وشقاوته وهو مسؤول عنه كما يسأل عن المال فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لاَ تزولُ قدَمُ ابنِ آدمَ يومَ القيامةِ من عندِ ربِّهِ حتَّى يسألَ عن خمسٍ : عن عمرِهِ فيمَ أفناهُ ، وعن شبابِهِ فيما أبلاَهُ ، وعن مالِهِ من أينَ اكتسبَهُ وفيمَ أنفقَهُ ، وماذا عملَ فيما علِمَ " رواه الترمذي وصححه الألباني.

ولو أمضى الإنسان وقته في قراءة ما ينفعه كالقرآن وتفسيره والحديث وشرحه وتاريخ حياة النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين لحصل له خير كثير وكسب عمره في هذه الدنيا

ومن مفاسد هذه المجلات الخليعة ما يحدث للقلب من هيام في الحب وإغراق في الخيال الذي لا حقيقة له فيه كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا يسيح قلبه في خيال فارغ لا يحصل به إلا قلق النفس وتشتيت الفكر ونسيان مصالح دينه ودنياه ومن مفاسدها تأثيرها على الفكر والأخلاق والعادات حيث يألف ما يقرؤه من أفكار منحرفة وما يشاهده من مظاهر فاتنة في الصور وأزياء الألبسة وغيرها فيتأثر بذلك الفرد والمجتمع وينطبعان بهذا الطابع الفاسد ومن مفاسدها إغراء ناشريها على نشرها وتقوية رصيدهم المالي لينشروا ما هو أفظع من ذلك وأقبح متى سنحت لهم الفرصة فيكون المشتري والمشترك والمتقبل لها مشاركا في نشر الفساد وعليه من إثمه نصيب

فيا أيها المؤمنون قاطعوا هذه المجلات وجانبوها وإياكم واقتناءها واحذروها

" وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ " الأنفال:25 .

أعاذني الله وإياكم من مضلات الفتن وحمانا جميعا بقوته وعزته من الزيغ والزلل وجعلنا دعاة إلى الخير والرشاد نهاة عن الشر والفساد إنه هو الكريم الجواد

هذا وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيماً لشأنه وأشهد أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيرا

أما بعد

عباد الله : اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون احذروا من الفتن ما ظهر منها وما بطن سواء نشر في الصحف أو على شاشات التلفاز أو عبر الشبكة العنكبوتية وراقبوا أولادكم في ذلك وفتشوا في جوالاتهم والقنوات التي في أجهزتهم المرئية فإنكم عنهم مسئولون وعلى إهمالهم محاسبون

هذا وصلوا على نبيكم كما أمركم الله بذلك في محكم كتابه بقوله "إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين ءامنوا صلوا عليه وسلموا تسليما"الأحزاب:56. وقال عليه الصلاة والسلام من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا.رواه مسلم.اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء الأئمة الحنفاء أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين وانصر عبادك الموحدين وأعل بفضلك كلمة الحق والدين اللهم تقبل من الحجاج حجهم وأوصلهم إلى الديار المقدسة سالمين وأعدهم إلى ديارهم غانمين واقبل من المضحين أضاحيهم وحرر بلاد الأحواز من أيدي الرافضة الغاصبين وانصرهم على أعداء الإسلام المعتدين وادحر الفرس وحرر الجزر الإماراتية من أيديهم وأصلح شباب المسلمين وأحفظهم من وسائل الإعلام الفاسدة واجعل أعينهم لا تقع إلا على ما يرضيك واجمع شمل المسلمين على كلمة التوحيد وأوقف نزيف دمائهم اللهم كن لإخواننا المستضعفين في كل مكان اللهم من أرادنا أو أراد المسلمين بسوء فاجعل كيده في نحره واجعل تدبيره تدميراً له اللهم ول على المسلمين خيارهم واكفف عنهم شرارهم اللهم فك أسر المأسورين واغفر ذنب المذنبين واقبل توبة التائبين اللهم لا تدع لنا في هذا المقام من ذنب إلا غفرته ولا هماً إلا فرجته ولا كرباً إلا نفسته ولا ديناً إلا قضيته ولا مريضاً إلا شفيته ولا أيما إلا زوجته ولا ضالاً إلا هديته ولا حاجة من حوائج الدنيا هي لك رضا ولنا صلاح إلا اعنتنا على قضائها ويسرتها لنا واغفر اللهم لنا ولوالدينا ووالدي والدينا ولجميع المسلمين الأحياء منهم والميتين برحمتك يا أرحم الراحمين اللهم تقبل منا إنك أنت السميع العليم واغفر لنا إنك أنت الغفور الرحيم وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم

عباد الله: أذكروا الله يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.العنكبوت:45.

ملحوظة : ألقيت هذه الخطبة في عام 1401هـ

1434-12-16هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

4 + 3 =

/500
جديد الخطب الكتابية