الأضحية 2

الخطب
التصنيف : تاريخ النشر: الأربعاء 5 ذو الحجة 1434هـ | عدد الزيارات: 1980 القسم: خطب الجمعة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ.آل عمران:102.
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً.النساء:1.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً.الأحزاب:70-71.


أما بعد

عباد الله: الأضحية شعيرة من شعائر الإسلام، وعبادة عظيمة قرنها الله تعالى بالصلاة، وجاءت السنة ببيان فضلها ومواظبة النبي صلى الله عليه وسلم عليها، فهي ما يذبح من بهيمة الأنعام أيام الأضحى بسبب العيد؛ تقرباً إلى الله عز وجل، وهي من العبادات المشروعة في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وإجماع المسلمين فأما كتاب الله فقد قال الله تعالي "فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ"الكوثر:2. وأما سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد ثبت مشروعية الأضحية فيها بقول النبي صلي الله عليه وسلم وفعله وإقراره، وأما إجماع المسلمين على مشروعية الأضحية فقد نقله غير واحد من أهل العلم وهي سنة في حق القادر

وذبح الأضحية أفضل من الصدقة بثمنها، نص عليه الإمام أحمد رحمه الله، ويدل على أن ذبح الأضحية أفضل من الصدقة بثمنها أن الناس أصابهم مجاعة ذات سنة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في زمن الأضحية، ولم يأمرهم بصرف ثمنها إلى المحتاجين، بل أقرهم على ذبحها، وأمرهم بتفريق لحمها

والأضحية عن الأموات على ثلاثة أقسام
القسم الأول: أن تكون تبعا للأحياء، كما لو ضحى الإنسان عن نفسه وأهله وفيهم أموات، فقد كان النبي صلي الله عليه وسلم يضحي ويقول "اللهم هذا عن محمد وعن آل محمد وفيهم من مات سابقا"رواه البخاري.
القسم الثاني: أن يضحي عن الميت استقلالا تبرعا، مثل أن يتبرع لشخص ميت مسلم بأضحية وقد نص على ذلك الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله

القسم الثالث: أن يضحي عن الميت بموجب وصية منه تنفيذا لوصيته، فتنفذ كما أوصى بها بدون زيادة ولا نقص فهذه من الصدقة الجارية

والأضحية عبادة مؤقتة لا تجزئ قبل وقتها على كل حال، ولا تجزئ بعده إلا على سبيل القضاء إذا أخرها لعذر،
وأول وقتها بعد صلاة العيد لمن يصلون كأهل البلدان، أو بعد قدرها لمن لا يصلون كالمسافرين وأهل البادية، فمن ذبح قبل الصلاة فشاته شاة لحم، وليست بأضحية

والأفضل أن يؤخر الذبح حتى تنتهي الخطبتان؛ وينتهي وقت الأضحية بغروب الشمس من آخر يوم من أيام التشريق، وهو اليوم الثالث عشر من ذي الحجة، وهذا هو القول الراجح من أقوال أهل العلم، والذبح في النهار أفضل ويجوز في الليل

والأفضل من كل جنس أسمنه، وأكثره لحما، وأكمله خلقة، وأحسنه منظراً، وتجزئ الواحدة من الغنم عن الشخص الواحد، ويجزئ سبع البعير أو البقرة عما تجزئ عنه الواحدة من الغنم

فأما اشتراك عدد في واحدة من الغنم أو في سبع بعير أو بقرة؛ فعلى وجهين

الوجه الأول: الاشتراك في الثواب، بأن يكون مالك الأضحية واحد ويشرك معه غيره من المسلمين في ثوابها فهذا جائز مهما كثر الأشخاص فإن فضل الله واسع

الوجه الثاني: الاشتراك في الملك، بأن يشترك شخصان فأكثر في ملك أضحية ويضحيا بها، فهذا لا يصح إلا في الإبل والبقر فيصح أن يشترك سبعة

ويجزئ من الإبل ما تم له خمس سنين، ومن البقر ما تم له سنتان، ومن الغنم ما تم له سنة، ومن الضأن ما تم له ستة أشهر

أما العيوب المانعة من الإجزاء، وهي المذكورة في حديث البراء بن عازب رضي الله عنه قال قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال "أربع لا تجوز في الأضاحي وفي رواية لا تجزئ العوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين ظلعها، والكسير التي لا تنقي"صححه الأرناؤوط. هذه هي المنصوص عليها، وعليها أهل العلم، ويلحق بها العمياء التي لا تبصر، وما أخذتها الولادة حتى تنجو؛ لأن ذلك خطر قد يودي بحياتها، وما أصابها سبب الموت كالمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع، والعاجزة عن المشي لعاهة، والمقطوعة إحدى اليدين أو الرجلين

وهناك عيوب مكروهة لا تمنع الإجزاء

الأولى: العضباء، وهي مقطوعة القرن أو الأذن، فأما مفقودة الأذن والقرن بأصل الخلقة فلا تكره

الثانية: وهي ما شقت أذنها طولاً أو عرضاً أو خرقت

الثالثة: المصفرة، وهي التي تستأصل أذنها حتى يبدو صماخها

الرابعة: ما ذهب قرنها من أصله

ويلحق بهذه العيوب المكروهة البتراء وهي ما قطع ذنبها إلا ما كان بأصل الخلقة أما البتراء من الضأن وهي التي قطعت اليتها فلا تجزئ أما ما قطعت خصيته فلا تكره التضحية به ويكره أيضاً الهتماء التي سقط بعض أسنانها وما قطع شيء من حلمات ضرعها

أما ما توقف ضرعها عن الدر فنشف لبنها فلا تكره

وإذا تعينت أضحية تعلق بذلك أحكام

أحدهما لا يجوز نقل الملك فيها ببيع ولا هبة إلا أن يبد لها بخير منها

ثانياً: لا يجوز أن يتصرف فيها تصرفاً مطلقاً فلا يركبها بدون حاجة

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وأياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيماً لشأنه وأشهد أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيرا

أما بعد

عباد الله:اعلموا أن للتذكية شروط منها

أولاً: أن يكون المذكي مميز عاقل، فلا يحل ما ذكاه صغير دون التمييز، ولا هرم ذهب تمييزه

ثانياً: أن يكون المذكي مسلما، وتجزئ ذكاة المرأة

ثالثا: أن يسمي الله عليها لقوله تعالى "وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ"الأنعام:121. فالتسمية تجب مع الذكر

رابعاً: أن تكون الذكاة بمحدد ينهر الدم غير سن أو ظفر وأن يقطع أربع أشياء الحلقوم والمريء والودجان

واعلموا أن للذكاة آداب ينبغي مراعاتها وتحل المذكاة بدونها فمن آدابها

أولاً: استقبال القبلة بالذبيحة عند الذبح

ثانياً: الإحسان إلى الذبيحة بعمل كل ما يريحها عند الذكاة، بأن تكون الذكاة بآلة حادة، وأن يمرها على محل الذكاة بقوة وسرعة

ثالثا: أن ينحر الإبل قائمة معقولة يدها اليسرى

رابعاً: أن يذبح غير الإبل مضجعة على جنبها، ويضع رجله على صفحة عنقها ليتمكن منها

خامساً: أن يواري عنها السكين بحيث لا تراها

سادساً: أن يسمي عند ذبح الأضحية أو العقيقة من هي له

سابعاً: أن يدعو عند ذبح الأضحية بالقبول

أما مكروهات الذكاة فهي

أولاً: أن يذكيها بآلة كالة لما فيه من تعذيب الحيوان

ثانياً: أن يحد السكين والبهيمة تنظر إليها

ثالثا: أن يذكيها والأخرى تنظر إليها

هذا وصلوا على نبيكم كما أمركم الله بذلك في محكم كتابه بقوله "إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين ءامنوا صلوا عليه وسلموا تسليما"الأحزاب:56. وقال عليه الصلاة والسلام من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا.رواه مسلم. اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء الأئمة الحنفاء أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين وانصر عبادك الموحدين وأعل بفضلك كلمة الحق والدين اللهم تقبل من الحجاج حجهم وأوصلهم إلى الديار المقدسة سالمين وأعدهم إلى ديارهم غانمين وأقبل من المضحين أضاحيهم واجمع شمل المسلمين على كلمة التوحيد وأوقف نزيف دمائهم اللهم كن لإخواننا المستضعفين في كل مكان اللهم من أرادنا أو أراد المسلمين بسوء فاجعل كيده في نحره واجعل تدبيره تدميراً له اللهم ول على المسلمين خيارهم واكفف عنهم شرارهم اللهم فك أسر المأسورين واغفر ذنب المذنبين واقبل توبة التائبين اللهم لا تدع لنا في هذا المقام من ذنب إلا غفرته ولا هماً إلا فرجته ولا كرباً إلا نفسته ولا ديناً إلا قضيته ولا مريضاً إلا شفيته ولا أيما إلا زوجته ولا ضالاً إلا هديته ولا حاجة من حوائج الدنيا هي لك رضا ولنا صلاح إلا اعنتنا على قضائها ويسرتها لنا واغفر اللهم لنا ولوالدينا ووالدي والدينا ولجميع المسلمين الأحياء منهم والميتين برحمتك يا أرحم الراحمين اللهم تقبل منا إنك أنت السميع العليم واغفر لنا إنك أنت الغفور الرحيم وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم

عباد الله: أذكروا الله يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.العنكبوت:45.

1434-12-4

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

9 + 5 =

/500
جديد الخطب الكتابية
روابط ذات صلة
الخطب السابق
الخطب الكتابية المتشابهة الخطب التالي