ﺟﺪﻳﺪ اﻟﻤﻮﻗﻊ

الدرس الخامس عشر : بيع الذهب

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأربعاء 10 شهر رمضان 1434هـ | عدد الزيارات: 2479 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد

البيع والشراء في الذهب المصوغ من التجار المستوردين بالجملة وسداد القيمة لهم على دفعات حرام ، إذا كان الثمن الذي يسدد به ما اشترى من الذهب المصاغ على دفعات من النقدين الذهب أو الفضة أو ما يقوم مقامهما من الأوراق النقدية لما في ذلك من ربا النسأ ، فبيع الذهب بالفضة أو ما وضع موضعها من أنواع العمل لا يجوز إلا بشرط التقابض لقوله عليه الصلاة والسلام : " الذهب بالورق ربا إلا هاءً وهاء " متفق عليه ، وقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه : " الذهب بالذهب ، والفضة بالفضة ، والبر بالبر ، والشعير بالشعير ، والتمر بالتمر ، والملح بالملح ، مثلاً بمثل ، سواءً بسواء ، يداً بيد ، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم ، إذا كان يداً بيد " ، والعملة الورقية منزلة منزلة النقود لكونها حلَّت محلها في الثمنية وقيمة المبيعات .

بيع الحلي المكتوب عليها لفظ الجلالة لا يجوز ، إلا إذا رفعت منه ، وسبق أن ورد إلى اللجنة سؤال مماثل لهذا السؤال أجابت بما يلي :-

نظراً لأن هذه الحلية كتب عليها لفظ الجلالة لغرض تعليق نساء المسلمين لها على الصدر ، كما يعلق النصارى حلية رسم عليها الصليب ، ونساء اليهود حلية رسمت عليها نجمة داود ، ونظراً لأن ما فيه اسم الله قد يعلق للتعلق به في دفع ضر أو جلب نفع ، وقد يعلق لغير ذلك ، ويفضي تعليقه إلى امتهانه كأن ينام عليه ، أو يدخل به في أماكن يكره دخولها بشيء فيه كلام الله أو كتب عليه اسم الله ترى اللجنة أنه لا يجوز استعمال هذه الحلية التي كتب عليها اسم الجلالة ابتعاداً عن التشبه بالنصارى واليهود الذين نُهي المسلمون عن التشبه بهم ، وسداً للذريعة ، وحفاظاً على اسم الله من الامتهان ، ولعموم النهي عن تعليق التمائم .

إذا اشتري زبون ذهباً ، وليس معه إلا عربون ، وطلب من البائع أن يرفع له ثمن الذهب حتى يأتي بالمبلغ ويستلمه ، فهذا لا يجوز لعدم التقابض في المجلس

والاتجار في الحلي الذي به صورة إنسان أو حيوان لا يجوز لعموم أدلة تحريم التصوير ، وتعليق الصور ، ومنها قوله عليه الصلاة والسلام : " إن الله ورسوله حرَّم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام " ، والأصنام هي الصور ، سواء منها ما صُوِّر على شكل إنسان أو حيوان أو ما نُقش في حلي على شكل إنسان أو على شكل أي ذات روح ، ولا فرق في ذلك بين من يبيعه على مسلم أو غير مسلم .

بيع البدل في الذهب يجوز بشرطين :-

الأول : تعجيل قبض العوضين ، فإن تأخر قبضهما أو تأخر قبض أحدهما لم يجز لما فيه من ربا النسأ .

الثاني : ألا تشترط عليه عند شرائك الذهب منه أن يشتري منك ، وإلا حرم لأنه بيعتان في بيعة ، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك .

شراء الذهب مستعملاً ، وتصفيته بحيث يظهر كأنه غير مستعمل ، وبيعه بسعر الذهب الجديد ، مع عدم إخبار المشتري بذلك ، فاشتراه على أنه جديد لا يجوز لأنه نوع من الغش .

لا يتم البيع إلا بتسليم العوض وحصول التقابض في المجلس ، أما الحجز فلا يعول عليه ، ولا يعتبر بيعاً ، ولا يدخل الذهب في ملك الحاجز ، وليس له التصرف فيه ، ولا المطالبة به ، لأن الحجز لا يتم به صرف ولا بيع ، وإنما هو وعد فقط ، ورهن الذهب في الفضة ، أو الفضة في الذهب جائز ، وإذا أخذ أحدهم السلعة من الذهب أو الفضة ، ليشاور عليها أهله أو غيرهم ، ثم يشتريها بعد ذلك على الوجه الشرعي ، أو يدعها فلا بأس بذلك .

ويحرم لبس الذهب على الرجال ، والأصل في ذلك ما جاء من الأدلة عن النبي صلى الله عليه وسلم الدالة على تحريمه ، وهو من الكبائر ، ويحرم بيعه على الرجال الذين علم أنهم سيلبسونه .

مسألة : إنسان أخذ مني مصاغ ذهب ، وثمن المصاغ ألف ريال ، وقلت له : ما يجوز إلا نقداً ، وقال سلفني ألف ريال ، وسلفته ألف ريال وأعطاني إياه ، هل هذا يجوز ؟

والجواب : لا يجوز ، لأنه احتيال على الربا ، وجمع بين عقدين ، عقد سلف وعقد بيع ، وهو ممنوع أيضاً .

لا يجوز بيع الذهب مؤجلاً جميع القيمة أو بعضها إذا كانت من أحد النقدين ، وسواء كان الأجل معلوماً أو غير معلوم ، وإذا وقع البيع فهو باطل ، والعقد محرم ، وفاعل ذلك آثم ومرتكب لكبيرة من الكبائر الموبقة ، وهي كبيرة الربا وقد جمع في الصورة الأولى وهي بيع ما يساوي عشرة آلاف من الذهب بعشرين ألفاً مؤجلة سنة ، أو أقل أو أكثر بين ربا الفضل وربا النسيئة ، وأما الصورة الثانية وهي تأجيل بعض الثمن ففيها ربا النسيئة ، وكلا النوعين محرم بالكتاب والسنة والإجماع ، قال تعالى " وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا " البقرة 275 ، وقال تعالى " يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ " البقرة 276 .

أخذ الأجرة على صناعة الذهب مع قيمة المبيع لا شيء فيه إذا بيع بغير جنسه ، كالورق النقدي ، أما إذا بيع بجنسه كذهب بذهب مع أخذه أجرة فلا يجوز، لما ثبت في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلاً بمثل ، ولا تشفوا بعضها على بعض ، ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلاً بمثل ، ولا تشفوا بعضها على بعض ، ولا تبيعوا منها غائباً بناجز " .

ولا يجوز بيع الذهب القديم على أنه جديد ، لأن هذا فيه غش وتدليس وكذب ، قال تعالى " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ " التوبة 119 ، وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من غشنا فليس منا " ، وكذلك أخذ أجرة الدمغة على الذهب القديم لا يجوز ، إذا كان المشتري لا يدفعها إذا علم أن الذهب قديم .

بيع الخواتم والدبل للرجال من الذهب والفضة لا شيء فيه ، وإذا علمت أنه سوف يلبس ذلك الخاتم من الذهب فلا تبع عليه ، لأنه في هذه الحال يكون من باب التعاون على الإثم ، وعليك نصحه وإخباره أن لبس الذهب للرجال محرم .

وبالله التوفيق

وصلِ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

8 - 9 - 1434هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

5 + 1 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 118 الجزء الثالث ‌‌هل الرسول أوصى بالخلافة لعلي رضي الله عنه ؟ - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 116 الجزء الثالث حكم التوسل بالموتى وزيارة القبور - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 115 الجزء الثالث ‌‌حكم ما يسمى بعلم تحضير الأرواح  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 114 الجزء الثالث ‌‌إيضاح الحق في دخول الجني في الإنسي والرد على من أنكر ذلك  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 113 الجزء الثالث : تابع الدروس المهمة لعامة الأمة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر