الدرس السابع عشر: باب الغسل

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأربعاء 18 شعبان 1434هـ | عدد الزيارات: 2462 القسم: دروس في الفقه الإسلامي -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

درس اليوم هو الدرس السابع عشر كتاب الطهارة باب الغسل

الغسل بضم الغين معناه في اللغة الفعل الذي يقع من الإنسان من إراقة الماء على بدنه ودلك بدنه إلخ

وقد يطلق الغسل على الماء الذي يغسل به الشيء أما الغسل بالكسر هو اسم لما يغسل به من صابون ونحوه

والغسل بالفتح اسم للماء

هذا في اللغة وأما معناه في الشرع فهو استعمال الماء الطهور في جميع البدن على وجه مخصوص

والذي يوجب الغسل أشياء

أولاً: خروج المني دفقاً بلذة والدليل على ذلك

الأول: قوله تعالى "وإن كنتم جنبا فاطهروا" أخرجه مسلم في صحيحه، والجنب هو الذي يخرج منه المني دفقاً بلذة

الثاني: قوله صلى الله عليه وسلم " الماء من الماء" أي الغسل وعبر بالماء عنه وقوله "من الماء" أي من المني

وظاهر الحديث أنه يجب الغسل سواء خرج دفقاً بلذة أم لا وهذا مذهب الشافعي رحمه الله أن خروج المني مطلقاً موجب للغسل حتى ولو بدون شهوة وبأي سبب خرج لعموم الحديث وجمهور أهل العلم يشترط الغسل بخروجه أن يكون

أولاً:دفقاً

ثانياً:بلذة

وقال بعض العلماء بلذة وحذف "دفقا" وقال إنه لا يمكن أن يخرج بلذة إلا إذا كان دفقاً

وصاحب الزاد أتى بـ"دفقاً" لموافقة قوله تعالى " فلينظر الإنسان مم خلق خلق من ماء دافق" وإذا خرج من غير لذة من يقظان فإنه لا يوجب الغسل كالذي يخرج بسبب مرض ككسر أو عدم إمساك أو برد وهذا ما ذهب إليه صاحب الزاد وهو الصحيح لحديث "إذا فضخت الماء فاغتسل وإن لم تكن فاضخا فلا تغتسل " رواه أحمد والفضخ خروجه بالغلبة

وإن قيل ما الجواب عن حديث الماء من الماء

قلنا إنه يحمل على المعهود المعروف الذي خروجه بلذة ويوجب تحلل البدن وفتوره

أما الذي يخرج بدون ذلك فإنه لا يوجب تحلله ولا فتوره ولهذا ذكروا لهذا الماء ثلاث علامات

أولاً: أن يخرج دفقاً

ثانيا: رائحته إن كان يابساً كرائحة البيض وإن كان غير يابس فرائحته تكون كرائحة الطين واللقاح

ثالثاً: فتور البدن بعد خروجه

فائدة: في صحيح مسلم وغيره ماء الرجل غليظ أبيض وماء المرأة رقيق أصفر

الخلاصة: أنه إذا خرج من اليقظان بلا لذة ولا دفق فإنه لا غسل عليه وأما إذا خرج من نائم وجب الغسل مطلقاً سواء كان على هذا الوصف أم لم يكن لأن النائم قد لا يحس به وهذا يقع كثيراً أن الإنسان إذا استيقظ وجد الأثر ولم يشعر باحتلام والدليل على ذلك حديث أم سلمه رضي الله عنها حين سألت النبي صلى الله عليه وسلم " عن المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل هل عليها غسل قال نعم إذا هي رأت الماء " أخرجه البخاري

فأوجب الغسل إذا هي رأت الماء ولم يشترط أكثر من ذلك فدل على وجوب الغسل إذا استيقظ ووجد الماء

أحس بخروجه أو لم يحس وسواء رأى أنه أحتلم أم لا ير لأن النائم قد ينسى

وإذا استيقظ ووجد بللاً فلا يخلو من ثلاث حالات

أولاً: أنه يتيقن أنه موجب للغسل يعني أنه مني وفي هذه الحال يجب عليه أن يغتسل سواء ذكر احتلاماً أم لم يذكر

ثانياً: أن يتيقن أنه ليس بمني وفي هذه الحال لا يجب الغسل لكن يجب عليه أن يغسل ما أًصابه لأن حكمه حكم البول

ثالثاً: أن يجعل هل هو مني أم لا فإن وجد ما يحال عليه الحكم بكونه منياً أو مذياً أحيل الحكم عليه وإن لم يجد فالأصل الطهارة وعدم وجوب الغسل

وكيفية إحالة الحكم أن يقال إن ذكر أنه احتلم فإننا نجعله منيا لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما سئل عن المرأة ترى ما يرى الرجل قال "نعم إذا هي رأت الماء" وإن لم ير شيئاً في منامه وقد سبق تفكير في الجماع جعلناه مذياً لأنه خرج بعد التفكير في الجماع دون إحساس

فائدة: إن انتقل ولم يخرج فإنه لا يغتسل له

وذلك بأن يمسك بآلته حتى لا يخرج أو تفتر الشهوة وهذا وإن مثل به الفقهاء فإنه مضر جداً والفقهاء رحمهم الله يمثلون بالشيء للتصوير بقطع النظر عن حله أو حرمته وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وابن قدامه وابن عثيمين . انظر المغني والشرح الكبير والفروع والإنصاف والممتع

حيث يقول ابن قدامه في المغني إن أحس بانتقال المني عند الشهوة فأمسك ذكره فلم يخرج فلا غسل عليه في ظاهر قول الخرقي وإحدى الروايتين عن أحمد وقول أكثر الفقهاء

ويقول ولنا أن النبي صلى الله عليه وسلم علق الاغتسال على الرؤية وفضخه بقوله " إذا رأت الماء وإذا فضخت الماء فاغتسل " فلا يثبت الحكم بدونه. أ.هـ

الموجب الثاني من موجبات الغسل

تغييب حشفة أصلية في فرج أًصلي "إيلاج الذكر في الفرج" وتغييب الشيء في الشيء معناه أن يختفي فيه

والأَصلية يحترز بذلك عن حشفة الخنثى المشكل فإنها لا تعتبر حشفة أصلية

والخنثى المشكل من له آلة ذكر وآلة أنثى ويبول منهما جميعاً فإنه مشكل وقد يتضح بعد البلوغ ما دام على إشكاله فإن فرجه ليس أصلياً

فإذا غيب الإنسان حشفته في فرج أًصلي وجب عليه الغسل أنزل أم لم ينزل والدليل على ذلك

حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل . أخرجه الشيخان

وفي لفظ "وإن لم ينزل" وهذا صريح في وجوب الغسل وإن لم ينزل

الموجب الثالث: الموت إذا مات المسلم وجب على المسلمين غسله إلا شهيد المعركة والدليل على ذلك

أولاً: قوله صلى الله عليه وسلم فيمن وقصته ناقته بعرفة "اغسلوه بماء وسدر" والأصل في الأمر الوجوب

ثانياً: حديث أم عطية حين ماتت ابنته رقيه وفيه "اغسلنها ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك" وهذا قد ينازع فيه بأن يقال إن المقصود من تغسيل الميت هنا التنظيف لأن التعبد بالطهارة حده ثلاث

أما السقط فيه تفصيل إن نفخت فيه الروح غسل وصلي عليه وكفن وإن لم تنفخ فيه الروح فلا وتنفخ فيه الروح إذا أتم له أربعة أشهر

قال عبد الله بن مسعود حدثنا الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم: إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه يكون أربعين يوماً نطفه ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يرسل إليه الملك فيؤمر بأربع كلمات بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أم سعيد وينفخ فيه الروح" وهذا لا يعلمه النبي صلى الله عليه وسلم بدون وحي إذ لا مدخل للاجتهاد فيه

الموجب الرابع: الحيض فإذا حاضت وجب عليها الغسل وانقطاع الحيض شرط فلو اغتسلت قبل أن تطهر لم يصح إذ من شرط صحة الاغتسال الطهارة والدليل على وجوب الغسل من الحيض

حديث فاطمة بنت حبيش أنها كانت تستحاض فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم "أن تجلس عادتها ثم تغتسل وتصلي" أخرجه البخاري والأًصل في الأمر الوجوب

ويشير إلى مطلق الفعل قوله تعالى "ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن ...." الآية أي اغتسلن

الموجب الخامس: النفاس

والنفاس الدم الخارج مع الولادة أو بعدها

أما الدم الذي في وسط الحمل أو في آخر الحمل ولكنه بدون طلق فليس بشيء فتصلي وتصوم ولا يحرم عليها شيء مما يحرم على النفساء

والدليل على وجوب الغسل منه

أنه نوع من الحيض ولهذا أطلق النبي صلى الله عليه وسلم النفساء على الحيض بقوله لعائشة لما حاضت " لعلك نفست " من حديث عائشة الذي أخرجه البخاري

وأجمع العلماء على وجوب الغسل من النفاس كالحيض ولو أن امرأة ولدت ولم يخرج منها دم فلا غسل عليها لأن النفاس هو الدم هنا وهذا ما يراه ابن قدامه في المغني وهو ترجيحه على من يرى الوجوب

وسنفصل ذلك إن شاء الله في حينه

حيث سنخصص موضوعاً للحيض والنفاس وذلك بعد موضوعين من هذا الموضع

قاعدة: ومن لزمه الغسل حرم عليه قراءة القرآن

فمن لزمه الغسل حرم عليه الصلاة والطواف ومس المصحف وحرم عليه قراءة القرآن حتى يغتسل وإن توضأ ولم يغتسل فالوجوب باقياً

وقراءة القرآن هو أن يقرأ آية فصاعداً سواء كان ذك من المصحف أو عن ظهر قلب لكن إن كانت طويلة فإن بعضها كالآية الكاملة

فائدة: أطول آي في القرآن آية الدين " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأخْرَى وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلا تَرْتَابُوا إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ‏" ومع ذلك فهذه الآية لم تستوعب حروف اللغة العربية واستوعب حروف اللغة آيتان أقصر منها هما

أولاً: آخر سورة الفتح وهي قوله تعالى: محمد رسول الله والذين معه

ثانياً: الآية التي في آل عمران وهي قوله تعالى: ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة

والدليل على أن الجنب ممنوع من القرآن ما يلي

أولاً: حديث علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلمهم القرآن وكان لا يحجزه عن القرآن إلا الجنابة . أخرجه الترمذي في الطهارة

ثانياً: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للذي سلم عليه ولم يرد عليه السلام إني كرهت أن أذكر الله على غير طهر

ثالثاً: ولأن في منعه من قراءة القرآن حثاً على المبادرة إلى الاغتسال لأنه إذا علم أنه ممنوع من قراءة القرآن حتى يغتسل فسوف يغتسل فيكون في ذلك مصلحة

أما بالنسبة للحائض

فقال شيخ الإٍسلام رحمه الله إنه ليس في منع الحائض من القراءة نصوص صريحة صحيحة وإذا كان كذلك فلها أن تقرأ القرآن لما يلي

أولاً: أن الأصل الحل حتى يقوم دليل على المنع

ثانياً: أن الله أمر بتلاوة القرآن مطلقاً وقد أثنى الله على من يتلو كتابه فمن أخرج شخصاً عن عبادة الله بقراءة القرآن فإننا نطالبه بالدليل وإذا لم يكن هناك دليل صحيح صريح على المنع فإنها مأمورة بالقراءة

فإن قيل ألا يمكن أن تقاس على الجنب بجامع لزوم الغسل لكل منهما بسبب خارج

أجيب أنه قياس مع الفارق لأن الجنب باختياره أن يزيل هذا المانع بالاغتسال

وأما الحائض فليس باختيارها أن تزيل هذا المانع وكذا فإن الحائض مدتها تطول غالباً والجنب مدته لا تطول لأنه سوف تأتيه الصلاة ويلزم بالاغتسال والنفساء من باب أولى أن يرخص لها لأن مدتها أطول من مدة الحائض . أ.هـ

ويحرم على من لزمه الغسل اللبث في المسجد والدليل على ذلك قوله تعالى" يا أيها الذين ءامنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنباً إلا عابري سبيل" وإذا توضأ جاز المكث لأن الوضوء يخفف الجنابة ولأنه أحد الطهورين

وبدليل أن الرسول صلى الله عليه وسلم سئل عن الرجل يكون عليه الغسل أينام وهو جنب فقال صلى الله عليه وسلم إذا توضأ فليرقد . أخرجه البخاري

صفة الغسل

والغسل الكامل

أولاً: أن ينوي

والنية لغة القصد

وفي الاصطلاح عزم القلب على فعل الشيء عزماً جازماً سواء كان عبادة أم معاملة أم عادة

ومحلها القلب ولا تعلق لها باللسان ولا يشرع له أن يتكلم بما نوى عند فعل العبادة

ثانياً: ثم يسمي بعد النية والتسمية سنة

ثالثاً: يغسل يديه ثلاثاً وهذا سنة واليدان الكفان لأن اليد إذا أطلقت فهي الكف والدليل قوله تعالى " والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما " والذي يقطع الكف فقط أي يغسل ما لوثه من أثر الجنابة

رابعاً: يتوضأ وضوءه للصلاة

خامساً: يحثي على رأسه ثلاثاً ترويه أي تصل إلى أصوله وفي حديث عائشة رضي الله عنها ثم يخلل بيده شعره حتى إذا ظن أنه قد أروى بشرته أفاض عليه الماء ثلاث مرات ثم غسل سائر جسده . أخرجه البخاري

ويشرع الدلك ليتيقن وصول الماء إلى جميع البدن لأنه لو صب بلا دلك ربما يتفرق في البدن من أجل ما فيه من الدهون فسن الدلك

سادساً: يبدأ بالجانب الأيمن لحديث عائشة رضي الله عنها: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه التيامن في ترجله وتنعله وطهوره وفي شأنه كله . أخرجه البخاري

سابعاً: يغسل قدميه في مكان آخر عند الحاجة كما لو كانت الأرض طيناً ويجزئ أن يعم بدنه بالغسل مرة بما في ذلك المضمضة والاستنشاق والنية والتسمية

لحديث عمران بن حصين رضي الله عنه الطويل وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للرجل الذي كان جنباً ولم يصل خذ هذا وأفرغه عليك ولم يبين صلى الله عليه وسلم كيف يفرغه عليه ولو كان الغسل واجباً كما اغتسل النبي صلى الله عليه وسلم لبينه له ويسن أن يكون الوضوء بمد والغسل بصاع

والمد ربع الصاع وإن زاد على المد في الوضوء والصاع في الغسل جاز فإن عائشة رضي الله عنها قالت كنت أغتسل أنا والنبي صلى الله عليه وسلم من إناء واحد من قدح يقال له الفرق . رواه البخاري والفرق ثلاثة آصع

فائدة: الصاع النبوي أقل من الصاع العرفي عندنا بالخمس وخمس الخمس فالصاع النبوي مثلاً زنته ثمانون ريالاً فرنسياً وصاعنا العرفي مائة ريال وأربع ريالات

فيأخذ إناء يسع أربعة أخماس الصاع العرفي ويغتسل به هذه هي السنة لئلا يسرف في الماء فإن أسبغ بأقل جاز

والتقدير بالمد والصاع على سبيل الأفضلية

وإن نوى بغسله الحدثين أجزأ وهذا اختيار شيخ الإٍسلام ابن تيمية لقوله تعالى "وإن كنتم جنباً فاطهروا" ويسن لجنب غسل فرجه والوضوء لأكل

والوضوء للأكل مستحب بالإجماع والدليل على ذلك ما يلي

أولاً: حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يأكل أو ينام وهو جنب توضأ عنه . أخرجه مسلم

ولحديث عمار بن ياسر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه رخص للجنب إذا أراد أن يأكل أو يشرب أو ينام أن يتوضأ . أخرجه أحمد

ويستحب للجنب إذا أراد النوم أن يتوضأ والدليل على ذلك

أولاً: حديث عمر رضي الله عنه أنه قال يا رسول الله أيرقد أحدنا وهو جنب قال نعم إذا توضأ فليرقد ، وفي لفظ " توضأ واغسل ذكرك ثم نم " أخرجه البخاري

ويسن للجنب أن يتوضأ إذا أراد أن يجامع مرة أخرى والدليل على ذلك

ما ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر من جامع أهله ثم أراد أن يعود فليتوضأ بينهما وضوءاً . أخرجه مسلم

والأصل في الأمر للوجوب لكن أخرج هذا الأمر عن الوجوب ما رواه الحاكم: إنه أنشط للعود

فيكون الأمر هنا للإرشاد وليس للوجوب وكان صلى الله عليه وسلم يطوف على نسائه بغسل واحد من حديث أنس أخرجه البخاري وإن كان طوافه عليهن بغسل واحد لا يمنع أن يكون قد توضأ بين الفعلين

فائدة: الأغسال المستحبة ثلاثة عشر

أولاً: غسل الجمعة والعيدين والكسوف والاستسقاء ومن غسل الميت ومن الإغماء والجنون وغسل المستحاضة لكل صلاة وللإحرام ودخول مكة والوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفة ورمي الجمار وطواف الزيارة

ولهذا الأغسال أدلة من فعل الرسول صلى الله عليه وسلم وقوله ومن أفعال الصحابة وأقوالهم

انظر السلسبيل في معرفة الدليل للبلهيد ج 1، ط 3

وأختتم هذا البحث وقبل الشروع في الفتاوى يقول الشيخ صالح الفوزان حفظه الله: والمرأة الحائض أو النفساء تنقض رأسها للغسل من الحيض والنفساء وأما الجنابة فلا تنقضه حين تغتسل لها لمشقة التكرار ولكن يجب عليها أن تروي أصول شعرها بالماء

قلت نص على ذلك أحمد

وقال ابن قدامه أيضاً من اغتسل عرياناً بين الناس لم يجز له ذلك لأن كشفها للناس محرم

وإن كان خالياً جاز لأن موسى عليه السلام اغتسل عريانا. رواه البخاري وأيوب عليه السلام اغتسل عريانا

وإن ستره إنسان بثوب فلا بأس فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يستتر بثوب ويغتسل

ويستحب التستر وإن كان خالياً لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الله أحق أن يستحيا منه من الناس

وبالله التوفيق

وصلي اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1434-8 -17

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

1 + 9 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 124 الجزء الثالث ‌‌أهمية الغطاء على وجه المرأة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 123 الجزء الثالث ‌‌حكم قيادة المرأة للسيارة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 122 ‌‌مكانة المرأة في الإسلام - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 121 الجزء الثالث عوامل النصر  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 120 الجزء الثالث ‌‌حكم الإسلام في إحياء الآثار - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر