الدرس التاسع: سنن الوضوء

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأحد 15 شعبان 1434هـ | عدد الزيارات: 2373 القسم: دروس في الفقه الإسلامي -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

من سنن الوضوء

أولاً السنة عند الفقهاء والأصوليين رحمهم الله تعالى أنها ما سوى الواجب أي الذي أمر به لا على سبيل الإلزام

وحكمها أنه يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها

فمن سنن الوضوء السواك وتقدم أنه يتأكد عند الوضوء ودليله قوله صلى الله عليه وسلم "لو لا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء وغسل الكفين ثلاثاً لأنه صلى الله عليه وسلم "إذا توضأ بدأ بغسل الكفين ثلاثاً" ولأنهما آلة الغسل بهما ينقل الماء وتدلك الأعضاء فكان أليق أن يتقدم تطهيرها

فإن قيل لماذا لا يقال أن غسلها واجب لمداومة النبي صلى الله عليه وسلم

فالجواب أن الله يقول " يا أيها الذين ءامنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم" ولم يذكر الكفين

ويجب غسل الكفين ثلاثاً إذا كان قائماً من نوم ليل لحديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثاً فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده

والمدار في نقض الوضوء على الإحساس فما دام أن الإنسان يحس بنفسه لو أحدث فإن نومه لا ينقض الوضوء وإذا كان لا يحس بنفسه لو أحدث فإن نومه ينقض والبداءة بمضمضة ثم استنشاق والأفضل أن يكون ثلاث مرات بثلاث غرفات

والمضمضة هي إدارة الماء في الفم

والاستنشاق هو جذب الماء بالنفس من الأنف والبدء بها قبل غسل الوجه أفضل وإن أخرهما بعد غسل الوجه جاز ولا تكتمل السنة إلا بالاستنشاق وبمج الماء من المضمضة والمبالغة في المضمضة والاستنشاق سنة إلا أن يكون صائماً عندئذ تكون مكروهة

والمبالغة في المضمضة تحريك الماء بقوة ويجعله يصل كل الفم والمبالغة في الاستنشاق جذب الماء بنفس قوي والمبالغة مكروهة للصائم لأنها قد تؤدي إلى ابتلاع الماء ونزوله من الأنف إلى المعدة ولهذا قال صلى الله عليه وسلم للقيط بن صبرة "أسبغ الوضوء وخلل بين الأصابع وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً" وإذا كان في الإنسان جيوب أنفيه ولو بالغ في الاستنشاق احتقن الماء بهذه الجيوب وآلمه أو فسد الماء وأدى إلى صديد أو نحو ذلك ففي هذه الحال نقول له لا تبالغ درءاً للضرر عن نفسك

والغسلة الثانية والثالثة من السنن

والأولى واجبة لقوله تعالى "فاغسلوا وجوهكم وأيدكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين " والثانية أكمل والثالثة أكمل لأنهما أبلغ في التنظيف وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم "أنه توضأ مرة مرة ومرتين مرتين وثلاثاً" أخرجه البخاري

وتوضأ كذلك مخالفاً

فغسل وجهه ثلاثاً ويديه مرتين ورجليه مرة . أخرجه البخاري

مسائل

سئل الإمام أحمد بن حنبل عمن نسي المضمضة والاستنشاق حتى صلى قال يمضمض ويستنشق ويعيد الصلاة قلت لا يعيد الوضوء قال لا ليس هذا من فرض الوضوء

وسئل هذه المسألة فقال أحمد جف وضوءه قال نعم قال يمضمض ويستنشق ويعيد صلاته

وسئل الإمام أحمد عن تخليل اللحية فقال يخلل فقد روي فيه أحاديث ليس يثبت فيه حديث

وسئل الإمام أحمد عن ترك مسح أذنيه ناسياً أيعيد الصلاة قال لا لأن الأذنين من الرأس

قلت إذا تركه متعمداً قال أخشى أنه ينبغي له أن يعيد

وسئل الإمام النووي عن حكم خضاب اللحية البيضاء ؟

فأجاب خضابها بحمرة أو صفرة سنة وخضابها بالسواد حرام على الصحيح وقيل مكروه وهذا في حق الرجل والمرأة إلا الرجل المجاهد قال الماوردي لا يحرم في حقه

وسئل لو مات إنسان غير مختون ؟

فأجاب الصحيح أنه لا يختن لا الصغير ولا الكبير

وذكره تلميذه الشيخ علاء الدين العطار قال لقد روي أنه عليه السلام ولد مختوناً

وسئل هل الأفضل في المضمضة والاستنشاق أن يكونا بست غرفات كما هو المعتاد أم بغير ذلك وكيف صح عن النبي صلى الله عليه وسلم ؟

الجواب: الأفضل أن يكون بثلاث غرفات يتمضمض من كل غرفة ويستنشق وبهذا جاءت الأحاديث الصحيحة في الصحيحين وغيرها وأما ما فعلها بست غرفات فلم يصح فيه شيء

ذكر تلميذه ابن العطار قال في الأم يجمع لأن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وصف وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم فتمضمض مع الاستنشاق بماء واحد . رواه أبو داود وغيره بإسناد صحيح

ومنها حديث عبد الله بن زيد أنه وصف وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم فتمضمض واستنشق من كف واحدة فعل ذلك ثلاثا . رواه البخاري ومسلم

وسئل شيخ الإٍسلام أحمد بن تيمية عن السواك هل هو باليد اليسرى أولى من اليد اليمنى أو بالعكس ؟

فأجاب: الحمد لله رب العالمين الأفضل أن يستاك باليسرى نص عليه الإمام أحمد في رواية ابن منصور الكوسج ذكره عنه في مسائله وما علمنا أحداً من الأئمة خالف في ذلك

وفي ذلك لأن الإستياك من باب إماطة الأذى فهو كالاستنثار والامتخاط ونحو ذلك مما فيه إزالة الأذى وذلك باليسرى كما أن إزالة النجاسات كالاستجمار ونحوه باليسرى وإزالة الأذى واجبها ومستحبها باليسرى

وسئل عن الختان متى يكون ؟

فأجاب: أما الختان فمتى شاء اختتن لكن إذا راهق البلوغ فينبغي أن يختتن كما كانت العرب تفعل لئلا يبلغ إلا وهو مختون

وأما الختان في السابع ففيه قولان هما روايتان عن أحمد قيل لا يكره لأن إبراهيم ختن اسحاق في السابع وقيل يكره لأنه عمل اليهود فيكره التشبه بهم وهذا مذهب مالك والله أعلم

وسئل عن مسلم بالغ عاقل يصلي ويصوم وهو غير مختون وليس مطهراً هل يجوز ذلك ومن ترك الختان كيف حكمه ؟

فأجاب: إذا لم يخف عليه ضرر الختان فعليه أن يختتن فإن ذلك مشروع مؤكد للمسلمين باتفاق الأئمة

وهو واجب عند الشافعي وأحمد وقد اختتن إبراهيم الخليل عليه السلام بعد الثمانين من عمره ويرجع في الضرر إلى الأطباء الثقات

وإذا كان يضره في الصيف أخره إلى زمان الخريف والله أعلم

وسئل عن المرأة هل تختتن أم لا ؟

فأجاب: الحمد لله نعم تختتن وختانها أن تقطع أعلى الجلدة التي كعرف الديك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للخافضة وهي الخاتنة " أشمي ولا تنهكي فإنه أبهى للوجه واحظى لها عند الزوج " يعني لا تبالغي في القطع وذلك أن المقصود بختان الرجل تطهيره من النجاسة المحتقنة في القلفة

والمقصود من ختان المرأة تعديل شهوتها فإنها إذا كانت قلفاء كانت مغتلمة شديدة الشهوة

ولهذا يقال في المشاتمة يا بن القلفاء فإن القلفاء تتطلع إلى الرجل أكثر ولهذا يوجد من الفواحش في نساء التتر ونساء الإفرنج ما لا يوجد في نساء المسلمين وإذا حصلت المبالغة في الختان ضعفت الشهوة فلا يكمل مقصود الرجل فإذا قطع من غير مبالغة حصل المقصود باعتدال والله أعلم

وسئل إذا مات الصبي وهو غير مختون هل يختتن بعد موته ؟

فأجاب: ولا يختن بعد موته

وسئل كم مقدار أن يقعد الرجل حتى يحلق عانته ؟

فأجاب: عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت لهم في حلق العانة ونتف الإبط ونحو ذلك أن لا يترك أكثر من أربعين يوماً وهو في الصحيح والله أعلم

وسئل عن رجل جندي يقلع بياض لحيته فهل عليه في ذلك إثم أم لا ؟

فأجاب: الحمد لله رب العالمين نتف الشيب مكروه للجندي وغيره فإن الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن نتف الشيب وقال إنه نور المسلم

وبالله التوفيق

وصلي اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1434-8 -14

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

7 + 4 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 124 الجزء الثالث ‌‌أهمية الغطاء على وجه المرأة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 123 الجزء الثالث ‌‌حكم قيادة المرأة للسيارة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 122 ‌‌مكانة المرأة في الإسلام - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 121 الجزء الثالث عوامل النصر  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر