الدرس141 باب: التسمي بقاضي القضاة ونحوه

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد
قول المصنف :" باب التسمي بقاضي القضاة ونحوه"

أي كأقضى القضاة وحاكم الحكام ، فكل اسم فيه تعظيم شديد للمخلوق من الألقاب والأسماء التي فيها التعظيم الذي لا يليق إلا بالله، كل هذا محرم ومنهيٌّ عنه؛ لأن المطلوب من المخلوق التواضع مع الله، وتجنب ما فيه تزكية أو تعظيم للنفس ، فإن هذا يحمل على الكبر والإعجاب ، ويخل بعقيدة التوحيد ، فمن تسمى باسم لا يليق إلا بالله على وجه التعاظم فهذا فيه تشبيه بأسماء الله ، فقاضي القضاة ، لا يليق إلا لله ؛لأن الله يقضي بين الناس يوم القيامة القضاء النهائي ، فالمناسب أن يقال : رئيس القضاة ، بمعنى أنه يرجع إليه في أمور القضاء وتنظيماته ومجرياته.

قول المصنف " في الصحيح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن أخنع اسم عند الله رجل تسمى ملك الأملاك، لا مالك إلا الله" قال سفيان: " مثل شاهان شاه "

وفي رواية: "أَغْيَظُ رَجُلٍ علَى اللهِ يَومَ القِيامَةِ، وأَخْبَثُهُ " أخرجه مسلم عن أبي هريرة

الحديث في الصحيحين ، أخرجه البخاري عن أبي هريرة بهذا اللفظ "أَخْنَعُ اسْمٍ عِنْدَ اللَّهِ - وقالَ سُفْيَانُ: غيرَ مَرَّةٍ -: أخْنَعُ الأسْمَاءِ عِنْدَ اللَّهِ رَجُلٌ تَسَمَّى بمَلِكِ الأمْلَاكِ قالَ سُفْيَانُ: يقولُ غَيْرُهُ: تَفْسِيرُهُ شَاهَانْ شَاهْ." ، وفي رواية مسلم عن أبي هريرة أيضا" إنَّ أخْنَعَ اسْمٍ عِنْدَ اللهِ رَجُلٌ تَسَمَّى مَلِكَ الأمْلاكِ. زادَ ابنُ أبِي شيبَةَ في رِوايَتِهِ : لا مالِكَ إلَّا اللَّهُ عزَّ وجلَّ."

قوله صلى الله عليه وسلم :"أخْنَعُ اسْمٍ عِنْدَ اللَّهِ"أي أوضع وأذل وأردأ اسم ، فأنكر النبي صلى الله عليه وسلم هذا الاسم ؛ لأنه يوهم وصفا لا يليق به ، ولا يليق إلا بالله تعالى ، فليس الإنسان ملك الأملاك ، بل هو ليس أهلا له ، وعليه أن يتسمى بالأسماء الأخرى التي تليق به.

قوله :" قال سفيان"هو سفيان بن عيينة بن أبي عمران ميمون مولى محمد بن مزاحم الهلالي إمام ومحدث شهير وعرف بالزهد والورع. وقد ولد في الكوفة سنة 107 هـ وتوفي 198 هـ. أجمع الناس على صحة حديثه وروايته. طلب العلم وهو غلام وروى الحديث عن الكبار ومنهم: الزهري وأبي اسحق السبيعي وعمرو بن دينار ومحمد بن المنكدر وأبي الزناد وعاصم بن أبي النجود المقري والأعمش وعبد الملك بن عمير وغيرهم. و روى عنه عدد كبير من العلماء الأجلاء والأئمة الكبار. منهم: الأعمش وابن جريج وشعبة بن الحجاج - وهؤلاء من شيوخه - وهمام بن يحيى، والحسن بن حي، وزهير بن معاوية، وحماد بن زيد، وإبراهيم بن سعد،وأبو إسحاق الفزاري، ومعتمر بن سليمان، وعبد الله بن المبارك، وعبد الرحمن بن مهدي، ويحيى القطان، والشافعي وعبد الرازق، والحميدي، وسعيد بن منصور، ويحيى بن معين، وعلي بن المديني، وإبراهيم بن بشار الرمادي، وأحمد بن حنبل، وأبو بكر بن أبي شيبة، ومحمد بن عبد الله بن نمير، وإسحاق بن راهويه وغيرهم خلق كثير.

قوله "شَاهَانْ شَاهْ" هذا لقب عند الفرس :(ملك الملوك)، ومقصود سفيان رحمه الله بهذا أن يبين أن هذا اللقب ممنوع بجميع اللغات ، سواء سمي ملك الملوك أو شاهان شاه ؛ وإنما مثل سفيان بـ (شاهان شاه) ؛ لأنه قد كثرت التسمية به في ذلك العصر، والحديث صريح في تحريم التسمي بملك الأملاك ونحوه كملك الملوك وسلطان السلاطين.

قوله :وفي رواية "أَغْيَظُ رَجُلٍ علَى اللهِ يَومَ القِيامَةِ، وأَخْبَثُهُ"، (أغيظ )، هذا أفعل تفضيل ، والغيظ شدة الغضب

قول المصنف: فيه مسائل:
الأولى: النهي عن التسمي بملك الأملاك، وتؤخذ من قول الرسول صلى الله عليه وسلم "إن أخنع اسم عند الله عز وجل رجل تسمى ملك الأملاك"

الثانية: أن ما في معناه مثله كما قال سفيان، والذي في معناه : قاضي القضاة وحاكم الحكام ، وشاهان شاه في الفارسية .

الثالثة: التفطن للتغليظ في هذا ونحوه مع القطع بأن القلب لم يقصد معناه،أي لم يقصد أنه ملك الأملاك أو قاضي القضاة ؛ لعلمه أن هناك من هو أبلغ ملكا وأحكم قضاء.

الرابعة : التفطن أن هذا لأجل الله سبحانه، يؤخذ من قوله صلى الله عليه وسلم "لا مالك إلا الله"، فالرسول صلى الله عليه وسلم أشار إلى العلة وهي لا مالك إلا الله ، فكيف تقول ملك الأملاك وهو لا مالك إلا الله عزَّ وجلَّ

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1434/5/26 هـ