الدرس 341 الإرهاب

المقال
التصنيف : تاريخ النشر: الخميس 24 جمادى الأولى 1434هـ | عدد الزيارات: 4170 القسم: الفوائد الكتابية

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

معنى الإرهاب:

تحدث العالم اليوم عن الإرهاب في غياب عن تحديد المعنى بشكل دقيق والمتأمل للشريعة يجد أنها وضعت ألفاظاً شرعية محددة للدلالة على ألوان من العدوان على الخالق مثل : البغي والحرابة والخروج على ولاة الأمر

وفي سبيل تحديد مفهوم علمي يتوافق مع الشريعة لمصطلح الإرهاب وضع المجمع الفقهي التابع للرابطة تعريفاً هو: العدوان الذي يمارسه أفراد أو جماعات أو دول بغياً على الإنسان : (في دينه ودمه وعرضه) ، ويشمل : صنوف التخويف والأذى والتهديد والقتل بغير حق وما يتصل بصور الحرابة وإخافة السبيل وقطع الطريق وكل فعل من أفعال العنف أو التهديد يقع تنفيذاً لمشروع إجرامي فردي أو جماعي ويهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس أو ترويعهم بإيذائهم أو تعريض حياتهم أو أمنهم أو أحوالهم للخطر ومن صنوفه : إلحاق الضرر بالبيئة أو بأحد المرافق والأملاك العامة أو الخاصة أو تعرض أحد الموارد الوطنية أو الطبيعية للخطر فكل هذا من صور الفساد في الأرض التي نهى الله سبحانه وتعالى المسلمين عنها قال تعالى:" ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين" (القصص 77 )

وقد شرع الله الجزاء الرادع للإرهاب والعدوان والفساد واعتبره محاربة لله ورسوله قال تعالى:" إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم"( المائدة آية 33)

ولا توجد في أي قانون بشري عقوبة بهذه الشدة نظراً لخطورة هذا الاعتداء الذي يعتبر في الشريعة الإسلامية حرباً ضد حدود الله وضد خلقه.

حكمه :

الإرهاب صورة من صور الفساد في الأرض الذي نهى الله تعالى عنه بقوله:" ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين " ( القصص آية 77)

وقوله " وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا ۚ إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ " (الأعراف 56).

فالإفساد في الأرض محرم بجميع أشكاله وصوره أيا كان مرتكبه وبهذا تعلم أن الإرهاب ليس من الجهاد الإسلامي في شيء

وقد قام علماء المملكة العربية السعودية بدور ظاهر تجاه ما جرى ويجري من أحداث عنف وإرهاب وتمثل عملهم في صور علمية وعملية فقد صدرت بيانات وتوضيحات تحرم الإرهاب وتجرمه عن مجلس هيئة كبار العلماء والذي يمثل أعلى مؤسسة علمية شرعية تضم نخبة من علماء المملكة

صور الإرهاب

من صور الإرهاب

أولاً: الاعتداء على النفس المعصومة من مسلمين أو معاهدين أو مستأمنين

ثانياً: القيام بتفجير وتدمير الممتلكات الخاصة والعامة

ثالثاً: إخافة الآمنين وترويعهم واستباحة دمائهم وأموالهم وأعراضهم

القيم الإٍسلامية والإرهاب

إن القيم الإسلامية لا يمكن أن تستسيغ الإرهاب بحال ويظهر هذا جلياً من خلال الأتي

أولاً: إن قيمة العدل من القيم الإنسانية التي رسخ الإٍسلام جذورها ودعا إليها وأمر بها وجعلها من مقاصده

ومن المقومات الضرورية لبناء الحياة بكل أبعادها : الحضارية والعمرانية والتنظيمية لتشمل الكون بما فيه

والعدل : إعطاء كل ذي حق حقه قال تعالى : "والسماء رفعها ووضع الميزان*ألا تطغوا في الميزان* وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان" ( الرحمن أية 7-9)

أما الإرهاب فقد نسف هذه القيمة وهتك مقاصدها بأن أشاع نقيضها وهو الظلم والبغي بغير الحق فالإرهاب ظلم وبغي على الآخرين بالاعتداء عليهم وظلم وبغي على مقدرات الأمم

ثانياً: حقوق الإنسان فقد قامت الشريعة بتحديد حقوق الأفراد وبيان متعلقات تلك الحقوق مع ضمان حرية ممارستها بوضع القواعد المانعة من الاعتداء عليها

هذه الكرامة الإنسانية أوجبت الشريعة الإٍسلامية احترامها لبني آدم كافة بدون تفرقة وتمييز على اعتبار أنهم واحد من حيث الأصل البشري وأن الكل لديهم الاستعداد لبلوغ درجة الكمال الذي أعده الله للنوع البشري عموماً فقد اعتبر الإٍسلام الناس جميعاً أمة واحدة فالإنسانية تضم الجميع في إطارها العام قال تعالى:" يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير" ( الحجرات 13)

بينما الإرهاب يهدر كل الحقوق وأعظمها حق الله تعالى بالاعتداء على أحكامه ومقاصده وتشريعاته انتهاكاً وتأويلاً باطلاً لها ليستحل بعد ذلك ما حرمه الله وصانه بناء على فهمه المنحرف الضال

ثالثاً: الوسطية في مقاصد الإسلام وأحكامه لقد اختص الإسلام بخاصية تعد من أهم خصائصه ومميزاته ألا وهي الوسطية في مقاصده وأحكامه إن هذا المصطلح (الوسطية) يعد من أبرز سمات وخصائص الإسلام وأهله حتى بلغ الاهتمام به أن أخذ مكاناً بارزاً في فاتحة الكتاب:" اهدنا الصراط المستقيم *صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين" ( الفاتحة آية 6-7)

إن اعتدال المنهج الإسلامي وتوسطه في النواحي الروحية والمادية يحصنه من مزالق عدم الاستقرار ليمنح من أظله بظله العدل والاطمئنان، أما الإرهاب ومعتنقوه فقد حادوا عن هذه الخاصية ورفضوها من خلال ممارستهم وأعمالهم وإن أنكر ذلك الإرهابيون بأقوالهم.

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1434/5/22 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

2 + 7 =

/500
روابط ذات صلة
المقال السابق
الفوائد الكتابية المتشابهة المقال التالي