الدرس 343 حد السرقة

المقال
التصنيف : تاريخ النشر: السبت 19 جمادى الأولى 1434هـ | عدد الزيارات: 5404 القسم: الفوائد الكتابية

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

لقد عنيت الشريعة بالمال وشرعت حفظه ومنعت من إضاعته وإنفاقه في غير وجوهه المشروعة فنهى تعالى عن الإِسراف والتبذير قال تعالى:" وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين " سورة الأعراف آية 31

وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه :" أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينهي عن: قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال" متفق عليه.

هذا من جهة تصرفات صاحب المال ومن جهة أخرى حفظه الشرع أيضاً من التسلط عليه من غير صاحبه بالسرقة أو الغصب أو الاختلاس أو جحد العارية أو خيانة الأمانة كل ذلك حفظاً للمال وصيانة له وسنتكلم بالتفصيل عن السرقة فيما يلي

تعريف السرقة

السرقة لغة : الأخذ بخفية واسترق السمع أي سمع مستخفياً

وشرعاً: أخذ المال المحترم البالغ نصاباً وإخراجه من حرز مثله على وجه الاختفاء بلا شبهة

حكم السرقة

السرقة محرمة وهي كبيرة من كبائر الذنوب وقد دل على تحريهما الكتاب والسنة والإجماع فمن الكتاب قوله تعالى:" والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالاً من الله والله عزيز حكيم" سورة المائدة آية 38

ومن السنة : حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يزني الزاني حي يزني وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن " متفق عليه وعنه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" لعن الله السارق ". متفق عليه

حد السارق

حد السارق قطع يده اليمنى من مفصل الكف ثم تحسم لئلا ينزف دمه فيموت والدليل على ذلك قوله تعالى:" والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالاً من الله والله عزيز حكيم" (المائدة38 )

وعن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" تقطع اليد في ربع دينار فصاعداً" متفق عليه

فإن عاد إلى السرقة قطعت رجله اليسرى من مفصل الكعب

الحكمة من مشروعيته

لقد شرع الله هذا الحد لحكم جليلة منها

أولاً: تطهير السارق وتمحيصه من هذا الجرم العظيم وتكفير ذنبه وزجره عن معاودة فعله وهذه خاصة بالسارق

ثانياً: صيانة الأموال والمحافظة عليها فيأمن الناس على أموالهم من أن تتطرق إليها أيدي اللصوص

ثالثاً: ردع من تسول له نفسه بارتكاب هذه الجريمة إذا علم أن السارق تقطع يده

شروط القطع في السرقة

أولاً: أن يكون المسروق مالاً محترماً إن لم يكن محترماً فلا قطع فيه لجواز إتلافه كآلات اللهو المحرم والخمر

ثانياً: أن يكون أخذه على وجه الخفية والاستتار فإن كان على وجه العلانية فلا قطع فيه لأنه يمكن التحرز منه عادة والاستعانة بالناس عليه

ثالثاً: أن يبلغ المال وقت أخذه نصاباً وهو مائة وخمسة وسبعون ريال سعودي تقريباً

رابعاً: أن يخرجه من حرزه ويختلف الحرز باختلاف الأموال والأحوال والبلدان

والدليل على اشتراط الحرز ما رواه عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم في كم تقطع اليد؟ قال : "أنَّهُ سُئِلَ عنِ الثَّمرِ المعلَّقِ فقالَ من أصابَ بِفيهِ من ذي حاجةٍ غيرَ متَّخذٍ خُبْنةً فلا شيءَ علَيهِ ومن خرجَ بشيءٍ منهُ فعَليهِ غرامةُ مثليهِ والعُقوبَةُ ومن سرقَ منهُ شيئًا بعدَ أن يُؤْويَهُ الجَرينُ فبلغَ ثمنَ المِجنِّ فعلَيهِ القَطع " صحيح أبي داود للألباني ، والجرين الموضع الذي يجفف فيه التمر والمجن الترس وحريسة الجبل الشاة المسروقة من الجبل

خامساً: ثبوت السرقة وتثبت بأحد أمرين:

الأول: الشهادة بأن يشهد عليه بالسرقة رجلان عدلان حران ويصفانها

الثاني: الإقرار بأن يقر السارق على نفسه بالسرقة ويصفها

سادساً: انتفاء الشبهة فإن وجدت شبهة فلا قطع لأن الحدود تدرأ بالشبهات مثل أخذه المال من ولده لأن الولد وماله لأبيه وأخذ الزوجة من مال زوجها لشبهة تقصيره في نفقتها والسرقة في المجاعة والمجاعة هي أن يحصل في البلد جوع عام شديد

قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن الحدود تدرأ بالشبهات

نصاب القطع في السرقة

نصاب القطع في السرقة ربع دينار من الذهب لحديث عائشة رضي الله عنها مرفوعاً:" لَا تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ إلَّا في رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا. " صحيح مسلم

والدينار يساوي ثلاثة ونصف غرام من الذهب وربعه سبعة أثمان الغرام نضرب سبعة أثمان في سعر غرام الذهب الجديد حماية لليد من القطع وهو مئتي ريال سعودي بتاريخ اليوم ويساوي مائة وخمسة وسبعون ريال تقريباً لأن سعر الذهب غير ثابت فهو ينخفض ويرتفع

وبالله التوفيق

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1434/5/18 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

1 + 7 =

/500