ﺟﺪﻳﺪ اﻟﻤﻮﻗﻊ

الدرس التاسع عشر مايقال في الركوع

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الجمعة 28 ربيع الأول 1434هـ | عدد الزيارات: 4805 القسم: شرح زاد المستقنع -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

قوله "ثم يركع مكبرا" الركوع : هو الانحناء في الظهر وهذا الركوع المقصود به تعظيم الله عز وجل ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم "فأما الركوع فعظموا فيه الرب عز وجل" رواه مسلم

ليجتمع فيه التعظيم القولي والفعلي ويكبر من حين أن يهوي على أن ينتهي قبل أن يصل إلى الركوع وإن وصل إلى الركوع قبل أن ينتهي فلا حرج عليه

قوله "رافعاً يديه" أي إلى حذو منكبيه أو إلى فروع أذنيه إذا أراد أن يركع ثم يضعهما على ركبتيه ودليل ذلك حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم "كانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ إذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ، وإذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ" رواه البخاري و مسلم

قوله "ويضعهما على ركبتيه" أي يضع الكفين على الركبتين معتمدا عليهما

قوله "مفرجتي الأصابع" لا مضمومة كأنه قابض ركبتيه

قوله "مستوياً ظهره" يعني لا يقوس ظهره ولا يهصره حتى ينزل وسطه ولا ينزل مقدم ظهره بل يكون ظهره مستوياً وقد جاء ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم قالت عائشة رضي الله عنها "كان إذا ركع لم يشخص رأسه ولم يصوبه" أخرجه مسلم لم يشخصه يعني لم يرفعه ولم يصوبه لم ينزله ولكن بين ذلك

قوله "ويقول سبحان ربي العظيم" معنى التسبيح التنزيه وقوله "ربي العظيم" أي العظيم في ذاته وصفاته و عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم "كان يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم أغفر لي" أخرجه البخاري

وأخرج الإمام مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم "كان يقول سبوح قدوس رب الملائكة والروح"

وله أن يجمع بين هذه الأذكار في الركوع

قوله "ثم يرفع رأسه ويديه" مراده يرفع رأسه وظهره والرفع من الركوع ركن ولا بد منه لقول النبي صلى الله عليه وسلم للمسيء في صلاته "ثُمَّ ارْفَعْ رَأْسَكَ حتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا" رواه البخاري وأما رفع اليدين فإنه سنة لحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم "كان يرفع يديه إذا كبر للركوع وإذا رفع رأسه من الركوع" رواه البخاري ومسلم

قوله "قائلا إمام و منفرد سمع الله لمن حمده" في حال الرفع وسمع بمعنى استجاب وإن من حمد الله فإنه قد دعا ربه لأن الذي يحمد الله يرجو الثواب

قوله وبعد قيامهما "ربنا ولك الحمد ملء السماء وملء الأرض وملء ما شئت من شئ بعد" أي ويقول الإمام والمنفرد والمأموم ربنا ولك الحمد ملء السماء وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعدوله أن ينوع ويقول "ربنا ولك الحمد أو ربنا لك الحمد أو اللهم ربنا لك الحمد أو اللهم ربنا ولك الحمد" وكل هذه الصيغ ذكرها البخاري وكلها مجزئة والأفضل أن يقول هذه أحياناً وهذه أحياناً وأيضاً له أن يقول ملء السماء أو يقول ملء السموات وكلاهما ذكره الإمام مسلم وله أن يقول وملء ما بينهما ذكر ذلك مسلم أيضاً

وما أخرج الإمام مسلم "أهل الثناء والمجد أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد" ويشرع له أن يضع يده اليمنى على ذراعه اليسرى على الصدر بعد الرفع من الركوع ، ودلت السنة من حديث البراء بن عازب وغيره أن الإعتدال بعد الركوع يكون بمقدار الركوع تقريباً فقد قال البراء بن عازب رضي الله عنه "رمقت الصلاة مع محمد صلى الله عليه وسلم فوجدت قيامه فركعته فاعتداله بعد ركوعه فسجدته فجلسته بين السجدتين فجلسته ما بين التسليم والانصراف قريباً من السواء" أخرجه مسلم وعلى هذا فالسنة الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم إطالة ما بين الركوع والسجود

قوله "ثم يخر مكبراً ساجداً على سبعة أعضاء رجليه ثم ركبتيه ثم يديه ثم جبهته مع أنفه" فقوله "ثم" حرف عطف يفيد الترتيب قوله "مكبرا" وذلك حال الخرور من القيام إلى السجود قوله "ساجدا" وتكون بعد انتهاء الخرور قوله "على سبعة اعضاء رجليه ثم ركبتيه ثم يديه ثم جبهته مع أنفه" قال سبعة أعضاء وبينها فقال رجليه ثم ركبتيه -أربعة- ثم يديه -سته- ثم جبهته مع أنفه -سبعة- والواقع أن الجبهة والأنف ليسا شيئا واحدا لكن الرسول عليه الصلاة والسلام ألحق الأنف بالجبهه حكما لا حقيقة لقول ابن عباس رضي الله عنهما "قال النبي صلى الله عليه وسلم أُمِرْتُ أنْ أسْجُدَ علَى سَبْعَةِ أعْظُمٍ علَى الجَبْهَةِ، وأَشَارَ بيَدِهِ علَى أنْفِهِ واليَدَيْنِ والرُّكْبَتَيْنِ، وأَطْرَافِ القَدَمَيْنِ" رواه البخاري ومسلم

قوله "ثم ركبتيه ثم يديه" أفاد المؤلف بالنص الصريح أن الركبتين مقدمتان على اليدين في السجود كما ذهب إليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعامة أهل العلم ومنهم الأئمة الثلاثة أحمد وأبو حنيفة والشافعي وهذا مقتضى النص المروي عن النبي صلى الله عليه وسلم فعله قال صلى الله عليه وسلم "إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير" رواه أبو داود وصححه الألباني وأصله وليضع ركبتيه قبل يديه قال ذلك ابن القيم قوله "ثم يديه" والمراد باليدين هما الكفين لأن اليد عند الإطلاق هي الكف فقط لقوله تعالى "والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا" المائدة (38) لذا تقطع يد السارق من مفصل الكف قوله "ثم جبهته مع أنفه" لم يقل جبهته وأنفه أو ثم أنفه بل قال "مع" أنفه إشارة إلى أن الأنف تابع للجبهة

قوله "ولو مع حائل ليس من أعضاء سجوده" أي لا يجوز أن يسجد على حائل من أعضاء السجود بأن يضع جبهته على كفيه أو يضع يديه بعضهما على بعض أو يضع قدميه بعضهما على بعض لأنه إذا فعل ذلك فكأنما سجد على عضو واحد إذاً حكم السجود الموضح أعلاه حرام ولا يجزئ السجود

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1434/3/25 هــ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

2 + 8 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 118 الجزء الثالث ‌‌هل الرسول أوصى بالخلافة لعلي رضي الله عنه ؟ - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 116 الجزء الثالث حكم التوسل بالموتى وزيارة القبور - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 115 الجزء الثالث ‌‌حكم ما يسمى بعلم تحضير الأرواح  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 114 الجزء الثالث ‌‌إيضاح الحق في دخول الجني في الإنسي والرد على من أنكر ذلك  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 113 الجزء الثالث : تابع الدروس المهمة لعامة الأمة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر