الدرس الثاني عشر كــتـاب الصلاة

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

الصلاة في اللغة الدعاء و شاهد ذلك قوله تعالى "وَصَلِّ عَلَيْهِمْ ۖ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ ۗ " التوبة (103) أي ادع لهم أما في الشرع فهي التعبد لله تعالى بأقوال وأفعال معلومة مفتتحة بالتكبير ومختتمة بالتسليم

قوله "تجب" أي الصلاة المفروضة وهي في الدين في المرتبة الثانية بعد الشهادة

قوله "على كل مسلم" وهو من يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله

قوله "مكلف" التكليف في اللغة إلزام مافيه مشقة وهو في الشرع إلزام مقتضى خطاب الشرع

قوله "لا حائضاً ونفساء" أي لا تجب عليهما الصلاة والعلماء مجمعون على أن الحائض والنفساء لا تلزمهما الصلاة ولا يلزمهما قضاء الصلاة

قوله "ويقضي من زال عقله بنوم" والصحيح أن النائم ليس زائل العقل بل مغطى عقله وفاقد لإحساسه الظاهري والمعنى أن النائم يقضي الصلاة لقول النبي صلى الله عليه وسلم "من نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها" رواه البخاري ومسلم من حديث أنس بن مالك واللفظ لمسلم

قوله "أو إغماء" وهو من زال عقله بإغماء والإغماء هو التطبيق على العقل فلا يكون عنده إحساس فلو أيقظته لم يستيقظ فيقضي قياسا على النوم وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله والأئمة الثلاثة يرون عدم وجوب القضاء على المغمى عليه لأن القياس على النائم ليس بصحيح فالنائم يستيقظ إذا أوقظ و أما المغمى عليه فإنه لا يشعر وهذا هو الصحيح

قوله "أو سكر" أي يقضي من زال عقله بسكر وهذا هو قول الأئمة الأربعة في أنه يقضي

قوله "أو نحوه" أي نحو ما ذكر مثل البنج والراجح إن زال عقله بإختياره فعليه القضاء و إلا فلا

قوله "ولا تصح من مجنون ولا كافر" أي لا تصح منه لأنه لا نية له لقوله صلى الله عليه وسلم "إنما الأعمال النيات" متفق عليه قوله "ولا كافر" أي لا تصح الصلاة من كافر لقوله تعالى "وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ" التوبة (54)

قوله "فإن صلى فمسلم حكما" أي إذا صلى الكافر فإننا نحكم بإسلامه

قوله "و يؤمر بها صغيرٌ" يؤمر مبني للمجهول لأن الأمر لا يتعين فكل من له الإمرة على هذا الصبي فإنه يأمره بالصلاة كالأب والأم و الأخ والعم

قوله "لسبع" فلا يؤمر إلا إذا دخل الثامنة

قوله "ويضرب عليها لعشر" أي على الصلاة لتمام عشر ليفعلها ولا يكون ذلك إلا بالترك ونضربه حتى يصلي في كل وقت والضرب باليد أو الثوب أو العصا أو غير ذلك ويشترط فيه ألا يكون ضربا مبرحا لأن المقصود تأديبه لا تعذيبه

قوله "فإن بلغ في أثنائها أو بعدها في وقتها أعاد" أي إذا بلغ الصغير في أثناء الصلاة أو بعد إنتهائها في وقتها أعاد الصلاة والصواب أنه يمضي في صلاته ولا إعادة عليه وكذلك لو بلغ بعد صلاته لم تلزمه إعادتها لأنه قام بفعل الصلاة على الوجه الذي أمر به

قوله "ويحرم تأخيرها عن وقتها" وذلك لقوله تعالى "إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا" النساء (103) أي مفروضا

قوله "إلا لناو الجمع" لأنه إذا جاز الجمع بين الصلاتين صار وقتاهما وقتا واحدا

قوله "و لمشتغل بشرطها الذي يحصله قريبا" مثاله إنسان انشق ثوبه فصار يخيطه فحان خروج الوقت فإن صلى قبل أن يخيطه صلى عريانا و إن انتظر حتى يخيطه صلى مستترا بعد الوقت فهذا تحصيله قريب فهنا يجوز أن يؤخر عن وقتها أما إذا كان بعيد فلا والصواب أنه لا يجوز أن يؤخرها عن وقتها مطلقا و أنه إذا خاف خروج الوقت صلى على حسب حاله

قوله "ومن جحد وجوبها كفر" أي وجوب الصلاة لأنه مكذب لله ورسوله

قوله "وكذا تاركها تهاونا ودعاه إمام أو نائبه فأصر وضاق وقت الثانية عنها" والصواب أنه لا تشترط دعوة الإمام له لعدم الدليل على اشتراطها

قوله "ولا يقتل حتى يستتاب ثلاثا فيهما" أي لا يقتل من جحد وجوب الصلاة أو تركها تهاونا وكسلا حتى يستتاب أي يستتيبه الإمام أو نائبه ثلاثة أيام فيقول له تب إلى الله وصلِ وإلا قتلناك والصواب أن هذا يرجع إلى اجتهاد الحاكم

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1434/3/24 هـ