ﺟﺪﻳﺪ اﻟﻤﻮﻗﻊ

الدرس الثامن بــــــاب الـــــغــسل

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأحد 23 ربيع الأول 1434هـ | عدد الزيارات: 3224 القسم: شرح زاد المستقنع -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

بـــــاب الـــــغــسل

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعدالحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

أي باب ما يوجبه وصفته

قوله "وموجبه" أي الشيء الذي يوجب الغسل

قوله "خروج المني دفقا بلذة" هذا هو الموجب الأول لقول الله تعالى "وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا..." المائدة (6) وقوله صلى الله عليه وسلم "الماء من الماء" رواه مسلم من حديث ابي سعيد الخدري والمراد بالماء الأول ماء الغسل والماء الثاني المني أي إذا خرج المني وجب الغسل لكن إذا خرج من غير لذة من يقظان فإنه لا يوجب الغسل على ما قاله المؤلف وهو الصحيح

قوله "لا بدونهما" الضمير يعود على الدفق واللذة

قوله "من غير نائم" أي من اليقظان فإذا خرج من اليقظان بلا لذة ولا دفق فإنه لا غسل عليه وعلم منه أنه إذا خرج من نائم وجب الغسل مطلقا سواء كان على هذا الوصوف أم لم يكن لأن النائم قد لا يحس به

قوله "وإن انتقل ولم يخرج اغتسل له" أي احس بانتقاله لكن لم يخرج فإنه يغتسل وذلك بأن تفتر شهوته بعد انتقاله بسبب من الأسباب فلا يخرج المني وقال بعض العلماء لا غسل في الانتقال وهذا اختيار شيخ الإسلام وهو الصواب لحديث أم سلمة رضي الله عنها "وفيه نعم إذا هي رأت الماء" رواه البخاري ومسلم

قوله "فإن خرج بعده لم يعده" أي إذا اغتسل لهذا الذي انتقل ثم خرج مع الحركة فإنه لا يعيد الغسل لأنه إذا خرج بعد ذلك خرج بلا لذة ولا يجب الغسل إلا إذا خرج بلذة

قوله "وتغييب حشفة أصلية" هذا هو الموجب الثاني من موجبات الغسل وتغييب الشيء في الشيء معناه أن يختفي فيه وقوله "أصلية" يحترز بذلك عن حشفة الخنثى المشكل فإنها لا تعتبر حشفة أصلية والخنثى المشكل من لا يعلم ذكر هو أم أنثى مثل أن يكون له آلة ذكروآلة أنثى ويبول منهما جميعا فإنه مشكل

قوله "في فرج أصلي" احترازا من فرج الخنثى المشكل فإذا غييب الإنسان حشفته في فرج أصلي وجب عليه الغسل أنزل أم لم ينزل

قوله "قبلا كان أم دبرا" وطء الدبر حرام للزوج وغيره من باب أولى

قوله "ولو من بهيمة أو ميت" لو أولج في بهيمة فعليه الغسل ولو أولج بفرج امرأة ميتة مع أنه يحرم فعليه الغسل

قوله "و إسلام كافر" هذا هو الموجب الثالث من موجبات الغسل فإذا أسلم الكافر وجب عليه الغسل لحديث قيس بن عاصم "أنه لما اسلم امره النبي صلى الله عليه وسلم أن يغتسل بماء وسدر" رواه أحمد وصححه النووي

قوله "و موت" هذا هو الموجب الرابع من موجبات الغسل فإذا مات المسلم وجب على المسلمين غسله لقوله صلى الله عليه وسلم "فيمن وقصته ناقته بعرفة فقال أغسلوه بماء وسدر ..." رواه البخاري ومسلم والأصل في الأمر الوجوب

قوله "و حيض" هذا هو الموجب الخامس من موجبات الغسل فإذا حاظت المرأة وجب عليها الغسل ولو اغتسلت قبل أن تطهر لم يصح لحديث فاطمة بنت أبي حبيش "أنها كانت تستحاض فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تجلس عادتها ثم تغتسل وتصلي" رواه البخاري ومسلم

قوله "ونفاس" هذا هو الموجب السادس من موجبات الغسل والنفاس الدم الخارج مع الولادة أو بعدها أو قبلها بيومين أو ثلاثة مع الطلق والدليل على وجوب الغسل منه أنه نوع من الحيض ولهذا أطلق النبي صلى الله عليه وسلم إسم النفاس الحيض "لقوله لعائشة لما حاضت لعلك نفستِ" رواه البخاري ومسلم

قوله "ولا ولادة عارية عن دم" أي ليست الولادة العارية عن الدم موجبة للغسل فلو أن امرأة ولدت ولم يخرج منها دم فلا غسل عليها لأن النفاس هو الدم

قوله "و من لزمه الغسل حرم عليه قراءة القرآن" أي حتى يغتسل وقوله "قراءة القرآن" المراد أن يقرأ آية فصاعدا سواء كان ذلك من المصحف أم عن ظهر غيب لأن في منعه من قراءة القرآن حثا على المبادرة إلى الاغتسال

قوله "و يعبر المسجد لحاجة" أي يمر به عند الحاجة و يحرم على من لزمه الغسل اللبث في المسجد و الإقامة فيه ولو مدة قصيرة لقوله تعالى "يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلاَّ عابِرِي سَبِيلٍ" النساء (43) أي لا تقربوها جنبا إلا عابر سبيل وأفادنا رحمه الله بقوله "لحاجة" أي لا يجوز له أن يعبر لغير الحاجة وظاهر الآية الكريمة "إلا عابر سبيل" العموم فيعبره لحاجة أو غيرها وهو المذهب

قوله "ولا يلبث فيه بغير وضوء" فإن توضأ جاز المكث لما روى هشام بن سعيد عن زيد بن أسلم قال كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحدثون في المسجد وهم على غير وضوء وكان الرجل يكون جنبا فيتوضأ ثم يدخل المسجد فيتحدث قال ابن كثير هذا اسناد صحيح على شرط مسلم لأن الوضوء يخفف الجنابة بدليل أن الرسول صلى الله عليه وسلم "سئل عن الرجل يكون عليه غسل فينام وهو جنب فقال صلى الله عليه وسلم إذا توضأ أحدكم فليرقد وهو جنب" رواه البخاري ومسلم

قوله "ومن غسل ميتا" هذا شروع في بيان الاغسال المستحبة فمنها الاغتسال من تغسيل الميت

قوله "أو أفاق من جنون أو إغماء" هذا هو الثاني والثالث من الأغسال المستحبة

والجنون : زوال العقل

والإغماء : التغطية

فالإغماء تغطية العقل وليس زواله وله أسباب متعددة منها شدة المرض كما حصل للنبي صلى الله عليه وسلم "فإنه في مرضه أغمي عليه ثم أفاق فقال أصلى الناس قالو لا وهم ينتظرونك فأمر بماء في مخضب وهو شبيه بالصحن فاغتسل فقام لينوء فأغم عليه مرة ثانية فلما أفاق قال أصلى الناس قالو لا وهم ينتظرونك" رواه البخاري ومسلم الحديث

والاغتسال هنا ليس على سبيل الوجوب لأن فعله صلى الله عليه وسلم المجرد لا يدل على الوجوب بل على سبيل التعبد فيسن الاغتسال للجنون قياسا على الإغماء

قوله "بلا حلم سن له الغسل" أي بلا إنزال فإن أنزل حال الإغماء وجب عليه الغسل كا النائم إذا احتلم

قوله "والغسل الكامل ..." له صفتان صفة إجزاء وهو ما اشتمل على الواجب فقط وما اشتمل على الواجب والمسنون فهو صفة كمال

قوله "أن ينوي" النية لغة القصد وفي الاصطلاح عزم القلب على فعل الشيء عزما جازما ومحلها القلب

قوله "ثم يسمي" أي بعد النية والتسمية على المذهب واجبة كالوضوء وفي الغسل من باب أولى والصحيح ليست واجبة لافي الوضوء ولا في الغسل

قوله "ويغسل يديه ثلاثا" هذا سنة واليدان الكفان

قوله "و ما لوثه" أي يغسل ما لوثه من أثر الجنابة وغسل رجليه في مكان آخر

قوله "و يتوضأ" أي يتوضأ وضوءه للصلاة وكلام المؤلف يدل على أنه يتوضأ وضوءاً كاملا وهو كذلك في حديث عائشة رضي الله عنها متفق عليه

قوله "ويحثي على رأسه ثلاثا" أي يحثي الماء على جميع الرأس ثلاثا

قوله "ترويه"أي تصل إلى أصوله بحيث لا يكون الماء قليلا

قوله "ويعم بدنه غسلا" أي يفيض الماء على سائر جسده

قوله "ثلاثا" وهذا بالقياس على الوضوء لأنه يشرع فيه التثليث وهذا هو المشهور من المذهب واختار شيخ الإسلام وجماعة من العلماء أنه لا تثليث في غسل البدن لعدم صحته عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا يشرع وهذا هو الراجح

قوله "ويدلكه" أي يمر يده عليه وشرع الدلك ليتيقن وصول الماء إلى جميع البدن

قوله "ويتيامن" أي يبدأ بالجانب الأيمن لحديث عائشة رضي الله عنها كان النبي صلى الله عليه وسلم "يعجبه التيمن في ترجله وتنعله وطهوره وفي شأنه كله" رواه البخاري ومسلم

قوله "ويغسل قدميه مكاناً آخر" أي عندما ينتهي من الغسل يغسل قدميه في مكان آخر عند الحاجة كما لو كانت الأرض طينا

قوله "والمجزئ" أي الذي تبرأ به الذمة

قوله "أن ينوي ويسمي" النية محلها القلب والتسمية سنة

قوله "ويعم بدنه بالغسل مرة" يشمل حتى ماتحت الشعر الكثيف بخلاف الوضوء فلا يجب غسل ما تحته والشعر الكثيف هو الذي لا ترى من ورائه البشرة

قوله "ويتوضأ بمد ويغتسل بصاع" والمعنى يسن أن يكون الوضوء بمد والغسل بصاع والمد ربع الصاع

قوله "فإن أسبغ بأقل" أي أسبغ بأقل من المد في الوضوء ومن الصاع في الغسل أجزأ لأن التقدير بالمد والصاع على سبيل الافضلية

قوله "أو نوى بغسله الحدثين أجزأ" و اختار شيخ الإسلام أنه يرتفع الحدثان جميعا واستدل بقوله تعالى "وإن كنتم جنبا فاطهروا" المائدة (6) فإذا تطهر بنية الحدث الأكبر فإنه يجزئه لأن الله لم يذكر شيئا سوى ذلك وهذا هو الصحيح

قوله "ويسن لجنب غسل فرجه والوضوء لأكل" وضوء الجنب للأكل ليس بواجب لكنه مستحب لحديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم "كان إذا أراد أن يأكل أو ينام وهو جنب توضأ للصلاة" رواه مسلم

قوله "ونوم" أي يستحب للجنب إذا أراد النوم أن يتوضأ واستدل لذلك بحديث عمر رضي الله عنه أنه "قال يارسول الله أيرقد أحدنا وهو جنب قال نعم إذا توضأ أحدكم فليرقد وهو جنب" متفق عليه وهذا يقتضي الوجوب ولكن المشهور عند الفقهاء والأئمة المتبوعين أن هذا على سبيل الإستحباب

قوله "و معاودة وطء" أي يسن للجنب أن يتوضأ إذا أراد أن يجامع مرة أخرى لما ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم "أمر من جامع أهله ثم أراد أن يعود أن يتوضأ بينهما وضوءا" رواه مسلم

فدل هذا أن الوضوء ليس عبادة حتى نلزم الناس به ولكن من باب التنشيط فيكون الأمر هنا للإرشاد وليس للوجوب "وكان صلى الله عليه وسلم يطوف على نسائه بغسل واحد" رواه مسلم وإن كان طوافه عليهن بغسل واحد لا يمنع أن يكون قد توضأ بين الفعلين

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1434/3/22 هــ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

2 + 8 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 118 الجزء الثالث ‌‌هل الرسول أوصى بالخلافة لعلي رضي الله عنه ؟ - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 116 الجزء الثالث حكم التوسل بالموتى وزيارة القبور - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 115 الجزء الثالث ‌‌حكم ما يسمى بعلم تحضير الأرواح  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 114 الجزء الثالث ‌‌إيضاح الحق في دخول الجني في الإنسي والرد على من أنكر ذلك  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 113 الجزء الثالث : تابع الدروس المهمة لعامة الأمة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر