الدرس 56 قوله تعالى أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ (3)

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الإثنين 3 ربيع الأول 1434هـ | عدد الزيارات: 2147 القسم: شرح وتحقيق كتاب التوحيد -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد
قول المصنف:" قوله تعالى:" أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ "(النمل آية 65)
قوله (أمن) أم منقطعة بمعنى (بل)


قوله :(المضطر) المضطر : اسم مفعول من الاضطرار الذى هو افتعال من الضرورة . والمراد به : الإنسان الذى نزلت به شدة من الشدائد .

قال تعالى وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ ( الانبياء آية 84)
فلا يجيب المضطر إلا الله، لكن قيده بقوله (إذا دعاه)، أما إذا لم يدعه، فقد يكشف الله ضره، وقد لا يكشفه.
وقوله " ويكشف السوء " أي: يكشف البلاء والشر والنقمة .

قول المصنف:" وروى الطبراني بإسناده " أنه كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم منافق يؤذي المؤمنين، فقال بعضهم: قوموا بنا نستغيث برسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا المنافق فقال النبي صلى الله عليه وسلم إنه لا يستغاث بي، وإنما يستغاث بالله"

قوله "بإسناده": يشير إلى أن هذا الإسناد ليس على شرط الصحيح، أو المتفق عليه بين الناس، بل هو إسناده الخاص، فليس كل إسناد محدث قد تمت فيه شروط القبول. قال الطبرانى: حدثنا أحمد بن حماد بن زُغْبَة المصرى، حدثنا سعيد بن عُفَيْر، حدثنا ابن لهيعة، عن الحارث بن يزيد، عن علي بن رباح ، عن عبادة، قال: قال أبو بكر: قوموا نستغيث برسول الله - صلى الله عليه وسلم - من هذا المنافق، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّهُ لا يُسْتَغَاثُ بِى، إِنَّما يُسْتَغَاثُ بالله- عزَّ وجَلَّ-»

ذكر الهيثمي في "مجمع الزوائد" "أن ابن لهيعة خلط في آخر عمره لاحتراق كتبه" ، وهو ضعيف الحفظ ، ثم هو مع ضعفه متهم بالتدليس ،وأيضاً رواية الطبراني هذه تدل على ضعف ابن لهيعة وتخاليطه في الحديث سندا ومتنا ؛ لاختلافها عن رواية أحمد في مسنده ، سندا ومتنا ، التي ضعفها شعيب الأرناؤوط وهي :"حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ، أَنَّ رَجُلًا سَمِعَ، عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ يَقُولُ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ قُومُوا نَسْتَغِيثُ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ هَذَا الْمُنَافِقِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « لَا يُقَامُ لِي، إِنَّمَا يُقَامُ لِلَّهِ» .

وعليه ، فقد صرفت النظر عن شرح الحديث لضعفه.

قوله:" فيه مسائل "

" السألة الأولى : أن عطف الدعاء على الاستغاثة من عطف العام على الخاص."، إذ أن الاستغاثة نوع من الدعاء، والدعاء أعمُّ، فهو من باب عطف العام على الخاص.

"المسألة الثانية : تفسير قوله تعالى :" وَلَا تَدْعُ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ ۖ " (يونس106) ، الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم.

"المسألة الثالثة : أن هذا هو الشرك الأكبر" يؤخذ من قوله تعالى:"فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِّنَ الظَّالِمِينَ" (يونس106) ،

"المسألة الرابعة :أن أصلح الناس لو فعله إرضاءً لغيره صار من الظالمين "تؤخذ من كون الخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم، وهو أصلح الناس ، فلو فعل ذلك ؛ إرضاءً لغيره صار من الظالمين

"المسألة الخامسة:تفسير الآية التي بعدها."، وهي قوله تعالى:"وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ ۖ " (يونس107) ، فإذا كان لا يكشف الضر إلا الله وجب أن تكون الاستغاثة به وحده

"المسألة السادسة :كون ذلك لا ينفع في الدنيا مع كونه كفرا."، تؤخذ من قوله تعالى :"وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ ۖ " (يونس107)" فلم ينتفع من دعائه هذا، فخسر الدنيا بذلك ، والآخرة بكفره.

" المسألة السابعة : تفسير الآية الثالثة ." وهي قوله تعالى" فَابْتَغُوا عِندَ اللَّهِ الرِّزْقَ"(العنكبوت17)،

" المسألة الثامنة : أن طلب الرزق لا ينبغي إلا من الله كما أن الجنة لا تطلب إلا منه " ، تؤخذ من قوله تعالى:" وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ ۖ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ "(العنكبوت17)

" المسألة التاسعة :تفسر الآية الرابعة ". وهي قوله تعالى"وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لَّا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ "(الأحقاف 5)

"المسألة العاشرة : أنه لا أضلَّ ممَّن دعا غيرَ الله" تؤخذ من قوله تعالى في الآية السابقة .

"المسألة الحادية عشرة : أنه غافل عن دعاء الداعي لا يدري عنه "؛ لقوله تعالى:"وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ "(الأحقاف 5) ،

المسألة الثانية عشرة : أن تلك الدعوة سبب لبغض المدعو للداعي وعداوته له."، تؤخذ من قوله تعالى:"وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً "(الأحقاف 6)

" المسألة الثالثة عشرة: تسمية تلك الدعوة عبادة للمدعو." تؤخذ من قوله تعالى:"وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ"(الأحقاف 6)

" المسألة الرابعة عشرة: كفر المدعو بتلك العبادة "،أي ردُّه وإنكاره.

" المسألة الخامسة عشرة:هي سبب كونه أضل الناس."، لأنَّه يدعو من دون الله من لا يستجيب له.

" السادسة عشرة: تفسير الآية الخامسة " وهي قوله تعالى:"أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ ۗ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ ۚ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ "(النمل62) ،

" المسألة السابعة عشرة :الأمر العجيب وهو إقرار عبدة الأوثان أنه لا يجيب المضطر إلا الله ؛ ولأجل هذا يدعونه في الشدائد مخلصين له الدين "، وهو كما قال - رحمه الله - وهذا موجود الآن، وهو أشد شركا من المشركين السابقين، فإذا وقعوا في الشدة دعوا أولياءهم كعلي والحسين، وإذا كان الأمر سهلا دعوا الله ، وإذا حلفوا حلفا هم فيه صادقون حلفوا بعلي أو غيره من أوليائهم، وإذا حلفوا حلفا وهم فيه كاذبون حلفوا بالله.

" المسألة الثامنة عشرة: حماية المصطفى صلى الله عليه وسلم حمى التوحيد والتأدب مع الله "، من باب التأدب بالألفاظ والبعد عن التعلق بغير الله، وأن يكون تعلق الإنسان دائما بالله وحده

وبالله التوفيق.

وصلِّ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

1434-3-2هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

6 + 9 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 106 الجزء الثالث ‌‌نصيحة عامة لحكام المسلمين وشعوبهم - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 105 الجزء الثالث ‌‌نصيحة عامة حول بعض كبائر الذنوب - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 104 ‌‌ الجزء الثالث حكم الإسلام فيمن أنكر تعدد الزوجات - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 103 الجزء الثالث ‌‌الأدلة الكاشفة لأخطاء بعض الكتاب - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 102 الجزء الثالث : ليس الجهادللدفاع فقط - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 101 الجزء الثالث ‌‌حكم من مات من أطفال المشركين - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر