ﺟﺪﻳﺪ اﻟﻤﻮﻗﻊ

الدرس 355 غير الله مخلوق

المقال
التصنيف : تاريخ النشر: الثلاثاء 19 صفر 1434هـ | عدد الزيارات: 1966 القسم: الفوائد الكتابية

الحمد لله والصلاة على رسول الله

قال الله تعالى في كتابه العزيز‏:‏ ‏{‏اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ‏}‏[‏الزمر‏:‏ 62‏]‏ فكل ما سواه تعالى فهو مخلوق له، مربوب مدبر، مكون بعد أن لم يكن محدث بعد عدمه‏.‏

فالعرش الذي هو سقف المخلوقات إلى ما تحت الثرى، وما بين ذلك من جامد وناطق الجميع خلقه، وملكه وعبيده وتحت قهره وقدرته، وتحت تصريفه ومشيئته {‏هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ‏}[‏الحديد‏:‏ 4‏]‏‏.‏

وقد أجمع العلماء قاطبة أن الله خلق السماوات والأرض، وما بينهما في ستة أيام كما دل عليه القرآن الكريم‏.‏

وفي حديث عمران بن حصين :‏ ‏‏‏(‏كان الله ولم يكن قبله شيء، وكان عرشه على الماء، وكتب في الذكر كل شيء، ثم خلق السماوات والأرض‏)‏

وروى الإمام أحمد بن حنبل‏ عن أبي رزين لقيط بن عامر العقيلي، أنه قال‏:‏يا رسول الله أين كان ربنا قبل أن يخلق السماوات والأرض‏؟‏ قال‏:‏كان في عماء ما فوقه هواء وما تحته هواء، ثم خلق عرشه على الماء‏)‏‏.‏ والذي عليه الجمهور فيما نقله الحافظ أبو العلاء الهمداني وغيره‏:‏ أن العرش مخلوق قبل القلم.‏ وهذا هو الذي رواه ابن جرير من طريق الضحاك عن ابن عباس، كما دل على ذلك الحديث الذي رواه مسلم في ‏(‏صحيحه‏)‏، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏‏كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، قال وعرشه على الماء‏‏‏)‏‏.‏ قالوا‏:‏ فهذا التقدير هو كتابته بالقلم المقادير‏.‏

وقد دلَّ هذا الحديث أن ذلك بعد خلق العرش فثبت تقديم العرش على القلم الذي كتب به المقادير‏.‏ كما ذهب إلى ذلك الجماهير‏.‏ ويحمل حديث القلم على أنه أول المخلوقات من هذا العالم‏.‏ ‏

ويؤيد هذا ما رواه البخاري‏:‏ عن عمران بن حصين قال‏:‏ قال أهل اليمن لرسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ جئناك لنتفقه في الدين ولنسألك عن أول هذا الأمر‏.‏ فقال‏:‏كان الله ولم يكن شيء قبله ، وفي رواية (معه) وفي رواية (غيره) - وكان عرشه على الماء‏.‏ وكتب في الذكر كل شيء وخلق السموات والأرض‏)‏)‏‏.‏ وفي لفظ‏:‏ ‏‏‏(‏ثم خلق السموات والأرض‏)‏‏.‏

فسألوه عن ابتداء خلق السموات والأرض‏.‏ ولهذا قالوا جئناك نسألك عن أول هذا الأمر فأجابهم عما سألوا فقط‏.‏ ولهذا لم يخبرهم بخلق العرش كما أخبر به في حديث أبي رزين المتقدم‏.‏

قال ابن جرير‏:‏ وقال آخرون‏:‏ بل خلق الله عز وجل الماء قبل العرش‏.‏ رواه السدي، عن أبي مالك، وعن أبي صالح، عن ابن عباس، وعن مرة، عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا‏:‏

إن الله كان عرشه على الماء، ولم يخلق شيئاً غير ما خلق قبل الماء‏.‏

وبالله التوفيق

وصلى اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1434-2-19هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

5 + 8 =

/500
روابط ذات صلة
المقال السابق
الفوائد الكتابية المتشابهة المقال التالي