الدرس الحادي عشر فضل التوحيد وما يكفر من الذنوب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد

قول المصنف :"باب" خبر مبتدأ محذوف ، تقديره: هذا بابُ فضلِّ التوحيد ، وفضلِ ما يكفر من الذنوب و(ما) مصدرية ، أي: باب تكفير الذنوب، ولمَّا ذكر معنى التوحيد ناسب ذكر فضله وتكفيره للذنوب؛ ترغيبا فيه وتحذيرا من الضد.وحتى يعرفه المؤمن، فيكون أكثر إقبالا عليه، وتشوقا إليه.

وقول المصنف :" وقول الله تعالى:" الَّذِينَ ءامَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ "(الأنعام 82) "

"ءامَنُوا" أي: وحدوا الله، وأخلصوا له العبادة، وآمنوا أنه إلههم الحق.

"وَلَمْ يَلْبِسُوا" أي: لم يخلطوا .

" إِيمَانَهُم " أي: توحيدهم.

"بِظُلْمٍ " أي: بشرك، بل أخلصوا له العبادة سبحانه.

" أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ "أي: الأمن الكامل، والهداية الكاملة، إذا كان إيمانهم سليمًا من الظلم كله من الشرك وما دونه من المعاصي وظلم العباد.

عَنْ عبدِ اللَّهِ بن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عنْه، قالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هذِه الآيَةُ: {الَّذِينَ ءامَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام: 82]، شَقَّ ذلكَ علَى أصْحابِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وقالوا: أيُّنا لَمْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ؟! فقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ليسَ كما تَظُنُّونَ؛ إنَّما هو كما قالَ لُقْمانُ لِابْنِهِ: {يَا بُنَيَّ لَاتُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13].صحيح البخاري. فالذي شق عليهم أنهم ظنوا أن الظلم في الآية هو ظلم العبد نفسَه.والمؤمن إذا سلم من الشرك الأكبر والأصغر وظلم العباد فله الهداية الكاملة والأمن التام في الدنيا والآخرة .أما إذا سلم من الشرك الأكبر ولم يسلم من الأصغر ومن بعض الذنوب فهدايته ليست كاملةً، بل ربما يدخل النار بالمعاصي التي مات عليها.

وبالله التوفيق

12 - 2 - 1434هـ