194 شركة الأبدان

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الخميس 1 ربيع الثاني 1441هـ | عدد الزيارات: 829 القسم: شرح زاد المستقنع -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

شركة الأبدان

يقول المؤلف رحمه الله : شركة الأبدان أن يشتركا فيما يكتسبان بأبدانهما .

شركة الأبدان شركة في العمل بأن يشترك اثنان فيما يكتسبانه بأبدانهما لا بماليهما .

قوله : فما تقبله أحدهما من عمل يلزمهما فعله .

ما : شرطية وتقبل فعل الشرط ويلزمهما جواب الشرط

ومعنى العبارة أن أي عمل يتقبله أحدهما فإنه يلزم الجميع

ومعنى يتقبل أي يلتزم به فما التزم به أحدهما من عمل لزم الجميع .

فمثلا : اشترك اثنان في الحدادة فجاء شخص وقال لأحدهما اصنع لي بابا فوافق على صنع الباب فلو أنه لم يلتزم فإنه يلزم الثاني أن يصنع الباب لأنهما شريكان متضامنان فما تقبله أحدهما لزم الآخر ومع اختلاف الصنائع مثل أن يكون أحدهما خشابا والثاني حدادا فإذا التزم الخشاب أن يصنع بابا من خشب فلم ينفذ يلزم الحداد أن ينفذ لأنهما شريكان فيقال للحداد اصنع باب الخشب فإذا لم يكن يعرف يستأجر من يصنعه وكذلك العكس وهذا هو مذهب الإمام أحمد .

قوله : وتصح في الاحتشاش والاحتطاب .

مثل أن يخرج رجلان إلى البر ليأتيا بالحشيش ويبيعانه في السوق ومثله الحطب .

فكل واحد منهما جاء بحزمة من الحشيش أو الحطب فعلى حسب ما يتفقان عليه ويكون الملك والربح على ما شرطاه .

والفرق بينهما وبين شركة الوجوه أن شركة الوجوه يأخذان المال من ثالث ويعملان بأبدانهما أما هذه فلا يأتي أحدهما بالمال وإنما يشتركان في العمل .

قوله : وسائر المباحات .

من المباحات التقاط السمك والجواهر وما أشبه ذلك من البحر فهذه جائزة وهي شركة الأبدان .

ومنها الاشتراك في جمع الكمأة وهي " الفقع " تنبت في البر فيأخذانها ويبيعانها .

ومنها الاشتراك أيضا في الصيد مثل أن يذهبا إلى مكان يكثر فيه الصيد واشتركا فهذه أيضا شركة أبدان .

قوله : وإن مرض أحدهما فالكسب بينهما : على ما شرطاه إذا كان النصف أو الربع أو الثلث مع أن هذا المريض لم يعمل لكنه ترك العمل لعذر ولصاحبه أن يفسخ الشركة وله أن يطالبه بمن يقوم مقامه لأن هذه شراكة أبدان ولابد أن يشترك الشريكان في العمل .

قوله : وإن مرض أحدهما فالكسب بينهما : لو ترك العمل لغير عذر فالمذهب الكسب بينهما .

والصواب أن ما كسبه صاحبه في هذا اليوم له أن يختص به .

قوله : وإن طالبه الصحيح : أي الذي لم يمرض .

قوله : أن يقيم مقامه لزمه :

إن طالبه الصحيح أن يقيم مقامه لزمه فإن أبى فللآخر فسخ الشركة فيقول إذا كنت لا تقيم معي من يقوم مقامك فإني أفسخ الشركة لأنه لما تعذر العمل من قبل صاحبه ولا يمكن أن ينفرد هذا بالعمل صار له حق الفسخ رغم أن العقد تم بينه وبين صاحبه وهما شريكان .

قوله : الخامس شركة المفاوضة .

والمفاوضة شركة عامة لجميع أنواع الشركات السابقة وهي أربع العنان والمضاربة والوجوه والأبدان .

وشركة المفاوضة أن يشتركا في جميع أنواع الشركة .

قوله : أن يفاوض كل منهما إلى صاحبه .

كل تصرف مالي وبدني من أنواع الشركة فيفوض كل واحد منهما للآخر كل نوع من أنواع الشركة مضاربة عنان وأبدان ووجوه وهي عامة .

وهذه عليها عمل كثير من الناس اليوم .

وأكثر الشركات اليوم على هذا فتجد الشركاء مثلا كل واحد منهم يبيع بمؤجل ويضارب ويسافر بالمال ويقرض المال .

واختلف الفقهاء بين مجيز ومانع والصواب هو ما ذهب إليه الحنابلة رحمهم الله أنها جائزة والحاجة تدعو إليها وعمل الناس اليوم على هذا .

إذاً أنواع الشراكة أربعة والخامسة المفاوضة وهي تجمع الأنواع الأربعة .

قوله : والربح على ما شرطاه : أي إذا قال أحدهما للآخر لك الربع ولي ثلاثة أرباع وقبل فإنه جائز فالثلث والثلثان والنصف جائز .

والربح مبني على العمل والحذق فقد يكون أحدهما أحذق من الآخر وأقوى عملا .

قوله : والوضيعة بقدر المال : هذه قاعدة

الوضيعة بقدر المال في جميع أنواع الشركة لأنه لا يمكن أن نلزم أحدهما غرم صاحبه أما الغنم فالإنسان كاسب على كل حال حتى لو نقص غنمه عن غنم ماله فلا بأس .

فالربح على ما شرطاه فيجوز أن يبذل كل واحد منهم مئة ألف ويكون الربح ثلاثة أرباع فإنه جائز .

والوضيعة إذا كان كل واحد أتى بمئة ألف ريال لا يمكن أن تكون على هذا ثلاثة أرباع والآخر ربع لأننا إذا حملنا غرم أحدهما على مال الآخر فهذا لا يجوز لأن هذا حيف وجور فالوضيعة على قدر .

قوله : فإن أدخلا فيها كسبا أو غرامة نادرين . الكسب النادر كالركاز مثلا فالركاز كسب نادر واللقطة نادرة فمتى تجد اللقطة ثم إذا وجدتها فمتى تعدم صاحبها .

فربما تنشد ثم يأتي صاحبها فلا تكسب .

فهذه من المكاسب النادرة إذا أدخلت في شركة المفاوضة بأن قال حتى ما نجده من لقطة فهنا يقول المؤلف . الشركة لا تصح لأنهما أدخلا فيها كسبا نادرا .

وقوله : أو غرامة : الغرامة النادرة كالجناية

فمثلا إنسان جنى على شخص خطأ ولزمته دية ما جنى فهذه حكمها على الجاني لكن لو أدخلاها في ضمن الشركة لم يصح لأنه ربما تكون هذه الغرامة مجحفة بمال الشركة كله فلا يصح هذا الشرط والمذهب أنه فاسد مفسد لأنه يعود بجهالة الربح والأصل كل شرط يعود إلى الشركة بجهالة الربح فهو فاسد مفسد لها .

قوله : أو ما يلزم أحدهما من ضمان غصب أو نحوه فسدت .

هذا غير الغرامة فالغرامة تأتي بغير اختيار الإنسان والغصب باختياره مثل أن يقولا نحن شركاء مفاوضة لكن ما لزم أحدنا من ضمان غصب فهو على الشركة فوافق الآخر فاتفقا على هذا فالمؤلف يقول . الشركة فاسدة وصدق رحمه الله لأن هذا قد يجحف بمال الشركة ولأنه ربما يكون هذا الشريك يغير على الناس ويغصب أموالهم فإذا أدخلا في الشركة ما يلزم أحدهما من ضمان الغصب والاتلافات وما أشبه فإن الشركة تكون فاسدة لأنه يترتب على ذلك أن يتعدى أحدهما على حقوق الناس بالغصب والسرقة والتكسير والإحراق وغير ذلك ويقول على الشركة وهذا ضرر عظيم .

وقوله : ونحوه .. كخيانة في أمانة وما أشبه ذلك .

والخلاصة أن شركة المفاوضة ما كان من ربح المال أو من عملهما فهو داخل في الشركة والخسارة ما كان من تصرف أحدهما في المال بغير عدوان منه ولكن لمصلحة المال فهو على الشركة لأن ذلك لمصلحتهما وليس كل إنسان يجتهد يكون مصيبا .

وبالله التوفيق

1441-4-1هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

1 + 7 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 130 الجزء الثالث ‌‌طائفة الصوفية المتسولة: - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 129 الجزء الثالث الغزو الفكري . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة
الدرس السابق
الدروس الكتابية المتشابهة الدرس التالي