370 السيرة

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الخميس 27 شعبان 1440هـ | عدد الزيارات: 1109 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة و السلام على المصطفى الأمين.

جاء في نصوص كثيرة من الكتاب و السنة بيان عظم قدر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ورفعة مكانته عند ربه تعالى من خلال الفضائل الجليلة و الخصائص الكريمة التي خصه الله بها مما يدل على أنه أفضل الخلق و أكرمهم على الله و أعظمهم جاها عنده سبحانه قال الله سبحانه: وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُن تَعْلَمُ ۚ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا"النساء:113

وأجناس الفضل التي فضله الله بها يصعب استقصاؤها فمن ذلك أن الله عزوجل اتخذه خليلا وجعله خاتم رسله و أنزل عليه أفضل كتبه و جعل رسالته عامة للمتقين إلى يوم القيامة و غفرله ما تقدم من ذنبه و ما تأخر و أجرى على يديه من الآيات ما فاق به جميع الأنبياء قبله وهو سيد ولد آدم و أول من ينشق عنه قبره و أول شافع و أول مشفع وبيده لواء الحمد يوم القيامة و أول من يجوز الصراط و أول من يقرع باب الجنة و أول من يدخلها إلى غير ذلك من الخصائص و الكرامات الواردة في الكتاب و السنة مما جعل العلماء يتفقون على أن النبي صلى الله عليه وسلم هو أعظم الخلق جاهاً عند الله تعالى قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى"وقد اتفق المسلمون على أنه صلى الله عليه وسلم أعظم الخلق جاها عند الله لا جاه لمخلوق أعظم من جاهه ولا شفاعة أعظم من شفاعته".

فمما ذكره وغيره يتبين أن نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم هو أفضل الأنبياء بل و أفضل الخلق و أعظمهم منزلة عند الله تعالى و لكن مع هذه الفضائل و الخصائص العظيمة فإنه

صلى الله عليه وسلم لا يرقى عن درجة البشرية فلا يجوز دعاؤه و الاستغاثة به من دون الله عزوجل كما قال تعالى "قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا"الكهف:110.

وثبت عند أهل العلم بأيام النبي صلى الله عليه وسلم و أحواله وسيره أنه أكل من شاة مسمومة لا مرأة من يهود خيبر ثم نطقت الذراع و أخبرت النبي صلى الله عليه وسلم بأنها مسمومة فامتنع من الاستمرار في أكلها ولما كان في المرض الذي مات فيه كان يقول عليه الصلاة والسلام" يا عائشة ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر فهذا أو ان وجدت انقطاع أبهري من ذلك السم"رواه البخاري.

وقال صلى الله عليه وسلم :لا تسيوا أصحابي فو الذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما يلغ مد أحدهم ولا نصيفه : وقال تعالى لما ذكر المهاجرين والأنصار " و الذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفرلنا و لإخواننا الذين سبقونا بالإيمان و لا تجعل في قلوبنا غلا للذين ءامنوا ربنا إنك رءوف رحيم " الحشر:10.

فلا يجوز تنقص الصحابة ولا أحد منهم و إنما الواجب محبتهم و الترضي عنهم و الاستغفار لهم ولا يسبهم أو يتنقصهم إلا مبتدع ضال.

واختلف أهل السير في سبب وفاة أبي بكر الصديق رضى الله عنه وذكروا أسباباً عدة منها السم كما في كتاب (الرياض النضرة ) للمحب الطبري و الإصابة للحافظ ابن حجر و غيرهما .

وذكر تقي الدين الفاسي في ج6 من كتاب (العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين) لما هم عمر بالهجرة إلى المدينة تقلد سيفه وتنكب قوسه و انتضى في يده أسهماً و أتى إلى الكعبة و أشراف قريش بفنائها فطاف سبعاً وصلى ركعتين عند المقام ثم أتى حلقهم واحدة واحدة ثم قال شاهت الوجوه من أراد أن تثكله أمه و يوتم ولده و ترمل زوجته فليلحقني وراء هذا الوادي فما تبعه منهم أحد ثم قال روينا ذلك عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه و روينا عنه أنه قال ما علمت أحداً هاجر إلا مختفيا إلا عمر بن الخطاب رضى الله عنه فإنه لماهم بالهجرة تقلد سيفه وذكر الخبر و قال السيوطي في (تاريخ الخلفاء)ص15 أخرجه ابن عساكر عن علي ثم ذكر ذلك الأثر.

وهذا الأثر لانعلم له أصلاً صحيحاً

وفي الأثر الصحيح عن عمر رضى الله عنه ولفظه أن عمر رضي الله عنه بعث سرية فاستعمل عليهم رجلا يدعى سارية قال فبينما عمر يخطب الناس يوماً قال فجعل يصيح وهو على المنبر يا سارية الجبل يا سارية الجبل قال فقدم رسول الجيشى فسأله فقال يا أمير المؤمنين لقينا عدونا فهزمنا فإذا بصائح يصيح يا سارية الجبل فأسندنا ظهورنا بالجبل فهزمهم الله "رواه أحمد في (فضائل الصحابة ) وأبو نعيم في دلائل النبوة و الضياء في (المنتقى من سموعاته) و ابن عساكر في (تاريخه) و البيهقي في (دلائل النبوة) و ابن حجر في (الإصابة) وحسن إسناده ومن قبله ابن كثير في (تاريخه) قال إسناد جيد حسن و الهيثمي في (الصواعق المحرقة) حسن إسناده أيضا.

وهذا إلهام من الله سبحانه و كرامة لعمر رضي الله عنه وهو المحدث الملهم كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم و ليس في الأثر أنه رضي الله عنه كشف له عن الجيش وأنه رآه رأي العين إلى غير ذلك من الروايات الضعيفة التي يتعلق بها غلاة المتصوفة في الكشف و اطلاع المخلوقين على الغيب وهذا باطل لأن الاطلاع على الغيب من صفات الله سبحانه وتعالى

تخصيص علي بن أبي طالب رضي الله عنه بالدعاء له بـ( كرم الله وجهه) هو من صنيع الرافضة الغالين فيه فالواجب على أهل السنة البعد عن مشابهتهم في ذلك وعدم تخصيص علي بن أبي طالب رضي الله عنه بهذا الدعاء دون سائر إخوانه من الصحابه كأبي بكر و عمر و عثمان و غيرهم رضي الله عنه و عن الصحابة أجمعين

وأما استعمال هذا الدعاء لجميع الصحابة فلا بأس به لكنه ليس من الأدعية المأثورة و الجاري بين المسلمين الترضي عنهم رضي الله عنهم كما جاء في القرآن الكريم "رضي الله عنهم وروضوا عنه"المائدة:119

وعثمان رضي الله عنه من أفضل الصحابة وهو الخليفة الثالث من الخلفاء الراشدين وهو من السابقين الأولين إلى الإسلام و قد قتل شهيداً مظلوماً رضي الله عنه و أرضاه .

و الذي ينبغي للمسلم نحو الصحابة رضي الله عنهم أن يذكر محاسنهم و يثني عليهم بما هم أهل له و يكف عن مساوئهم.

وبوذا ليس نبيا بل كان كافراً فيلسوفاً يتنسك على غير دين سماوي فمن اعتقد بنبوته فهو كافر وقد غلا فيه قومه و اعتقدوا فيه الألوهية وعبدوه من دون الله و اعتنق هذه النحلة البوذية الوثنية كثير من البشر قديماً وحديثاً فالواجب على المسلم بغض هذه النحلة و بغض أهلها و البراءة منهم ومعاداتهم في الله .

وأما خالد بن سنان فقد ذكر الحافظ ابن حجر في (الإصابة) أنه كان قبل البعثة وأنه لم يدرك بعثة النبي صلى الله عليه وسلم وأن بنته جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم (الإصابة)(154/2).

لا تحصل العزة للمؤمنين و النصر على الأعداء و التمكين في الأرض إلا بطاعة الله و رسوله و العمل بالإسلام و الإيمان ظاهراً وباطناً وقد جاء في القرآن وعن السلف الصالح من الآثار ما فيه عظة واد كاد قال تعالى : بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا(138) الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۚ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا(139).

وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عمر أنه قال "بعثت بالسيف بين يدي الساعة حتى يعبد الله وحده لا شريك له وجعل رزقي تحت ظل رمحي وجعل الذلة و الصغار على من خالف أمري ومن تشبه بقوم فهو منهم " أخرجه الإمام أحمد و أبو داود فبين صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أن كل من خالف أمره فله نصيب من الذلة و الصغار بحسب مخالفته و معصيته

والحاصل أن على كل مسلم مسئولية تحقيق العزة للمؤمنين بحسب قدرته و استطاعته فيكون بنفسه قائماً بأمر الله عاملاً بالإسلام و الإيمان ظاهراً و باطناً ناصحاً لإخوانه المسلمين آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر حتى تصلح أحوال المسلمين أو يلقى الله على تلك الحال و قداتقاه حسب وسعه .

والله المستعان

1440-8-24هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

8 + 2 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 124 الجزء الثالث ‌‌أهمية الغطاء على وجه المرأة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 123 الجزء الثالث ‌‌حكم قيادة المرأة للسيارة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة
الدرس السابق
الدروس الكتابية المتشابهة الدرس التالي