185 باب الوكالة 3

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الجمعة 24 جمادى الآخرة 1440هـ | عدد الزيارات: 1011 القسم: شرح زاد المستقنع -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد

قوله والحدود في إثباتها الحدود جمع حد وهو في اللغة المنع والمراد به هنا كل عقوبة مقدرة من الشرع على معصية لتمنع من الوقوع في مثلها وتكفر ذنب صاحبها والمراد بإثباتها مثل أن يقول الحاكم لشخص اذهب إلى فلان ليقر بما يقتضي الحد فهذا في إثباتها

قوله واستيفائها بأن يكون المذنب قد اعترف وثبت الحد فيوكل الحاكم من يقيم هذا الحد فهذا لا بأس به والدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم لرجل من الأنصار اغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها

فقوله فإن اعترفت هذا اثبات

وقوله فارجمها هذا استيفاء

ولتمام الفائدة ففي صحيح البخاري ومسلم قصة المرأة التي زنا بها أجير عند زوجها وأمر النبي صلى الله عليه وسلم برجمها إن اعترفت وقد اعترفت وتم رجمها

والحدود خمسة

الأول الزنا حد بنص القرآن قال الله تعالى الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة النور 2

وجاءت السنة بزيادة على ذلك وهي أن يغرب الزاني والزانية عن البلد الذي حصل فيه الزنا لمدة سنة ويقوم مقام التغريب اليوم السجن لمدة سنة وإن كان محصنا وهو الذي قد تزوج بنكاح صحيح وجامع زوجته فإن حده الرجم حتى وإن كان قد فارق الزوجة

الحد الثاني القذف وحده ثمانون جلدة قال الله تعالى والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا النور 4

الحد الثالث من الحدود الشرعية حد السرقة وحدها قطع اليد اليمنى من مفصل الكف لقول الله تعالى والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم المائدة 38

الحد الرابع قطاع الطرق وحدهم ما ذكره الله في قوله إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض المائدة 33

وقول الله تعالى أو للتنويع

فقوله أن يُقَتلوا أويُصَلبوا يحمل على أنهم إن قَتلوا فقط بدون أخذ المال قُتلوا وإن قَتلوا وأخَذوا المال قتلوا وصلبوا وإن أخذوا المال فقط تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف بأن تقطع اليد اليمنى من مفصل الكف والرجل اليسرى من مفصل الكعب أما إذا أخافوا الطريق دون أن يعتدوا على مال أو نفس فينفون من الأرض وذلك بسجنهم لأنهم ربما إذا طردوا إلى بلاد أخرى عادوا مرة أخرى إلى حالهم فلم نستفد من نفيهم

أما إذا سجنوا فإنهم يبعدون عن الناس فلا يتعدى شرهم إلى أحد

الحد الخامس:شرب الخمر

يجلد بما لا يقل عن اربعين جلدة فعن حضين بن المنذر أبو ساسان قال شهدت عثمان بن عفان وأتي بالوليد قد صلى الصبح ركعتين ثم قال أزيدكم فشهد عليه رجلان أحدهما حمران أنه شرب الخمر وشهد آخر أنه رآه يتقيأ فقال عثمان إنه لم يتقيأ حتى شربها فقال يا علي قم فاجلده فقال علي قم يا حسن فاجلده فقال الحسن ول حارها من تولى قارها فكأنه وجد عليه فقال يا عبد الله بن جعفر قم فاجلده فجلده وعلي يعد حتى بلغ أربعين فقال أمسك ثم قال جلد النبي صلى الله عليه وسلم أربعين وجلد أبو بكر أربعين وعمر ثمانين وكل سنة وهذا أحب إلي

وجلد عمر رضي الله عنه أربعين ولما كثر شرب الخمر جمع الصحابة رضي الله عنهم يستشيرهم وهذا من دأبه رضي الله عنه فقال عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه يا أمير المؤمنين أخف الحدود ثمانون أخرجه مسلم عن أنس رضي الله عنه يعني فاجلد شارب الخمر ثمانين فأقر ذلك عمر اجتهاداً منه

أما الردة فليس حدا لأن الردة إذا تاب المرتد ولو بعد القدرة عليه فإنه يرفع عنه القتل ولا يقتل ولو كانت حدا ما ارتفع بعد القدرة عليه لقول الله تعالى إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم المائدة34

قوله وليس للوكيل أن يوكل فيما وكل فيه الوكيل يتصرف بالإذن من الموكل لذا فإنه يجب ألا يتعدى ما وكل فيه لا بصفة العقد ولا بالمعقود له فإذا قال وكلتك أن تبيع هذه السيارة على فلان فلا يملك الوكيل أن يبيع سيارة أخرى من سيارات الموكل لأنه خص بمعين ولا يملك أن يبيع على شخص آخر غير المحدد في الوكالة

فالقاعدة أن الوكيل يتصرف بالإذن فوجب أن يكون تصرفه بحسب ما أذن له فيه ولا يتعداه إما لفظا وإما عرفا

وليس له أن يوكل فإذا وكلتُ فلان أن يبيع هذه المزرعة فليس له أن يوكل غيره لأنني وكلته هوبنفسه لثقتي فيه وقد لا أثق بغيره كثقتي فيه مثل لو وكلت شخصا يفرق زكاة فلا يمكن أن يوكل غيره لأن الزكاة أمرها عظيم فربما لا أثق بغيره كثقتي به

قوله إلا أن يجعل إليه ‹يجعل› هذا مبني لما لم يسمى فاعله والفاعل هو الموكل يعني إلا أن يجعل الموكل ذلك للوكيل فيقول وكلتك في كذا وكذا ولك أن توكل من شئت أو من تثق به أو ماأشبه ذلك

فإذا وكل حسب ما جعل له يكون قد تصرف بحسب الوكالة هذه هي الحال الأولى

الحال الثانية إذا كان مثله لا يتولاه عادة لو قال لجاره وهو رجل وزير أو قاض أو أمير يا فلان سوف أسافر غدا اشتر للغنم العلف كل يوم فللوكيل أن يوكل من يشتري وإن لم يؤذن له في ذلك على أن يتحرى الرجل الأمين أكثر مما يتحراه لماله

الحال الثالثة إذا كان يعجز عن القيام بمثله عادة مثال ذلك وكلت رجلا أن يصعد بمواد البناء إلى السطح للبناء عليه وهو رجل ضعيف لا يقوى على ذلك فله أن يوكل من يصعد بذلك

فالحالة الأولى داخلة في قول المؤلف إلا أن يجعل إليه لفظا وأما الثانية والثالثة فقد جعل ذلك إليه عرفا

قوله والوكالة عقد جائز وهوجائز من الناحية التكليفية أما من الناحية الوضعية فهي تصح بكل قول يدل على إذن وأنه يصح التوكيل في كل حق آدمي فقول المؤلف رحمه الله الوكالة عقد جائز يفيد أن العقود منها جائز ومنها لازم ومنها جائز من طرف لازم من طرف آخر فعقد البيع بعد التفرق من المجلس عقد لازم إلا أن يكون شرط الخيار

فعن حكيم بن حزام رضى الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم البيعان بالخيار مالم يتفرقا أخرجه البخاري

والرهن عقد جائز من جانب المرتهن ولازم من جانب الراهن لأن الحق في الرهن للمرتهن

والوكالة جائزة من الطرفين

وبالله التوفيق

1440-6-24

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

5 + 9 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 106 الجزء الثالث ‌‌نصيحة عامة لحكام المسلمين وشعوبهم - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 105 الجزء الثالث ‌‌نصيحة عامة حول بعض كبائر الذنوب - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 104 ‌‌ الجزء الثالث حكم الإسلام فيمن أنكر تعدد الزوجات - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 103 الجزء الثالث ‌‌الأدلة الكاشفة لأخطاء بعض الكتاب - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 102 الجزء الثالث : ليس الجهادللدفاع فقط - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 101 الجزء الثالث ‌‌حكم من مات من أطفال المشركين - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة
الدرس السابق
الدروس الكتابية المتشابهة الدرس التالي