الدرس التاسع حق الله على العباد

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد:

قول المصنف :" عن معاذ بن جبل قال: كنتُ رَدِيفَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على حمارٍ، فَقالَ: يا مُعَاذُ؛ أتَدْرِي ما حَقُّ اللَّهِ علَى العِبَادِ ، وما حق العباد على الله؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قالَ: حَقُّ اللَّهِ علَى عِبَادِهِ أنْ يَعْبُدُوهُ، ولَا يُشْرِكُوا به شيئًا، وحَقُّ العِبَادِ علَى اللَّهِ أنْ لا يعذب من لا يشرك به شيئا، قلت: يارسول الله ؛ أفلا أبشر الناس؟! قال لا تبشرْهُمْ فَيَتّكِلُوا" أخرجاه في الصحيحين".

الحديث في الصحيحين باختلاف يسير، والصحيحان قال عنهما النووي:"هما أصح الكتب بعد القرآن "، وهما صحيح البخاري وصحيح مسلم ، أما البخاري فهو الإمام محمد بن إسماعيل بن إبراهيم الجعفي ، روى عن الإمام أحمد بن حنبل وابن المديني وطبقتهم، وروى عنه مسلم والترمذي والنسائي وغيرهم، ولد سنة أربع وتسعين ومائة ، ومات سنة ست وخمسين ومئتين، أمامسلم : فهو ابن الحجاج ابن مسلم أبو الحسين القشيري، النيسابوري، روى عن أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وابن أبي شيبة وطبقتهم ، روى عنه الترمذي ، ولد سنة أربع ومئتين ومات سنة إحدى وستين ومئتين بنيسابور ، رحمهما الله. وراوي الحديث: معاذ بن جبل رضي الله عنه ابن عمرو بن أوس الأنصاري الخزرجي أبو عبد الرحمن ، صحابي مشهور من أعيان الصحابة، قال له النبي صلى الله عليه وسلم :" يا مُعاذُ، واللَّهِ إنِّي لأحبُّكَ، واللَّهِ إنِّي لأحبُّك "(صحيح أبي داود للألباني)، شهد بدرًا وما بعدها ، مات سنة ثماني عشرةَ بالشام.

قوله " حق الله على العباد" هو ما يستحقه عليهم ويجعله متحتما، وقوله :"وحق العباد على الله" أنه متحقق لأنه قد وعدهم ذلك، قوله:"أفلا أبشر الناس" فيه استحباب بشارة المسلم بما يسره . قوله "لا تبشرهم فيتكلوا" أي فيعتمدوا على ذلك فيتركوا التنافس في الأعمال الصالحة.

قول المصنف :" فيه مسائل":

"الأولى: الحكمة في خلق الجن والإنس "، فالحكمة هي عبادة الله لا أن يتمتعوا بالمآكل والمشارب والمناكح .

" الثانية: أن العبادة هي التوحيد، لأن الخصومة فيه"، أي أن العبادة مبنية على التوحيد، وكل عبادة لا توحيد فيها ليست بعبادة

" الثالثة:أن من لم يأتِ به لم يعبدِ اللهَ ففيه معنى قوله:﴿ وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ ﴾[الكافرون 3]"، أي لستم عابدين عبادتي؛ لأن عبادتكم مبنية على الشرك.

" الرابعة:الحكمة في إرسال الرسل،" وهي الدعوة للتوحيد.

" الخامسة:أن الرسالة عمت كل أمة "؛ لقول الله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا﴾ [النحل 36] .

"السادسة: أن دين الأنبياء واحد" ؛ لقول الله تعالى: ﴿ إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ۗ ﴾ [آل عمران19]

"السابعة: المسألة الكبيرة أن عبادة الله لا تحصل إلا بالكفر بالطاغوت ففيه معنى قوله تعالى ﴿ فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ ﴾ (البقرة 256) "، فمن عبد الله ولم يكفر بالطاغوت فليس بموحد .

"الثامنة : أن الطاغوت عام في كل ما عبد من دون الله "، فكل ما عبد من دون الله فهو طاغوت وقد عرَّفه ابنُ القيم بأنه كل ما تجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع ، فالمعبود كالصنم ، والمتبوع كالعالم ، والمطاع كالأمير .

"التاسعة: عظم شأن الثلاث آيات المحكمات في سورة الأنعام عند السلف، وفيها عشر مسائل : أولها: النهي عن الشرك "وهي قوله تعالى " لاَّ تَجْعَل مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَّخْذُولاً " الإسراء 22 ، وختمها بقوله " ولا تجعل مع الله إلها آخر فتلقى في جهنم ملوما مدحورا " الإسراء 39

وبالله التوفيق

10 - 2 - 1434هـ