الدرس 359 أحكام في الصلاة 2

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأربعاء 28 صفر 1440هـ | عدد الزيارات: 1300 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد

إذا رأى المسلم في ثوبه أو بدنه نجاسة بعد ما فرغ من الصلاة فإنه لا يعيدها إذا كان لم يعلمها إلا بعد الصلاة أو كان ناسيا لها فلم يذكرها إلا بعد الصلاة لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن جبريل عليه السلام أخبره وهو في الصلاة أن في نعليه قذرا فخلعهما واستمر في صلاته عليه الصلاة والسلام أخرجه الإمام أحمد وأبو داود وغيرهما عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه

إذا كان الدم الذي يخرج منه كثير فإنه يبطل الوضوء فيجب عليه الإنصراف عن الصلاة وإعادة الوضوء

قلت اليس الصحابة يصلون في المعارك ودمائهم تثعب وعمر بن الخطاب يصلي بالناس الفجر وطعنه أبو لؤلؤة المجوسي وحاول أكمال الصلاة بالناس رغم خروج دمه لكنه ما استطاع فقدم عبدالرحمن بن عوف وأكمل بالناس الصلاة

وهذا دليل على أن خروج الدم الكثير لا يبطل الوضوء ولا الصلاة إلا الدم الخارج من أحد السبيلين وهذا قول ابن عثيمين أيضا.

أما اليسير فتقول اللجنة أنه لا يضر فقد ثبت عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه عصر بثرة فخرج دم فصلى ولم يتوضأ وهذا محمول على اليسير

وأما بالنسبة للثياب فإن كان الدم الذي في الثوب يسير فإنه يعفى عنه وإن كان كثيرا ولم يعلم به إلا بعد الصلاة فإن صلاته صحيحة لكن عليه أن يغسله للمستقبل وإن علم به أثناء الصلاة وأمكنه خلع اللباس الذي هو فيه فإنه يخلعه ويستمر في صلاته كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم في خلع نعليه لما علم بنجاستها وهو في الصلاة واستمر في صلاته وإن لم يمكنه خلعه فإنه ينصرف ويغسله ثم يستأنف الصلاة

الأصل في الأشياء الطهارة فلا يحكم على شيء أو محل بأنه متنجس إلا بدليل يدل على أن هذا الشيء أصابته نجاسة وإذا لم يتحقق من ذلك فإن المسلم يصلي وتكون صلاته صحيحة

أوقات الصلوات جاءت مبينة في السنة فقد ثبت من الأحاديث الصحيحة أن وقت الظهرمن زوال الشمس إلى أن يصير ظل الشيء مثله بعد الفيء الذي زالت عليه الشمس و وقت العصر من صيرورة ظل الشيء مثله بعد فيء الزوال إلى أن يصير مثليه أو إلى اصفرار الشمس وهذا هو وقت الأختيار لها

ووقت الاضطرار من ذلك إلى غروب الشمس

ووقت المغرب من غروب الشمس إلى أن يغيب الشفق الأحمر

ووقت العشاء من مغيب الشفق الأحمر إلى نصف الليل وهذا وقت الاختيار

قلت يغيب الشفق الأحمر بعد ساعة ونصف من أذان المغرب ثم يدخل وقت العشاء

ووقت الاضطرار من نصف الليل إلى طلوع الفجر

ووقت الفجر من طلوع الفجر الصادق وهو الخيط الأبيض الذي يعترض ظلام الأفق شرقا ويشقه إلى طلوع الشمس

من يتعذر عليه الصلاة في المسجد للارتباط بالرحلة الجوية وأمكنه أن يصليها مع جماعة من زميل أو غيره وجب عليه ذلك لأن صلاة الجماعة واجبة وفعلها في أول الوقت أفضل لما ورد في الصحيحين

عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم أي العمل أحب إلى الله ؟ قال الصلاة على وقتها قلت ثم أي قال بر الوالدين قلت ثم أي قال الجهاد في سبيل الله

ترتيب الصلوات واجب فإذا وجد الناس يصلون الصلاة الحاضرة وعليه صلاة قبلها فإنه يصلي الفائتة أولا ثم يدخل معهم فيما بقي من الصلاة الحاضره وإن دخل معهم بنية الصلاة السابقة ثم إذا سلموا سلم بعد تمام صلاته ثم صلى الصلاة الحاضرة فلا بأس بذلك على الصحيح

إذا وصلت إلى بلدك بعد دخول وقت العشاء ولم تقم الصلاة فيجب عليك حينئذ أن تبدأ بالصلاة الفائتة فتقيم الصلاة للمغرب وتصليها ثم تصلي الصلاة الحاضرة صلاة العشاء مع الجماعة

ينبغي لمن تذكر صلاة قد نسيها وهو متلبس بصلاة فرض أن يكمل الصلاة التي هو فيها على أن تكون له نفلا ثم يقضي الصلاة التي نسيها ثم يصلي الصلاة الحاضرة

إذا وصل المسافر إلى بلده فإنه لا يجوز له قصر الصلاة لإنهاء السفر بدخوله إلى بلده ولو كانت الصلاة قد وجبت عليه قبل وصوله لأن العبرة بحال أداء الصلاة لا يحال وجوبها عليه في هذه الحالة

استقبال القبلة أثناء الصلاة المكتوبة شرط من شروطها لا تصح الصلاة إلا بتحقيقه ولكن إذاعجز عنه الإنسان كما هو حاله وهو في الطائرة سقط عنه وصلى على حسب حاله لعموم قوله تعالى فاتقوا الله ما استطعتم التغابن 16

ولأنه لا واجب مع العجز

قلت في آخر الطائرة مكان يمكن للراكب أن يؤدي فيه الصلاة قائما بدلا من الصلاة في مقعده وكذلك متوفر في مقدمتها وإن كانت الصلاة تجمع مع ما بعدها كالمغرب مع العشاء والظهر مع العصر ويمكن أداؤها بعد النزول من الطائرة في وقت الثانية فإن الأفضل تأخيرها حتى تصلى على الأرض لأن وقت الثانية وقت للأولى في هذه الحال ولأن في ذلك أداء للصلاة بالصفة الكاملة

الاتجاه للقبلة في صلاة الفريضة في جميع الصلاة شرط من شروطها وواجب على المصلي حسب الاستطاعة فإذا انحرفت الطائرة عن القبلة في أثناء الصلاة فإنه يتوجه للقبلة كلما دارت وإن لم يستطع الدوران للقبلة فلا حرج عليه وصلاته صحيحة إن شاء الله لقول الله تعالى ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله البقرة115

أما النافلة فيفتتح الصلاة إلى القبلة ثم يصلي إلى جهة مقعده عند سير الطائرة لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان في السفر يصلي النافلة على راحلته حيث كان وجهه أخرجه البخاري ومسلم من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما وروى أحمد وأبو داود من حديث أنس رضي الله عنه ما يدل على شرعية استقبال القبلة عند الإحرام من حيث التنفل في السفر قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سافر فأراد أن يتطوع استقبل بناقته القبلة فكبر ثم صلى حيث كان وجهة ركابه

استقبال جهة القبلة شرط لصحة الصلاة وينبغي سؤال المراكز الإسلامية عنها أو استعمال البوصلة أو غيرها مما يعين على تحديد جهة القبلة فإن لم تجدوا فإنكم تجتهدون في تحري القبلة وإذا اجتهد المصلي في تحري القبلة وصلى ثم تبين أن تحريه كان خطأ فصلاته صحيحة

وأما من صلى إلى غير القبلة تفريطا منه حيث لم يسأل ولم ينظر في العلامات التي تدل على اتجاه القبلة فإنه يعيد الصلاة لأن استقبال القبلة شرط من شروط صحة الصلاة مع القدرة عليه وأما الالتفات في الصلاة فقد ورد النهي عنه وأنه اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد ففي صحيح البخاري بسنده عن عائشة رضي الله عنها قالت سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الالتفات في الصلاة فقال هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد

فعلم من ذلك أن الالتفات مكروه في الصلاة وينقص ثوابها لكن لا تجب الإعادة على من التفت في صلاته لأنه قد ثبت في أحاديث أخرى ما يدل على جواز الالتفات إذا دعت إليه الحاجة ومن ذلك حديث سهل بن حنظلية رضي الله عنه قال ثوب بالصلاة يعني صلاة الصبح فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وهو يلتفت إلى الشُعب

رواه أبو داود والحاكم وصححه على شرطهما فعلم بذلك أن الالتفات لحاجة لا يبطل الصلاة

وأما الكلام المتعمد في أثناء الصلاة فلا يجوز وهو يبطلها لقول النبي صلى الله عليه وسلم إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء من كلام الآدميين أخرجه مسلم

ويمكن إجابة المتكلم بالتسبيح أي قول سبحان الله لإشعاره أنك في صلاة فإن كان الأمر مستعجلا ولايمكن تأخيره فترد عليه ويكون ذلك قطعا للصلاة وتؤديها في أقرب وقت ممكن

صلاة الخوف إنما تشرع في الجماعة إذا كان العدو يخاف هجومه على المسلمين حال الصلاة لقوله تعالى وإذاكنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة النساء:102

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1440-2-30


التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

3 + 7 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 106 الجزء الثالث ‌‌نصيحة عامة لحكام المسلمين وشعوبهم - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 105 الجزء الثالث ‌‌نصيحة عامة حول بعض كبائر الذنوب - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 104 ‌‌ الجزء الثالث حكم الإسلام فيمن أنكر تعدد الزوجات - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 103 الجزء الثالث ‌‌الأدلة الكاشفة لأخطاء بعض الكتاب - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 102 الجزء الثالث : ليس الجهادللدفاع فقط - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 101 الجزء الثالث ‌‌حكم من مات من أطفال المشركين - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة
الدرس السابق
الدروس الكتابية المتشابهة الدرس التالي