179 باب الحجر 2

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأربعاء 16 محرم 1440هـ | عدد الزيارات: 1569 القسم: شرح زاد المستقنع -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين ...أما بعد؛

يقول المؤلف رحمه الله : ومن ماله لا يفي بما عليه حالاً وجب الحجر عليه.
مثاله :- رجل له ألف دينار وهو مطلوب بخمسة آلاف دينار فالمال الذي عنده لا يفي بما عليه حالاً فيجب على الحاكم الذي يتولى هذه الأمور الحجر على من ماله لا يفي بما عليه.
قوله بسؤال غرمائه يعني إذا سأل الغرماء الحجر عليه.
قوله أو بعضهم أي أو سأل بعضهم الحجر عليه وجبت إجابته لأنه في الحجر عليه حماية لحق الدائن وحماية لذمة المدين.
فالدائن حتى يعطي حقه أو بعضه وحماية لذمة المدين لئلا تبقى ذمته مشغولة بالدين دائما.
ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم جعل مطل الغني ظلما فقال (لي الواجد ظلم يُحل عرضه وعقوبته)أخرجه البخاري معلقاً بصيغة التمريض وصححه الحاكم ووافقه الذهبي

فيكون ظالماً بمنع الحقوق والظلم يجب رفعه ولا سيبل لنا إلى رفعه إلا بالحجر عليه .
ومعنى الحجر أن نمنعه من التصرف في ماله ببيع ولا شراء ولا هبة ولا وقف ولا رهن ولا غير ذلك فنمنعه من التصرف في متجره وذلك بغلقه وكذا مزرعته المهم أن نمنعه من التصرف في أعيان ماله حفظاً لذمته ولحق الغرماء .
قوله ويستحب إظهاره أي إظهار الحجر بوسائل الإعلام فلان محجور عليه لئلا يغتر الناس فيعاملوه بعذ الحجر مع أن معاملته بعد الحجر باطلة فلو أن أحداً اشترى منه شيئاً بعد الحجر فإن الشراء باطل فلا ينفذ.
قوله ولا ينفذ تصرفه في ماله بعد الحجر فأي تصرف في المال لا ينفذ لأنه محجور عليه فأصبحت أمواله مشغولة بحقوق الغرماء فصار كالراهن ببيع الرهن وبيع الرهن غير صحيح مثال ذلك رجل حجر عليه القاضي وعنده قطعة أرض ووضعها في مكتب عقاري قبل الحجر عليه فلا يمكن أن يبيعها لمنعه من التصرف ببيع أو شراء.
وقوله في ماله يؤخذ منه أنه يصح تصرفه في ذمته بأن يشتري شيئاً بثمن مؤجل فلو اشترى المحجور عليه في ذمته لم نمنعه لأن المال الذي حجر عليه لا يتضرر بذلك ولكن البائع لا يدخل مع الغرماء فيما حجر عليه فيه هذا الشخص لأنه حجر عليه قبل هذا التصرف.
فإذا اشترى من شخص سيارة فالشراء صحيح لكن لا ينفذ ثمنها من المال الذي عنده وتكون السيارة للمحجور عليه.
وقوله بعد الحجر يؤخذ منه أن تصرفه قبل الحجر صحيح ولو أضر بالغرماء فلو كان عليه دين وماله أقل من دينه وتصرف فيه بالهبة بأن وهب من وجد من الناس فتصرفه صحيح .
فظاهر كلام المؤلف أن تصرفه صحيح ولو أضر بالغرماء ولكنه آثم وهذا هو مذهب أحمد واختار شيخ الإسلام رحمه الله أن تصرفه قبل الحجر إذا كان مضراً بالغرماء فهو غير صحيح ولا نافذ وهذا أصح لأن الشيء الحرام لا يجوز أن ينفذ لأن تنفيذ ما حرم الله مضادة لله عز وجل في ذمته.
قوله ولا إقرار عليه يعني لا يصح بعد الحجر أن يقر على شيء من ماله الذي بيده ويصح إقراره في ذمته.
مثال ذلك لما حجرنا عليه قال هذه السيارة لفلان فلا يقبل إقراره على المال لكن يقبل في ذمته فتباع السيارة ويوفي منها الدين والذي أقر له بالسيارة فيطالبه بعد فك الحجر عنه لئلا يتواطأ الغريم وآخر على الإقرار بأن هذا الشيء للآخر من أجل ألا يباع في دينه.
قوله ومن باعه أو أقرضه شيئاً بعده أي بعد الحجر

قوله رجع فيه أي فيما باعه أو أقرضه.
قوله إن جهل حَجره وإلا فلا يعني إنسان باع على المحجور عليه شيئاً وهو لا يعلم أي باعه في ذمته لأنه لو باعه بماله وهو يعلم أن ماله محجور عليه لم يصح وإن علم بعد البيع أنه محجور عليه نقول له أرجع بمالك ولا ضرر لأن التصرف معه بعد الحجر غير نافذ.
مثال ذلك رجل باع على هذا المحجور عليه مزرعة بمليون درهم وهو لا يدري أنه محجور عليه ثم علم فنقول خذ مزرعتك ما دمت لم تعلم فإن كان عالماً فإنه لا يرجع وتدخل المزرعة في دينه وتباع وتوزع على الغرماء ولا يدلي مع الغرماء لأن هذا التصرف وقع بعد أن منع هذا من التصرف ويطالبه بقيمتها بعد رفع الحجر عنه.
قوله وإن تصرف في ذمته المحجور عليه لا يصح تصرفه في عين ماله فإذا حجرنا على الرجل لوجود دين عليه أكثر مما معه فإنه لا يمكن أن يبيع شيئاً من ماله ولو قل لأن أعيان ماله تعلق بها حق الغرماء لكن إن تصرف في ذمته فلا بأس أي لو استقرض من شخص شيئاً فلا حرج كما لو اشترى من شخص بيتاً أو سيارة فلا بأس لأن الحجر عليه إنما هو في أعيان المال فقط أما الذمة فليس عليها حجر.
قوله أو أقر بدين أي حال الحجر أقر بدين يعني أن هذا الرجل الذي عليه مئة ألف ريال وعنده سبعين ألف ريال وحجرنا عليه بعد الحجر قال في ذمتي لفلان عشرة آلاف ريال فإننا لا نقبله على المال الموجود بل نقبله في ذمته ونقول له ثبت في ذمتك للذي أقررت له عشرة آلاف لكن لا تؤخذ من المال لوجهين.
الأول أن هذا التصرف بعد الحجر والتصرف بعد الحجر لا يصح فيما يتعلق بالمال.
الثاني أن هذا المدين ربما يتفق مع شخص ويقول سأقر لك بعشرة آلاف من أجل أن يشارك الغرماء فإذا وزعت المبالغ وأخذ هذا المقر له نصيبه أعادها على المحجور عليه.
قوله أو جناية نوجب قوداً أي أقر بجناية توجب قوداً أقر أنه اتلف عين فلان عمداً واختار المجني عليه الدية فيصح لكن لا يطالب بالدية إلا بعد فك الحجر إذ لا يشارك الغرماء لأن هذا الإقرار بعد الحجر ولا يطالبه إلا بعد الحجر ما لم يطالب بالقود فإن طالب بالقود وهو أن يقتص منه فلا بأس لأن هذا لا يتعلق بماله.
قوله أو مالاً صح الجناية التي توجب المال مثل اضعاف العين فلا قود فيها وإنما يجب المال لكن لو أتلفها كاملة عمداً فيقاد لقول الله تعالى وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ المائدة:45 والمال إذا كان في الإنسان شيئان فإن في أحدهما نصف الدية مثل أتلف العين كاملة ففيها نصف الدية إذا لم يطالب بأن يقتص منه .
قوله :ويطالب به بعد فك الحجر عنه : أي بما أقر به بعد فك الحجر.
ويفك الحجر إذا أعطينا الغرماء ما وجدوه من ماله فالأحكام التي تترتب على الحجر هي .
الأول لا ينفذ تصرفه في ماله
الثاني أن اقراره بعد الحجر لا يصح على ماله ولكن يصح في ذمته ويطالب به بعد فك الحجر .
وبالله التوفيق.
وصل اللهم على نبينا محمد.
1440/1/15

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

4 + 7 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 124 الجزء الثالث ‌‌أهمية الغطاء في وجه المرأة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 123 الجزء الثالث ‌‌حكم قيادة المرأة للسيارة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 122 ‌‌مكانة المرأة في الإسلام - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 121 الجزء الثالث عوامل النصر  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 120 الجزء الثالث ‌‌حكم الإسلام في إحياء الآثار - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 119 الجزء الثالث ‌‌القول بإباحة تحديد النسل مخالف للشريعة والفطرة ومصالح الأمة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة