ﺟﺪﻳﺪ اﻟﻤﻮﻗﻊ

الدرس 350:الفرق

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: السبت 29 رجب 1439هـ | عدد الزيارات: 1460 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده .

وبعد ؛

فإن الله عز وجل قد أمر باجتماع هذه الأمة ونهى عن التنازع قال الله تعالى (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم)الأنفال :46 .

ولن يحصل اجتماع الأمة إلا بالتمسك بالكتاب والسنة ولذا أمر الله بالاعتصام بحبل الله المتين ،قال تعالى (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا)آل عمران :103 .

وأمتنا الإسلامية وهي تواجه ما يحف بها من مخاطر متنوعة في أمس الحاجة إلى التمسك بكتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم متوخية في ذلك نهج صحبه الكرام رضي الله عنهم ،ولقد وجهنا الله سبحانه وتعالى إلى هذا المنهج القويم في كتابه الكريم حيث قال سبحانه وتعالى (وإن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله)الأنعام :153.

فاجتماع الأمة ووحدتها وعزتها في التزام ذلك الصراط المستقيم الذي سلكه نبينا محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام وعدم الحيد عنه وبذلك يحصل رضا رب العالمين والفوز بجنته ،وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا كتاب الله وسنتي).

وحيث أن النصح لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم من الواجبات الشرعية وكان من النصح لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم كتابة بيان حول ما تناقلته بعض وسائل الإعلام عن بعض المحسوبين على الأمة نوصح فيه حقيقة دعواه التي حاول فيها أن يلبس على عموم المسلمين ويخدع بها من لا يبصر الأمور فقد أدعى ذلك المتكلم أن الدولة المسماة بـ (الدولة الفاطمية)هي دولة الإسلام التي يكمن فيها الحل المناسب في الحاضر كما كان حلاً في الماضي وهذا من التلبيس ومن الدعاوى الباطلة وذلك لعدة أمور منها :-

أولاً :أن تسمية تلك الدولة بالفاطمية تسميةٌ كاذبة أراد بها أصحابها خداع المسلمين بالتسمي باسم بنت الرسول صلى الله عليه وسلم وقد بين العلماء والمؤرخون في ذلك الزمان كذب تلك الدعوى وأن مؤسسها أصله مجوسي يدعى سعيد بن الحسين بن أحمد بن عبدالله بن ميمون القداح بن دنيصان الثنوي الأهوازي وهو سعيد هذا تسمى بعبيدالله عندما أراد إظهار دعوته ونشرها ولقب نفسه بالمهدي فالنسبة الصحيحة لدولته أن يقال (العبيدية) كما قال ذلك جملة من العلماء المحققين ويظهر من نسب مؤسسها الذي ذكر أنفاً أن انتسابهم إلى آل البيت كذب وزور وإنما أظهروا ذلك الانتساب لاستمالة قلوب الناس إليهم .

قال العلامة ابن خلكان في " وفيات الأعيان 118/3 " والجمهور على عدم صحة نسبهم وأنهم كذبة أدعياء لاحظ لهم في النسبة المحمدية .

وقال الذهبي في "العبر في خبر من غير ج2 ص199" (المهدي عبيد الله والد الخلفاء الباطنية العبيدية الفاطمية افترى أنه من ولد جعفر الصادق) ،وقد ذكر غيرهما من المؤرخين أنه في ربيع الآخر من عام 402هــ كتب جماعة من العلماء والقضاة والأشراف والعدول والصالحين المحدثين وشهدوا جميعاً أن الحاكم بمصر وهو منصور الذي يرجع نسبه إلى سعيد مؤسس الدولة العبيدية لا نسب لهم في ولد علي بن أبي طالب وأن الذي ادعوه إليه باطل وزور وأنهم لا يعلمون أحداً من أهل بيوتات علي بن أبي طالب رضي الله عنه توقف عن اطلاق القول في أنهم خوارج كذبة وأن هذا الحاكم بمصر هو وسلفه كفار فساق فجار ملحدون زنادقة معطلون للإسلام جاحدون ولمذهب المجوسية والثنوية معتقدون قد عطلوا الحدود وأباحوا الفروج وأحلوا الخمر وسفكوا الدماء وسبوا الأنبياء ولعنوا السلف وادعوا الربوبية وكُتب سنة اثنتين وأربعمائة ،قال ابن كثير في "البداية والنهاية 364/11" بعد أن نقل هذا وقد كتب خطه في المحضر خلق كثير.

ثانياً :إظهارهم التشيع لآل البيت .

هذه الدعوى أظهروها حيلة نزعوا إليها استغلالاً لعواطف المسلمين لعلمهم بمحبة أهل الإسلام لرسول الله صلى الله عليه وسلم وآل بيته .

وقد ذكر الغزالي وغيره من العلماء أنهم في الحقيقة باطنيون انظر (مرآة الجنان 107/3) .

وقال النويري وحكى الشريف أبو الحسين محمد بن علي المعروف بأخي محسن في كتابه أن عبد الله بن ميمون كان قد سكن بساباط أبي نوح وكان يتستر بالتشيع والعلم فلما ظهر عنه ما كان يضمره ويستره من التعطيل والإباحة والمكر والخديعة ثار عليه الناس وقد ذكر من الثائرين عليه الشيعة والمعتزلة وغيرهم فهرب إلى البصرة .

ثالثاً :حال تلك الدولة وما كان عليه أجمل العلماء حالهم في الجملة المشهورة التي قالها أبو بكر الباقلاني والغزالي وابن تيمية وهي أنهم يظهرون الرفض ويبطنون الكفر المحض .

قال الباقلاني عن القداح جد عبيد الله (وكان باطنياً خبيثاً حريصاً على إزالة ملة الإسلام أعدم العلماء والفقهاء ليتمكن من إغواء الخلق وجاء أولاده على اسلوبه أباحوا الخمور والفروج فأفسدوا عقائد خلق .....الخ)انظر "تاريخ الإسلام ج24 ص23 " قال أبو الحسن القابسي صاحب الملخص الذي قتل عبيد الله وبنوه بعده أربعة آلاف رجل في دار النحر في العذاب ما بين عالم وعابد ليردهم عن الترضي عن الصحابة فاختاروا الموت .

قال السيوطي في تاريخ الخلفاء ص526

ومن جملة ذلك ابتداء الدولة العبيدية وناهيك بهم إفساداً وكفراً وقتلاً للعلماء والصلحاء .

قال الشاطبي المالكي في "الاعتصام ج2/ص44" العبيدية الذين ملكوا مصر وإفريقيا زعمت أن الأحكام الشرعية إنما هي خاصة بالعوام وأما الخواص منهم فقد ترقوا عن تلك المرتبة فالنساء بإطلاق حلال لهم كما أن جميع ما في الكون رطب ويابس حلال لهم أيضاً مستدلين على ذلك بخرافات عجائز لا يرضاها ذو عقل.

رابعاً :موقف العلماء من تلك الحقبة .

كان العلماء يظهرون الشناعة على العبيديين وعلى أفعالهم المشينة ومما يبين لنا موقف العلماء ويجمله ما وضعه السيوطي في تاريخه "تاريخ الخلفاء ص4" حيث قال (ولم أورد أحداً من الخلفاء العبيديين لأن خلافتهم غير صحيحة وذكر أن جدهم مجوسي وإنما سماهم الفاطميين جهلة العوام) .

خامساً: أن مما يتبين لكل أحد بعد الإطلاع على أقوال العلماء والمؤرخين أن هذه الدولة الفاطمية كان لها من الضرر والإضرار بالمسلمين ما يكفي في دفع كل من يرفع لوءها ويدعو بدعوتها لذا نجد أن المسلمين في الماضي فرحوا بزوالها على يد الملك الصالح صلاح الدين الأيوبي رحمه الله تعالى في سنة 567 هــ فلا يجوز بعد هذا كله أن ندعوا الناس إلى الإنتساب إلى تلك الدولة العبيدية الضالة .

ومثل هذه الدعوة غش وخيانة للإسلام وأهله ونصيحتنا لأئمة المسلمين وعامتهم بالاعتصام بالكتاب والسنة وجمع القلوب عليها ،يقول النبي صلى الله عليه وسلم (إن الله يرضى لكم ثلاثاً أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم)رواه مسلم .

يجب على المسلم أن يدعو قرابته وجيرانه ومن يعاشرهم إلى الله وأن يحذرهم من طرق الضلال بالحكمة والموعظة الحسنة .

والداعية يخالط المدعوين ويكرمهم ويحضر مناسباتهم الاجتماعية إذا رأى ذلك مصلحة الدعوة ولم يحصل منه إقرار المنكر ولا يترتب على حضوره مفسدة .

إذا سمعت من يطعن في العلماء فإن قدَّرت أن النصح ينفع معهم فافعل وإن قدرت أنه يزيدهم عناداً وسباً فكف عن ذلك .

الخوارج هم أول من فارق جماعة المسلمين من أهل البدع المارقين القائلون بتكفير عثمان وعلي رضي الله عنهما ويقدمون ذلك على كل طاعة وكذلك تكفير المحكمين وكل من رضي بالتحكيم ويكفرون أصحاب الكبائر ويرون الخروج على الإمام إذا خالف السنة حقاً واجباً وينقسمون إلى عدة فرق ونوصي بمراجعة كتاب (الفرق بين الفرق) للبغدادي و(الملل والنحل) للشهرستاني و(مجموعة فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية) ومذهب الشيعة الإمامية مذهب مبتدع في الإسلام يعتمد الغلو في أئمة أهل البيت حيث يعتقدون عصمة اثني عشرية إماماً آخرهم يصفونه بالمنتظر ويدَّعون اختفاءه عن الأعين وبقاءه حياً .

ونوصي بمراجعة كتاب (الخطوط العريضة) لمحب الدين الخطيب و(مختصر التحفة الاثني عشر) و(منهاج السنة) لشيخ الإسلام ابن تيمية .

لا يجوز تخصيص يوم عاشوراء بعمل طعام ولا إظهار زينة وتطيب ولا تجمل ولا صدقة إلى غير ذلك مما يفعله المبتدعة كما لا يجوز جعله يوم حزن ونياحة كما تفعله الشيعة وإنما المشروع في هذا اليوم صيامه وصيام يوم قبله أو يوم بعده مخالفة لليهود وأما دعاء فاطمة بنت الرسول صلى الله عليه وسلم والاستغاثة بها أو بغيرها من الأموات فهو من الشرك الأكبر والذنب الذي لا يغفر إلا بالتوبة إلى الله سبحانه وتعالى فهو محرم عظيم التحريم في يوم عاشوراء أو غيره .

وبالله التوفيق .

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

1439/7/28 هـــ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

5 + 5 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 118 الجزء الثالث ‌‌هل الرسول أوصى بالخلافة لعلي رضي الله عنه ؟ - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 116 الجزء الثالث حكم التوسل بالموتى وزيارة القبور - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 115 الجزء الثالث ‌‌حكم ما يسمى بعلم تحضير الأرواح  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 114 الجزء الثالث ‌‌إيضاح الحق في دخول الجني في الإنسي والرد على من أنكر ذلك  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 113 الجزء الثالث : تابع الدروس المهمة لعامة الأمة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة
الدرس السابق
الدروس الكتابية المتشابهة الدرس التالي