الدرس 347: العقيدة

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأربعاء 12 رجب 1439هـ | عدد الزيارات: 1243 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين

أما بعد ....

من المعلوم أن الله عز وجل قادر على كل شيء وقدرته سبحانه ليس لها حدود فله سبحانه مطلق القدرة وكمال الإرادة ومنتهى الأمر والقضاء وإذا أراد شيئاً قال له كن فيكون كما أراد سبحانه وتعالى وبالكيفية التي أرادها .

وقد جاءت النصوص من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم على تقرير هذا الأمر فمن ذلك قوله تعالى (بديع السماوات والأرض وإذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون )البقرة :117

وقوله تعالى (قال كذلك اللهُ يخلق ما يشاء إذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون ) آل عمران :47.

وقد دل القرآن على أن الله عز وجل خلق السماوات والأرض في ستة أيام يقول تعالى (إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش )الأعراف :54 .

وما من أمر يفعله الله إلا وله به حكمة بالغة وهذا من معاني اسم الله تعالى (الحكيم)وهذه الحكمة قد يطلعنا الله تعالى عليها وقد لا يطلعنا وقد يعلمها ويستنبطها الراسخون في العلم دون غيرهم غير أن جهلنا بهذه الحكمة لا يحملنا على نفيها أو الاعتراض على أحكام الله ومحاولة التكلف والتساؤل عن هذه الحكمة التي أخفاها الله عنا قال الله تعالى (لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ) الأنبياء :23

وقد استنبط بعض العلماء الحكمة من خلق السماوات والأرض في ستة أيام فقال الإمام القرطبي رحمه الله في تفسيره :الجامع لأحكام القرآن لآية الأعراف 54.....وذكر هذه المدة في ستة أيام ولو أراد خلقها في لحظة لفعل إذ هو القادر على أن يقول لها كوني فتكون ،ولكنه أراد أن يعلم العباد الرفق والتثبت في الأمور ولتظهر قدرته للملائكة شيئاً بعد شيء ،وحكمة أخرى خلقها في ستة أيام لأن لكل شيء عنده أجل .

وبين بهذا ترك معالجة العصاة بالعقاب لأن لكل شيء عند أجلاً .

والمشروع التداوي بالأدوية الطبية المباحة والقراءة والنفث على موضع الألم ويقرأ سورة الفاتحة وسورة الإخلاص والمعوذتين والتعوذات الواردة في الرقية .

لا يجوز للمسلم القراءة في الإنجيل لأنه محرف وغير المحرف منه قد أغنى عنه القرآن الكريم ،أما من احتاج لقراءته من أجل الرد على أهل الكتاب فيجوز له الاطلاع عليه

وأما دخول الكنائس في يوم عيدهم وتكثير سوادهم فلا يجوز لما روى البيهقي في السنن الكبرى بإسناد صحيح إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال (... ولا تدخلوا على المشركين في كنائسهم يوم عيدهم فإن السخطة تنزل عليهم ) ،وإذا كان ذلك لمصلحة شرعية من دعوتهم ونحو ذلك فلا بأس بذلك وأما دخولها من أجل الفرجة فقط فلا ينبغي لأنه لا فائدة من ورائه.

جمع عدد من القراء يختمون قراءة القرآن على المريض عمل غير مشروع وإنما المشروع رقية المريض بقراءة شيء من القرآن مع النفث من القارئ على المريض وخاصة قراءة سورة الفاتحة فقد جاء في صحيح مسلم عن أبي سعيد أن ناساً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا في سفر فمروا بحي من أحياء العرب فاستضافوهم فلم يضيفوهم فقالوا لهم هل فيكم راق فإن سيد الحي لديغ أو مصاب فقال رجل منهم نعم فأتاه فرقاه بفاتحة الكتاب فبرأ الرجل فأعطي قطيعاً من الغنم فأبى أن يقبلها وقال حتى أذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال يا رسول الله والله ما رقيت إلا بفاتحة الكتاب فتبسم وقال وما أدراك أنها رقية ،ثم قال خذوا منهم واضربوا لي بسهم معكم .

مع الأدعية الواردة ومن ذلك ما جاء في صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعوذ بعض أهله يمسح بيده اليمنى ويقول (اللهم رب الناس أذهب البأس واشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقماً ) ،وما جاء في الصحيح عن أبي سعيد أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد أشتكيت فقال نعم فقال باسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك من شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك باسم الله أرقيك.

جاء في صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (كل ابن أدم يطعن الشيطان بأصبعه في جنبه حين يولد إلا عيسى بن مريم ذهب ليطعن فطعن في الحجاب )وقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى ما يمنع المولود من إضرار الشيطان به ،كما جاء في البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال النبي صلى الله عليه وسلم (لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال اللهم جنبني الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتني فإن كان بينهما ولد لم يضره الشيطان ولم يُسلط عليه.)

كتابة الآيات بالزعفران ونحوه مما لا يضر على ورق أو في صحون طاهرة ثم تغسل الكتابة بماء طاهر ويسقى للمريض أو المصاب فهذا جائز أفتى به السلف لأنه داخل في الاستشفاء بالقرآن ولأنه خال من الشرك وأما رش البيت به لطرد الجن والسلامة من أذيتهم فهذا لا يجوز لأنه لا دليل عليه وليس داخلاً فيما رخص فيه من السلف .

وإن من عوائد الجاهلية التي نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم وحذر أمته منها اتخاذ التمائم التي يعتقد بعض الناس أنها تدفع العين وتمنع الضرر ؛كالقلائد والخرزات التي تعلق على الأولاد والبهائم بقصد دفع العين والحسد لأنها من جنس الشرك بالله تعالى الذي مقته الله وجعله سبباً للحرمان من الجنة حيث قال تعالى (إنه من يشرك بالله فقد حرّم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار )المائدة :72.

وقد روى الإمام أحمد عن عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل إليه رهط فبايع تسعة وأمسك عن واحد فقيل له يا رسول الله بايعت تسعة وتركت هذا ؟ قال إن عليه تميمة فأدخل يده فقطعها فبايعه وقال من علق تميمة فقد أشرك بالله قال الهيثمي في مجمع الزوائد رجال أحمد ثقات.

وعن أبي مسعود رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (إن الرقى والتمائم والتولة شرك)رواه الحاكم وصححه وأقره الذهبي.

وكان أهل الجاهلية يقلدون البهائم خوفاً عليها من العين ،وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقطعها ،فعن أبي بشير الأنصاري رضي الله عنه انه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره فأرسل رسولاً (أن لا يبقين في رقبة بعير قلادة من وتر أو قلادة إلا قطعت )متفق عليه .

وروى أحمد عن عبد الله بن عكيم الجهني رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (من تعلق شيئاً وكل إليه )صححه الحاكم .

وحسب الإنسان خذلاناً أن يتخلى الله عن حفظه ويكله إلى مخلوق ضعيف لا يملك لنفسه ولا لغيره نفعاً ولا ضرا وإنا نهيب بإخواننا المسلمين أن يحذروا من وسائل الشرك وأن يحسنوا في توكلهم على الله تعالى وحده لا شريك له فهو حسبنا ونعم الموكيل.

ولا يجوز لبس الحلي المكتوب عليها لفظ الجلالة والذي صنع على شكل تمائم وحروز مثل رسم العين ونحوها لما جاء في الحديث من تعلق تميمة فلا أتم الله له:رواه أحمد .

كتابة آية أو سورة من القرآن وتعليقها أو تعليق القرآن كله على العضد ونحوه تحصنا من ضر يخشى منه أو رغبة في كشف ضر نزل لا يجوز لدخوله في عموم قوله صلى الله عليه وسلم إن الرقى والتمائم والتولة شرك:رواه أحمد.

وبالله التوفيق .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

11/7/1439 هــــ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

5 + 7 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 124 الجزء الثالث ‌‌أهمية الغطاء على وجه المرأة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 123 الجزء الثالث ‌‌حكم قيادة المرأة للسيارة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة
الدرس السابق
الدروس الكتابية المتشابهة الدرس التالي