الدرس 168 : باب الرهن 7

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأربعاء 27 جمادى الآخرة 1439هـ | عدد الزيارات: 1492 القسم: شرح زاد المستقنع -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

: وبعد

قوله :ولو لم يستأذن الحاكم :أي القاضي وهذا هو الصحيح أنه لا يحتاج إلى إذن القاضي وأنه إذا تعذر استئذان الراهن وهو المالك فإن المرتهن يعمره ويرجع بنفقته لأن بقاءه في يده بإذن الراهن معناه التزام بما يجب له من النفقة

قوله :وكذا وديعة :احتاجت إلى تعمير وصاحب الوديعة أذن لك في تعميرها فعمرتها وترجع عليه

قوله :ودواب مستأجرة هرب ربها :مثاله إنسان عنده فرس أجرها شخصاً يسافر عليها إلى المدينة النبوية وهرب المالك من أجل أن يورطه وينفق عليها ،والدابة تحتاج إلى نفقة فهى تريد علفاً وشراباً ،فهذا الرجل الذي استأجر الفرس قد أذن له صاحبها أن ينفق عليها فصار يشتري لها علفاً وماءً ويقوم برعايتها فيرجع إلى ربها لأنه أذن له فيكون وكيلاً عنه ،كما يرجع إليه في حال لم يأذن له ربها وتعذز استئذانه أما إن كان موجوداً وتسهل مراجعته وأنفق عليها بدون إذنه فإنه يضمن ما أنفقه عليها لأنه مفرط ،ولو فرض أن هذا المستأجر ذبحها واحتفظ بلحمها لصاحبها بعد أن خاف أن تموت فلم يصدقه ربها فالقول قول المستأجر لأنه أمين و القاعدة أن كل إنسان أمين فإنه يقبل قوله فيما ائتمن فيه

فقوله :هرب ربها :أي مالكها قال صلى الله عليه وسلم في اللقطة (فإن جاء ربها وإلا فشأنك بها) أخرجه البخاري ومسلم ،وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أن تلد الأمة ربتها) رواه مسلم

قوله :ولو خرب الرهن فعمرَّها بلا إذن رجع بآلته فقط :لو خرب الرهن كالدار مثلاً فعمر المرتهن رجع بآلته فقط

والآلة عندهم أي مادة الشيء :أي بما جعل فيه كاللَّبن والحديد والأبواب وما أشبهها دون أجرة العمال والماء وما أشبه ذلك

مثال ذلك إنسان ارتهن دار وسقط جزء منها فقام بإصلاحه بإحضار مواد البناء وبناها فمادة البناء بتسعة آلاف وأجرة العمال وجلب الماء بتسعة آلاف أخرى فيرجع بتسعة آلاف التي هي الآلة أما الباقي فلا يرجع له لأنه لم يستأذن من رب البيت الذي هو الراهن ويرجع بالجميع إذا كان مستأذن لأنه وكيل

باب الضمان

قوله باب الضمان : الضمان هو النوع الثاني من عقود التوثقة والضمان لغة مشتقة من الضِمن والضِمن معناه دخول الشيء في الشيء لأن ذمة الضامن دخلت في ذمة المضمون عنه وفي الشرع :التزام جائز التصرف ما وجب أو ما يجب على غيره من حق مالي

مثال الأول التزام ما وجب أن يكون شخصاً مديناً لآخر بدراهم فيقول له صاحب الدين أعطني ديني وإلا رفعت أمرك إلى المحكمة ،فيأتي فاعل خير ويقول أنا أضمن دينه ومنه ضمان أبي قتادة رضي الله عنه دين الميت الأنصاري حين قُدم إلى رسول الله ليصلي عليه" فقال أعليه دين قالوا نعم فتأخر وقال :صلوا على صاحبكم :فقال أبو قتادة الديناران علي فتقدم النبي صلى الله عليه وسلم فصلى عليه "أخرجه البخاري و مسلم عن أبي هريرة

أما التزام ما يحب مثل أن يكتب شخص لآخر ورقة أنا ضامن كل ما يستدينه هذا الرجل من هذا الدكان وهذا جائز وإن شاء الضامن حدد فقال أنا ضامن ما اشترى من هذا التاجر في حدود ثلاثة آلاف ريال مثلاً.

والأولى للضامن إذا ضمن ما لم يجب أن يحدد مقداره ما يضمنه لئلا يستدين المضمون شيئاً يجحف بمال الضامن.

فالضامن في حق المضمون عنه جائز وفي حق الضامن سنة مستحبة لأنه من الإحسان والله يحب المحسنين لكنه سنة بقيد وهو قدرة الضامن على الوفاء وإلا فلا ينبغي أن تأخذه العاطفة في مساعدة أخيه لمضرة نفسه ،وهذا من الخطأ ويوجد الآن أناس غارمون وسبب الغرم الضمان فلا تحسن إلى غيرك وتسيء إلى نفسك فإن هذا ليس من الحكمة

والضمان من عقود التوثيقات ففيه توثيق صاحب الدين بدينه

وللضمان شروط منها :

قوله :ولا يصح إلا من جائز التصرف لا يصح الضمان إلا من جائز التصرف وهو البالغ العاقل الحر الرشيد

والبالغ ضد الصغير والصغير لا يعطى ماله حتى وإن كان يحسن التصرف لقوله تعالى (وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن ءانستم منهم رشداً فادفعوا إليهم أموالهم) النساء 6 ،فاشترط الله لدفع المال شرطين الأول :إذا بلغوا النكاح :الثاني أن تبصر منهم الرشد ،لقوله (ءانستم منهم رشداً)

والرشد هو إحسان التصرف في المال وهو في كل موضع بحسبه فالرشد في الدين استقامة الدين والرشد في باب الولي في النكاح معرفة الكفء ومصالح النكاح والرشد في العبادات هو الذي قام بالواجبات وترك المحرمات والرشد في المال إحسان التصرف فيه

الثاني أن يكون عاقلاً وضده الجنون ودليله أن الله اشترط ايناس الرشد والرشد لا يكون مع الجنون

الثالث أن يكون حراً و الحر ضده العبد والعبد لا يصح أن يضمن لأن العبد لا يتصرف إلا بإذن سيده

الرابع أن يكون رشيداً و الرشيد هو الذي يحسن التصرف في ماله بحيث لا يصرفه في محرم ولا فيما لا فائدة فيه

وقوله :ولرب الحق مطالبة من شاء منهما في الحياة والموت

رب الحق هو الدائن له مطالبة من شاء منهما أي من الضامن والمضمون عنه في الحياة والموت أما في الحياة فأن يكون كل منهما حياً فيأتي صاحب الحق للضامن أو المضمون فيطالب هذا وهذا وله أن يطالبهما جميعاً

و أما في الموت فلو مات الضامن فله أن يطالب ورثته من تركته لأن الدين المضمون صار ديناً على الضامن كأنه أصيل وكذا المضمون عنه فإن لم يخلف تركه طالبه يوم القيامة

فقوله :لرب الحق مطالبة من شاء منهما : أي أنه لا يشترط لجواز مطالبة الضامن أن تتعذر مطالبة المضمون عنه وهذا هو المذهب وتعليل ذلك أن الضامن التزم وفاء الحق بدون شرط ولم يقل الضامن حين ضمانه إن تعذر استيفاؤك من المضمون عنه فأنا ضامن فلو قال هذا لكان المسلمون على شروطهم

قوله :فإن برئت ذمة المضمون عنه برئت ذمة الضامن لا عكسه

تبرأ ذمة المضمون عنه بإيفائه فإذا أوفى برئت ذمة الضامن لأن الضامن فرع فإذا برأ الأصل برأ الفرع و براءة الذمة تكون بقضاء الدين وبالإبراء وبشراء شيء يكون عوضاً عن الدين مثلاً

فكلمة :إن برئت: أعم من قوله : إن قضى الدين

وقوله :لا عكسه :أي لو برئت ذمة الضامن فإنها لا تبرأ ذمة المضمون عنه

و تحصل براءة ذمة الضامن بأمرين الأول إما أن يبرئه صاحب الحق ويقول له يا فلان أسقطت ضمانك ، الثاني أن يوفي الضامن

قوله :لا يعتبر معرفة الضامن للمضمون عنه :يمكن أن يضمن عمن لا يعرفه ،فقد يجد شخصاً يشتري شيئاً في السوق وهو لا يعرفه لكن رق له وقال أنا أضمنك فلا بأس بذلك غير أنه عرض نفسه للخطر وهو ألا يوفي المضمون عنه إلا أن ييسر الله أن يأتي هذا المجهول

قوله :ولا له :ليس بشرط أن يعرف المضمون له لان المضمون له هو الذي يطلب الضامن و يبحث عنه فلا يشترط أن يعرفه ولا يشترط أيضاً معرفة الدين المضمون لكن إن عرفه فهو أحسن ، فالمضمون له والمضمون عنه لا يشترط معرفتهما والمضمون الذي هو الدين لا تشترط معرفته وكذا الضامن لا يشترط أيضاً

قوله :بل رضا الضامن :لا نكره أحداً على أن يضمن فلا بد من رضاه فلا يلزم بالحق ما لم يرض لقوله تعالى (إلا أن تكون تجارة عن تراض)النساء 29

وقال صلى الله عليه وسلم (إنما البيع عن تراض) أخرجه ابن ماجه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه

و هكذا جميع العقود لابد فيها من الرضا إلا من أكره بحق كالمحجور عليه ونحو ذلك

و بالله التوفيق

والسلام عليكم و رحمة الله وبركاته

26/6/1439 هـــ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

5 + 3 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 124 الجزء الثالث ‌‌أهمية الغطاء على وجه المرأة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 123 الجزء الثالث ‌‌حكم قيادة المرأة للسيارة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر