ﺟﺪﻳﺪ اﻟﻤﻮﻗﻊ

خطبة الاستسقاء 6

الخطب
التصنيف : تاريخ النشر: الثلاثاء 14 جمادى الأولى 1439هـ | عدد الزيارات: 1671 القسم: خطب الاستسقاء

الحمد لله منزل الأمطار، مغيث الديار، وأشهد أن لا إله إلا الله العزيز الغفار، وعد المستغفرين بالخير المدرار، والمياه الغزار، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المصطفى المختار، خير من استسقى واستغفر بالأسحار، صلوات ربي وسلامه عليه، وعلى صحابته الأخيار، ومن تبعهم بإحسان إلى دار القرار

أما بعد، أيها المسلمون

إن نظرة فاحصة، ولفتة صادقة، في مجريات حياتنا اليومية، يدرك العاقل اللبيب، أن ثمة شرخ في جدار العقيدة، وثُلمة في صرح التوحيد، منكرات وموبقات وجرائم، لا تردعها شريعة، اختلاط بين الجنسين، وخلع للحجاب، وترك للجلباب، أغان محرمة، وأفلام ماجنة، وبرامج هابطة، مخلة بالآداب، يحارَب فيها دين الله، وصحف وفضائيات تتفنن وتتنافس للنيل من الدين وأهله، في تعد لحدود الله لم يسبق لها مثيل، كُتاب ضالون مضلون، لأفكار الغرب رُضاع، وللكذب وُضاع، وللتملق صُناع، كتبوا وقالوا بما يسمى حرية الرأي، وأي حرية يتم فيها تحريم الحلال، وتحليل الحرام، والجرأة على شريعة الملك العلام، والتجني على سنة النبي عليه الصلاة والسلام، لقد تجنى بعض المسلمين على الثوابت الثابتة، والأسس القويمة، مما أنتج زلازل وبراكين، ورياح غاضبة، وفيضانات مهلكة، وحروب مدمرة، وغلاء في المعيشة، وتفرق وشقاق، واختلاف وافتراق، كل ذلك بما كسبت أيدي الناس من ظلم واضح، وجرم فاضح، في غفلة عن شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهَون عن المنكر، أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابا منه، ثم تدعونه فلا يستجاب لكم) رواه الترمذي وقال: حديث حسن ، وقال صلى الله عليه وسلم: (مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر، قبل أن تدعوا فلا يستجاب لكم) رواه ابن ماجه وحسنه الألباني ، فأمروا بالمعروف، وانهوا عن المنكر، قبل أن يكون دعاء لا يستجاب، ونداء ليس له باب، (والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون)

عباد الله: إن رحمة الله تجلب الأمطار الغزار، والعيون، والأشجار والثمار، وغضب الجبار يستلزم القحط والجدب، وعدم الاستقرار، (ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم ولا تتولوا مجرمين)، فعليكم بالاستغفار، والانكسار، والافتقار للواحد القهار، ومن وقع في ذنب فليبادر بالتوبة، وأتبعوا السيئة الحسنة تمحها، ولا تلهكم الأهواء والآمال، وطول الآجال، ولا تغرنكم الحياة الدنيا، ولا يغرنكم بالله الغَرور

أيها المستغيثون: كيف ترجون مطرا مدرارا، وجنات في الأرض وأنهارا، وبين أظهركم من يعصي الله سراً وجهاراً (فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدرارا * ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا * ما لكم لا ترجون لله وقارا) وإن مِن خلق الله من لم يقدر الله حق قدره، ولم يَتَبع شرعته، ولم يعترف بصَنعته، فتطاول على الله في حكمه وشرعه، فاتهم الإسلام بالتخلف والرجعية، وأنه لا يصلح لكل زمان ومكان، وطالب بفصله عن مناحي الحياة، وأقحم المرأة فيما ليس من اختصاصها، وليس من شأنها، ولا من أصل خلقتها، وأوهمها بأنها مظلومة مقيدة، فاختلطت بالرجال الأجانب، ولما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أهل فارس قد ملّكوا عليهم بنت كسرى قال (لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة) رواه البخاري

فهل تفلح نساؤنا اليوم ؟ إنها خطيئة وإثم مبين، ولا مناص من فصل الجنسين، فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أن الفتنة مبدؤها من النساء، قال صلى الله عليه وسلم (إن الدنيا حلوة خَضرة وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون فاتقوا الدنيا واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء) متفق عليه
عباد الله: أكثروا من الاستغفار، فإن له ثمرات يانعة، وفوائد جامعة، في الدنيا والآخرة، فمن ثمراته أنه سبب للرزق، قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الحسن: " من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا ومن كل هم فرجا ورزقه من حيث لا يحتسب "، ومن فوائد الاستغفار أنه سبب لغفران الذنوب، قال تعالى: (ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما)، ومن ثمرات الاستغفار أنه يدفع العقوبة قبل وقوعها، قال تعالى: (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون)، ومن فوائد الاستغفار أنه سبب لرفع الدرجات في الجنات، قال صلى الله عليه وسلم: " إن الرجل لترفع درجته في الجنة فيقول: أنى هذا ؟ فيقال: باستغفار ولدك لك " رواه أحمد وصححه الألباني ، وأنكر الله سبحانه على قوم غفلوا عن التوبة والاستغفار فقال تعالى: (أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم)، نستغفر الله، نستغفر الله، نستغفر الله، لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش الكريم، لا إله إلا الله غياث المستغيثين، وراحم المستضعَفين، وفارج كرب المكروبين، اللهم على باب جودك وإحسانك وغيثك وقفنا، فاغفر لنا ما اقترفنا، وتجاوز عما اجترحنا، اللهم يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام، برحمتك نستغيث فلا تكلنا إلى أنفسنا طَرفة عين، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من الآيسين، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم إنا خلق من خلقك، فلا تمنع عنا بذنوبنا فضلك، اللهم أغث قلوبنا بالإيمان واليقين، وبلادنا بالأمطار والغيث العميم، إلهنا ومولانا لا تحرمنا خيرك بسوء ما عندنا، اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارا، فأرسل السماء علينا مدرارا، اللهم أغثنا غيثا مغيثا هنيئا مريئا، سحا غدقا طبقا عاما واسعا مجللا، نافعا غير ضار، عاجلا غير آجل، اللهم أنزل علينا غيثا نافعا، ومطرا مباركا، واجعل ما أنزلته قوة لنا على طاعتك وبلاغا إلى حين، اللهم اسق عبادك وبهائمك، وانشر رحمتك، وأحيي بلدك الميت، اللهم أغثنا غيثا مباركا، تحيي به البلاد، وتسقي به العباد، وتجعله بلاغا للحاضر والباد، يا من له الدنيا والآخرة وإليه المعاد، اللهم سقيا رحمة لا سقيا عذاب ولا بلاء ولا هدم ولا غرق، اللهم إن بالعباد والبلاد من اللأواء والشدة مالا نشكوه إلا إليك، اللهم ارحم الشيوخ الركع، والبهائم الرتع، والأطفال الرضع، ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين، على الله توكلنا، ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين، سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير، ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا، ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم، واغفر لنا وارحمنا إنك أنت الغفور الرحيم، عباد الله: لقد كان من هدي نبيكم صلى الله عليه وسلم بعد استغاثته ربه أن يقلب ردائه فا قلبوا أرديتكم اقتداء وتفاؤلا أن يقلب الله حالكم من العناء إلى السعة والخصب والرخاء وما ذلك بعزيز على الجواد الكريم، واستقبلوا القبلة وقولوا اللهم تقبل منا

سبحانك اللهم ربنا وبحمدك نشهد ألا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين

13-05-1439 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

8 + 7 =

/500
جديد الخطب الكتابية
روابط ذات صلة
الخطب السابق
الخطب الكتابية المتشابهة الخطب التالي