الدرس 335: التداوي

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأحد 6 ربيع الثاني 1439هـ | عدد الزيارات: 1553 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

يجوز الفصد لإخراج الدم الفاسد، لما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (الشفاء في ثلاث في شربة عسل، وشرطة محجم، وكية بنار، وأنا أنهى أمتي عن الكي) وفي لفظ آخر (وما أحب أن أكتوي) وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن شرطة المحجم سبب من أسباب الشفاء، وهي عامة تشمل الفصد والحجامة، وثبت أيضا عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وأعطى الحجام أجره. رواه البخاري ومسلم، وثبت عن أنس رضي الله عنه: أن أبا علية حجم النبي صلى الله عليه وسلم فأمر له بصاعين من طعام، وكلم مواليه فخففوا عنه من ضريبته. رواه البخاري ومسلم، فدل فعله صلى الله عليه وسلم على الجواز، كما دل عليه قوله

وينبغي أن يتولى ذلك خبير بشؤون الفصد، ليفصد من يحتاج إلى هذا النوع من العلاج في الموضع المناسب من جسده، وفي الوقت المناسب، ويراعي ظروف المريض وأحواله

ويجوز التداوي بالمهدئات إذا كانت لا تؤثر على المخ ولا على الإدراك والوعي العام، إنما تؤثر على أعضاء معينة فقط، للحاجة إلى ذلك

يجوز التخدير الموضعي في الجراحات للحاجة إليه مع عدم تأثيره على العقل

يجوز إجراء عملية للعين لتصير عادية بإذن الله، عملا بعموم حديث (عباد الله تداووا ولا تداووا بحرام) وتحقيقا للمصلحة ودفعاً للمضرة

ويجوز التداوي بالأدوية المباحة لمنع تساقط شعر الرأس إذا لم يكن في ذلك مضرة

ننصح بإجراء العملية، لقول النبي صلى الله عليه وسلم (لكل داء دواء، فإذا أصيب دواء الداء برأ بإذن الله عز وجل) رواه مسلم

إذا كان البول يخرج بعد وضوئه حقيقة وباستمرار، فهو سلس بول، والسلس لا يخفى، وإن كان ذلك توهما لا حقيقة له فهو وسوسة، والواجب حينئذ عدم الالتفات إليها والتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، فإنها من الشيطان، أما تداوي من به سلس فإنه يشرع للمريض أن يلتمس الدواء المباح، وكان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم فعل التداوي في نفسه والأمر به لمن أصابه مرض من أهله وأصحابه، وفي سنن ابن ماجه بسند صحيح، عن أسامة بن شريك قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم وجاءت الأعراب فقالوا: يا رسول الله: أنتداوى، قال: نعم، يا عباد الله تداووا، فإن الله عز وجل لم يضع داء إلا وضع له شفاء غير داء واحد، قالوا: ما هو؟ قال: الهرم

لا بأس بعلاج الأسنان المصابة أو المعيبة بما يزيل ضررها أو خلعها، وجعل أسنان صناعية في مكانها إذا احتيج إلى ذلك، لأن هذا من العلاج المباح لإزالة الضرر، ولا يدخل هذا في تبديل خلق الله، لأن المراد بالفطرة في قوله تعالى (لا تبديل لخلق الله) الروم: 30، دين الإسلام

يجوز إجراء عملية لمعالجة الثديين إذا لم يترتب على ذلك ضرر على جسم المرأة

ذكر السائل أدوية معمولة من التنباك المطحون، وتستعمل نشوقا في الأنف بقصد التداوي، وأنها تخدر وتفتر، فقد أجابت اللجنة بما يأتي

بناءً على أنه يخدر ويفتر، لا يجوز التداوي به، لأنه حرام، ومما يدل على تحريم التداوي بالمحرمات، ما روى البخاري في صحيحه معلقا عن ابن مسعود رضي الله عنه (إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم) وقد وصله الطبراني بإسناد رجاله رجال الصحيح

وما روى مسلم في صحيحه عن طارق بن سويد الجعفي: أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الخمر، فنهاه، وكره أن يصنعها، فقال: إنما أصنعها للدواء، فقال: إنه ليس بدواء ولكنه داء

وروى أبو داود في السنن من حديث أبي الدرداء قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن الله أنزل الداء والدواء، وجعل لكل داء دواء، فتداووا ولا تداووا بحرام) فهذه الأدلة تدل على النهي عن التداوي بالمحرمات والخبيث، وفيها النهي عن التداوي بالخمر، وأن الله لم يجعل الشفاء فيما حرمه، والنهي يقتضي التحريم

ليست الخمر كمياه المجاري المتنجسة في حكم إبقائها والانتفاع بها على حالها أو بعد تخليصها مما خالطها من النجاسة، فإن الخمر تجب إراقتها لإسكارها لا لنجاستها، لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، حينما نزلت الآيتان في تحريم الخمر، ويحرم إبقاؤها والانتفاع بها على حالها، ويحرم تحويلها عن خمريتها بالتحليل أو بتحليل بعض أجزائها وتخليصها مما بها من الكحول، ولا خلطها بغيرها مما يراد الانتفاع به، لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن تحليل الخمر سداً للذريعة، وقطعاً لطريق إعادة تركيبها واستعمالها، بخلاف المياه المتنجسة، فإن عيبها في تنجسها، فيجوز استعمالها على حالتها في سقي زرع وشجر ونحو ذلك، ويجوز تخليصها مما نجسها لينتفع بكل من أجزائها فيما يناسبه، من تسميد أرض أو رشها أو شرب أو غير ذلك

وليست الخمر كالبول في نجاسة العين، بل الخمر أشد، فإنه يخشى من إبقاء الخمر شربها، ولا يخشى ذلك في إبقاء البول، فيجوز إبقاؤه لتسميد الزرع به

وإن خالف من بيده الخمر وخلطها بالبويات ونحوها مما يراد الانتفاع به، فإن ظهر أثرها فيما خلطت به لوناً أو طعماً أو ريحاً حرم استعمال ما خلطت به من البويات مثلاً في طلاء المساجد ونحوها ووجب طرحه، وإن لم يظهر أثرها فيما خلطت به جاز استعماله، والأحوط تركه

ولا يجوز خلط الأدوية بالكحول المسكرة، لكن لو خلطت بالكحول جاز استعمالها إن كانت نسبة الكحول قليلة لم يظهر أثرها في لون الدواء ولا طعمه ولا ريحه، وإلا حرم استعمال ما خلط بها

لا يجوز التداوي بما حرم الله من أفيون أو حشيشة أو خمر أو نحو ذلك من مخدر أو مسكر

ووضع نسبة من ذلك في الدواء لا يجوز، لكن إن وضعت فيه ولم تصل بالدواء إلى درجة أن يسكر كثيره جاز التداوي به، لعدم تأثر ما أضيف إليه منها، فكأنه كالعدم، وأما الخل إذا لم يكن أصله خمرا أو كان أصله خمرا وتخلل بنفسه فليس بمخدر، ولا مسكر، فيجوز التداوي به، وتناوله إداماً أو مع الطعام، وإن كان أصله خمراً وتخلل بصناعة فلا يجوز إحداث ذلك فيه، ولا الانتفاع به دواء ولا إداماً

الكلونيا والكحول إذا استعمل لأغراض طبية، كتطهير جروح وتعقيم فلا بأس، والبيرة إذا كانت مشتملة على شيء من الكحول ولو كان قليلاً إذا كان كثيره يسكر فلا يجوز استعمالها، وإذا كانت خالية من الكحول فالأصل في الأشياء الحل

لا يجوز وضع الحيوان وهو حي في سائل يغلي، لما في ذلك من تعذيب الحيوان، وهو منهي عنه بقول النبي صلى الله عليه وسلم (إذا قتلتم فأحسنوا القتلة) الحديث

لا يجوز التداوي بالحيات ولا بالسمن الذي طبخت فيه، لأنها لا يجوز أكلها على الصحيح من قولي العلماء، وميتتها نجسة، والتداوي بالمحرم حرام

استعمال الأنواع من الأنسولين المستخلص من الخنزير حرام، لما ثبت من الأدلة الدالة على تحريم التداوي بالمحرمات، وأن الله لم يجعل الشفاء في المحرمات

لا يجوز التداوي بشرب ألبان الحمر الأهلية

الأدوية المسهرة للطلاب ضررها أكثر من نفعها، وكل ما كان كذلك فهو محرم، ثم يمكن الاستغناء عن هذه الأدوية بما هو أنفع منها مع السلامة من آفاتها وعواقبها الوخيمة، إذ يمكن الطلاب أن يوزعوا مذاكرة العلوم المقررة على مدة الدراسة، وهذا أرسخ للمعلومات في أذهانهم، وأعمق فهما لها، حتى إنها لا تكاد تنسى، ويمكن للسائقين أن يستريحوا فترات في رحلاتهم الطويلة، وإن تأخروا زمنا في قطع المسافة، لكنه أسلم لهم ولمن ركب معهم ولمن على طريقهم ولمواصلاتهم وأوفق للنظام الذي وضع لمصلحتهم

والدم محرم بنص القرآن الكريم، ولا يجوز شربه للتداوي

شرب الدخان حرام، لما فيه من الأضرار العظيمة، وعدم الفائدة في شربه، ويجب على من يشربه التوبة منه وتركه، مع مناصحة من يشربه، أما إعطاؤه دواء يمرضه ليومين من أجل أن يتركه فهذا لا يجوز بدون علمه

ويحرم على المسلم من الأعشاب كل ما فيه مضرة، كالأعشاب المسكرة أو المخدرة لضررها على العقل والدين أو الضارة بقطع النسل أو إضعاف البدن أو ما شابه ذلك

اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم وفق ولي أمرنا لما تحبه وترضاه من الأقوال والأعمال يا حي يا قيوم، اللهم أصلح له بطانته يا ذا الجلال والإكرام

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

1439/4/6 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

1 + 3 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 124 الجزء الثالث ‌‌أهمية الغطاء على وجه المرأة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 123 الجزء الثالث ‌‌حكم قيادة المرأة للسيارة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة
الدرس السابق
الدروس الكتابية المتشابهة الدرس التالي