الدرس 334: ستر العورة

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأحد 29 ربيع الأول 1439هـ | عدد الزيارات: 1472 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

يجب على المرء حفظ عورته ذكرا كان أو أنثى، لقوله صلى الله عليه وسلم (احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك)ويحرم على الإنسان النظر إلى عورة غيره إلا فيما بين الزوجين أو عند الضرورة، كالطبيب والممرض ونحوهما، ولا ينظر إلا بقدر الحاجة

والنظر إلى عورة الميت كالنظر في عورته حيا، فلا يجوز إلا في الصورة التي رخص فيها في تشريحه، للضرورة إلى ذلك

إذا لم يوجد للمريض من يقوم به من الرجال جاز لزوجة ابنه القيام به للضرورة وهذا رد على سؤال زوجة الابن، ولكن تجعل ساتراً على العورة، وتغسلها من ورائه، وتجعل على يدها قفازاً أو لفافة، لقول الله تعالى (فاتقوا الله ما استطعتم) التغابن: 16، والمسح بالمناديل الخشنة المنقية ثلاث مرات أو أكثر يقوم مقام الاستنجاء بالماء إذا أنقى المحل من أثر البول والغائط

وعلى الممرض أن يقتصر في ضرب الإبر على الرجال، ولا يجوز له ضرب النساء لما في ذلك من الفتنة، والواجب تخصيص ممرضة للنساء تقوم بذلك

ويجب أن يتولى تطبيب النساء نساء مثلهن، ولا يجوز للرجال تطبيب النساء إلا عند الضرورة، وذلك عندما يحصل على المرأة ضرر بترك العلاج ولم يكن هناك نسوة يعالجنها، فيجوز حينئذ للطبيب أن ينظر إلى ما تدعو الحاجة إلى النظر إليه من جسمها لأجل العلاج

ولا يجوز أن يتولى الأطباء الرجال توليد المرأة إلا عند الضرورة، بأن يخاف على حياة المرأة، ولا يكون هناك طبيبات من النساء يقمن بتوليدها، لقوله تعالى (إلا ما اضطررتم إليه) الأنعام: 119

ويجب على المسلم تقوى الله عز وجل، وغض بصره، وحفظ فرجه، وتجنب كل الوسائل التي تدعو إلى الفتنة وتقرب من الشر، قال تعالى (ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا) الإسراء: 32، وهذا نهي عن فعل الفاحشة وعن كل الوسائل المؤدية إليها، ومن أشد ذلك النظر إلى النساء، خصوصا السافرات العاريات، ولا يجوز للمرأة أن تتعالج عند طبيب ذكر ولا للرجل أن يتعالج عند طبيبة إلا في حالة الضرورة القصوى، حيث لا يوجد طبيبة للنساء ولا طبيب للرجال

إذا احتاج الطبيب إلى الكذب على المريض بخصوص حالته الصحية حيث أنه لا يتحمل أن يصرح له، جاز له الكذب عليه إذا كان الكذب ينفعه ولا يضره ولا يضر غيره، وإن أمكن أن يستعمل الطبيب والطبيبة المعاريض دون الكذب الصريح فهو أحوط وأحسن

إذا علم صاحب المختبر أن الطبيب طلب تحاليل غير لازمة للمريض ليزيد فيما يأخذه من النسبة لم يجز له أن يقوم بعمل هذه التحاليل، لما في ذلك من التعاون معه على غش المريض وأكل ماله بالباطل، وعليه أن ينصح للطبيب عسى أن يتوب عن ذلك، وتسلم الأطراف الثلاثة

لا يجوز لمن يعمل بمهنة صيدلاني أن يصرف من الأدوية إلا ما حدد الطبيب

أفادت اللجنة الدائمة عن حكم إجراء العادة السرية في المختبر بالمستشفيات لغرض التحليل من مشكلة العقم، بحيث يتم تسليم العينة للمختبر بعد عشر دقائق من خروج المني، ولا يصلح بعد خروجه بمدة طويلة، نظراً لمسيس الحاجة إلى ذلك، وكون المصلحة المرجوة في ذلك تربو على المفسدة الحاصلة بالاستمناء، فيجوز ذلك

يجوز إعطاء المعوق من الأدوية ما يريحه ويجلب له النوم، إذا لم يترتب على ذلك أضرار صحية، أو تأخير الصلاة عن وقتها إذا كان مكلف

توصي اللجنة الدائمة للإفتاء بالثبات على الحق، وعدم الذهاب إلى السحرة والمشعوذين، مع كثرة دعاء الله سبحانه، والإلحاح في ذلك، فإن الله قريب مجيب، ولا حرج في استعمال شيئاً من الأدوية المباحة النافعة إن وجدت، والله يقول (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب) الطلاق: 2-3

وبسؤال عن حديث عن رسول صلى الله عليه وسلم عن مرض الإيدز، أجابت اللجنة: أنه قد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (ما ظهرت الفاحشة في قوم حتى أعلنوها إلا ابتلوا بالطواعين والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا)رواه ابن ماجه من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما

إذا قرر الأطباء: أن المرض معدٍ فينبغي أن يُجعل المريض في مكان مناسب في البيت، لا يخالط فيه الأولاد لحديث (لا ضرر ولا ضرار) حديث حسن رواه ابن ماجه وغيره

حديث الرسول صلى الله عليه وسلم عن الطاعون أنه إذا كان بأرض قوم لا ندخلها، وإذا كنا بأرض وكان بها الطاعون فلا نخرج منها

العدوى المنفية في الحديث هي ما كان يعتقده أهل الجاهلية من أن العدوى تؤثر بنفسها، وأما النهي عن الدخول في البلد الذي وقع بها الطاعون فإنه من باب فعل الأسباب الواقية

حديث (داووا مرضاكم بالصدقة) غير صحيح، ولكن لا حرج في الصدقة عن المريض تقرباً إلى الله عز وجل، ورجاء أن يشفيه الله بذلك، لعموم الأدلة الدالة على فضل الصدقة، وأنها تطفئ الخطيئة وتدفع ميتة السوء

كثرة الاحتلام يمكن علاجها بمراجعة الأطباء لمعرفة أسبابها، والتماس الدواء المناسب لها، مع سؤال الله العافية من أسباب ذلك، وهو القائل سبحانه (ادعوني أستجب لكم) غافر: 60

المشروع للمسلم عند وقوع المصائب المؤلمة الصبر والاحتساب، وأن يقول(إنا لله وإنا إليه راجعون) وأن يحذر من الجزع والأقوال المنكرة، لقول الله تعالى (وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون) البقرة: 155-157

وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها، إلا آجره الله في مصيبته، وأخلف له خيراً منها)رواه مسلم

وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال (عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له)رواه أحمد من حديث صهيب بن سنان الرومي رضي الله عنه

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله تعالى وما عليه خطيئة)رواه البخاري في الأدب المفرد

الكي نوع من العلاج بنص الحديث، وهو بإذن الله مفيد إذا أصاب الداء، إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر أنه يكرهه، ونهى عنه أمته لبشاعته، ولأنه شبيه بالتعذيب بالنار، وإن لم يقصد به التعذيب، وإنما قصد به العلاج، ولذا قيل: إنه مكروه لكراهة النبي صلى الله عليه وسلم إياه إذا وجد غيره من أنواع العلاج

وروى البخاري من طريق ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (الشفاء في ثلاثة شربة عسل، وشرطة محجم، وكية نار، وأنهى أمتي عن الكي)

وروى البخاري ومسلم من طريق جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول (إن كان في شيء من أدويتكم، أو يكون في شيء من أدويتكم خير ففي شرطة محجم، أو شربة عسل، أو لذعة بنار، توافق الداء، وما أحب أن أكتوي)

فيجوز كي المريض بالنار لعلاجه إذا احتاج إلى ذلك، ويرجى أن ينفعه الله به، لما ثبت عن جابر بن عبد الله قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بن كعب طبيبا فقطع منه عرقاً ثم كواه عليه. رواه مسلم

وما ثبت من أن سعد بن معاذ رضي الله عنه لما رُمي، كواه النبي صلى الله عليه وسلم بمشقص في أكحله. رواه مسلم

ولما رواه الترمذي عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كوى أسعد بن زرارة من الشوكة. وقال: حسن غريب

فدل فعله وإخباره صلى الله عليه وسلم بأنه من أسباب الشفاء على جواز العلاج به عند الحاجة إليه، وأما نهيه أمته عن الكي فيحمل على ما إذا لم يحتج إليه المريض، لإمكان العلاج بغيره، أو على أن العلاج به خلاف الأولى والأفضل، لما فيه من زيادة الألم والشبه بتعذيب الله العصاة بالنار، ولهذا أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن نفسه بأنه لا يحب أن يكتوي، وأثنى على الذين لا يكتوون، لكمال توكلهم على الله، وينبغي أن يتولى ذلك خبير بشؤون الكي، ليكوي من يحتاج إلى هذا النوع من العلاج في الموضع المناسب من جسده، ويراعي ظروف المريض وأحواله

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

1439/3/29 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

6 + 1 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 106 الجزء الثالث ‌‌نصيحة عامة لحكام المسلمين وشعوبهم - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 105 الجزء الثالث ‌‌نصيحة عامة حول بعض كبائر الذنوب - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 104 ‌‌ الجزء الثالث حكم الإسلام فيمن أنكر تعدد الزوجات - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 103 الجزء الثالث ‌‌الأدلة الكاشفة لأخطاء بعض الكتاب - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 102 الجزء الثالث : ليس الجهادللدفاع فقط - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 101 الجزء الثالث ‌‌حكم من مات من أطفال المشركين - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة
الدرس السابق
الدروس الكتابية المتشابهة الدرس التالي