الدرس الثالث قوله تعالى وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الثلاثاء 5 صفر 1434هـ | عدد الزيارات: 2938 القسم: شرح وتحقيق كتاب التوحيد -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد:

قول المصنف :" قوله تعالى ﴿ وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون [الذاريات 56] "

استثناء مفرع من أعم الأحوال أي ما خلقت الجن والإنس لأي شيء إلا للعبادة. واللام في قوله ﴿ إلا ليعبدون ﴾ للتعليل وهذا التعليل لبيان الحكمة من الخلق . قوله ﴿خلقت﴾ أي أوجدت وهذا الإيجاد مسبوق بتقدير وأصل الخلق التقدير . قوله ﴿الجن﴾ هم عالم غيبي مخفي عنا ولهذا جاءت المادة من الجيم والنون وهما يدلان على الخفاء والاستتار ومنه الجَنة والجنِة والجُنة . قوله ﴿الإنس﴾ سموا بذلك لأنهم لا يعيشون بدون إيناس فهم يأنس بعضهم ببعض ويتحرك بعضهم إلى بعض. قوله ﴿إلا ليعبدون﴾ أي يوحدون الله بالطاعة فعلاً للمأمور وتركاً للمحظور ، ومن طاعته أن يوحد سبحانه وتعالى فهذه هي الحكمة من خلق الجن والإنس ولهذا أعطى الله البشر عقولاً وأرسل إليهم رسلاً وأنزل عليهم كتباً.

قول المصنف:" الآية الثانية قوله تعالى ﴿ ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت[النحل 36] "

قوله ﴿ ولقد ﴾ اللام موطئة لقسم مقدر وقد للتحقيق وعليه فالجملة مؤكدة بالقسم المقدر .

قوله ﴿بعثنا ﴾ أي أخرجنا وأرسلنا ﴿في كل أمة ﴾، والأمة هنا الطائفة من الناس.

فكل أمة بعث فيها رسول من عهد نوح إلى عهد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم

قوله ﴿أن اعبدوا الله﴾ (أن): تفسيريه وهي التي سبقت بما يدل على القول دون حروفه كقوله تعالى ﴿فأوحينا إليه أن اصنع الفلك[المؤمنون 27] ، والوحي فيه معنى القول دون حروفه والبعث متضمن معنى الوحي لأن كل رسول موحى إليه.

قوله ﴿واجتنبوا الطاغوت﴾ أي ابتعدوا عنه بأن تكونوا في جانب وهو في جانب .

والطاغوت مشتق من الطغيان ، والطغيان مجاوزة الحد كما في قوله تعالى ﴿إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية[الحاقة 11] ، أي تجاوز حدَّهُ.

وأشملُ تعريفٍ له ما ذكره ابنُ القيم ، رحمه الله ، بأنه : "ما تجاوز به العبد حده من متبوع أو معبود أو مطاع "، ومرادُه ما كان راضياً بذلك .

فالمتبوع مثل الكهان والسحرة وعلماء السوء .

والمعبود مثل الأصنام .

والمطاع مثل الأمراء الخارجين عن طاعة الله فإذا اتخذهم الإنسان أرباباً يحل ما حرم الله من أجل تحليلهم له ويحرم ما أحل الله من أجل تحريمهم له فهؤلاء طواغيت والفاعل تابع للطاغوت قال الله تعالى ﴿ألم تر إلى الذين أوتوا نصيباً من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت[النساء 51]، ولم يقل إنهم طواغيت.

ودلالة الآية على التوحيد أن الأصنام من الطواغيت التي تعبد من دون الله .

وبالله التوفيق

5 - 2 - 1434هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

3 + 7 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحرم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 124 الجزء الثالث ‌‌أهمية الغطاء على وجه المرأة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 123 الجزء الثالث ‌‌حكم قيادة المرأة للسيارة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر