ﺟﺪﻳﺪ اﻟﻤﻮﻗﻊ

الدرس 329: الدعاء 2

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأحد 16 صفر 1439هـ | عدد الزيارات: 1744 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

الدعاء عبادة لله عز وجل، وقد أمر الله بدعائه فقال تعالى (ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين) غافر: 60، وقال تعالى (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون) البقرة: 186

والدعاء يخفف المصائب أو يدفعها أو يدفع ما هو أعظم منها، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (لا يرد القدر إلا الدعاء) والمصائب إذا وقعت تكفر الذنوب، وترفع الدرجات، وعلى المسلم إذا وقع في مصيبة أن يصبر عليها ويحتسب الأجر من الله عز وجل، ولا يتضجر من القضاء والقدر

والمشروع تواطؤ القلب مع اللسان حتى يحصل الانتفاع بالذكر، لهذا فعليك الاجتهاد في تدبر ما تقول عند الذكر، فإن غفل القلب أحيانا عن ذلك فلا حرج إن شاء الله، ونوصيك بكثرة الاستعاذة بالله من الشيطان عند وجود الوسوسة

وليس هناك آيات أو صلوات مخصوصة لحفظ القرآن، وإنما المسلم يجتهد ويحرص على حفظ القرآن الكريم، وقد قال الله تعالى (ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكرٍ) القمر: 17، فمن اجتهد في حفظ القرآن أعانه الله ويسره عليه، وأما تخصيص آيات أو صلوات من أجل ذلك فلا دليل على ذلك، ولكن عليك أن تدعو الله كثيرا أن يعينك على حفظ القرآن، والله قريب مجيب

والأصل أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اجتهد في الدعاء رفع يديه وقال (إن الله حيي كريم، يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرا) رواه مرفوعا من حديث سلمان الفارسي رضي الله عنه أبو داود وغيره، ولعموم حديث (وذكر العبد يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء) وقد رفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه يوم استسقى على المنبر يوم الجمعة

وأما عقب الفرائض فلا يشرع رفع اليدين، وكذلك الدعاء على المنبر لا يشرع رفع اليدين فيه في غير الاستسقاء، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعله، ولم يفعله خلفاؤه الراشدون، والخير كله في اتباعهم

الأصل أن يقول المسلم الأذكار الواردة كلها بعدد معين في الصباح والمساء، حسبما ورد به الدليل، وإن زاد على قول سبحان الله وبحمده مائة مرة فلا مانع، فهو ذكر حسن

الحديث الوارد في قراءة سورة الملك عند النوم ضعيف

إذا ثبت أن ما يؤخذ من مالك لم يكن بفعل أحد من الآدميين لا سكان البيت ولا غيرهم فهو والله أعلم من عمل شياطين الجن، لأن مثل هذا يقع منهم كثيرا بإذن الله وقد ورد في القرآن والسنة ما يدل عليه، قال تعالى عن نبيه سليمان عليه الصلاة والسلام (قال يا أيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك) النمل: 38-39

قول يا لطيف عقب أسماء الله الحسنى لا يجوز ذلك، لعدم وروده عنه صلى الله عليه وسلم، وقد ثبت عنه أنه قال (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) وفي لفظ (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد)

الدعاء والتأمين عليه عبادة، والمشروع هو التأمين على دعاء الداعي الحاضر، أما الدعاء المسجل على الأشرطة فلا يشرع التأمين عليه، لأنه ليس هناك شخص يدعو له على الحقيقة

شهادة الزور من كبائر الذنوب، ولك أن تدعو الله جل وعلا بأن ينتقم لك ممن ظلمك، ولو عفوت عنه لكان خيرا

وعلى من ظُلم أن يُذكر من ظلمه بالله تعالى، ويخوفه بعقابه، لعله ينتصح ويرفع ظلمه وإلا أبلغ مظلمته لجهات الاختصاص لترفع الظلم عنه، وهو في هذا كله يسأل الله تعالى أن يصرف عنه الظلم، وينتصر له سبحانه ممن ظلمه، وإن دعا على من ظلمه بأن يعامله الله بما يستحق وأن يكفيه شره ويجعل كيده في نحره فلا حرج، لقول الله جل وعلا (وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا ۖ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ۚ ) الشورى: 40، وقوله سبحانه (وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به) النحل: 126، وقوله عز وجل (لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم) النساء: 148

قول (الله لا يبعث فلان) هذا اللفظ من الاعتداء في الدعاء فلا يجوز، لأن الله عز وجل قد حكم بأنه سيبعث كل نفس لمجازاتها يوم القيامة، وهذا معلوم من الدين بالضرورة

طلب الدعاء وطلب الرقية مباحان، وتركهما والاستغناء عن الناس وقيامه بها لنفسه أحسن

وعليك بمراجعة الكتب الموثوقة في الأوراد الشرعية، مثل كتاب (الأذكار) للنووي، و (الكلم الطيب) لشيخ الإسلام ابن تيمية، و (تحفة الأخيار) للشيخ عبد العزيز بن باز، ولا تعتمد على الأوراق التي توزع ولا يعرف مصدرها، لما يحصل فيها من الخطأ والجهل

الذكر الجماعي بدعة، لأنه محدث وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) وقال عليه الصلاة والسلام (كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة) والمشروع ذكر الله تعالى بدون صوت جماعي

والتكبير الجماعي بدعة، لأنه لا دليل عليه

الدعاء بفناء كل الكفار اعتداء في الدعاء، لأن الله قدر وجودهم وبقاءهم لحكمة، والله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد

لفظ (علي ولي الله) لا شك أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه من أولياء الله، إن شاء الله، ولكن تخصيصه بذلك دون غيره فيه نفثة رافضية

قول (اللهم إنا لا نسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف فيه) هذا الدعاء لا نعلم أنه وارد عن النبي صلى الله عليه وسلم، فتركه أحسن، وهناك أدعية تغني عنه مثل (وأسألك ما قضيت لي من أمر أن تجعل عاقبته رشدا) رواه أحمد من حديث عائشة رضي الله عنها

الأفضل أن يعد التسبيح أدبار الصلوات بأصابع يده اليمنى، وإن عده بأصابع اليدين فلا بأس، لكن الأفضل بأصابع اليد اليمنى، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعجبه التيامن، وأما الرفع في الدعاء فيكون لكلا اليدين، لقول النبي صلى الله عليه وسلم (يمد يديه إلى السماء) ولأنه صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك في دعاء الاستسقاء وغيره

التوبة

إذا صدق الإنسان في توبته من ذنبه ولو كان شركا بالله أو زنا أو قتلا أو أكل مال بالباطل، وندم على ما مضى من ذنبه ورد الحقوق إلى أهلها أو سامحوه، وأتبع ذلك عملاً صالحاً تاب الله عليه وغفر ذنبه، بل يبدل سيئاته حسنات، قال الله تعالى في صفة عباده الصالحين (والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما * يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا * إلا من تاب وءامن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسناتٍ وكان الله غفورا رحيما * ومن تاب وعمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متابا) وقال (قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف) وقال (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم) وقرر قول يعقوب لبنيه (ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييئس من روح الله إلا القوم الكافرون) إلى غير ذلك من الآيات وما في معناها من الأحاديث التي وردت في الحث على التوبة والرجاء في رحمة الله ومغفرته، وإن باب التوبة مفتوح حتى تطلع الشمس من مغربها أو حالة الاحتضار ومعالجة سكرات الموت

فعلى من ارتكب ذنباً أن يتوب إلى الله، ويندم على ما مضى، ويرد الحقوق لأربابها، أو يستبيحهم منها، ويظن بالله خيراً ويرجو رحمته، وإن كان ذنبه أكبر الذنوب فرحمته سبحانه أوسع، ومغفرته أشمل، وعليه أن يستتر بستر الله رجاء أن يستره الله ولا يفضحه

وننصحه بقراءة القرآن وأحاديث الترغيب والترهيب، وبتذكر الآخرة وأهوالها ويعاشر الأخيار ويجتنب الأشرار، عسى أن يتوب من ذنبه ويستغفر ذنبه، ويزدجر عما يحَدث به نفسه من المعاصي

اللهم اغفر لنا ذنوبنا واستر عيوبنا وتجاوز عن سيئاتنا، واجعل عملنا خالصا لوجهك

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

1439/2/16 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

5 + 7 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 118 الجزء الثالث ‌‌هل الرسول أوصى بالخلافة لعلي رضي الله عنه ؟ - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 116 الجزء الثالث حكم التوسل بالموتى وزيارة القبور - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 115 الجزء الثالث ‌‌حكم ما يسمى بعلم تحضير الأرواح  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 114 الجزء الثالث ‌‌إيضاح الحق في دخول الجني في الإنسي والرد على من أنكر ذلك  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 113 الجزء الثالث : تابع الدروس المهمة لعامة الأمة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة
الدرس السابق
الدروس الكتابية المتشابهة الدرس التالي