ﺟﺪﻳﺪ اﻟﻤﻮﻗﻊ

الدرس 321: أحكام اللباس

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: السبت 18 ذو الحجة 1438هـ | عدد الزيارات: 1724 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

لبس العمامة من العادات وليس من العبادات، وإنما لبسها النبي صلى الله عليه وسلم لأنها كانت من لباس قومه، ولم يصح في فضل العمائم شيء، غير أن النبي صلى الله عليه وسلم لبسها، فالمشروع للإنسان أن يلبس ما تيسر له من لباس أهل بلده ما لم يكن محرما

فاللباس من العادات لا من العبادات، والأمر فيه واسع، فلا يمنع منه بالنسبة للرجال إلا ما منعه الشرع، كلبس الحرير للرجال والشفاف الذي يشف عن عوراتهم، والضيق الذي يحدد العورة، وما فيه تشبه بالنساء أو الكفار فيما يخصهم

ورأس الرجل ليس بعورة ولا يسن له ستره، لا في الصلاة ولا في غيرها، وله أن يلبس عمامة أو قلنسوة، وله أن يكشف رأسه في الصلاة وغيرها، وليس لأحد أن يعيب على آخر ولا يحقره في شيء من ذلك

والغترة من أنواع لباس الرأس عند بعض الناس، وهي من أمور العادات لا العبادات، وليست بضرورية في الدين، ولا بسنة، فمن شاء لبسها، ومن شاء لبس غيرها من عمامة ونحوها، ومن شاء جمع بينهما، كل ذلك وأمثاله لا حرج فيه، إلا أنه لا يتشبه في لباسه بالنساء ولا بالكفار فيما يخصهم، ولا يُغَرب في لباسه، فإنه قد يلفت الأنظار، ويكون سببا في القيل والقال، والسخرية والاستهزاء

ولبس الحرير الطبيعي المأخوذ من دودة القز لا يجوز للرجال، لما أخرجه البخاري رحمه الله، عن حذيفة رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نشرب في آنية الذهب والفضة، وأن نأكل فيها، وعن لبس الحرير والديباج، وأن نجلس عليها

ولما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال (أحل الذهب والحرير لإناث أمتي وحرم على ذكورها)

أما الصناعي المأخوذ من النباتات وأشباهها فجائز، لأن الأصل في اللباس الإباحة

ولبس الحرير حلال للنساء مطلقا، أما الرجال فلبسه حرام عليهم إلا للضرورة، كمن بجلده حكة لجرب ونحوه، فيجوز له لبسه حتى تزول الضرورة

يجوز أن تركب أضراسا من الذهب إذا كانت الضرورة تقتضي ذلك، والأصل في ذلك: أن عرفجة بن أسعد قُطع أنفه يومَ الكُلاب، فاتخذ أنفا من فضة، فأنتن عليه، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم فاتخذ أنفا من ذهب. رواه أبو داود وغيره وصححه الحاكم وروى الأثرم عن موسى بن طلحة، وأبي جمرة الضبعي، وأبي رافع، وثابت البناني، وإسماعيل بن زيد بن ثابت، والمغيرة بن عبد الله، أنهم شدوا أسنانهم بالذهب

لبس الرجل دبلة الذهب أو خاتم الذهب حرام، سواء كان ذلك للزواج أم غيره

ويجوز للرجل أن يلبس خاتما من الفضة للحاجة، لما ثبت عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يكتب إلى رهط أو أناس من الأعاجم فقيل له: إنهم لا يقبلون كتابا إلا عليه خاتم، فاتخذ النبي صلى الله عليه وسلم خاتما من فضة نقشه (محمد رسول الله) فكأني بوبيص أو ببصيص الخاتم في إصبع النبي صلى الله عليه وسلم أو في كفه. أخرجه البخاري ومسلم

فالأصل أن الذهب محرم استعماله على ذكور هذه الأمة، مباح لإناثها

فلبس خاتم الفضة للرجال جائز لحاجة أو لغير حاجة، للأدلة الواردة في ذلك في السنة المطهرة

وما يسمى بلبس دبلة الزواج من ذهب أو فضة ليس له أصل في الإسلام، بل هو بدعة قلد فيها جهلة المسلمين وضعفاء الدين الكفار في عاداتهم، وذلك ممنوع، لما فيه من التشبه بالكفار، وقد حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم

فتحرم الفضة على الرجال لبسا إلا ما ورد به الدليل، كخاتم ونحوه، وتباح للنساء لبسا للتجمل والزينة، لحاجتهن إلى ذلك، وقد وردت الأدلة بذلك

إذا كانت الساعة أو سيرها ذهبا فلا يجوز لبسها للرجل، وإذا لم تكن من ذهب جاز لبسها للرجل

ويجوز لبس خاتم الفضة في الخنصر من اليد اليمنى أو اليسرى، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتختم في يمينه. رواه النسائي، وفي رواية: كأني أنظر إلى بياض خاتم النبي صلى الله عليه وسلم في إصبعه اليسرى. وفي رواية: في إصبعه اليسرى الخنصر. رواه النسائي

فيجوز للرجل لبس خاتم الفضة في الخنصر من يده اليمنى واليسرى، ويكره لبسه في الوسطى والسبابة، فقد أخرج مسلم وغيره، عن علي رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أجعل خاتمي في هذه أو في التي تليها وأشار إلى الوسطى والتي تليها. وقد بينت رواية غير مسلم المراد بالتي تليها بأنها السبابة

فاتخاذ الخواتم للرجال جائز إذا كانت من الفضة أو من الأحجار الكريمة غير الذهب، لما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه اتخذ خاتما من ورق. متفق عليه

ولا يجوز لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر استعمال ما يحمل شعارات الكفر ورموزه، كالصليب، ونجمة إسرائيل، وتمثال بوذا ونحوها، سواء كانت في لباس أو خواتم أو ميداليات أو غير ذلك، كما أنه تحرم صناعتها وبيعها وشراؤها، لأن ذلك كله من التعاون على الإثم والعدوان، وفيه رضا بالمنكر، ومن حاز شيئا من ذلك وجب عليه إتلافه

ويجب على المرأة أن تستر نفسها بالستر الكامل الضافي على جسمها في الصلاة، ما عدا وجهها إذا لم يكن عندها رجل غير محرم

وإذا كان الطبيب ماهرا في طب الأسنان، ورأى أن الأصلح لك تركيب السن من الذهب دون غيره جاز ذلك، وإلا فلا، وإذا مات انتزعت منه، محافظة على المال، واجتنابا لما نهى النبي صلى الله عليه وسلم من إضاعته، إلا إذا أضر نزعه بجسمه أو شق، فتدفن معه

ولا يجوز لبسه سلسلة فضية في عنق الرجل، لنهي النبي صلى الله عليه وسلم الرجال عن لبسه، ونهيه أيضا عن تشبه الرجال بالنساء

لا يجوز للرجال لبس ساعة عقاربها من الذهب، لقول النبي صلى الله عليه وسلم (أحل الذهب لإناث أمتي وحرم على ذكورها)

ويجوز لبس ساعة اليد في اليد اليمنى أو في اليد اليسرى، الأمر في ذلك واسع، للرجال والنساء كالخاتم

ولا يجوز للرجل أن يلبس الأشياء الخاصة بالنساء كساعات النساء، لما ثبت من النهي عن تشبه الرجال بالنساء

ولا حرج في وضع الكبك في ثياب الرجل

ولا يجوز بيع الأواني والأدوات الصحية إذا كانت مطلية بالذهب أو الفضة على الرجال والنساء، لقول النبي صلى الله عليه وسلم (لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافهما، فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة) متفق عليه، وقوله صلى الله عليه وسلم (الذي يأكل أو يشرب في إناء الذهب والفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم) متفق على صحته، واللفظ لمسلم، وبقية الاستعمالات ملحقة بالأكل والشرب، لعموم العلة والمعنى، وسدا للذريعة

وهكذا الساعات والنظارات المطلية بالذهب أو الفضة، لا يجوز بيعها على الرجال

ولا يجوز اقتناء أواني الذهب والفضة، لأن ذلك استعمال للذهب والفضة في الأكل والشرب، فلا يجوز اقتناؤه، لأنه وسيلة لاستعماله

فلا يجوز شراء الأواني والملاعق والسكاكين المطلية بالذهب

ولا يجوز طلي الأواني بماء الذهب أو الفضة

حلية الذهب التي كتب عليها لفظ الجلالة لغرض تعليق نساء المسلمين لها على الصدر كما يعلق نساء النصارى حلية رسم عليها الصليب، ونساء اليهود حلية رسمت عليها نجمة داود، ونظرا لأن ما فيه اسم الله قد يعلق للتعلق به في دفع ضر أو جلب نفع، وقد يعلق لغير ذلك، ويفضي تعليقه إلى امتهانه، كأن ينام عليه أو يدخل به في أماكن يكره دخولها بشيء فيه كلام الله أو كتب عليه اسم الله، ترى اللجنة أنه لا يجوز استعمال هذه الحلية التي كتب عليها اسم الجلالة، ابتعادا عن التشبه بالنصارى واليهود الذين نهي المسلمون عن التشبه بهم، وسدا للذريعة، وحفاظا على اسم الله من الامتهان، ولعموم النهي عن تعليق التمائم

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

1438/12/18 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

1 + 1 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 118 الجزء الثالث ‌‌هل الرسول أوصى بالخلافة لعلي رضي الله عنه ؟ - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 116 الجزء الثالث حكم التوسل بالموتى وزيارة القبور - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 115 الجزء الثالث ‌‌حكم ما يسمى بعلم تحضير الأرواح  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 114 الجزء الثالث ‌‌إيضاح الحق في دخول الجني في الإنسي والرد على من أنكر ذلك  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 113 الجزء الثالث : تابع الدروس المهمة لعامة الأمة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة
الدرس السابق
الدروس الكتابية المتشابهة الدرس التالي