ﺟﺪﻳﺪ اﻟﻤﻮﻗﻊ

الدرس 320: أحكام لبس الثياب

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الخميس 9 ذو الحجة 1438هـ | عدد الزيارات: 1406 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

لا يجوز لبس الثوب الشفاف الذي يصف البشرة، ولا الثوب الضيق الذي يبين جميع مفاصل الجسم؛ لما في ذلك من مخالفة الأدلة الشرعية ومن حصول المفاسد

ولا يلزم في اللباس لون معين، وإنما اللبس ما جرت عادة الرجال بلبسه في البلد، مع مراعاة عدم التشبه بالنساء والكفار مما كان خاصا بهم

وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم تفضيل الثياب البيض على غيرها من الألوان، وأما الألوان الأخرى فلم يثبت في تفضيلها شيء، والمشروع للمسلم أن يلبس ما تيسر له، ولا يتكلف في ذلك وهذا كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم مع ترك لبس ثياب الشهرة أو ما فيه تشبه بالنساء أو الكفار، أو فيه مخالفة للدليل الشرعي

وإذا علم بوجود الصليب في الملابس بعد شرائها فإنه تحرم الصلاة فيها، وتجب إزالة الصليب بما يزيل صورته بحك أو صبغ أو نحو ذلك، ولما روى البخاري في صحيحه، عن عمران بن حطان أن عائشة رضي الله عنها حدثته أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يترك في بيته شيئا فيه تصاليب إلا نقضه

ولا يجوز للمرأة ولا للرجل لبس ما فيه صورة مما فيه روح من الآدميين وغيرهم، سواء كانت هذه الصورة في حلي أو ثياب أو غيرها، ولا ما فيه صليب، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بطمس الصورة وإزالتها فالواجب مسح الصورة من الحلي، ولا بأس بلبسه بعد ذلك في حق المرأة، أما صلاتها فيما مضى فيه فصحيحة، وعليها التوبة إلى الله مما سلف

الملابس التي تحمل شعارات الكفار فيها تفصيل

أولاً: إن كانت هذه الشعارات ترمز إلى ديانات الكفار كالصليب، ونحوه، ففي هذه الحالة لا يجوز استيراد هذه الملابس ولا بيعها ولا لبسها

ثانياً: إن كانت هذه الشعارات ترمز إلى تعظيم أحد من الكفار بوضع صورته أو كتابة اسمه ونحو ذلك فهي أيضا حرام كما سبق

ثالثاً: إن كانت هذه الشعارات لا ترمز إلى عبادة ولا تعظيم شخص، وإنما هي علامات تجارية مباحة، وهي ما يسمى بالماركات فلا بأس بها

فتح محلات لعمل (الكوافير) للنساء لا يجوز؛ لما يفضي إليه من الإسراف والتبذير، ووقوع ما لا تحمد عاقبته مما يفسد الأخلاق، ويوقع في التشبه بالكفار، وأما إذا كانت المرأة سافرة متبرجة أمام الأجانب فهذا زيادة في الإثم، وارتكاب ما حرم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم

ونهى الله تعالى عن الإسراف وتبذير الأموال، قال تعالى (‏وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) وقال تعالى (‏وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا)، (‏إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا) وأمر تعالى بالإنفاق في الوجه المشروع بلا تبذير ولا تقتير، قال تعالى (‏وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا‏) الإسراء: 29

وأمر سبحانه بحفظ الأموال من أيدي السفهاء، قال تعالى (‏وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا) النساء: 5

والسفهاء‏:‏ جمع سفيه، وهو‏:‏ كل من لم يكن له عقل يفي بحفظ المال، ومن قصد شراء وتفصيل الملابس الباهظة الثمن ليلبسها قليلا ثم يرميها أو يبيعها بثمن بخس فهو من جملة السفهاء المذكورين في الآية، وقد أمرنا الله تعالى بألا نؤتي السفهاء الأموال، وهي أموالهم، فما ليس لهم أولى، والواجب النفقة الواجبة بلا تبذير ولا تقتير، وإذا طلب السفيه النفقة عليه بأموال باهظة فلا تجوز طاعته، ومراد السائل طلبات النساء

وفي ترك لبس النساء الملابس الباهظة الثمن تواضعاً لله تعالى مع القدرة عليه فضل عظيم، فعن معاذ بن أنس رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال(من ترك اللباس تواضعاً لله وهو يقدر عليه دعاه الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق حتى يخيره من أي حلل الإيمان شاء يلبسها) رواه الترمذي، وقال حديث حسن

ويحرم على المسلمين التشبه بالكفار بألبستهم الخاصة بهم، سواء كان الكفار من اليهود أو النصارى أو غيرهم، لعموم الأدلة من الكتاب والسنة التي تنهى عن التشبه بهم، ومن ذلك ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏ (من تشبه بقوم فهو منهم) أخرجه أحمد وأبو داود وغيرهما

وقال النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى على عبد الله بن عمرو ثوبين معصفرين‏:‏ إن هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها. خرجه مسلم في ‏صحيحه

وثبت في ‏صحيح مسلم أن عمر رضي الله عنه، كتب كتاباً إلى عامله بأذربيجان عتبة بن فرقد رضي الله عنه، وفيه ‏(‏وإياكم والتنعم وزي أهل الشرك ولبوس الحرير‏) ورواه البخاري

وبناء على ذلك فلا يجوز لبس ما يسمى ب ‏(‏الروب‏)‏ عند التخرج من مدرسة أو معهد أو كلية، لأنه من ألبسة النصارى، وعلى المسلم أن يعتز بدينه واتباعه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، ولا يلتفت إلى تقليد من غضب الله عليهم وأضلهم من اليهود والنصارى وغيرهم

والسؤال عن لبس زي القساوسة والرهبان عند تعميدهم في الكنائس

ويحرم على الرجل كشف عورته بدون حاجة ماسة لذلك، إلا عند زوجته أو ملك يمينه

جلد الثعلب كلحمه نجس؛ لأنه سبع لدخوله في عموم النهي؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه‏:‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (كل ذي ناب من السباع فأكله حرام) أخرجه مسلم، وحديث أبي المليح بن أسامة، عن أبيه رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (نهى عن جلود السباع) رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي، وزاد (‏أن تفترش‏) رحمهم الله تعالى، وحديث معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما، أنه قال لنفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم‏ (أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن جلود النمور أن يركب عليها، قالوا‏: ‏اللهم نعم) رواه الإمام أحمد، وعن المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه، أنه قال لمعاوية‏ (‏أنشدك الله، هل تعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن لبس جلود السباع والركوب عليها، قال: ‏نعم) رواه أبو داود والنسائي، وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (لا تصحب الملائكة رفقة فيها جلد نمر) رواه أبو داود

هذه النصوص تمنع من استعمال جلد ما لا يؤكل لحمه؛ لأن استعمالها فيه من الزينة والخيلاء

حشو جلد النمر، أو الكبش بالقش أو القطن، مع صنع رأس وأطراف له، ووضعه في مدخل البيت للزينة، حرام لأنه يشبه التمثال، ولأنه عبث لا فائدة منه

يحرم على المرأة المسلمة أن تلبس اللباس الضيق أمام محارمها سوى زوجها، ويحرم عليها أمام نسائها إذا كان من السرة إلى الركبة كالبنطلون، أو كان لسائر بدنها لكن يحصل به فتنة النساء والإثارة

والذي يجوز إظهاره أمام محارمها غير زوجها، فهو‏:‏ وجهها، وكفاها، وخلخالها، وقرطها، وأساورها، وقلادتها، ورأسها، وقدماها

وضع الزمام في الأنف يجوز؛ لأن ثقب الأنف للزينة وليس للإيذاء أو تغيير خلق الله

دلت السنة على مشروعية خضاب المرأة ليديها بالحناء، وقرر العلماء أنه مستحب، وأن تركه مكروه

لبس الثوب القصير محرم إذا بدت منه العورة، وإلا فجائز، وأما لبس الرجل السلسلة فحرام؛ لما فيه من التشبه بالنساء، وإن كانت من ذهب أو فضة فهي أشد تحريما؛ لحديث أبي موسى، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (أحل الذهب والحرير للإناث من أمتي، وحرم على ذكورها) رواه أحمد

وإذا كانت السراويل ساترة للعورة الواجب سترها وهي ما بين السرة والركبة للذكر، وهي واسعة وغير واصفة للبشرة جاز لبسها وإلا فلا

والأصل في أنواع اللباس الإباحة؛ لأنه من أمور العادات، قال تعالى (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ) الأعراف: 32، ويستثنى من ذلك ما دل الدليل الشرعي على تحريمه أو كراهته كالحرير للرجال، والذي يصف العورة؛ لكونه شفافا يرى من ورائه لون الجلد أو لكونه ضيقا يحدد العورة، لأنه حينئذ في حكم كشفها وكشفها لا يجوز، وكلبس الرجال ملابس النساء ولبس النساء ملابس الرجال، وليس اللباس المسمى بالبنطلون والقميص مما يختص لبسه بالكفار، بل هو لباس عام في المسلمين والكافرين في كثير من البلاد والدول، وإنما تنفر النفوس من لبس ذلك في بعض البلاد لعدم الألف ومخالفة عادة سكانها في اللباس، وإن كان ذلك موافقا لعادة غيرهم من المسلمين، لكن الأولى بالمسلم إذا كان في بلد لم يعتد أهلها ذلك اللباس ألا يلبسه في الصلاة ولا في المجامع العامة ولا في الطرقات

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

1438/12/9 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

1 + 7 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 118 الجزء الثالث ‌‌هل الرسول أوصى بالخلافة لعلي رضي الله عنه ؟ - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 116 الجزء الثالث حكم التوسل بالموتى وزيارة القبور - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 115 الجزء الثالث ‌‌حكم ما يسمى بعلم تحضير الأرواح  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 114 الجزء الثالث ‌‌إيضاح الحق في دخول الجني في الإنسي والرد على من أنكر ذلك  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 113 الجزء الثالث : تابع الدروس المهمة لعامة الأمة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة
الدرس السابق
الدروس الكتابية المتشابهة الدرس التالي