الدرس 312: الأيمان

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: السبت 17 شعبان 1438هـ | عدد الزيارات: 1129 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

كفارة اليمين بينها الله جل وعلا في قوله تعالى (‏لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ) سورة المائدة 89

والإطعام المذكور هو‏‏ أن يعطى كل مسكين نصف صاع من قوت البلد من تمر وغيره أو يغدى أو يعشى من أوسط ما يطعم الإنسان أهله أما الكسوة فيعطى كل مسكين كسوة تجزئه في الصلاة كقميص لكل واحد أو إزار ورداء إذا كانوا يعتادون لبس الأزر والأردية

ومقدار نصف الصاع كيلو ونصف أو كسوة عشرة مساكين أو تحرير رقبة مؤمنة فإن لم يستطع شيئاً من هذه الثلاثة المذكورة صام ثلاثة أيام ولا يجزئ في كفارة اليمين دفع القيمة أو كفارة الظهار أو إفساد صيام رمضان بجماع بدلاً من الإطعام ولو كانت النقود في ظنه أكثر فائدة بل عليه أن يكفر من جنس ما يطعمه أهله من بر أو تمر أو شعير أو أرز أو نحوها‏‏ لأن الكفارة من التعبدات التي يجب أن يحافظ على أدائها والقيام بها على الكيفية التي أمر بها الشرع ولا يلزم من وجبت عليه الكفارة أن يوزعها في وقت واحد بل ذلك حسب ما يتيسر له

يجوز الحلف بالقرآن لأنه كلام الله وكلامه صفة من صفاته وينعقد يمينا وعليه كفارته إن حنث أما حلفه بنعمة الله وكعبة الله فلا يجوز ولا ينعقد يمينا لقول النبي صلى الله عليه وسلم‏ (من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك)

ولا يجزئ الصيام مع القدرة على الإطعام أو الكسوة أو العتق لأن الله سبحانه رتب إجزاء الصيام على عدم وجود الطعام أو الكسوة أو العتق

ويجب دفع كفارة اليمين إلى المساكين من المسلمين ولا يجزئ دفعها إلى من لا يصلي‏ لأن تارك الصلاة جحداً لوجوبها كافر بالإجماع وتاركها تهاونا كافر على الراجح من قولي العلماء

إذا حرم الشخص شيئاً غير زوجته مما هو حلال فإنه لا يحرم عليه وإنما يجب عليه كفارة يمين لما أخرج البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال (في الحرام يمين تكفرها)

الأفضل أن يكون صيام كفارة اليمين متتابعا ولكن لو قطع التتابع فلا حرج في ذلك

إذا أعطت المرأة لزوجها عهداً على أنه إذا مات لن تتزوج بعده أحداً حتى يجمع الله بينهما يوم القيامة برحمته وفضله فيجوز لها أن تتزوج بعد وفاة زوجها وتكفر عن يمينها لقول النبي صلى الله عليه وسلم (إني لا أحلف على يمين وأرى غيرها خيرا منها إلا كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير) رواه البخاري ومسلم وقوله صلى الله عليه وسلم (إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها فكفر عن يمينك وأت الذي هو خير) أخرجه البخاري ومسلم والزواج خير لهذه المرأة من بقائها بدونه

كفارة اليمين عتق رقبة مؤمنة أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم فمن لم يجد صام ثلاثة أيام

الأيمان إذا تعددت قبل الحنث والمحلوف عليه واحد فلا يجب إلا كفارة واحدة وأما إذا تعددت الأيمان والمحلوف عليه متغير وجب عن كل يمين كفارة خاصة به

تصرف كفارة اليمين للمساكين كما ذكره الله جل وعلا ولا مانع من صرفها للمجاهدين في سبيل الله‏ لأن الله ذكرهم من مصارف الزكاة وبخاصة إذا لم يوجد من الفقراء والمساكين من تصرف له

يجب تجنب كثرة الحلف لقول الله سبحانه (وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ‏) البقرة 224 وقوله سبحانه (‏وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ)

إذا أقسم بالله مرة واحدة ألا يعود إلى فعل هذا المنكر فعاد إليه مرة أو مرات فعليه كفارة واحدة وكذا إذا أقسم بالله مرات ألا يعود إليه ثم عاد إليه مرة أو مرات قبل أن يكفر فعليه كفارة واحدة أما إذا أقسم بالله ألا يعود فعاد وكفر ثم أقسم وعاد فكفر وهكذا فعليه كفارات بعدد المرات التي حنث فيها

وإذا لم يدر العدد فليكفر حسبما يغلب على ظنه

من عجز عن حصر الأيمان فيجب عليه الاجتهاد في حصرها بالتقريب ثم التكفير فيما حنث فيه منها

لا يجزئ صيام يوم عاشوراء وعرفة وستة من شوال عن كفارة اليمين إلا إذا نوى بصيامها أنه عن الكفارة لا التطوع

انفرادك بالجلوس مع خطيبتك قبل العقد عليها في حجرة يعتبر خلوة محرمة ولو كانت أمها في نفس الشقة ولكن في غرفة أخرى

له أن يكفر عن أيمان أمه التي حنثت فيها وعليه أن يبر أمه ويحسن إليها ويطيعها بالمعروف

إذا قال الزوج لزوجته إذا لم تخرجي التلفزيون من البيت لغاية أذان الظهر فأنت طالق

فإذا كان قصد الزوج إيقاع الطلاق على زوجته إذا لم تخرج التلفزيون ثم لم تخرجه وقع طلقة واحدة وله مراجعتها ما دامت في العدة إذا لم تكن هذه هي الطلقة الثالثة وإن كان يقصد الزوج حث الزوجة وإلزامها أن تخرج التلفزيون ولم يقصد الطلاق فحكم ذلك حكم اليمين فيكفر كفارة يمين ولا يقع طلاق

يجوز الحلف بآيات الله إذا كان قصد الحالف الحلف بالقرآن لأنه من كلام الله وكلامه سبحانه صفة من صفاته أما إن أراد بآيات الله غير القرآن فإنه لا يجوز ويكفي أن يحلف الإنسان بالله دون أن يضع يده على المصحف‏ إذ أن الحلف على المصحف لا أصل له في الشرع وإنما هو من عمل بعض الجهال فيجب ترك هذه العادة وتعظيم اليمين بالله عز وجل من غير أن يكون ذلك على المصحف أو ‏صحيح البخاري أو غيرهما

والمطلوب من المسلم الاهتمام بأمر اليمين وذلك بأن لا يكثر منها ولا يحلف إلا إذا احتاج لذلك وعليه حفظ يمينه بالكفارة إذا أراد مخالفة ما حلف عليه

إذا جرى صلح بين طرفين فلا حرج في ذلك إذا كان بتراض منهما لقول النبي صلى الله عليه وسلم (الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا أحل حراما أو حرم حلالا)

لا يجوز الحلف إلا بالله أو صفة من صفاته

وحق الله هو عبادته وحده لا شريك له وذلك من أفعال العباد فلا يجوز الحلف به أي أن يقول وحق الله

والإكثار من الحلف في الأمور الدنيوية بلا حاجة مكروه لعموم قول الله تعالى (وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ) سورة المائدة 89 ولأن ذلك قد يؤدي إلى الاستهانة باسم الله تعالى‏

أما استعمال الحلف في الأمور الدينية لتأكيدها للسامع ودفع الشك عنه وحثه على التمسك بها فهذا مطلوب وهو الذي كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم‏ ‏

قول كلمة بالأمانة للآخر إذا لم يكن أحدهما قصد بقطعه بالأمانة الحلف بغير الله وإنما يقصد بذلك ائتمان أخيه في أن يخبره بالحقيقة فلا شيء في ذلك مطلقا أما إذا كان القصد بذلك الحلف بالأمانة فهو حلف بغير الله والحلف بغير الله شرك أصغر ومن أكبر الكبائر لما روى عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال‏‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏ (من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك) قال ابن مسعود رضي الله عنه‏‏ لإن أحلف بالله كاذبا أحب إلي من أن أحلف بغيره صادقا.

ولا يجوز أن يقول الإنسان حلفت بالله ورسوله لقول الرسول صلى الله عليه وسلم‏‏ (من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت) كما لا يجوز الحلف بالأمانة لقول النبي صلى الله عليه وسلم‏ (من حلف بالأمانة فليس منا)

ولا تجوز قراءة المسلم في الإنجيل لأنه محرف وغير المحرف منه قد أغنى عنه القرآن الكريم إلا من احتاج لقراءته من أجل الرد على أهل الكتاب وذلك خاص بالعلماء ولا يجوز الحلف بالإنجيل أيضا على وضعه الحاضر لأن بعضه محرف ومبدل وليس المحرف والمبدل من كلام الله عز وجل

من حلف على شيء وفعله ناسياً فإنه لا يحنث وتبقى يمينه لقول تعالى (‏وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ‏) الأحزاب 5 ولقوله النبي صلى الله عليه وسلم (إن الله تجاوز لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) ولأنه غير قاصد للمخالفة أشبه بالنائم وهذا القول رواية عن الإمام أحمد واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين

1438/8/17 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

7 + 3 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 124 الجزء الثالث ‌‌أهمية الغطاء على وجه المرأة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 123 الجزء الثالث ‌‌حكم قيادة المرأة للسيارة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 122 ‌‌مكانة المرأة في الإسلام - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 121 الجزء الثالث عوامل النصر  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة
الدرس السابق
الدروس الكتابية المتشابهة الدرس التالي