الدرس 309: مسائل في الحج 2

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: السبت 19 رجب 1438هـ | عدد الزيارات: 1370 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

من غادر مكة يوم النحر بعد طواف الإفاضة والسعي بسبب ظروف العمل ووكل من يقوم بالرمي عنه فليس هذا العذر مسوغ للسفر والتوكيل وبناء على ذلك فقد ترك رمي اليوم الحادي عشر والثاني عشر والمبيت بمنى ليلتي إحدى عشر واثني عشر وطواف الوداع فيجب عليه التوبة وعليه عن كل واحد من هذه الواجبات الثلاث فدية تجزيء أضحية وتذبح في مكة وتوزع على فقراء الحرم فإذا لم يستطع وجب عليه أن يصوم عن كل فدية عشرة أيام ولا يعد لمثل هذا العمل

لأنه في حكم من لم يرم لنفره قبل الرمي وفي حكم من لم يودع لوقوع طواف الوداع قبل إكمال مناسكه

نقصان حصاة من الرمي للجمرات يعفى عنه

قول الله تعالى (وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى) البقرة 102

المراد بالأيام المعدودات هنا أيام التشريق الثلاثة الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر فمن ينفر من الحجاج بعد رمي جمراته اليوم الثاني عشر بعد الزوال وقبل الغروب فقد تعجل ومن بقى بمنى إلى أن يرمي جمرات اليوم الثالث عشر فقد تأخر وذلك أفضل لموافقته لفعله عليه الصلاة والسلام

لا يحرم البيع ولا الشراء بعد طواف الوداع لكن لو ودع الحاج ثم تأخر كثيراً عرفاً شرع أن يعيد الطواف

ويشرع للمعتمر ولاسيما إن أقام بمكة بعد أداء عمرته أن يطوف طواف الوداع لدى خروجه من مكة المكرمة ولا يلزمه ذلك على الصحيح من قولي العلماء وتعفى المرأة عن طواف الوداع إذا كانت حائضاً وقت خروجها من مكة المكرمة ومثلها النفساء لقول ابن عباس رضي الله عنهما (أُمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض) متفق على صحته

إذا لم يطف الحاج طواف الإفاضة إلا عند انصرافه من مكة واكتفى به عن طواف الوداع كفاه حتى لو وقع بعده سعي كما لو كان متمتعاً وإن طاف طوافاً ثانياً للوداع فذلك خير وأفضل

إذا حججت فلا تسافر عقب حجك إلى جدة حتى تطوف طواف الوداع وإذا سافرت قبل الوداع فعليك هدي تذبحه في الحرم ولا تأكل منه بل أطعمه الفقراء لأن طواف الوداع واجب بعد الحج وإن مكثت ساعة في منى بعد طواف الوداع فليس عليك شيء

العمرة

العمرة في الإسلام واجبة مرة في العمر على أهل مكة وغيرهم لعموم أدلة الوجوب وأما الإحرام بالعمرة لمن كان داخل الحرم فمن الحل كالتنعيم والجعرانة ونحوهما

والدليل على وجوب العمرة قول الله تعالى (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) البقرة 196 ولأحاديث وردت في ذلك وإذا أتى بها المسلم قبل الحج في أشهر الحج ثم حج من عامه فهو متمتع بالعمرة إلى الحج وهذا أفضل من الإفراد والقران لمن لم يسق الهدي لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع لمن لم يسق الهدي من أصحابه رضي الله عنهم (اجعلوها عمرة ولو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ولجعلتها عمرة) أخرجه البخاري ومسلم

قلت: المراد من قول النبي صلى الله عليه وسلم (ما سقت الهدي) أنه ساق معه الهدي من المدينة إلى مكة.

من قدم السعي قبل الطواف في العمرة فليس عليه إعادة السعي لما روى أبو داود في سننه بإسناد صحيح إلى أسامة بن شريك قال خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم حاجاً فكان الناس يأتونه فمن قائل يا رسول الله سعيت قبل أن أطوف أو قدمت شيئاً وأخرت شيئًا فكان يقول لا حرج لا حرج إلا على رجل اقترض عرض رجل مسلم وهو ظالم فذلك الذي خرج وهلك.

من اشترط عند الإحرام ثم لم يكمل عمرته فلا شيء عليه

من دخل الحرم متجاوزاً الميقات بدون إحرام لا شيء عليه إذا لم يكن ينوي الحج أو العمرة

يجب أن يعم الرأس بالتقصير أو الحلق بعد الطواف والسعي للعمرة وإذا لم يكن في الرأس شيء من الشعر سقط الواجب في ذلك وحجه أو عمرته صحيحة

كل من السفر للعمرة والإنفاق في سبيل الله عمل طيب مشكور لكن العمرة نفعها قاصر على المؤدي لها وأما الإنفاق في الجهاد فنفعه متعدي فيكون البذل فيه أولى وأفضل

من أحرم بالعمرة بعد أن تجاوز الميقات وأداها ثم سافر إلى المدينة وأحرم بعمرة أخرى من الميقات وأداها لم تُسقِط عنه العمرة الثانية ما وجب عليه من الدم من أجل تجاوزه الميقات بلا إحرام في العمرة الأولى

يجوز أن تكرر العمرة في السنة عدة مرات لقول النبي صلى الله عليه وسلم (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة) متفق على صحته

الأفضل طواف الوداع للعمرة وإنما يجب طواف الوداع على الحاج

فدية ترك الواجب

من ترك واجباً من واجبات الحج والعمرة وجب عليه دم والدم سبع بدنة أو سبع بقرة أو شاة تجزئ أضحية يذبح بمكة ويقسم بين فقراء الحرم ولا يجوز إخراج قيمة الدم نقوداً لأن إخراج النقود يخالف ما أمر الله به

من عجز عن الذبح فإنه يصوم عشرة أيام ثلاثة في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله. ويبدأ وقت ذبح الدم لترك واجب من أول ترك الواجب سواء كان قبل أيام العيد أو بعده ولا حد لآخره ولكن تعجيله بعد وجوبه مع الاستطاعة واجب ولو أخره حتى وصل إلى بلده لم يجزئ ذبحه في بلاده بل عليه أن يرجع إلى الحرم ويشتريه من هناك ويذبحه في الحرم ويوزع على فقراء الحرم ويجوز أن يوكل من يقوم بذلك نيابة عنه من الثقات

لا حرج أن تحج في لباسك العسكري وأنت مكلف بأعمال الحج ولا تستطيع أداء العمل بلباس الإحرام لأن الجهة المختصة لا تسمح بذلك وعليك بسبب ذلك الكفارة وهي إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع من تمر أو أرز وغيرهما من قوت البلد أو صيام ثلاثة أيام أو ذبح شاة عن لبس المخيط وعليك مثل ذلك عن تغطية الرأس

باب الفوات والإحصار

أعمال يوم النحر ثلاثة للمفرد هي رمي جمرة العقبة والحلق أو التقصير وطواف الإفاضة والسعي إن لم يكن سعى بعد طواف القدوم

وأما المتمتع والقارن فيزيد بذبح الهدي ويزيد المتمتع سعياً بعد طواف الإفاضة

تكون هذه الأعمال مرتبة الرمي فالذبح فالحلق أو التقصير ثم الطواف والسعي هذا هو الأفضل تأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم فإنه رمى ثم نحر ثم حلق رأسه ثم طيبته عائشة ثم أفاض إلى البيت وسئل عن ترتيب هذه الأمور ومن قدم بعضها على بعض فقال (لا حرج لا حرج)

ومن فعل اثنين سوى الذبح حصل بذلك التحلل الأول وبذلك يحل له كل ما حرم عليه بالإحرام ما عدا النساء

من أحرم بالحج ثم منع من دخول مكة، قلت: لعدم وجود تصريح مثلاً، فإن كان قد اشترط عند إحرامه بأنه إن حبسه حابس فمحله حيث حبس فلا يلزمه شيء وإن لم يكن قد اشترط ذلك فعليه هدي يذبحه حيث أحصر لقوله تعالى (فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) البقرة 196 ثم يحلق رأسه أو يقصر وبذلك يكون حله من إحرامه

من عاد إلى بلده ولم يطف طواف الإفاضة ولم يحلق أو يقصر ولم يرم ولم يبيت بمنى وجامع زوجته بعد العودة والذي جعله يغادر مكة المرض الشديد فعليه الرجوع إلى مكة والطواف للحج وطواف الوداع عند الخروج من مكة وعليه الحلق أو التقصير بنية الحج وعليه دم ترك الرمي ودم آخر عن ترك المبيت بمنى يذبحان في مكة ويوزعان على الفقراء وعليه بدنة أخرى بسبب وطء الزوجة قبل التحلل الأول وتوزع على الفقراء بمكة وعليه أن يحج بدل هذه الحجة من الميقات الذي أحرم منه بالحجة الأولى التي فسدت لأن حجه قد فسد بسبب الجماع قبل التحلل الأول

ومن أحرم بالعمرة ثم رجع إلى بلده بسبب حادث مثلاً فجامع زوجته فعليه أن يعود ويؤدي العمرة مع التوبة النصوح وعليه دم يذبح في مكة للفقراء بسبب الجماع

قلت: المراد حدود الحرم والذي يمتد إلى منى ومزدلفة والعزيزية وحي الغسالة والشرائع

وعليه قضاء العمرة لأن الأُولى قد فسدت بالجماع فوجب عليه إكمالها مع قضائها ويكون إحرام المجامع بالثانية من الميقات الذي أحرم بالأولى منه أما لبس المخيط والطيب فإن كان عن جهل أو نسيان فلا شيء عليه وإن كان متعمد مع العلم بالحكم الشرعي ففيه فدية وهي إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد أو صيام ثلاثة أيام أو ذبح شاة عن كل محظور من لبس أو غطاء رأس أو طيب أو قلم أظافر أو حلق عانة أو قص شارب أو نتف إبط مع التوبة النصوح من ذلك

لا تجوز التلبية الجماعية للحجاج لعدم ورود ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن خلفائه الراشدين رضوان الله عليهم بل بدعة

الصعود إلى الغار في جبل النور بدعة وذريعة من ذرائع الشرك يحرم شد الرحال إلى زيارة القبور سواء كان قبر النبي صلى الله عليه وسلم أو غيره لكن زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم سنة دون شد الرحال

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين

1438/7/18 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

9 + 2 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 106 الجزء الثالث ‌‌نصيحة عامة لحكام المسلمين وشعوبهم - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 105 الجزء الثالث ‌‌نصيحة عامة حول بعض كبائر الذنوب - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 104 ‌‌ الجزء الثالث حكم الإسلام فيمن أنكر تعدد الزوجات - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 103 الجزء الثالث ‌‌الأدلة الكاشفة لأخطاء بعض الكتاب - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 102 الجزء الثالث : ليس الجهادللدفاع فقط - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 101 الجزء الثالث ‌‌حكم من مات من أطفال المشركين - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة
الدرس السابق
الدروس الكتابية المتشابهة الدرس التالي