الدرس 296: زكاة الفطر

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: السبت 9 ربيع الثاني 1438هـ | عدد الزيارات: 1568 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

صدقة الفطر واجبة على كل مسلم تلزمه مؤنة نفسه إذا فضل عنده عن قوته وقوت عياله يوم العيد وليلته صاع، والأصل في ذلك ما ثبت عن ابن عمر رضي الله عنهما قال (فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير، على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة) متفق عليه، واللفظ للبخاري، وما روى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال (كنا نخرج زكاة الفطر إذ كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعاً من طعام أو صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير أو صاعاً من زبيب أو صاعاً من أقط) متفق عليه

ويجزئ صاع من قوت بلده مثل الأرز ونحوه، والمقصود بالصاع هنا: صاع النبي صلى الله عليه وسلم وهو أربع حفنات بكفي رجل معتدل الخلقة، وإذا ترك إخراج زكاة الفطر أثم ووجب عليه القضاء

ويستحب إخراج صدقة الفطر عن الطفل الذي في بطن أمه لفعل عثمان رضي الله عنه ولا تجب عليه لعدم الدليل على ذلك، لأنها لو تعلقت به قبل ظهوره لتعلقت الزكاة بأجنة السوائم

وزكاة الفطر تلزم الإنسان عن نفسه وعن كل من تجب عليه نفقته ومنهم الزوجة، لوجوب نفقتها عليه، فإذا وجد بينهما نزاع شديد حكم بمقتضاه عليها بالنشوز وإسقاط نفقتها فلا يجب عليه أن يخرج زكاة الفطر عنها لأنها تابعة لنفقتها فتسقط بسقوطها

ومن مات قبل نهاية شهر رمضان فلا يجب أن يخرج عنه زكاة الفطر لأنه مات قبل وقت الوجوب

ووقت إخراجها ليلة عيد الفطر إلى ما قبل صلاة العيد، ويجوز تقديمها يومين أو ثلاثة، وتعطى فقراء المسلمين في بلد مخرجها، ويجوز نقلها إلى فقراء بلد أخرى أشد حاجة، ومن ليس لديه إلا قوت يوم العيد لنفسه ومن يجب عليه نفقته تسقط عنه، ولا يجوز وضعها في بناء مسجد أو مشاريع خيرية

والقدر الواجب في زكاة الفطر عن كل فرد صاع واحد بصاع النبي صلى الله عليه وسلم، ومقداره بالكيلو ثلاثة كيلو تقريباً

وإذا أخر الشخص زكاة الفطر عن وقتها وهو ذاكر لها أثم وعليه التوبة إلى الله والقضاء؛ لأنها عبادة فلم تسقط بخروج الوقت كالصلاة، أما من نسي إخراجها في وقتها فلا إثم عليه، وعليه القضاء، والنبي صلى الله عليه وسلم أمر بإخراجها قبل الصلاة، ولما رواه ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات) أخرجه أبو داود

الخدم الكفار ليس عليهم صدقة فطر ولا يجوز أن تعطيهم صدقة الفطر ومن أعطاهم منها لم يجزئه لكن له أن يحسن إليهم من غير الزكاة المفروضة مع العلم بأن الواجب الاستغناء عنهم بالعمال المسلمين لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أوصى بإخراج الكفار من جزيرة العرب وقال: لا يجتمع فيها دينان

الفقراء الذي يتعاطون القات والدخان لا يكون صنيعهم مانعًا من إعطائهم من الزكاة؛ لأنهم بذلك لا يخرجون عن ملة الإسلام، وإنما هم مؤمنون بإيمانهم فسقة بما يتعاطونه من المحرمات، يجب على ولي الأمر منعهم مما يتعاطونه وعقوبتهم على ذلك

ويجوز دفع زكاة الفطر عن النفر الواحد لشخص واحد، كما يجوز توزيعها على عدة فقراء

لا يجوز إخراج زكاة الفطر نقوداً؛ لأن الأدلة الشرعية قد دلت على وجوب إخراجها طعاماً

تجب الزكاة في أموال اليتامى والمجانين، ولا تجب الزكاة في أموال الأوقاف على المساجد ونحوها لانتفاء الملك فيها

الأصل إخراج زكاة المال في البلد الموجود به المال، وإذا دعت الحاجة إلى نقلها إلى بلد آخر إما لعدم الفقراء في بلد المال، أو لأن البلد المنقول إليه أشد حاجة، أو لداع آخر كوجود أقارب فقراء للمزكي فإنه يجوز نقلها، أما الزكاة التي فقدت قبل وصولها إلى مستحقيها فإنه يلزم صاحب المال إعادة إخراجها؛ لأنه لا تبرأ ذمته منها إلا بعد وصولها إلى مستحقيها

لا بأس بإخراج الزكاة قبل حلول الحول بسنة أو سنتين إذا اقتضت المصلحة ذلك، وإعطاؤها الفقراء المستحقين شهرياً

يستحب للإنسان تفريق زكاة نقوده بنفسه على أهلها المستحقين لها من الفقراء وغيرهم المذكورين في قوله تعالى (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ) التوبة: 60

من علمت أو غلب على ظنك أن دخله لا يكفيه فأعطه من الزكاة ما يكمل كفايته

يجب تسليم الزكاة كاملة لأحد الأصناف الثمانية، ولا يجب الترتيب ولا التعميم، وإيصالها إليهم واجب، ولا يؤخذ منها شيء كأجرة لإيصالها ونحوه

الصناديق الخيرية في المستشفيات لا يصح دفع الزكاة لمثلها، لعدم دخول المستفيدين منه في مصارف الزكاة المنصوص عليها شرعاً، على وجه يوثق به ويطمئن إليه

لا يجوز دفع الزكاة لمنظمة اليونسيف لرعاية الأطفال

إذا كان من أغراض جمعيات البر دفع شيء من المال لمن يستحق الزكاة؛ كالفقراء والمساكين، فيجوز لمن عنده شيء من الزكاة أن يقيم هذه الجمعية المتمثلة برئيسها وأعضائها مقام الوكيل عنه، ويدفع لها ما يريد دفعه من زكاة ماله، وهي بدورها تصرف ما تأخذه على أنه زكاة في مصارفه الشرعية في أقرب وقت ممكن

فصناديق البر إذا علم أن القائمين عليها يصرفون ما يرد إليهم من الزكاة في مصارفها الشرعية، أو في بعض مصارفها؛ كالفقراء والمساكين، وأنهم من الأمانة والثقة والديانة والصلاح بحال يعطي الاطمئنان إليهم والثقة بتصرفهم، فلا بأس بإعطائهم من الزكاة؛ ليتولوا صرفها في المصارف الشرعية التي يعرفونها

وأما بالنسبة للمسجونين لقاء الحق الخاص فقد بين الله أهل الزكاة، وذكر الغارمين من أصناف أهل الزكاة، والغارمون قسمان: قسم غرم لإصلاح ذات البين ما أخمد به فتنة وقعت بين جماعة، حصل بسببها التزامات مالية، فهذا الصنف من الغارمين يعطى ما غرمه من الزكاة، وإن كان غنيا، القسم الثاني: الغارم لإصلاح نفسه وحاله في مباح، كمن يستدين لنفقته ونفقة من تلزمه مؤنته، أو تجب عليه التزامات مالية ليس الظلم والعدوان سببها؛ فإنه يعطى من الزكاة ما يقابل به ما غرمه

إذا كانت جمعيات البر تتوسع في صرف ما يرد إليها في أهل الزكاة وفي المشاريع الخيرية ونحو ذلك فلا يجوز الصرف إليها؛ لعدم تيقن وصولها إلى مستحقها

أما مدارس القرآن الكريم فإذا كان المزكي أعطاها لأحد القائمين على المدرسة ليسلمها لفقراء الطلبة وغيرهم فيجوز ذلك، حتى ولو نقلت إليهم من بلد إلى بلد لتحقق مصلحة النقل، أما إن كان المزكي يصرفها لميزانية المدرسة لتكون نفقة على تعليم القرآن والعلوم الدينية فلا يجوز ذلك

من كان يتاجر بالدخان وله كسب آخر جاز قبول تبرعه للصندوق الخيري، وإلا فلا لخبث ماله، والله لا يقبل إلا طيباً

صناديق البر التي توضع في المساجد غالباً ما تكون لمصلحة المسجد، ومن يخدم أو يتعلم فيه ليست من هذه الأصناف الثمانية فلا يجوز وضع شيء فيها من الزكاة ويشرع مساعدة أهلها بغير الزكاة المفروضة لقوله تعالى: (وافعلوا الخير لعلكم تفلحون) الحج: 77

لا يجوز لوكيل الجمعية استثمار أموال الزكاة، والواجب صرفها في مصارفها الشرعية المنصوص عليها بعد التثبت في صرفها في المستحقين لها؛ لأن المقصود منها سد حاجة الفقراء وقضاء دين الغرماء؛ ولأن الاستثمار قد يفوت هذه المصالح أو يؤخرها كثيرا عن المستحقين

لا يجوز أن تدفع الزكاة في بناء مساكن للفقراء، والواجب أن تسلم لأهلها لتمولها والتصرف فيها

أفادت اللجنة الدائمة جمعية رعاية الأطفال المعوقين بأنه لا مانع من الاستفادة من أموال الزكاة فيما يتعلق بالمعوقين الفقراء

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين

09-04-1438 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

5 + 5 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 124 الجزء الثالث ‌‌أهمية الغطاء على وجه المرأة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 123 الجزء الثالث ‌‌حكم قيادة المرأة للسيارة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة
الدرس السابق
الدروس الكتابية المتشابهة الدرس التالي