ﺟﺪﻳﺪ اﻟﻤﻮﻗﻊ

الدرس 164 أحداث السنة الثامنة من الهجرة (36)

المقال
التصنيف : تاريخ النشر: الأربعاء 29 ربيع الأول 1438هـ | عدد الزيارات: 1384 القسم: الفوائد الكتابية

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

قصة ثمامة ووفد بني حنيفة ومعهم مسيلمة الكذاب لعنه الله

قال البخاري : (باب وفد بني حنيفة وقصة ثمامة بن أثال)

" عن أبي هريرة قال : بعث النبي صلى الله عليه وسلم خيلا قبل نجد ، فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له : ثمامة بن أثال فربطوه بسارية من سواري المسجد ، فخرج إليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " ما عندك يا ثمامة ؟ " قال : عندي خير يا محمد ، إن تقتلني تقتل ذا دم ، وإن تنعم تنعم على شاكر ، وإن كنت تريد المال فسل منه ما شئت فتركه حتى كان الغد ثم قال له : " ما عندك يا ثمامة ؟ " فقال : عندي ما قلت لك إن تنعم تنعم على شاكر فتركه حتى بعد الغد فقال : ما عندك يا ثمامة ؟ فقال : عندي ما قلت لك فقال : " أطلقوا ثمامة " فانطلق إلى نخل قريب من المسجد فاغتسل ثم دخل المسجد فقال : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، يا محمد ، والله ما كان على وجه الأرض وجه أبغض إلي من وجهك ، فقد أصبح وجهك أحب الوجوه إلي ، والله ما كان دين أبغض إلي من دينك ، فأصبح دينك أحب الدين إلي ، والله ما كان من بلد أبغض إلي من بلدك ، فأصبح بلدك أحب البلاد إلي ، وإن خيلك أخذتني وأنا أريد العمرة ، فماذا ترى ؟ فبشره رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره أن يعتمر ، فلما قدم مكة قال له قائل : صبوت ؟ قال : لا ، ولكن أسلمت مع محمد صلى الله عليه وسلم ، ولا والله لا يأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن فيها النبي صلى الله عليه وسلم. ورواه مسلم

وروى البخاري عن ابن عباس قال :" قَدِمَ مُسَيْلِمَةُ الكَذَّابُ علَى عَهْدِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَجَعَلَ يقولُ: إنْ جَعَلَ لي مُحَمَّدٌ الأمْرَ مِن بَعْدِهِ تَبِعْتُهُ، وقَدِمَهَا في بَشَرٍ كَثِيرٍ مِن قَوْمِهِ، فأقْبَلَ إلَيْهِ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ومعهُ ثَابِتُ بنُ قَيْسِ بنِ شَمَّاسٍ، وفي يَدِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قِطْعَةُ جَرِيدٍ، حتَّى وقَفَ علَى مُسَيْلِمَةَ في أصْحَابِهِ، فَقَالَ: لو سَأَلْتَنِي هذِه القِطْعَةَ ما أعْطَيْتُكَهَا، ولَنْ تَعْدُوَ أمْرَ اللَّهِ فِيكَ، ولَئِنْ أدْبَرْتَ لَيَعْقِرَنَّكَ اللَّهُ، وإنِّي لَأَرَاكَ الذي أُرِيتُ فِيهِ، ما رَأَيْتُ، وهذا ثَابِتٌ يُجِيبُكَ عَنِّي ثُمَّ انْصَرَفَ عنْه، قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: فَسَأَلْتُ عن قَوْلِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّكَ أُرَى الذي أُرِيتُ فيه ما أرَيْتُ، فأخْبَرَنِي أبو هُرَيْرَةَ: أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَالَ: بيْنَا أنَا نَائِمٌ، رَأَيْتُ في يَدَيَّ سِوَارَيْنِ مِن ذَهَبٍ، فأهَمَّنِي شَأْنُهُمَا، فَأُوحِيَ إلَيَّ في المَنَامِ: أنِ انْفُخْهُمَا، فَنَفَخْتُهُما فَطَارَا، فأوَّلْتُهُما كَذَّابَيْنِ يَخْرُجَانِ بَعْدِي أحَدُهُما العَنْسِيُّ، والآخَرُ مُسَيْلِمَةُ."

ثم روى البخاري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال :" بَلَغَنَا أنَّ مُسَيْلِمَةَ الكَذَّابَ قَدِمَ المَدِينَةَ فَنَزَلَ في دَارِ بنْتِ الحَارِثِ، وكانَ تَحْتَهُ بنْتُ الحَارِثِ بنِ كُرَيْزٍ، وهي أُمُّ عبدِ اللَّهِ بنِ عَامِرٍ، فأتَاهُ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ومعهُ ثَابِتُ بنُ قَيْسِ بنِ شَمَّاسٍ -وهو الذي يُقَالُ له: خَطِيبُ رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- وفي يَدِ رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَضِيبٌ، فَوَقَفَ عليه فَكَلَّمَهُ، فَقَالَ له مُسَيْلِمَةُ: إنْ شِئْتَ خَلَّيْتَ بيْنَنَا وبيْنَ الأمْرِ، ثُمَّ جَعَلْتَهُ لَنَا بَعْدَكَ، فَقَالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لو سَأَلْتَنِي هذا القَضِيبَ ما أعْطَيْتُكَهُ، وإنِّي لَأَرَاكَ الذي أُرِيتُ فيه ما أُرِيتُ، وهذا ثَابِتُ بنُ قَيْسٍ، وسَيُجِيبُكَ عَنِّي. فَانْصَرَفَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ. قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بنُ عبدِ اللَّهِ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بنَ عَبَّاسٍ عن رُؤْيَا رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الَّتي ذَكَرَ، فَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: ذُكِرَ لي أنَّ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَالَ: بيْنَا أنَا نَائِمٌ أُرِيتُ أنَّه وُضِعَ في يَدَيَّ سِوَارَانِ مِن ذَهَبٍ، فَفُظِعْتُهُما وكَرِهْتُهُمَا، فَأُذِنَ لي، فَنَفَخْتُهُما فَطَارَا، فأوَّلْتُهُما كَذَّابَيْنِ يَخْرُجَانِ. فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: أحَدُهُما العَنْسِيُّ، الذي قَتَلَهُ فَيْرُوزُ باليَمَنِ، والآخَرُ مُسَيْلِمَةُ الكَذَّابُ."

وقال أبو القاسم السهيلي :"هو مسيلمة بن ثمامة بن كبير بن حبيب بن الحارث بن عبد الحارث بن هفان بن ذهل بن الدول بن حنيفة ، ويكنى أبا ثمامة ، وقيل أبا هارون وكان قد تسمى بالرحمن ، فكان يقال له : رحمن اليمامة وكان عمره يوم قتل مائة وخمسين سنة، وكان يعرف أبوابا من النيرجات فكان يدخل البيضة إلى القارورة ، وهو أول من فعل ذلك ، وكان يقص جناح الطير ثم يصله ، ويدعي أن ظبية تأتيه من الجبل فيحلب لبنها

قال ابن إسحاق : حدثني شيخ من بني حنيفة من أهل اليمامة ، وزعم أن وفد بني حنيفة أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، خلفوا مسيلمة في رحالهم ، فلما أسلموا ذكروا مكانه فقالوا : يا رسول الله ، إنا قد خلفنا صاحبا لنا في رحالنا وفي ركائبنا يحفظها لنا قال : فأمر له رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل ما أمر به للقوم وقال : " أما إنه ليس بشركم مكانا " أي لحفظه ضيعة أصحابه ، ذلك الذي يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ثم انصرفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجاءوا مسيلمة بما أعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما انتهوا إلى اليمامة ارتد عدو الله وتنبأ وتكذب لهم ، وقال : إني قد أشركت في الأمر معه وقال لوفده الذين كانوا معه : ألم يقل لكم حين ذكرتموني له : " أما إنه ليس بشركم مكانا ؟ " ما ذاك إلا لما كان يعلم أني قد أشركت في الأمر معه ثم جعل يسجع لهم السجعات ويقول لهم فيما يقول ; مضاهاة للقرآن : لقد أنعم الله على الحبلى أخرج منها نسمة تسعى من بين صفاق وحشا وأحل لهم الخمر والزنا ، ووضع عنهم الصلاة ، وهو مع هذا يشهد لرسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه نبي ، فأصفقت معه بنو حنيفة على ذلك

وذكر السهيلي وغيره أن الرجال بن عنفوة واسمه نهار بن عنفوة كان قد أسلم وتعلم شيئا من القرآن ، وصحب رسول الله صلى الله عليه وسلم مدة ، وقد مر عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس مع أبي هريرة وفرات بن حيان ، فقال لهم : " أحدكم ضرسه في النار مثل أحد " فلم يزالا خائفين حتى ارتد الرجال مع مسيلمة وشهد له زورا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أشركه في الأمر معه ، وألقى إليه شيئا مما كان يحفظه من القرآن ، فادعاه مسيلمة لنفسه فحصل بذلك فتنة عظيمة لبني حنيفة ، وقد قتله زيد بن الخطاب يوم اليمامة

قال السهيلي : وكان مؤذن مسيلمة يقال له : حجير وكان مدبر الحرب بين يديه محكم بن الطفيل وأضيف إليهم سجاح ، وكانت تكنى أم صادر ، تزوجها مسيلمة وله معها أخبار فاحشة ، واسم مؤذنها زهير بن عمرو وقيل : جنبة بن طارق ويقال : إن شبث بن ربعي أذن لها أيضا ، ثم أسلم وقد أسلمت هي أيضا أيام عمر بن الخطاب فحسن إسلامها

وقال يونس بن بكير عن ابن إسحاق وقد كان مسيلمة كتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم : من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله ، سلام عليك ، أما بعد ، فإني قد أشركت في الأمر معك ، فإن لنا نصف الأمر ، ولقريش نصف الأمر ، ولكن قريشا قوم يعتدون فقدم عليه رسولان بهذا الكتاب ، فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى مسيلمة الكذاب سلام على من اتبع الهدى ، أما بعد ، فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده ، والعاقبة للمتقين ".

قال يونس بن بكير عن نعيم بن مسعود قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين جاءه رسولا مسيلمة الكذاب بكتابه ، يقول لهما : " وأنتما تقولان مثل ما يقول ؟ " قالا : نعم فقال : أما والله لولا أن الرسل لا تقتل لضربت أعناقكما"

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1438-03-29 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

8 + 6 =

/500
روابط ذات صلة
المقال السابق
الفوائد الكتابية المتشابهة المقال التالي