الدرس 185 أحداث السنة الثامنة من الهجرة 55

المقال
التصنيف : تاريخ النشر: الخميس 24 صفر 1438هـ | عدد الزيارات: 1612 القسم: الفوائد الكتابية

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

غزوة حنين

قال الله تعالى:" لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ ۙ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ ۙ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ *ثُمَّ أَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا ۚ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ * ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ عَلَىٰ مَن يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ "(التوبة : 25 -27) وقد ذكر محمد بن إسحاق بن يسار في كتابه أن خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هوازن بعد الفتح في خامس شوال سنة ثمان

وقال أبو بكر الصديق: لن نُغلب اليوم من قلة فانهزموا ، فكان أول من انهزم بنو سليم، ثم أهل مكة ثم بقية الناس

قال ابن إسحاق ولما سمعت هوازن برسول الله صلى الله عليه وسلم وما فتح الله عليه من مكة جمعها ملكها مالك بن عوف النصري فاجتمع إليه مع هوازن ثقيف كلها ، واجتمعت نصر ، وجشم كلها وسعد بن بكر وناس من بني هلال وهم قليل ، ولم يشهدها من قيس عيلان إلا هؤلاء ، وغاب عنها ولم يحضرها من هوازن كعب وكلاب ، ولم يشهدها منهم أحد له اسم ، وفي بني جشم دريد بن الصمة شيخ كبير ، ليس فيه شيء إلا التيمن برأيه ومعرفته بالحرب ، وكان شيخا مجربا ، وفي ثقيف سيدان لهم ، وفي الأحلاف قارب بن الأسود بن مسعود بن معتب وفي بني مالك ذو الخمار سبيع بن الحارث وأخوه أحمر بن الحارث وجماع أمر الناس إلى مالك بن عوف النصري فلما أجمع السير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حط مع الناس أموالهم ونساءهم وأبناءهم ، فلما نزل بأوطاس اجتمع إليه الناس وفيهم دريد بن الصمة في شجار له يقاد به ، فلما نزل قال بأي واد أنتم؟ قالوا : بأوطاس قال نعم مجال الخيل ، لا حزن ضرس ، ولا سهل دهس ، ما لي أسمع رغاء البعير ، ونهاق الحمير ، وبكاء الصغير ، وَيَعَار الشاء؟! قالوا : ساق مالك بن عوف مع الناس أموالهم ونساءهم وأبناءهم قال : أين مالك؟ قالوا : هذا مالك ودعي له قال : يا مالك إنك قد أصبحت رئيس قومك ، وإن هذا يوم كائن له ما بعده من الأيام ، ما لي أسمع رغاء البعير ، ونهاق الحمير ، وبكاء الصغير ، ويعار الشاء؟ قال : سقت مع الناس أبناءهم ونساءهم وأموالهم قال : ولم؟ قال : أردت أن أجعل خلف كل رجل أهله وماله ليقاتل عنهم قال : فأنقض به ثم قال : راعي ضأن والله ، هل يَرُدُ المنهزم شيء؟ إنها إن كانت لك لم ينفعك إلا رجل بسيفه ورمحه ، وإن كانت عليك فُضحت في أهلك ومالك ثم قال : ما فَعلت كعب وكلاب ؟ قال : لم يشهدها منهم أحد قال : غاب الحد والجد ، لو كان يوم علاء ورفعة لم تغب عنه كعب وكلاب ، ولوددت أنكم فعلتم ما فعلت كعب وكلاب ، فمن شهدها منكم؟ قالوا : عمرو بن عامر وعوف بن عامر قال : ذانك الجذعان من عامر لا ينفعان ولا يضران ثم قال : يا مالك إنك لم تصنع بتقديم البيضة بيضة هوازن إلى نحور الخيل شيئا ، ثم قال دريد لمالك بن عوف : ارفعهم إلى متمنع بلادهم وعليا قومهم ، ثم ألق الصبى على متون الخيل ، فإن كانت لك لحق بك من وراءك ، وإن كانت عليك ألفاك ذلك وقد أحرزت أهلك ومالك قال والله لا أفعل ، إنك قد كبرت وكبر عقلك ثم قال مالك : والله لتطيعنني يا معشر هوازن أو لأتكئن على هذا السيف حتى يخرج من ظهري - وكره أن يكون لدريد فيها ذكر أو رأي - فقالوا : أطعناك فقال دريد : هذا يوم لم أشهده ولم يفتني

ثم قال مالك للناس : إذا رأيتموهم فاكسروا جفون سيوفكم ، ثم شدوا شدة رجل واحد روى ابن إسحاق عن أمية بن عبد الله بن عمرو بن عثمان أن مالك بن عوف بعث عيونا من رجاله ، فأتوه وقد تفرقت أوصالهم ، فقال : ويلكم ، ما شأنكم؟ قالوا : رأينا رجالا بيضا على خيل بلق ، فوالله ما تماسكنا أن أصابنا ما ترى فوالله ما رده ذلك عن وجهه أن مضى على ما يريد

قال ابن إسحاق ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم معه ألفان من أهل مكة مع عشرة آلاف من أصحابه الذين خرجوا معه ، ففتح الله بهم مكة فكانوا اثني عشر ألفا

وذكر ابن إسحاق أنه خرج من مكة في خامس شوال، واستخلف على أهل مكة عتاب بن أسيد بن أبي العِيص بن أمية بن عبد شمس الأموي

وكان عمره إذ ذاك قريبا من عشرين سنة، ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد لقاء هوازن وذكر قصيدة العباس بن مرداس السلمي في ذلك ، منها قوله

أبلغ هوازن أعلاها وأسفلها *** منـي رسالةَ نصـــــح فيه تبــــيان
إني أظن رسول الله صابحكم *** جيشا له في فضاء الأرض أركان
فيهم أخوكم سليم غير تارككم *** والمسلمــــون عبـــــاد الله غسـان
وفي عضادته اليمنى بنو أسد *** والأجــربان بنـــو عبــس وذبيـان
تكاد ترجف منه الأرض رهبته *** وفـــي مُـقدمـــه أوس وعثمـان

قال ابن إسحاق أوس وعثمان قبيلا مُزينة

روى ابن اسحاق عن أبي واقد الليثي أن الحارث بن مالك قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حنين ونحن حديثو عهد بالجاهلية، فسرنا معه إلى حنين، وكانت لكفار قريش ومن سواهم من العرب شجرة عظيمة خضراء يقال لها : ذات أنواط يأتونها كل سنة فيعلقون أسلحتهم عليها ، ويذبحون عندها ، ويعكفون عليها يوما، فرأينا ونحن نسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سدرة خضراء عظيمة، فتنادينا من جنبات الطريق : يا رسول الله ، اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الله أكبر ، قلتم والذي نفس محمد بيده كما قال قوم موسى لموسى: اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون إنها السنن ، لتركبن سنن من كان قبلكم. ورواه الترمذي وقال حسن صحيح

وروى أبو داود عن سهل بن الحنظلية أنهم ساروا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين فأطنبوا السير حتى كان عشية ، فحضرت صلاة الظهر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجاء رجل فارس ، فقال : يا رسول الله ، إني انطلقت بين أيديكم حتى طلعت جبل كذا وكذا ، فإذا أنا بهوازن عن بكرة أبيهم بظعنهم وبنعمهم وشائهم ، اجتمعوا إلى حنين ، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : " تلك غنيمة المسلمين غدا إن شاء الله " ثم قال : " من يحرسنا الليلة " قال أنس بن أبي مرثد : أنا يا رسول الله قال : " فاركب " فركب فرسا له ، وجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " استقبل هذا الشِعب حتى تكون في أعلاه ولا نغرن من قبلك الليلة " فلما أصبحنا خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مصلاه فركع ركعتين ، ثم قال " هل أحسستم فارسكم؟ " قالوا : يا رسول الله ، ما أحسسنا فثوب بالصلاة فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ، ويلتفت إلى الشِعب ، حتى إذا قضى صلاته قال : " أبشروا فقد جاءكم فارسكم " فجعلنا ننظر إلى خلال الشجر في الشِعب ، وإذا هو قد جاء حتى وقف على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إني انطلقت حتى كنت في أعلى هذا الشِعب حيث أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما أصبحت طلعت الشِعبين كليهما ، فنظرت فلم أر أحدا فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هل نزلت الليلة؟ " قال : لا ، إلا مصليا أو قاضي حاجة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قد أوجبت فلا عليك أن لا تعمل بعدها " ورواه النسائي

وبالله التوفيق

وصل اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين

24-02-1438 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

1 + 9 =

/500
روابط ذات صلة
المقال السابق
الفوائد الكتابية المتشابهة المقال التالي