الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
مبايعة النبي الناس يوم الفتح:
روى الإمام أحمد عن محمد بن الأسود بن خلف " أن أباه الأسود رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يبايع الناس يوم الفتح قال: جلس عند قرن مسقلة ، فبايع الناس على الإسلام والشهادة قال: قلت : وما الشهادة ؟ قال: أخبرني محمد بن الأسود بن خلف أنه بايعهم على الإيمان بالله، وشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله،" وعند البيهقي:" فجاءه الناس، الكبار والصغار، والرجال والنساء ، فبايعهم على الإسلام والشهادة ".
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصافح النساء ، ولا يمس إلا امرأة أحلها الله له ، أو ذات محرم منه، فقد ثبت في " الصحيحين " عن عائشة ، رضى الله عنها ، أنها قالت :" لا والله ما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة قط" وفي رواية :" ما كان يبايعهن إلا كلاما ويقول : إنما قولي لامرأة واحدة كقولي لمائة امرأة "
وفي " الصحيحين " عن عائشة ، " أن هند بنت عتبة امرأة أبي سفيان أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله ، إن أبا سفيان رجل شحيح ، لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بني ، فهل علي من حرج إذا أخذت من ماله بغير علمه ؟ قال : " خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك"
وروى أبو داود عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة :" لا هجرة ولكن جهاد ونية ، وإذا استنفرتم فانفروا". ورواه البخاري ومسلم
وروى الإمام أحمد عن صفوان بن أمية أنه قيل له :" إنه لا يدخل الجنة إلا من هاجر فقلت له : لا أدخل منزلي حتى آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسأله فأتيته فذكرت له فقال : لا هجرة بعد فتح مكة ، ولكن جهاد ونية ، وإذا استنفرتم فانفروا "
وروى البخاري عن أبي عثمان قال مجاشع: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بأخي -أبي معبد- بعد يوم الفتح فقلت : يا رسول الله ، جئتك بأخي لتبايعه على الهجرة ، قال : " ذهب أهل بما فيها " فقلت : على أي شيء تبايعه ؟ قال : " أبايعه على الإسلام والإيمان والجهاد فلقيت أبا معبد بعد ، وكان أكبرهما سنا ، فسألته ، فقال : صدق مجاشع
وعبد الله بن عمر قال: لا هجرة بعد الفتح
وروى البخاري عن عطاء بن أبي رباح قال :" زرت عائشة مع عبيد بن عمير ، فسألها عن الهجرة فقالت : لا هجرة اليوم ، كان المؤمنون يفر أحدهم بدينه إلى الله عز وجل ، وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم ، مخافة أن يفتن عليه ، فأما اليوم فقد أظهر الله الإسلام ، فالمؤمن يعبد ربه حيث يشاء ، ولكن جهاد ونية "
وهذه الأحاديث والآثار دالة على أن الهجرة قد انقطعت بعد فتح مكة ، لأن الناس دخلوا في دين الله أفواجا ، وظهر الإسلام وثبتت أركانه ودعائمه ، فلم تبق هجرة ، اللهم إلا أن يعرض حال يقتضي الهجرة بسبب مجاورة أهل الحرب ، وعدم القدرة على إظهار الدين عندهم ، فتجب الهجرة إلى دار الإسلام ، وهذا ما لا خلاف فيه بين العلماء ، ولكن هذه الهجرة ليست كالهجرة قبل الفتح ، كما أن كلا من الجهاد والإنفاق في سبيل الله مشروع ومرغب فيه إلى يوم القيامة ، ولكن ليس كالإنفاق ولا الجهاد قبل الفتح ، فتح مكة قال الله تعالى :" لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى الآية الحديد : 10
وبالله التوفيق
وصل اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين
23-02-1438 هـ