الدرس 192 أحداث السنة الثامنة من الهجرة 62

المقال
التصنيف : تاريخ النشر: الخميس 10 صفر 1438هـ | عدد الزيارات: 1127 القسم: الفوائد الكتابية

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد

غزوة الفتح الأعظم وكانت في رمضان سنة ثمان

وقد ذكرها الله تعالى في القرآن في غير موضع ، فقال تعالى :" لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى "الآية (الحديد : 10) وقال تعالى :" إذا جاء نصر الله والفتح وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا "(سورة النصر1-3)

وكان سبب الفتح بعد هدنة الحديبية ما ذكره محمد بن إسحاق عن المِسْور بن مخرمة ومروان بن الحكم أنهما حدثاه جميعا قالا : كان في صلح الحديبية أنه من شاء أن يدخل في عقد محمد وعهده دخل ، ومن شاء أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل ، فتواثبت خزاعة وقالوا : نحن ندخل في عقد محمد وعهده وتواثبت بنو بكر وقالوا : نحن ندخل في عقد قريش وعهدهم فمكثوا في تلك الهدنة نحو السبعة أو الثمانية عشر شهرا ، ثم إن بني بكر وثبوا على خزاعة ليلا ، بماء يقال له : الوتير وهو قريب من مكة ، وقالت قريش : ما يعلم بنا محمد ، وهذا الليل وما يرانا أحد فأعانوهم عليهم بالكراع والسلاح ، وقاتلوهم معهم ، للضغن على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإن عمرو بن سالم ركب عندما كان من أمر خزاعة وبني بكر بالوتير ، حتى قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبره الخبر ، وقد قال أبيات شعر ، فلما قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنشده إياها :

يَا رَبِّ إنِّي نَــاشِــدٌ مُحَمَّــــدًا * حِلْـــفَ أَبِينَا وَأَبِيهِ الْأَتْلَدَا
قَدْ كُنْتُـمْ وُلْــدًا وَكُنَّا وَالِــــــدَا * ثُمَّتَ أَسْلَمْنَا فَلَمْ نَنْزِعْ يَدَا
فَانْصُرْ هَدَاكَ اللَّهُ نَصْرًا أَعْتَدَا * وَادْعُ عِبَادَ اللَّهِ يَأْتُوا مَدَدَا
فِيهِمْ رَسُـــولُ اللَّهِ قَـــدْ تَجَرَّدَا * إنْ سِيمَ خَسْفًا وَجْهُهُ تَرَبَّدَا
فِي فَيْلَقٍ كَالْبَحْرِ يَجْرِي مُزْبِدًا * إنَّ قُرَيْشًا أَخْلَفُوكَ الْمَوْعِدَا
وَنَقَضُـــوا مِيثَاقَكَ الْمُـوَكَّـــدَا * وَجَعَلُوا لِي فِي كَدَاءٍ رُصَّدَا
وَزَعَمُوا أَنْ لَسْتُ أَدْعُو أَحَدَا * وَهُمْ أَذَلُّ وَأَقَـــــلُّ عَـــــدَدَا
هُمْ بَيَّتُــونَا بِالْــوَتِيرِ هُجَّــــدًا * وَقَتَلُــونَا رُكَّــعًا وَسُجَّـــدَا

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نُصرت يا عمرو بن سالم فما برح رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مرت بنا عنانة في السماء ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن هذه السحابة لتستهل بنصر بني كعب وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس بالجهاز ، وكتمهم مخرجه ، وسأل الله أن يعمي على قريش خبره ، حتى يبغتهم في بلادهم

وقال ابن إسحاق أيضاً: فبينا بنو بكر وخزاعة على ذلك ، إذ حجز بينهم الإسلام ، فلما كان يوم الحديبية ، ودخل بنو بكر في عقد قريش ، ودخلت خزاعة في عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكانت الهدنة ، اغتنمها بنو الدئل من بني بكر ، وأرادوا أن يصيبوا من خزاعة ثأرا بأولئك النفر ، فخرج نوفل بن معاوية الدئلي في قومه ، وهو يومئذ سيدهم وقائدهم ، وليس كل بني بكر تابعه ، فبيت خزاعة وهم على الوتير - ماء لهم - فأصابوا رجلا منهم ، وتحاوزوا ، واقتتلوا ، ورفدت قريش بني بكر بالسلاح ، وقاتل معهم من قريش من قاتل بالليل مستخفيا ، حتى حازوا خزاعة إلى الحرم ، فلما انتهوا إليه ، قالت بنو بكر : يا نوفل ، إنا قد دخلنا الحرم ! إلهك إلهك فقال كلمة عظيمة : لا إله اليوم ، يا بني بكر أصيبوا ثأركم ، فلعمري إنكم لتَسرقون في الحرم ، أفلا تصيبون ثأركم فيه ؟! ولجأت خزاعة إلى دار بديل بن ورقاء بمكة ، وإلى دار مولى لهم يقال له رافع

وقال ابن إسحاق: ثم خرج بديل بن ورقاء في نفر من خزاعة ، حتى قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه بما أصيب منهم ، ومظاهرة قريش بني بكر عليهم ، ثم انصرفوا راجعين ، حتى لقوا أبا سفيان بعسفان ، قد بعثته قريش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يشد العقد ، ويزيد في المدة ، وقد رهبوا للذي صنعوا ، فلما لقي أبو سفيان بديلا قال: من أين أقبلت يا بديل ؟ وظن أنه قد أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : سرت في خزاعة في هذا الساحل وفي بطن هذا الوادي قال : فعمد أبو سفيان إلى مبرك راحلته فأخذ من بعرها ففته ، فرأى فيه النوى ، فقال : أحلف بالله لقد جاء بديل محمدا ثم خرج أبو سفيان حتى قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ، فدخل على ابنته أم حبيبة ، فلما ذهب ليجلس على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم طوته، فقال: يا بنية، ما أدري أرغبت بي عن هذا الفراش أو رغبت به عني؟ فقالت : هو فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنت مشرك نجس ، فلم أحب أن تجلس على فراشه فقال : يا بنية ، والله لقد أصابك بعدي شر ثم خرج فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمه ، فلم يرد عليه شيئا ، ثم ذهب إلى أبي بكر فكلمه أن يكلم له رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : ما أنا بفاعل ثم أتى عمر بن الخطاب فكلمه ، فقال عمر : أنا أشفع لكم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟! فو الله لو لم أجد لكم إلا الذر لجاهدتكم به ثم خرج فدخل على علي بن أبي طالب ، وعنده فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعندها حسن ، غلام يدب بين يديهما ، فقال : يا علي ، إنك أمس القوم بي رحما ، وأقربهم مني قرابة ، وقد جئت في حاجة ، فلا أرجعن كما جئت خائبا ، فاشفع لي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ويحك أبا سفيان ! والله لقد عزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمر ما نستطيع أن نكلمه فيه فالتفت إلى فاطمة فقال : يا بنت محمد ، هل لك أن تأمري بنيك هذا فيجير بين الناس ، فيكون سيد العرب إلى آخر الدهر ؟ فقالت : والله ما بلغ بني ذلك أن يجير بين الناس ، وما يجير أحد على النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا أبا الحسن إني أرى الأمور قد اشتدت علي ، فانصحني ؟ قال : والله ما أعلم شيئا يغني عنك ، ولكنك سيد بني كنانة ، فقم فأجر بين الناس ، ثم الحق بأرضك فقال : أو ترى ذلك مغنيا عني شيئا ؟ قال : لا والله ما أظن ، ولكن لا أجد لك غير ذلك ، فقام أبو سفيان في المسجد ، فقال : أيها الناس إني قد أَجرت بين الناس ثم ركب بعيره فانطلق ، فلما أن قدم على قريش قالوا : ما وراءك ؟ قال : جئت محمدا فكلمته ، فوالله ما رد علي شيئا ، ثم جئت ابن أبي قحافة ، فوالله ما وجدت فيه خيرا ، ثم جئت عمر فوجدته أعدى العدو ، ثم جئت عليا فوجدته ألين القوم ، وقد أشار علي بأمر صنعته ، فوالله ما أدري هل يغني عنا شيئا أم لا؟ قالوا: بماذا أمرك؟ قال: أمرني أن أجير بين الناس ففعلت قالوا: هل أجاز ذلك محمد؟ قال : لا قالوا : ويحك! ما زادك الرجل على أن لعب بك ، فما يغني عنا ما قلت فقال : لا والله ما وجدت غير ذلك

وبالله التوفيق

وصل اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

10-02-1438 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

5 + 5 =

/500
روابط ذات صلة
المقال السابق
الفوائد الكتابية المتشابهة المقال التالي