الدرس 201 أحداث السنة السابعة من الهجرة71

المقال
التصنيف : تاريخ النشر: الثلاثاء 1 صفر 1438هـ | عدد الزيارات: 1426 القسم: الفوائد الكتابية

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد


قال شعبة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، في قوله "وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا "(18الفتح) . قال خيبر وقال موسى بن عقبة لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديبية مكث بالمدينة عشرين يوما ، أو قريبا من ذلك ، ثم خرج إلى خيبر ، وهي التي وعده الله إياها وذلك في أول سنة سبع.


قال ابن إسحاق ثم أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة ، حين رجع من الحديبية ، ذا الحجة وبعض المحرم ، ثم خرج في بقية المحرم إلى خيبر.

وروى يونس بن بكير عن مروان والمِسور قالا انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية ، فنزلت عليه سورة الفتح بين مكة والمدينة ، فقدم المدينة في ذي الحجة ، فأقام بها حتى سار إلى خيبر في المحرم ، فنزل بالرجيع ؛ - واد بين خيبر وغطفان - فتخوف أن تمدهم غطفان ، فبات حتى أصبح فغدا إليهم

وروى الإمام أحمد أن أبا هريرة قدم المدينة في رهط من قومه والنبي صلى الله عليه وسلم بخيبر ، وقد استخلف سباع بن عرفطة - يعني الغطفاني - على المدينة قال فانتهيت إليه وهو يقرأ في صلاة الصبح في الركعة الأولى بـ( كهيعص) (مريم 1) وفي الثانية (ويل للمطففين) (المطففين 1 ) فقلت في نفسي ويل لفلان ، إذا اكتال اكتال بالوافي ، وإذا كال كال بالناقص قال فلما صلى زودنا شيئا حتى أتينا خيبر ، وقد افتتح النبي صلى الله عليه وسلم خيبر قال فكلم المسلمين ، فأشركونا في سهامهم. ورواه البيهقي

قال ابن إسحاق وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرج من المدينة إلى خيبر ، سلك على عصر ، فبني له فيها مسجد ، ثم على الصهباء ، ثم أقبل بجيشه حتى نزل به بواد يقال له الرجيع فنزل بينهم وبين غطفان ؛ ليحول بينهم وبين أن يمدوا أهل خيبر - وكانوا لهم مظاهرين على رسول الله صلى الله عليه وسلم - فبلغني أن غطفان لما سمعوا بذلك جمعوا ، ثم خرجوا ليظاهروا اليهود عليه ، حتى إذا ساروا منقلة ، سمعوا خلفهم في أموالهم وأهليهم حسا ، ظنوا ، أن القوم قد خالفوا إليهم ، فرجعوا على أعقابهم ، فأقاموا في أموالهم وأهليهم ، وخلوا بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين خيبر

روى البخاري عن سويد بن النعمان أنه خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام خيبر ، حتى إذا كانوا بالصهباء ، وهي من أدنى خيبر ، صلى العصر ، ثم دعا بالأزواد ، فلم يؤت إلا بالسويق ، فأمر به فثري ، فأكل وأكلنا ، ثم قام إلى المغرب فمضمض ، ثم صلى ولم يتوضأ

وروى البخاري عن سلمة بن الأكوع قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خيبر ، فسرنا ليلا ، فقال رجل من القوم لعامر يا عامر ، ألا تسمعنا من هنيهاتك ؟ وكان عامر رجلا شاعرا ، فنزل يحدو بالقوم ، يقول

اللهم لولا أنت ما اهتدينا *** ولا تصدقنا ولا صلينا

فاغفر فداء لك ما اتقينا *** وثبت الأقدام إن لاقينا

وألقين سكينة علينا *** إنا إذا صيح بنا أبينا

وبالصياح عولوا علينا

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا السائق ؟ قالوا عامر بن الأكوع قال يرحمه الله فقال رجل من القوم وجبت يا نبي الله ، لولا أمتعتنا به

فأتينا خيبر فحاصرناهم حتى أصابتنا مخمصة شديدة ، ثم إن الله فتحها عليهم ، فلما أمسى الناس مساء اليوم الذي فتحت عليهم ، أوقدوا نيرانا كثيرة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هذه النيران؟ على أي شيء توقدون؟ قالوا على لحم قال على أي لحم ؟ قالوا لحم الحمر الإنسية قال النبي صلى الله عليه وسلم أهريقوها واكسروها فقال رجل يا رسول الله ، أونهريقها ونغسلها ؟ فقال أو ذاك فلما تصاف الناس ، كان سيف عامر قصيرا ، فتناول به ساق يهودي ليضربه ، فيرجع -تعبير بالمضارع عن الماضي رجع، لاستحضار الصورة- ذباب سيفه ، فأصاب عين ركبة عامر فمات منه ، فلما قفلوا قال سلمة رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بيدي ، قال ما لك ؟ قلت فداك أبي وأمي ، زعموا أن عامرا حبط عمله قال النبي صلى الله عليه وسلم كذب من قاله ، إن له لأجرين - وجمع بين إصبعيه - إنه لجاهد مجاهد ، قل عربي مشى بها مثله. ورواه مسلم

روى البخاري عن أنس بن مالك قال: صلى النبي صلى الله عليه وسلم الصبح قريبا من خيبر بغلس ، ثم قال الله أكبر خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين فخرجوا يسعون في السكك ، فقتل النبي صلى الله عليه وسلم المقاتلة ، وسبى الذرية ، وكان في السبي صَفية ، فصارت إلى دَحية الكلبي ، ثم صارت إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فجعل عتقها صداقها

روى البخاري عن سهل بن سعد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر لأعطين هذه الراية غدا رجلا يفتح الله على يديه ، يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله، قال فبات الناس يدوكون ليلتهم ؛ أيهم يعطاها ؟ فلما أصبح الناس غدوا على النبي صلى الله عليه وسلم ، كلهم يرجو أن يعطاها ، فقال أين علي بن أبي طالب ؟ فقالوا هو يا رسول الله ، يشتكي عينيه قال فأرسلوا إليه ، فأتي به ، فبصق رسول الله صلى الله عليه وسلم في عينيه ودعا له ، فبرأ حتى كأن لم يكن به وجع ، فأعطاه الراية ، فقال علي يا رسول الله ، أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا ؟ فقال صلى الله عليه وسلم انفذ على رِسلك حتى تنزل بساحتهم ، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله تعالى فيه ، فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من أن يكون لك حمر النعم. ورواه مسلم

وروى يونس بن بَكير عن سلمة بن عمرو بن الأكوع ، رضي الله عنه ، قال بعث النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر ، رضي الله عنه ، إلى بعض حصون خيبر ، فقاتل ثم رجع ، ولم يكن فتح ، وقد جهد ، ثم بعث عمر رضي الله عنه ، فقاتل ثم رجع ، ولم يكن فتح ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأعطين الراية غدا رجلا يحبه الله ورسوله ، ويحب الله ورسوله ، يفتح الله على يديه ، ليس بفرار قال سلمة فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، وهو يومئذ أرمد ، فتفل في عينيه ، ثم قال خذ الراية وامض بها ، حتى يفتح الله عليك فخرج بها والله يأنح ، يهرول هرولة ، وإنا لخلفه نتبع أثره ، حتى ركز رايته في رضم من حجارة تحت الحصن ، فاطلع يهودي من رأس الحصن فقال من أنت ؟ قال أنا علي بن أبي طالب فقال اليهودي عليتم وما أنزل على موسى فما رجع حتى فتح الله على يديه

وروى البيهقي عن بريدة بن الحصيب قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ربما أخذته الشقيقة ، فيلبث اليوم واليومين لا يخرج ، فلما نزل خيبر أخذته الشقيقة ، فلم يخرج إلى الناس ، وإن أبا بكر أخذ راية رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم نهض فقاتل قتالا شديدا ثم رجع ، فأخذها عمر فقاتل قتالا شديدا هو أشد من القتال الأول ، ثم رجع ، فأخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لأعطينها غدا رجلا يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله ، يأخذها عنوة وليس ثم علي ، فتطاولت لها قريش ، ورجا كل رجل منهم أن يكون صاحب ذلك ، فأصبح ، وجاء علي بن أبي طالب على بعير له حتى أناخ قريبا ، وهو أرمد قد عصب عينه بشقة بُرد قطري ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لك ؟ قال رمدت بعدك قال ادن مني فتفل في عينه ، فما وجعها حتى مضى لسبيله ، ثم أعطاه الراية فنهض بها ، وعليه جبة أرجوان حمراء ، قد أُخرج خمْلَها ، فأتى مدينة خيبر وخرج مرحب صاحب الحصن وعليه مغفر يماني ، وحجر قد ثقبه مثل البيضة على رأسه ، وهو يرتجز ويقول

قد علمت خيبر أني مرحب شاكِِ سلاحي بطل مجرب
إذا الليوث أقبلت تلَهب وأحجمت عن صولة المغلب

فقال علي رضي الله عنه

أنا الذي سمتني أمي حيدره كليث غابات شديد القسوره
أكيلكم بالصاع كيل السندره

قال: فاختلفا ضربتين ، فبدره علي بضربة ، فقد الحجر والمغفر ورأسه ، ووقع في الأضراس ، وأخذ المدينة

وروى البخاري عن يزيد بن أبي عبيد قال رأيت أثر ضربة في ساق سلمة ، فقلت يا أبا مسلم ، ما هذه الضربة ؟ قال هذه ضربة أصابتها يوم خيبر ، فقال الناس أصيب سلمة فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فنفث فيه ثلاث نفثات ، فما اشتكيت حتى الساعة

وروى البخاري عن سهل قال التقى النبي صلى الله عليه وسلم والمشركون في بعض مغازيه فاقتتلوا ، فمال كل قوم إلى عسكرهم ، وفي المسلمين رجل لا يدع من المشركين شاذة ولا فاذة إلا اتبعها فضربها بسيفه ، فقيل يا رسول الله ، ما أجزأ أحد ما أجزأ فلان قال إنه من أهل النار فقالوا أينا من أهل الجنة إن كان هذا من أهل النار ؟ فقال رجل من القوم لأتبعنه ، فإذا أسرع وأبطأ كنت معه حتى جرح فاستعجل الموت ، فوضع نصاب سيفه بالأرض وذبابه بين ثدييه ، ثم تحامل عليه فقتل نفسه فجاء الرجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال أشهد أنك رسول الله قال وما ذاك ؟ فأخبره فقال إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة - فيما يبدو للناس - وإنه من أهل النار ، ويعمل بعمل أهل النار - فيما يبدو للناس - وإنه من أهل الجنة

وبالله التوفيق

وصل اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

01-02-1438 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

2 + 4 =

/500
روابط ذات صلة