الدرس 212 الجهر بالدعوة

المقال
التصنيف : تاريخ النشر: الثلاثاء 14 شوال 1437هـ | عدد الزيارات: 1420 القسم: الفوائد الكتابية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال الله تعالى :" وأنذر عشيرتك الأقربين واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين فإن عصوك فقل إني بريء مما تعملون وتوكل على العزيز الرحيم الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين إنه هو السميع العليم " (الشعراء: 214 ، 220) وقال تعالى:" وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون " (الزخرف: 44) وقال تعالى:" إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد " (القصص 85) أي إن الذي فرض عليك وأوجب عليك تبليغ القرآن لرادك إلى الدار الآخرة وهي المعاد ، فيسألك عن ذلك ، كما قال تعالى:" فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين " (الأعراف: 6) ، وقال تعالى:" فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون " (الحجر: 92 ، 93)
روى الإمام أحمد عن ابن عباس قال لما أنزل الله :" وأنذر عشيرتك الأقربين " أتى النبي صلى الله عليه وسلم الصفا ، فصعد عليه ، ثم نادى يا صباحاه فاجتمع الناس إليه بين رجل يجيء إليه وبين رجل يبعث رسوله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا بني عبد المطلب ، يا بني فهر ، يا بني لؤي ، أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلا بسفح هذا الجبل تريد أن تغير عليكم ، صدقتموني قالوا نعم قال فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد فقال أبو لهب لعنه الله تبا لك سائر اليوم ، أما دعوتنا إلا لهذا ؟ وأنزل الله عز وجل:" تبت يدا أبي لهب وتب " (المسد: 1)

وروى الإمام أحمد أيضاً عن أبي هريرة قال لما نزلت هذه الآية وأنذر عشيرتك الأقربين دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشا فعم وخص ، فقال:" يا معشر قريش أنقذوا أنفسكم من النار ، يا معشر بني كعب ، أنقذوا أنفسكم من النار ، يا معشر بني هاشم ، أنقذوا أنفسكم من النار ، يا معشر بني عبد المطلب ، أنقذوا أنفسكم من النار ، يا فاطمة بنت محمد ، أنقذي نفسك من النار ، فإني والله لا أملك لكم من الله شيئا ، إلا أن لكم رحما سأبلها ببلالها ".


وروى مسلم عن عائشة ، رضي الله عنها ، قالت :" لما نزل وأنذر عشيرتك الأقربين قام رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصفا فقال:" يا فاطمة بنت محمد ، يا صفية بنت عبد المطلب ، يا بني عبد المطلب ، لا أملك لكم من الله شيئا ، سلوني من مالي ما شئتم ".

واستمر صلى الله عليه وسلم يدعو إلى الله تعالى ليلا ونهارا ، وسرا وجهارا ، لا يصرفه عن ذلك صارف ، ولا يرده عنه راد ، ولا يصده عنه صاد ، يتبع الناس في أنديتهم ومجامعهم ومحافلهم ، وفي المواسم ، ومواقف الحج ; يدعو من لقيه من حر وعبد ، وضعيف وقوي ، وغني وفقير ، جميع الخلق في ذلك عنده شرع سواء ، وتسلط عليه وعلى من اتبعه من آحاد الناس من ضعفائهم الأشداء الأقوياء من مشركي قريش بالأذية القولية والفعلية ، وكان من أشد الناس عليه عمه أبو لهب ، واسمه عبد العزى بن عبد المطلب وامرأته أم جميل أروى بنت حرب بن أمية ، أخت أبي سفيان ، وخالفه في ذلك عمه أبو طالب بن عبد المطلب وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب خلق الله إليه طبعا ، فكان يحنو عليه ويحسن إليه ، ويدافع عنه ويحامي ، ويخالف قومه في ذلك ، مع أنه على دينهم وعلى خَلتِهم

روى الإمام أحمد عن ربيعة بن عباد من بني الديل ، وكان جاهليا فأسلم ، قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجاهلية ، في سوق ذي المجاز ، وهو يقول يا أيها الناس ، قولوا لا إله إلا الله تفلحوا والناس مجتمعون عليه ، ووراءه رجل وضيء الوجه ، أحول ، ذو غديرتين ، يقول إنه صابئ كاذب يتبعه حيث ذهب ، فسألت عنه ، فقالوا هذا عمه أبو لهب

وروى يونس بن بكير عن عقيل بن أبي طالب قال "جاءت قريشٌ إلى أبي طالبٍ فقالوا أرأيتَ أحمدَ يُؤذينا في نادِينا وفي مسجدِنا فانهَهُ عن أذَانا فقال يا عَقيلُ ائتِني بمحمدٍ فذهبتُ فأتيتُه به فقال يا ابنَ أخي إنَّ بني عمِّك زعموا أنك تُؤذِيهم في ناديهم وفي مسجدِهم فانتَهِ عن ذلك قال فلحَظ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ببصرِه وفي روايةٍ فحلقَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ببصرِه فقال ما أنا بأقدرُ على أن أدعَ لكم ذلك على أن تُشعلوا لي منها شُعلةً يعني الشَّمسَ قال فقال أبو طالبٍ ما كذب ابنُ أخي فارجِعوا " السلسلة الصحيحة للألباني.

وروى الإمام أحمد عن ابن عباس: "قال أبو جهلٍ لئن رأيتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يُصلِّي عند الكعبةِ لآتِينَّه حتى أطأَ على عنقِه قال: فقال: لو فعل لأخذتْهُ الملائكةُ عَيانًا "

وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة: "قالَ أَبُو جَهْلٍ: هلْ يُعَفِّرُ مُحَمَّدٌ وَجْهَهُ بيْنَ أَظْهُرِكُمْ؟ قالَ: فقِيلَ: نَعَمْ، فَقالَ: وَاللَّاتِ وَالْعُزَّى، لَئِنْ رَأَيْتُهُ يَفْعَلُ ذلكَ لَأَطَأنَّ علَى رَقَبَتِهِ -أَوْ لَأُعَفِّرَنَّ وَجْهَهُ في التُّرَابِ- قالَ: فأتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وَهو يُصَلِّي، زَعَمَ لِيَطَأَ علَى رَقَبَتِهِ، قالَ: فَما فَجِئَهُمْ منه إلَّا وَهو يَنْكُصُ علَى عَقِبَيْهِ وَيَتَّقِي بيَدَيْهِ، قالَ: فقِيلَ له: ما لَكَ؟! فَقالَ: إنَّ بَيْنِي وبيْنَهُ لَخَنْدَقًا مِن نَارٍ وَهَوْلًا وَأَجْنِحَةً، فَقالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: لوْ دَنَا مِنِّي لَاخْتَطَفَتْهُ المَلَائِكَةُ عُضْوًا عُضْوًا"

وبالله التوفيق

14-10-1437 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

6 + 3 =

/500
روابط ذات صلة