الدرس 217 منع الجن من استراق السمع

المقال
التصنيف : تاريخ النشر: الإثنين 26 جمادى الآخرة 1437هـ | عدد الزيارات: 2938 القسم: الفوائد الكتابية

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

منع الجن من استراق السمع لئلا يختطف أحدهم منه ولو حرفا واحدا ، فيلقيه على لسان وليِّهِ فيلتبس الأمرُ ويختلط الحقُ.

فكان من رحمة الله وفضله ولطفه بخلقه أن حجبهم عن السماء ، كما قال الله تعالى إخبارا عنهم في قوله:" وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا " (الجن 8 - 10) وقال تعالى:" وما تنزلت به الشياطين وما ينبغي لهم وما يستطيعون إنهم عن السمع لمعزولون " (الشعراء 210 - 212 )

روى عن عبد الله بن عباس : "كانَ الجنُّ يصعدونَ إلى السَّماءِ يستمعونَ الوحيَ فإذا سمِعوا الكلمةَ زادوا فيها تسعًا فأمَّا الكلمةُ فتَكونُ حقًّا وأمَّا ما زادوهُ فيَكونُ باطلًا فلمَّا بعثَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ مُنِعوا مقاعدَهم فذَكروا ذلِكَ لإبليسَ ولم تَكنِ النُّجومُ يُرمَى بِها قبلَ ذلِكَ فقالَ لَهم إبليسُ ما هذا إلَّا من أمرٍ قد حدثَ في الأرضِ فبعثَ جنودَهُ فوجدوا رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ قائمًا يصلِّي بينَ جبلينِ أُراهُ قالَ بمَكَّةَ فلقوهُ فأخبروهُ هذا الحدثُ الَّذي حدثَ في الأرضِ". صحيح الترمذي للألباني.

وروى أبو عوانة عن ابن عباس قال :"انْطَلَقَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في طَائِفَةٍ مِن أصْحَابِهِ عَامِدِينَ إلى سُوقِ عُكَاظٍ، وقدْ حِيلَ بيْنَ الشَّيَاطِينِ وبيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، وأُرْسِلَتْ عليهمُ الشُّهُبُ، فَرَجَعَتِ الشَّيَاطِينُ إلى قَوْمِهِمْ، فَقالوا: ما لَكُمْ؟ فَقالوا: حِيلَ بيْنَنَا وبيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، وأُرْسِلَتْ عَلَيْنَا الشُّهُبُ، قالوا: ما حَالَ بيْنَكُمْ وبيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ إلَّا شيءٌ حَدَثَ، فَاضْرِبُوا مَشَارِقَ الأرْضِ ومَغَارِبَهَا، فَانْظُرُوا ما هذا الذي حَالَ بيْنَكُمْ وبيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، فَانْصَرَفَ أُولَئِكَ الَّذِينَ تَوَجَّهُوا نَحْوَ تِهَامَةَ إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو بنَخْلَةَ عَامِدِينَ إلى سُوقِ عُكَاظٍ، وهو يُصَلِّي بأَصْحَابِهِ صَلَاةَ الفَجْرِ، فَلَمَّا سَمِعُوا القُرْآنَ اسْتَمَعُوا له، فَقالوا: هذا واللَّهِ الذي حَالَ بيْنَكُمْ وبيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، فَهُنَالِكَ حِينَ رَجَعُوا إلى قَوْمِهِمْ، وقالوا: يا قَوْمَنَا: {إنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا، يَهْدِي إلى الرُّشْدِ، فَآمَنَّا به ولَنْ نُشْرِكَ برَبِّنَا أحَدًا} [الجن: 2]، فأنْزَلَ اللَّهُ علَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: {قُلْ أُوحِيَ إلَيَّ أنَّه اسْتَمع نَفَرٌ مِنَ الجِنِّ} [الجن: 1] وإنَّما أُوحِيَ إلَيْهِ قَوْلُ الجِنِّ. " أخرجاه في الصحيحين ، واللفظ للبخاري.

وروى سعيد بن منصور عن عامر الشعبي قال : كانت النجوم لا يرمى بها حتى بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسيبوا أنعامهم ، وأعتقوا رقيقهم ، فقال عبد ياليل : انظروا ، فإن كانت النجوم التي تعرف فهو عند فناء الناس ، وإن كانت لا تعرف فهو لأمر قد حدث فنظروا فإذا هي لا تعرف قال : فأمسكوا فلم يلبثوا إلا يسيرا حتى جاءهم خروج النبي - صلى الله عليه وسلم -

وروى البيهقي والحاكم عن ابن عباس قال : لم تكن سماء الدنيا تحرس في الفترة بين عيسى ومحمد ، صلوات الله عليهما وسلامه ، فلعل مراد من نفى ذلك أنها لم تكن تحرس حراسة شديدة ، ويجب حمل ذلك على هذا لما ثبت في الحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما بينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس إذ رمي بنجم فاستنار ، فقال : " ما كنتم تقولون إذا رمي بهذا ؟ " قال : كنا نقول مات عظيم ، وولد عظيم فقال : " لا ولكن " فذكر الحديث

وقال السدي : لم تكن السماء تحرس إلا أن يكون في الأرض نبي أو دين لله ظاهر ، وكانت الشياطين قبل محمد - صلى الله عليه وسلم - قد اتخذت المقاعد في سماء الدنيا ، يستمعون ما يحدث في السماء من أمر ، فلما بعث الله محمدا - صلى الله عليه وسلم - نبيا ، رجموا ليلة من الليالي ، ففزع لذلك أهل الطائف ، فقالوا : هلك أهل السماء لما رأوا من شدة النار في السماء واختلاف الشهب ، فجعلوا يعتقون أرقاءهم ، ويسيبون مواشيهم ، فقال لهم عبد ياليل بن عمرو بن عمير : ويحكم يا معشر أهل الطائف أمسكوا عن أموالكم ، وانظروا إلى معالم النجوم ، فإن رأيتموها مستقرة في أمكنتها فلم يهلك أهل السماء ، وإنما هو من أجل ابن أبي كبشة وإن أنتم لم تروها فقد هلك أهل السماء فنظروا فرأوها فكفوا عن أموالهم ، وفزعت الشياطين في تلك الليلة فأتوا إبليس ، فقال : ائتوني من كل أرض بقبضة من تراب ، فأتوه ، فشم ، فقال : صاحبكم بمكة فبعث سبعة نفر من جن نصيبين ، فقدموا مكة ، فوجدوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المسجد الحرام يقرأ القرآن ، فدنوا منه حرصا على القرآن حتى كادت كلاكلهم تصيبه ، ثم أسلموا فأنزل الله أمرهم على نبيه - صلى الله عليه وسلم

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1437/6/26 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

5 + 4 =

/500
روابط ذات صلة
المقال السابق
الفوائد الكتابية المتشابهة المقال التالي