الدرس 220 بعثت المصطفى صلى الله عليه وسلم

المقال
التصنيف : تاريخ النشر: الإثنين 19 جمادى الآخرة 1437هـ | عدد الزيارات: 1496 القسم: الفوائد الكتابية

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

قال محمد بن إسحاق رحمه الله : كانت الأحبار من اليهود والرهبان من النصارى والكهان من العرب قد تحدثوا بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل بعثته لما تقارب زمانه أما الأحبار من اليهود والرهبان من النصارى فمما وجدوا في كتبهم من صفته وصفة زمانه وما كان من عهد أنبيائهم إليهم فيه قال الله تعالى:" الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل "الآية (الأعراف : 157) وقال الله تعالى "وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد" (الصف : 6) وقال الله تعالى "محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل" الآية (الفتح : 29) وقال الله تعالى "وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين" (آل عمران : 81 ) وفي صحيح البخاري عن ابن عباس قال:" ما بعث الله نبيا إلا أخذ عليه الميثاق لئن بعث محمد وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه ، وأمره أن يأخذ على أمته الميثاق لئن بعث محمد ، وهم أحياء ليؤمنن به ولينصرنه وليتبعنه " يعلم من هذا أن جميع الأنبياء بشروا وأمروا باتباعه .

وقد قال إبراهيم عليه السلام فيما دعا به لأهل مكة (ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك) الآية البقرة : 129 وروى الإمام أحمد : عن أبي أمامة قال قلت : يا رسول الله ما كان بدء أمرك قال : دعوة أبي إبراهيم ، وبشرى عيسى ، ورأت أمي أنه يخرج منها نور أضاءت له قصور الشام، ومعنى هذا أنه أراد بدء أمره بين الناس ، واشتهار ذكره وانتشاره فذكر دعوة إبراهيم الذي تنسب إليه العرب ، ثم بشرى عيسى الذي هو خاتم أنبياء بني إسرائيل ، يدل هذا على أن من بينهما من الأنبياء بشروا به أيضا

أما في الملأ الأعلى فقد كان أمره مشهورا مذكورا معلوما من قبل خلق آدم عليه الصلاة والسلام كما روى الإمام أحمد عن العرباض بن سارية قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني عبد الله خاتم النبيين ، وإن آدم لمنجدل في طينته ، وسأنبئكم بأول ذلك ، دعوة أبي إبراهيم ، وبشارة عيسى بي ، ورؤيا أمي التي رأت ، وكذلك أمهات النبيين ترين وقد رواه الليث عن معاوية بن صالح ، وقال : إن أمه رأت - حين وضعته - نورا أضاءت منه قصور الشام

وروى الإمام أحمد أيضا عن ميسرة الفجر قال قلت : يا رسول الله متى كنت نبيا ؟ قال : وآدم بين الروح والجسد تفرد به أحمد

وأما الكهان من العرب فأتتهم به الشياطين من الجن مما تسترق من السمع ، إذ كانت لا تحجب عن ذلك بالقذف بالنجوم وكان الكاهن والكاهنة لا يزال يقع منهما بعض ذكر أموره ولا يلقي العرب لذلك فيه بالا حتى بعثه الله تعالى ، ووقعت تلك الأمور التي كانوا يذكرون فعرفوها فلما تقارب أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وحضر زمان بعثته حجبت الشياطين عن السمع ، وحيل بينها وبين المقاعد التي كانت تقعد لاستراق السمع فيها فرموا بالنجوم فعرفت الجن أن ذلك لأمر حدث من أمر الله عز وجل قال وفي ذلك أنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم "قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا" الجن : 1 ، 2 إلى آخر السورة ، وكذا قوله تعالى "وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضي ولوا إلى قومهم منذرين قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم" الآيات الأحقاف : 29 ، 30

وروى ابن إسحاق عن ابن الأخنس أنه حدث أن أول العرب فزع للرمي بالنجوم حين رمي بها هذا الحي من ثقيف ، وأنهم جاءوا إلى رجل منهم يقال له : عمرو بن أمية أحد بني علاج وكان أدهى العرب وأنكرها رأيا فقالوا له : يا عمرو ألم تر ما حدث في السماء من القذف بهذه النجوم ؟ قال : بلى فانظروا فإن كانت معالم النجوم التي يهتدى بها في البر والبحر ، ويعرف بها الأنواء من الصيف والشتاء لما يصلح الناس في معايشهم هي التي يرمى بها فهو والله طي الدنيا ، وهلاك هذا الخلق ، وإن كانت نجوما غيرها ، وهي ثابتة على حالها فهذا لأمر أراد الله به هذا الخلق فانظروا ما هو ؟

قال ابن إسحاق : وحدثني علي بن نافع الجرشي أن جنبا - بطنا من اليمن - كان لهم كاهن في الجاهلية فلما ذكر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وانتشر في العرب قالت له جنب : انظر لنا في أمر هذا الرجل ، واجتمعوا له في أسفل جبله فنزل إليهم حين طلعت الشمس فوقف لهم قائما متكئا على قوس له فرفع رأسه إلى السماء طويلا ثم جعل ينزو ، ثم قال : أيها الناس إن الله أكرم محمدا واصطفاه وطهر قلبه وحشاه ومكثه فيكم أيها الناس قليل ، ثم اشتد في جبله راجعا من حيث جاء

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وأزواجه وصحبه أجمعين

1437/6/19 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

2 + 6 =

/500
روابط ذات صلة
المقال السابق
الفوائد الكتابية المتشابهة المقال التالي