الدرس 227 مرضعات النبي عليه الصلاة والسلام

المقال
التصنيف : تاريخ النشر: السبت 3 جمادى الآخرة 1437هـ | عدد الزيارات: 1243 القسم: الفوائد الكتابية

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

كانت أم أيمن ، واسمها بركة تحضنه وكان قد ورثها عليه الصلاة والسلام من أبيه فلما كبر أعتقها وزوجها مولاه زيد بن حارثة فولدت له أسامة بن زيد رضي الله عنهم ، وأرضعته مع أمه عليه الصلاة والسلام ، مولاة عمه أبي لهب ثويبة قبل حليمة السعدية

أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أم حبيبة بنت أبي سفيان قالت يا رسول الله أَنكح أختي بنت أبي سفيان ، ولمسلم عزة بنت أبي سفيان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أوتحبين ذلك ؟ قلت نعم لست لك بمخْلية ، وأحب من شاركني في خير أختي فقال النبي صلى الله عليه وسلم فإن ذلك لا يحل لي قالت فإنا نحدث أنك تريد أن تنكح بنت أبي سلمة ، وفي رواية دُرة بنت أبي سلمة قال بنتُ أم سلمة ؟ قلت نعم قال إنها لو لم تكن ربيبتي في حجري ما حلت لي; إنها لابنةُ أخي من الرضاعة أرضعتني ،وأبا سلمة ثويبة فلا تعرضن على بناتكن ولا أخواتكن زاد البخاري قال عروة وثويبة مولاة لأبي لهب أعتقها فأرضعت رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما مات أبو لهب أريه بعض أهله بشر خيبة فقال له: ماذا لقيت؟ فقال أبو لهب لم ألق بعدكم خيرا غير أني سقيت في هذه بعتاقتي ثويبة، وأشار إلى النقرة التي بين الإبهام والتي تليها من الأصابع ، وذكر السهيلي وغيره إن الرائي له هو أخوه العباس وكان ذلك بعد سنة من وفاة أبي لهب بعد وقعة بدر، وفيه أن أبا لهب قال للعباس إنه ليخفف علي في مثل يوم الاثنين قالوا لأنه لما بشرته ثويبة بميلاد ابن أخيه محمد بن عبد الله أعتقها من ساعته فجوزي بذلك، لذلك قال محمد بن إسحاق: واسترضع له عليه الصلاة والسلام من حليمة بنت أبي ذؤيب، واسمه عبد الله بن الحارث بن شجنة بن جابر بن رزام بن ناصرة بن سعد بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان بن مضر قال واسم أبي رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أرضعه - يعني زوج حليمة - الحارث بن عبد العزى بن رِفاعة بن ملان بن ناصرة بن سعد بن بكر بن هوازن ، وإخوته عليه الصلاة والسلام - يعني من الرضاعة - عبد الله بن الحارث ، وأنيسة بنت الحارث ، وحُذافة بنت الحارث وهي الشيماء ، وذكروا أنها كانت تحضن رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أمه إذ كان عندهم.

قال ابن إسحاق حدثني جهم بن أبي جهم مولى لامرأة من بني تميم كانت عند الحارث بن حاطب ، ويقال له مولى الحارث بن حاطب قال حدثني من سمع عبد الله بن جعفر بن أبي طالب قال حدثت عن حليمة ابنة الحارث أنها قالت قدمت مكة في نسوة - وذكر الواقدي بإسناده أنهن كن عشر نسوة من بني سعد بن بكر يلتمسن بها الرضعاء - من بني سعد نلتمس بها الرضعاء ، وفي سنة شهباء فقدمت على أتان لي قمراء ، كانت أذمت بالركب ، ومعي صبي لنا ، وشارف لنا والله ما تبض بقطرة وما ننام ليلتنا ذلك أجمع مع صبينا ذاك ، ما نجد في ثديي ما يغنيه ولا في شارفنا ما يغذيه ، ولكنا كنا نرجو الغيث والفرج فخرجت على أتاني تلك فلقد أذمت بالركب حتى شق ذلك عليهم ضعفا وعجفا فقدمنا مكة فوالله ما علمت منا امرأة إلا وقد عُرض عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فتأباه إذا قيل إنه يتيم تركناه ، وقلنا ماذا عسى أن تصنع إلينا أمه ؟

إنما نرجو المعروف من أبي الولد فأما أمه فماذا عسى أن تصنع إلينا ؟ فوالله ما بقي من صواحبي امرأة إلا أخذت رضيعا غيري فلما لم نجد غيره وأجمعنا الانطلاق قلت لزوجي الحارث بن عبد العزى والله وإني لأكره أن أرجع من بين صواحبي ليس معي رضيع ، لأنطلقن إلى ذلك اليتيم فلآخذنه فقال لا عليك أن تفعلي فعسى أن يجعل الله لنا فيه بركة فذهبت فأخذته فوالله ما أخذته إلا أني لم أجد غيره فما هو إلا أن أخذته فجئت به رحلي فأقبل عليه ثدياي بما شاء من لبن فشرب حتى روي ، وشرب أخوه حتى روي ، وقام صاحبي إلى شارفنا تلك فإذا إنها لحافل فحلب ما شرب ، وشربت حتى روينا فبتنا بخير ليلة فقال صاحبي حين أصبحنا يا حليمة والله إني لأراك قد أخذت نسمة مباركة; ألم تري ما بتنا به الليلة من الخير والبركة حين أخذناه ! فلم يزل الله عز وجل يزيدنا خيرا ، ثم خرجنا راجعين إلى بلادنا فوالله لقطعت أتاني بالركب حتى ما يتعلق بها حمار حتى إن صواحبي ليقلن ويلك يا بنت أبي ذؤيب هذه أتانك التي خرجت عليها معنا ؟ فأقول نعم والله إنها لهي فيقلن والله إن لها لشأنا حتى قدمنا أرض بني سعد وما أعلم أرضا من أرض الله أجدب منها فإن كانت غنمي لتسرح ، ثم تروح شباعا لبنا ، فنحلب ما شئنا وما حوالينا أو حولنا أحد تبض له شاة بقطرة لبن ، وإن أغنامهم لتروح جياعا حتى إنهم ليقولون لرعاتهم أو لرعيانهم ويحكم انظروا حيث تسرح غنم بنت أبي ذؤيب فاسرحوا معهم فيسرحون مع غنمي حيث تسرح فتروح أغنامهم جياعا ما فيها قطرة لبن ، وتروح أغنامي شباعا لبنا نحلب ما شئنا فلم يزل الله يرينا البركة نتعرفها حتى بلغ سنتيه فكان يشب شبابا لا تشبه الغلمان فوالله ما بلغ السنتين حتى كان غلاما جفرا فقدمنا به على أمه ، ونحن أضن شيء به مما رأينا فيه من البركة.

فلما رأته أمه قلنا لها يا ظئر دعينا نرجع بابننا هذه السنة الأخرى فإنا نخشى عليه وباء مكة فوالله ما زلنا بها حتى قالت فنعم فسرحته معنا فأقمنا به شهرين أو ثلاثة فبينا هو خلف بيوتنا مع أخ له من الرضاعة في بُهم لنا جاءنا أخوه ذلك يشتد فقال ذاك أخي القرشي جاءه رجلان عليهما ثياب بيض فأضجعاه فشقا بطنه فخرجت أنا وأبوه نشتد نحوه فنجده قائما منتقعا لونه فاعتنقه أبوه وقال يا بني ما شأنك ؟ قال جاءني رجلان عليهما ثياب بيض أضجعاني وشقا بطني ، ثم استخرجا منه شيئا فطرحاه ، ثم رداه كما كان فرجعنا به معنا فقال أبوه يا حليمة لقد خشيت أن يكون ابني قد أصيب فانطلقي بنا نرده إلى أهله قبل أن يظهر به ما نتخوف قالت حليمة فاحتملناه فلم ترع أمه إلا به فقدمنا به عليها فقالت ما ردكما به فقد كنتما عليه حريصين؟ فقالا: لا والله إلا أن الله قد أدى عنا ، وقضينا الذي علينا ، وقلنا نخشى الإتلاف والأحداث نرده إلى أهله فقالت ما ذاك بكما فاصدقاني شأنكما فلم تدعنا حتى أخبرناها خبره فقالت أخشيتما عليه الشيطان ؟ كلا والله ما للشيطان عليه من سبيل والله إنه لكائن لابني هذا شأن ألا أخبركما خبره قلنا بلى قالت حملت به فما حملت حملا قط أخف منه فأريت في النوم حين حملت به كأنه خرج مني نور أضاءت له قصور الشام ، ثم وقع حين ولدته ، وقوعا ما يقعه المولود ، معتمدا على يديه رافعا رأسه إلى السماء فدعاه عنكما وهذا الحديث قد روي من طرق أخر وهو من الأحاديث المشهورة المتداولة بين أهل السير والمغازي .

وروى الواقدي عن ابن عباس قال: خرجَت حليمة تطلب النبي صلى الله عليه وسلم وقد وجدت البهم تقِيل فوجدته مع أخته فقالت في هذا الحر ! فقالت أخته يا أمه ما وجد أخي حرا رأيت غمامة تظل عليه إذا وقف وقفَت وإذا سار سارت حتى انتهى إلى هذا الموضع.

وروى ابن إسحاق عن خالد بن معدان عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم قالوا له أخبرنا عن نفسك قال نعم أنا دعوة أبي إبراهيم ، وبشرى عيسى عليهما السلام ، ورأت أمي حين حملت بي أنه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام ، واسترضعْتُ في بني سعد بن بكر فبينا أنا في بُهم لنا أتاني رجلان عليهما ثياب بيض معهما طست من ذهب مملوء ثلجا فأضجعاني فشقا بطني ، ثم استخرجا قلبي فشقاه فأخرجا منه علقة سوداء فألقياها ، ثم غسلا قلبي وبطني بذلك الثلج حتى إذا أنقياه رداه كما كان ، ثم قال أحدهما لصاحبه زنه بعشرة من أمته فوزنني بعشرة فوزنتهم ، ثم قال زنه بمائة من أمته فوزنني بمائة فوزنتهم ، ثم قال زنه بألف من أمته فوزنني بألف فوزنتهم فقال دعه عنك فلو وزنته بأمته لوزنهم وهذا إسناد جيد قوي .

وروى أبو نُعيم الحافظ عن عتبة بن عبد أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال كيف كان أول شأنك يا رسول الله ؟ قال كانت حاضنتي من بني سعد بن بكر فانطلقت أنا وابن لها في بُهم لنا ، ولم نأخذ معنا زادا فقلت يا أخي اذهب فائتنا بزاد من عند أمنا فانطلق أخي ومكثت عند البُهم فأقبل طائران أبيضان كأنهما نسران فقال أحدهما لصاحبه أهُوَ هُوَ ؟ فقال نعم فأقبلا يبتدراني فأخذاني فبطحاني للقفا فشقا بطني ، ثم استخرجا قلبي فشقاه فأخرجا منه علقتين سوداوين فقال أحدهما لصاحبه ائتني بماء ثلج فغسلا به جوفي ، ثم قال ائتني بماء بَرَدٍ فغسلا به قلبي ، ثم قال ائتني بالسكينة فذرَها في قلبي ، ثم قال أحدهما لصاحبه حُصْه فحاصه ، وختم على قلبي بخاتم النبوة فقال أحدهما لصاحبه اجعله في كِفة ، واجعل ألفا من أمته في كِفة فإذا أنا أنظر إلى الأَلْف فوقي أُشفق أن يخر علي بعضهم فقال لو أن أمته وزنت به لمال بهم ، ثم انطلقا فتركاني ، وفرقت فرقا شديدا ، ثم انطلقت إلى أمي فأخبرتها بالذي لقيت فأشفقت أن يكون قد التبس بي فقالت: أعيذك بالله، فرحلت بعيرا لها ، وحملتني على الرحل ، وركبت خلفي حتى بلغنا إلى أمي فقالت أديتُ أمانتي وذمتي ، وحدثَتها بالذي لقيت فلم يرعها ، وقالت إني رأيت خرج مني نور أضاءت منه قصور الشام ورواه أحمد وعبد الله بن المبارك وغيرهما عن بقية بن الوليد.

وروى الإمام مسلم عن أنس بن مالك،" أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ أتاهُ جِبْرِيلُ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ وهو يَلْعَبُ مع الغِلْمانِ، فأخَذَهُ فَصَرَعَهُ، فَشَقَّ عن قَلْبِهِ، فاسْتَخْرَجَ القَلْبَ، فاسْتَخْرَجَ منه عَلَقَةً، فقالَ: هذا حَظُّ الشَّيْطانِ مِنْكَ، ثُمَّ غَسَلَهُ في طَسْتٍ مِن ذَهَبٍ بماءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ لأَمَهُ، ثُمَّ أعادَهُ في مَكانِهِ، وجاءَ الغِلْمانُ يَسْعَوْنَ إلى أُمِّهِ، يَعْنِي ظِئْرَهُ، فقالوا: إنَّ مُحَمَّدًا قدْ قُتِلَ، فاسْتَقْبَلُوهُ وهو مُنْتَقِعُ اللَّوْنِ، قالَ أنَسٌ: وقدْ كُنْتُ أرَى أثَرَ ذلكَ المِخْيَطِ في صَدْرِهِ."

وذكر ابن إسحاق أن حليمة لما أرجعته إلى أمه بعد فطامه ، مرت به على ركب من النصارى فقاموا إليه عليه الصلاة والسلام فقلبوه، وقالوا: إنا سنذهب بهذا الغلام إلى ملكنا فإنه كائن له شأن فلم تكد تنفلت منهم إلا بعد جهد، وذكر أنها لما ردته حين تخوفت عليه أن يكون أصابه عارض فلما قربت من مكة افتقدته فلم تجده فجاءت جده عبد المطلب فخرج هو وجماعة في طلبه فوجده ورقة بن نوفل ، ورجل آخر من قريش فأتيا به جده فأخذه على عاتقه وذهب فطاف به يعوذه ويدعو له ، ثم رده إلى أمه آمنة

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وأزواجه وصحبه أجمعين

1436/6/3 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

2 + 7 =

/500
روابط ذات صلة
المقال السابق
الفوائد الكتابية المتشابهة المقال التالي