الدرس 229 نسب المصطفى محمد

المقال
التصنيف : تاريخ النشر: الأحد 27 جمادى الأولى 1437هـ | عدد الزيارات: 1661 القسم: الفوائد الكتابية

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
قال الله تعالى (الله أعلم حيث يجعل رسالته) الأنعام: 124 ولما سأل هرقل ملك الروم أبا سفيان عن صفاته عليه الصلاة والسلام قال كيف نسبه فيكم ؟ قال هو فينا ذو نسب قال كذلك الرسل تبعث في أنساب قومها يعني في أكرمها أحسابا ، وأكثرها قبيلة صلوات الله عليهم أجمعين

فهو سيد ولد آدم وفخرهم في الدنيا والآخرة ، أبو القاسم وأبو إبراهيم محمد وأحمد والماحي الذي يمحى به الكفر والعاقب الذي ما بعده نبي والحاشر الذي يحشر الناس على قدميه ونبي الرحمة ونبي التوبة ونبي الملحمة وخاتم النبيين والفاتح وعبد الله

قال البيهقي وزاد بعض العلماء فقال سماه الله في القرآن رسولا نبيا أميا شاهدا مبشرا نذيرا ، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا ، ورءوفا رحيما ومذكرا ، وجعله رحمة ونعمة وهاديا

وهو ابن عبد الله وكان أصغر ولد أبيه عبد المطلب ، وهو الذبيح الثاني المفدى بمائة من الإبل

قال الزهري وكان أجمل رجال قريش ، وهو أخو الحارث والزبير وحمزة وضرار وأبي طالب واسمه عبد مناف وأبي لهب واسمه عبد العزى والمقوم واسمه عبد الكعبة ، وحجل واسمه المغيرة والغيداق وهو كثير الجود ، واسمه نوفل ، والعباس فهؤلاء أعمامه عليه الصلاة والسلام ، وعماته ست; وهن أروى وبرة وأميمة وصفية وعاتكة وأم حكيم وهي البيضاء

فهؤلاء أولاد عبد المطلب ، واسمه شيبة ويقال له شيبة الحمد لجوده ، وإنما قيل له عبد المطلب; لأن أباه هاشما لما مر بالمدينة في تجارته إلى الشام نزل على عمرو بن زيد بن لبيد بن حرام بن خداش بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار الخزرجي النجاري وكان سيد قومه فأعجبته ابنته سلمى فخطبها إلى أبيها فتزوجها منه ، واشترط عليه مقامها عنده

وقيل بل اشترط عليه أن لا تلد إلا عنده بالمدينة فلما رجع من الشام بنى بها وأخذها معه إلى مكة فلما خرج في تجارة أخذها معه وهي حبلى فتركها بالمدينة ، ودخل الشام فمات بغزة ، ووضعتْ سلمى ولدها فسمته شيبة فأقام عند أخواله بني عدي بن النجار سبع سنين ، ثم جاء عمه المطلب بن عبد مناف فأخذه خفية من أمه فذهب به إلى مكة فلما رآه الناس ورأوه على الراحلة قالوا من هذا معك ؟ فقال عبدي ثم جاءوا فهنئوه به وجعلوا يقولون له عبد المطلب لذلك فغلب عليه وساد في قريش سيادة عظيمة ، وذهب بشرفهم ورئاستهم فكان جماع أمرهم عليه ، وكانت إليه السقاية والرفادة بعد المطلب وهو الذي جدد حفر زمزم بعدما كانت مطمومة من عهد جرهم وهو أول من حلى الكعبة بذهب في أبوابها من تينك الغزالتين اللتين من ذهب وجدهما في زمزم مع تلك الأسياف القلعية

قال ابن هشام وعبد المطلب أخو أسد ونضلة وأبي صيفي وحية وخالدة ورقية والشفاء وضعيفة ، كلهم أولاد هاشم واسمه عمرو وإنما سمي هاشما; لهشمه الثريد مع اللحم لقومه في سني المحل ، كما قال مطرود بن كعب الخزاعي في قصيدته

عمرو الذي هشم الثريد لقومه ***قوم بمكة مسنتين عجاف

سنت إليه الرحلتان كلاهمـــا ***سفر الشتاء ورحلة الأصياف

وذلك; لأنه أول من سن رحلتي الشتاء والصيف وكان أكبر ولد أبيه ، وحكى ابن جرير أنه كان توءم أخيه عبد شمس ، وأن هاشما خرج ورجله ملتصقة برأس عبد شمس فما تخلصت حتى سال بينهما دم فقال الناس بذلك يكون بين أولادهما حروب فكانت وقعة بني العباس مع بني أمية بن عبد شمس سنة ثلاث وثلاثين ومائة من الهجرة ، وشقيقهم الثالث المطلب وكان المطلب أصغر ولد أبيه ، وأمهم عاتكة بنت مرة بن هلال ، ورابعهم نوفل من أم أخرى ، وهي واقدة بنت عمرو المازنية كانوا قد سادوا قومهم بعد أبيهم ، وصارت إليهم الرياسة وكان يقال لهم المجيرون; وذلك لأنهم أخذوا لقومهم قريش الأمان من ملوك الأقاليم; ليدخلوا في التجارات إلى بلادهم فكان هاشم قد أخذ أمانا من ملوك الشام والروم وغسان وأخذ لهم عبد شمس من النجاشي الأكبر ملك الحبشة وأخذ لهم نوفل من الأكاسرة وأخذ لهم المطلب أمانا من ملوك حمير ، ولهم يقول الشاعر:

يا أيها الرجل المحول رحله *** ألا نزلت بآل عبد مناف

وكان إلى هاشم السقاية والرفادة بعد أبيه ، وإليه وإلى أخيه المطلب نسب ذوي القربى ، وقد كانوا شيئا واحدا في حالتي الجاهلية والإسلام لم يفترقوا ، ودخلوا معهم في الشعب ، وانخذل عنهم بنو عبد شمس ونوفل ، ولهذا يقول أبو طالب في قصيدته

جزى الله عنا عبد شمس ونوفلا *** عقوبة شر عاجلا غير آجل

ولا يعرف بنو أب تباينوا في الوفاة مثلهم فإن هاشما مات بغزة من أرض الشام ، وعبد شمس مات بمكة ، ونوفلا مات بسلمان من أرض العراق ، ومات المطلب - وكان يقال له القمر لحسنه - بردمان من طريق اليمن فهؤلاء الإخوة الأربعة المشاهير وهم; هاشم وعبد شمس ونوفل والمطلب ، ولهم أخ خامس ليس بمشهور وهو أبو عمرو واسمه عبد ، وأصل اسمه عبد قصي فقال الناس عبد بن قصي درج ولا عقب له قاله الزبير بن بكار وغيره وأخوات ست وهن; تماضر وحية وريطة وقلابة وأم الأخثم وأم سفيان ، كل هؤلاء أولاد عبد مناف ، ومناف اسم صنم ، وأصل اسم عبد مناف المغيرة وكان قد رأس في زمن والده ، وذهب به الشرف كل مذهب ، وهو أخو عبد الدار الذي كان أكبر ولد أبيه ، وإليه أوصى بالمناصب

وعبد العزى وعبد وبرة وتخْمُرُ ، وأمهم كلهم حُبى بنت حُليل بن حبشية بن سلول بن كعب بن عمرو الخزاعي ، وأبوها آخر ملوك خزاعة وولاة البيت منهم ، وكلهم أولاد قصي واسمه زيد ، وإنما سمي بذلك; لأن أمه تزوجت بعد أبيه بربيعة بن حرام بن عذرة فسافر بها إلى بلاده وابنها صغير فسمي قصيا لذلك ، ثم عاد إلى مكة وهو كبير ، ولم شعث قريش وجمعها من متفرقات البلاد ، وأزاح يد خزاعة عن البيت وأجلاهم عن مكة ، ورجع الحق إلى نصابه ، وصار رئيس قريش على الإطلاق ، وكانت إليه الرفادة وهو سنها والسقاية والسدانة والحجابة واللواء ، وداره دار الندوة ولهذا قال الشاعر

قصي لعمري كان يدعى مجمعا *** به جمع الله القبائل من فهر

وهو أخو زهرة كلاهما ابنا كلاب أخي تيم ، ويقظة أبي مخزوم ثلاثتهم أبناء مرة أخي عدي وهصيص ، وهم أبناء كعب وهو الذي كان يخطب قومه كل جمعة ، ويبشرهم بمبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وينشد في ذلك أشعارا وهو أخو عامر وسامة وخزيمة وسعد والحارث وعوف ، سبعتهم أبناء لؤي أخي تيم الأدرم ، وهما أبناء غالب أخي الحارث ، ومحارب ثلاثتهم أبناء فهر ، وهو أخو الحارث ، وكلاهما ابن مالك وهو أخو الصلت ويخلد ، وهم بنو النضر الذي إليه جماع قريش على الصحيح وهو أخو مالك وملكان وعبد مناة ، وغيرهم ، كلهم أولاد كنانة أخي أسد وأسدة والهون أولاد خزيمة ، وهو أخو هذيل ، وهما ابنا مدركة - واسمه عمرو أخو طابخة - واسمه عامر - وقمعة ثلاثتهم أبناء إلياس ، وأخو إلياس هو عيلان والد قيس كلها وهما ولدا مضر أخي ربيعة ، ويقال لهما الصريحان من ولد إسماعيل ، وأخواهما أنمار وإياد تيامنا ، أربعتهم أبناء نزار أخي قضاعة في قول طائفة ممن ذهب إلى أن قضاعة حجازية عدنانية، كلاهما أبناء معد بن عدنان

وهذا النسب بهذه الصفة لا خلاف فيه بين العلماء فجميع قبائل عرب الحجاز ينتهون إلى هذا النسب ، ولهذا قال ابن عباس وغيره في قوله تعالى " ذلك الذي يبشر الله عباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنى إن الله غفور شكور" الشورى 23 ، لم يكن بطن من بطون قريش ، إلا ولرسول الله صلى الله عليه وسلم نسب يتصل بهم وصدق ابن عباس رضي الله عنه فيما قال ، وذلك أن جميع قبائل العرب العدنانية تنتهي إليه بالآباء وكثير منهم بالأمهات أيضا ، كما ذكر محمد بن إسحاق وغيره في أمهاته وأمهات آبائه وأمهاتهم ، مما يطول ذكره وقد حرره ابن إسحاق رحمه الله والحافظ ابن عساكر ، وأنه من ولد إسماعيل لا محالة

وروى البخاري عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" بعثت من خير قرون بني آدم قرنا فقرنا حتى بعثت من القرن الذي كنت فيه " وروى مسلم عن واثلة بن الأسقع، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل ، واصطفى من بني إسماعيل بني كنانة ، واصطفى من بني كنانة قريشا ، واصطفى من قريش بني هاشم ، واصطفاني من بني هاشم ".

وثبت في الصحيح ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر

وبالله التوفيق

1437/5/26 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

3 + 9 =

/500
روابط ذات صلة
المقال السابق
الفوائد الكتابية المتشابهة المقال التالي