قصة إبراهيم عليه السلام 4

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الثلاثاء 28 محرم 1437هـ | عدد الزيارات: 1764 القسم: قصص الأنبياء -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

قال تعالى : ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا واتخذ الله إبراهيم خليلا النساء : 125 يرغب تعالى في اتباع إبراهيم عليه السلام ؛ لأنه كان على الدين القويم والصراط المستقيم ، وقد قام بجميع ما أمره به ربه ، ومدحه تعالى بذلك فقال : وإبراهيم الذي وفى النجم : 37 ولهذا اتخذه الله خليلا ، والخلة هي أعلى درجات المحبة

وهكذا نال هذه المنزلة خاتم الأنبياء وسيد الرسل ؛ محمد صلوات الله وسلامه عليه ، كما ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث جندب البجلي ، وعبد الله بن عمرو ، وابن مسعود ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : يا أيها الناس إن الله اتخذني خليلا ، كما اتخذ إبراهيم خليلا

وقال عبيد بن عمير : كان إبراهيم عليه السلام يضيف الناس ، فخرج يوما يلتمس إنسانا يضيفه فلم يجد أحدا يضيفه ، فرجع إلى داره فوجد فيها رجلا قائما ، فقال : يا عبد الله ما أدخلك داري بغير إذني ؟ قال : دخلتها بإذن ربها قال : ومن أنت ؟ قال : أنا ملك الموت أرسلني ربي إلى عبد من عباده أبشره بأن الله قد اتخذه خليلا قال : من هو ، فوالله إن أخبرتني به ، ثم كان بأقصى البلاد لآتينه ، ثم لا أبرح له جارا حتى يفرق بيننا الموت قال : ذلك العبد أنت قال : أنا ! قال : نعم قال : فبم اتخذني ربي خليلا ؟ قال : بأنك تعطي الناس ولا تسألهم رواه ابن أبي حاتم ، وقد ذكره الله تعالى في القرآن كثيرا في غير ما موضع بالثناء عليه والمدح له ، فقيل : إنه مذكور في خمسة وثلاثين موضعا ، منها خمسة عشر في البقرة وحدها ، وهو أحد أولي العزم الخمسة المنصوص على أسمائهم تخصيصا من بين سائر الأنبياء في آيتي الأحزاب والشورى ، وهما قوله تعالى : وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم وأخذنا منهم ميثاقا غليظا الأحزاب : 7 وقوله : شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه الشورى : 13 الآية ، ثم هو أشرف أولي العزم بعد محمد صلى الله عليه وسلم ، وهو الذي وجده عليه السلام في السماء السابعة مسندا ظهره بالبيت المعمور الذي يدخله كل يوم سبعون ألفا من الملائكة ثم لا يعودون إليه آخر ما عليهم

روى الإمام أحمد عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : يحشر الناس حفاة عراة غرلا فأول من يكسى إبراهيم عليه السلام ثم قرأ كما بدأنا أول خلق نعيده متفق عليه

وقال تعالى : وإبراهيم الذي وفى قالوا : وفى جميع ما أمر به وقام بجميع خصال الإيمان وشعبه ، وكان لا يشغله مراعاة الأمر الجليل عن القيام بمصلحة الأمر القليل ، ولا ينسيه القيام بأعباء المصالح الكبار عن الصغار روى عبد الرزاق عن ابن عباس وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن البقرة : 124 قال : ابتلاه الله بالطهارة خمس في الرأس ، وخمس في الجسد فأما التي في الرأس ؛ قص الشارب ، والمضمضة ، والسواك ، والاستنشاق ، وفرق الرأس وأما التي في الجسد ؛ تقليم الأظفار ، وحلق العانة ، والختان ، ونتف الإبط ، وغسل أثر الغائط والبول بالماء رواه ابن أبي حاتم

روى الحافظ أبو بكر البزار عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن في الجنة قصرا أحسبه قال : من لؤلؤة ليس فيه فصم ولا وهن ، أعده الله لخليله إبراهيم عليه السلام نزلا

روى الإمام أحمد عن جابر ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : عرض علي الأنبياء ؛ فإذا موسى ضرب من الرجال كأنه من رجال شنوءة ، ورأيت عيسى ابن مريم فإذا أقرب من رأيت به شبها عروة بن مسعود ، ورأيت إبراهيم فإذا أقرب من رأيت به شبها صاحبكم يعني نفسه صلى الله عليه وسلم ، ورأيت جبريل عليه السلام فإذا أقرب من رأيت به شبها دحية، وروى أحمد عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : رأيت عيسى ابن مريم ، وموسى ، وإبراهيم ؛ فأما عيسى فأحمر جعد عريض الصدر ، وأما موسى فآدم جسيم قالوا له : فإبراهيم ؟ قال : انظروا إلى صاحبكم يعني نفسه

ذكر ابن جرير في تاريخه أن مولده كان في زمن النمرود بن كنعان وكان في غاية الغشم والظلم، وأنه كان إذ ذاك ملك الدنيا ، وذكروا أنه طلع نجم أخفى ضوء الشمس والقمر ، فهال ذلك أهل ذلك الزمان ، وفزغ النمرود فجمع الكهنة والمنجمين وسألهم عن ذلك فقالوا : يولد مولود في رعيتك يكون زوال ملكك على يديه ، فأمر عند ذلك بمنع الرجال عن النساء وأن يقتل المولودون من ذلك الحين ، فكان مولد إبراهيم الخليل في ذلك الحين ، فحماه الله عز وجل وصانه من كيد الفجار ، وشب شبابا باهرا ، وأنبته الله نباتا حسنا حتى كان من أمره ما تقدم ، وكان مولده ببابل، فلما أهلك الله نمرود على يديه ، وهاجر إلى حران ، ثم إلى أرض الشام ، وأقام ببلاد إيليا ، وولد له إسماعيل وإسحاق ، وماتت سارة قبله بقرية حبرون التي في أرض كنعان ، ولها من العمر مائة وسبع وعشرون سنة فيما ذكر أهل الكتاب فحزن عليها إبراهيم عليه السلام ، ورثاها رحمها الله ، واشترى من رجل من بني حيث يقال له : عفرون بن صخر مغارة بأربعمائة مثقال فضة ، ودفن فيها سارة هنالك قالوا : ثم خطب إبراهيم على ابنه إسحاق فزوجه رفقا بنت ثبويل بن ناحور بن تارخ وبعث مولاه ، فحملها من بلادها ومعها مرضعتها وجواريها على الإبل، وقد ذكر ابن عساكر أن إبراهيم عليه السلام مات وعمره مائتي سنة، وتولى دفنه إسماعيل وإسحاق صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وأزواجه وصحبه أجمعين

28-1-1437 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

4 + 8 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 124 الجزء الثالث ‌‌أهمية الغطاء على وجه المرأة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 123 الجزء الثالث ‌‌حكم قيادة المرأة للسيارة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر